نشاط الأمير خالد الجزائري في فرنسا
نشاط الأمير خالد الجزائري في فرنسا
نجم شمال إفريقيا
1- نشاط الأمير خالد بفرنسا ودوره في تأسيس النجم في الفترة 1924-1926
2-تأسيّس نجم شمال إفريقيا
3-برنامج نجم شمال إفريقيا
أولا- المطالب الإستراتيجية المؤجلة
ثانيا - المطالب الاجتماعية والاقتصادية العاجلة
مضايقات الإدارة الفرنسية للنجم بفرنسا وتعرضه في النهاية للحضر والحل النهائي
نجم
شمال إفريقيا: étoile nord
africaine
-
1- نشاط
الأمير خالد بفرنسا ودوره في تأسيس النجم في الفترة 1924-1926
في
صيف سنة 1924
وصل الأمير خالد إلى فرنسا وتزامن ذلك مع فوز التجمع اليساري الفرنسي في الانتخابات
البرلمانية كما ذكرنا سابقاً، وفي فرنسا وجد الأمير خالد مجموعة من المهاجرين
الجزائريين والمغاربة ينتظرونه من الذين كانوا معجبين بأفكاره ويتابعون نضاله وحركته
السياسية في الجزائر عن كثب كان من بين هؤلاء
المهاجرين الجزائريين الحاج على عبد القادر وعبد العزيز منور وأحمد بهلول وأكلي بانون ورابح بغلول وعلي
الحمامي المراكشي والشادلي خير الله تونسي، كانوا كلهم أعضاء مناضلين في الحركة
الشيوعية بفرنسا([1]).
في فرنسا باشر الأمير خالد عمله التوعوي والتعبوي وسط جموع العمال
المهاجرين المغاربة مستغلاً هامش الحرية والجو الديمقراطي الذي كان سائداً في
فرنسا في تلك الفترة بحيث شرع على الفور في تنظيم عدّة ملتقيات وندوات وتجمعات
سياسية وذلك بالتنسيق التام مع التيار الشيوعي الجزائري بفرنسا ومع مرور الوقت
أصبح الأمير يشرف بنفسه على تقديم تلك الملتقيات والمحاضرات التي كان يشرح فيها
للمهاجرين المغاربة والجزائريين القضية الجزائرية وقضايا التحرر في المغرب العربي
بصفة عامة ولكن من منظور وطني وقومي بحث.
بعد سلسلة المحاضرات والندوات السياسية التي كان الأمير خالد حريصاً على
إلقائها بفرنسا في فترة تواجده هناك ما بين 1924 - 1926 بدأت الأفكار الوطنية والسياسية تتبلور وتنتشر وتتسرب
شيء فشيئاً داخل أوساط العمال المغاربة المهاجرين،وبفعل نشاط ودور الأمير السياسي
البارز في فرنسا اعتبر بعض المتتبعين والمناضلين في شهادتهم التاريخية الأمير خالد
هو المؤسس الحقيقي للنجم ([2])،ومن
بين هذه الشهادات نجد شهادة المناضل أحمد بهلول وفي بعض الروايات رابح بغلول التي
قال فيها ما يلي " أنشأ الأمير خالد
جمعية غير مصرح بها كانت تعمل في فرنسا منذ نهاية سنة 1924 أُطلق عليها فيما بعد اسم نجم
شمال إفريقيا "،ونجد كذلك شهادة المناضل عمار خيضر الذي سأل أحد عناصر النجم
القدماء عن مؤسس النجم فأخبره أن المؤسس الحقيقي هو الأمير خالد الجزائري.
2-تأسيّس نجم شمال إفريقيا:
في الحقيقة لا تتفق معظم الشهادات والروايات التاريخية حول من هو مؤسس
النجم ولا حتى حول تاريخ تأسيسه بضبط وهذا يعود إلى كثرة الروايات المتضاربة بخصوص
تأسيّسه فهناك من يعتبر العمال المغاربة المهاجرين هم من أسّس النجم ؟ وهناك من
يعتبر الحركة الشيوعية في فرنسا هي من أسّسته؟ وهناك طرف ثالث آخر يعتبر الوطنيين
المغاربة هم من أسّسه؟ هذا فيما يخص التأسيس أما بخصوص تاريخ التأسيس فقد اختلفت
الروايات كذلك فهناك من اعتبر سنة 1924 سنة وصول الأمير خالد إلى فرنسا هو تاريخ التأسيس
وهناك من اعتبر سنة 1925 ؟ وهناك طرف ثالث وهو الغالب اعتبر سنة 1926 هي السنة الحقيقية التي ظهر فيها
النجم ؟
فهل أنشئ من طرف العمال
المغاربة المهاجرين ؟ أم من طرف الحركة الشيوعية بفرنسا ؟ أم من طرف مجموعة
من وطنين المغاربة تزعمهم الأمير خالد؟ ومتى كان ذلك في سنة 1924 ؟ أم في سنة 1925
أو في سنة 1926([3])؟.
من الذين اختلفوا في تاريخ ظهور النجم نجد على سبيل المثال المؤرخ الفرنسي
شارل أندري جوليان الذي حدد تاريخ ميلاد النجم بشهر مارس سنة 1926 بينما يذهب المناضل أحمد بهلول في
تاريخ تأسيسه إلى سنة 1924، أما المؤرخ
شارل روبير آجرون فيقول بأن مصالي حاج هو من أبرز الحزب وهو من تولى قيادته
ابتداءً من سنة 1927 بينما يقول محفوظ قداش بأن
المشاورات بخصوص تأسيس النجم بدأت في شهر أكتوبر سنة 1925 وفي ديسمبر من نفس السنة تأسس
الحزب رسمياً. أما بخصوص من أشرف على تأسيسه فإن معظم الروايات تؤكد بأن الحزب نشأ
بدعم ومساندة الحركة الشيوعية بفرنسا وهذا إذا استثنينا فرحات عباس الذي كان له
رأي آخر في من أسس الحزب حيث يذهب إلى القول بأن الوطنين هم من كانوا وراء تأسيسه
من البداية.
رغم كل هذا الاختلافات في قضية من أسس النجم يبقى الأمير خالد الوحيد الذي
له الفضل الكبير في تأسيسه كونه هو أول من أشرف على بلورة أفكاره ومبادئه منذ أن
وصل إلى فرنسا.
في الحقيقة تؤكد الكثير من الشهادات على أن نجم
شمال إفريقيا بدأ نشاطه في الفترة الأولى في شكل جمعية عمالية غير مصرح بها مفتوحة
لاستقطاب كافة فئة العمال المغاربة وكان الهدف في البداية من تأسيسه هو الدفاع عن
المصالح المادية والمعنوية لعمال مسلمي شمال إفريقيا كافة ([4]).
تذهب
معظم الشهادات التاريخية إلى أن المناضل الحاج علي عبد القادر الشيوعي الجزائري الذي
تعود أصوله إلى مدينة غليزان هو أول من ترأس الجلسة رسمية الأولى للنجم بتاريخ 12 جوان 1926 بباريس، وفي الجلسة الثانية
المنعقدة يوم 02 جويلية 1926 التي حضرها أعضاء الجمعية العامة للحزب تم انتخاب
أعضاء اللجنة المركزية للحزب التي تشكلت من عشرة أعضاء نذكر منهم على سبيل المثال
لا الحصر الحاج علي عبد القادر رئيس الحزب
والسيد مصالي الحاج الأمين العام للحزب والسيد جيلالي شبيلا أمين المال([5]).
3-برنامج
نجم شمال إفريقيا:
ظهر برنامج النجم وتبلور بوضوح سنة 1927 على يد السيد مصالي الحاج الأمين العام للحزب الذي
قدم مطالب النجم في مؤتمر الرابطة المناهضة للاستعمار المنعقد في بروكسل ببلجيكا([6])
في الفترة الممتدة مابين 10 و14 فيفري 1927 حيث تضمن البرنامج النقاط الآتية:
أولا- المطالب الإستراتيجية المؤجلة وتتمثل
في:
1-
استقلال الجزائر
2-
انسحاب قوات الاحتلال الفرنسي
3-
تأسيس جيش جزائري
ثانيا - المطالب الاجتماعية والاقتصادية
العاجلة وتتمثل في:
1-
توزيع
الأراضي المحجوزة على الفلاحين الذين حرموا منها.
2-
تمكين صغار الفلاحين الجزائريين من
القروض البنكية.
3-
احترام الملكيات الصغيرة والمتوسطة.
4-
إلغاء قانون الأهالي والإجراءات الاستثنائية
5-
العفو العام عن المساجين وحرية
إنشاء الصحافة والجمعيات
6-
المساواة في الحقوق السياسية
والنقابية مع الأوروبيين
7-
حق التكفل بالتعليم في جميع
المستويات
8-
تطبيق القوانين الاجتماعية بصفة عامة.([7])
تعتبر المطالب الثلاثة المتعلقة
بالاستقلال مطالب إستراتيجية مؤجلة بعيدة المدى مقارنة بالمطالب الأخرى المستعجلة والمباشرة
التي ينتظر الشعب الجزائري بفارغ الصبر تطبيقها.
2-
مضايقات الإدارة الفرنسية للنجم
بفرنسا وتعرضه في النهاية للحضر والحل النهائي:
أصبح نشاط النجم مع مرور الوقت
مزعج ومحرج لسلطات الاحتلال في عقر دارها وذلك
من خلال ما كانت تعبر عنه وتطرحه جرائده كصحيفة الإقدام الباريسي وجريدة الأمة من
أفكار ومطالب ومن نشر للوعي الوطني،وكانت ذروة الأزمة بين الحزب والحكومة الفرنسية
عندما رفع النجم من سقف مطالبه وطالب
بالاستقلال دفعة واحدة فأصبحت الإدارة
الفرنسية تتربص بالحزب وتراقبه عن كثب وتضايق تحركات قادته وفي النهاية
قررت حضره وحله نهائياً بحجة أن برنامجه
يمثل خطورة على السيادة الفرنسية في
الجزائر حيث صدر قرار حله غيابياً من محكمة مقاطعة السين بفرنسا يوم 20
نوفمبر 1929([8]) لكن النجم لم يتأثر بهذا القرار وواصل
نشاطه السياسي في السرية تامة ولكن تحت اسم جديد وهو نجم شمال إفريقيا المجيد (تراجعت
المحكمة الفرنسية فيما بعد عن قرار حضره فعاد للعمل)،وبتاريخ 28 ماي 1933 عقد قادة الحزب جمعية وطنية عامة
بفرنسا تحول على إثرها النجم إلى حزب سياسي معتدل نوعا ما تراجع
النجم في هذه الفترة قليلاً عن لهجته الاستقلالية التي كان يخاطب بها
مناضليه من قبل ([9]).
تم حل حزب نجم شمال إفريقيا المجيد مرة أخرى من طرف سلطات الاحتلال في
شهر فيفري 1935 إلا أن الحزب استطاع في سرية تامة
أن يعيد تأسيس نفسه من جديد ولكن هذه المرة
تحت اسم الاتحاد الوطني لمسلمي شمال إفريقيا(في هذه الفترة سبتمبر 1935 لجأ مصالي الحاج إلى سويسرا بسبب
مضايقة ومطاردة الشرطة الفرنسية له وكان ذلك بعد أن أُطلق سراحه من السجن الذي
دخله في شهر جانفي 1935 وخرج منه في الفاتح ماي 1935، وفي سويسرا التقى مصالي الحاج
بالمصلح اللبناني السوري شكيب أرسلان في هذه الفترة كان شكيب أرسلان يحضر لعقد
مؤتمر إسلامي لمسلمي أوروبا في سويسرا وبفعل اللقاءات المتكررة بينهما تأثر مصالي
الحاج بأفكار أرسلان الإسلامية في هذه
الفترة كان شكيب أرسلان في سويسرا يُحضر لعقد مؤتمر لمسلمي أوروبا في سبتمبر 1935.
أصبح مصالي الحاج بعد هذا اللقاء
غير المخطط له أكثر ميلاً من ذي قبل إلى الاتجاه العروبي الإسلامي وعندما فازت الجبهة
الشعبية اليسارية في الانتخابات البرلمانية بفرنسا في هذه الفترة تراجعت الحكومة
الفرنسية عن قراراتها السابقة مضايقة الوطنيين الجزائريين ومطاردتهم بحيث تم إصدار
قرار عفو شامل عن جميع السياسيين فرجع بموجب هذا القرار مصالي الحاج من جديد إلى فرنسا،(وصلت
الجبهة الشعبية اليسارية في فرنسا إلى الحكم في شهر جوان 1936 حيث ترأس الحكومة الفرنسية
الجديدة الاشتراكي ليون بلوم) ([10]).
في صيف سنة 1936 واجه قادة حزب نجم شمال إفريقيا في فرنسا حملة عدائية ودعائية واسعة قادها
ضدهم هذه المرة الشيوعيون الذين اتهموا قيادات النجم بالتحريض ضد فرنسا وبالوقوف
ضد مشروع بلوم فيوليت الإصلاحي الذي تم طرحه من جديد في هذه الفترة بمناسبة فوز
الجبهة الشعبية في الانتخابات وبسبب الحملة العدائية المتنامية والمناهضة للحزب
أقدمت السلطات الفرنسية على حل وحضر نشاط النجم نهائيا يوم 26 جانفي 1937.( تعرض النجم عدة مرات للحل بسبب
نزعته الاستقلالية ولكن كان يعود للعمل من جديد بفضل دفاع محامي الحزب ولكن في هذه
المرة تم حله نهائيا يوم 26 جانفي 1937)
-
ملاحظة:
ظهر مشروع بلوم فيوليت في البداية على يد الحاكم العام السابق والنائب
موريس فيوليت ولكن النائب فيوليت في تلك الفترة 1925-1927 لم يستطع تمرير مشروعه في
البرلمان بسبب تعنت المستوطنين وعندما وصلت الجبهة الشعبية إلى الحكم أعاد طرح
المشروع من جديد فتبنته الحكومة الجديدة حيث تضمن المشروع مجموعة من الإصلاحات
والحقوق تخص الجزائريين من أهمها نذكر:
1-
منح حوالي 25 ألف جزائري الجنسية الفرنسية بدون
التخلي عن الأحوال الشخصية.
2-
إلغاء قانون الأهالي.
3-
المطالبة بإلحاق الجزائر بفرنسا
إدارياً.
4-
رفع نسبة التمثيل النيابي
للجزائريين في المجالس المنتخبة.
5-
الاهتمام بالجانب الاجتماعي والاقتصادي بصفة
عامة في الجزائر ([11]).
من أهم شخصيات النجم في تلك الفترة نذكر على سبيل المثال لا الحصر : الحاج
علي عبد القادر الرئيس السابق للحزب ومصالي الحاج الأمين العام للحزب وعمار عيماش
مسؤول جريدة الأمة وراجف بلقاسم أمين
المال والجيلالي شبيلا الكاتب العام للحزب وآكلي بانون ومحمد معروف
-
خاتمة:
اعتمد حزب نجم شمال إفريقيا في نضاله ضد الاحتلال الفرنسي في تلك الفترة
على عدة أساليب هي:
1-
رفع العرائض السياسية وطرح وتقديم مطالب الشعب
الجزائري في شكل برامج اجتماعية واقتصادية.
2-
المشاركة في التظاهرات والاحتجاجات
والمظاهرات في المناسبات العامة.
3-
نشر الوعي السياسي الوطني والفكر
التحرري بين الجزائريون وذلك من خلال صحف الحزب كجريدة الإقدام الباريسي التي
تأسست في شهر فيفري 1927 وجريدة الأمة التي تأسست في أكتوبر سنة 1930.
[2]) يحي بوعزيز : سياسة التسلط الاستعماري والحركة الوطنية
الجزائرية 1830-1954، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2015، ص ص 81-83.
[3]) محفوظ قداش ومحمد قنانش: نجم شمال إفريقيا 1926-1937
وثائق وشهادات لدراسة التيار الوطني الجزائري،د ط، ديوان المطبوعات الجامعية ،
الجزائر، 2013،ص ص 49-50.
[4]) عبد الحميد زوزو : الدور السياسي للهجرة إلى فرنسا بين
الحربين، المرجع السابق، ص ص53-54.
[5]) عبد الحميد زوزو: المرجع نفسه، ص ص 57-62.
([7]) أبو القاسم سعد الله : الحركة الوطنية الجزائرية، ط6، دار البصائر للطباعة
والنشر والتوزيع، الجزائر، ج3، 2009، ص ص 128-129.
[10]) عبد الحميد زوزو: الدور السياسي للهجرة إلى فرنسا بين
الحربين،المرجع السابق، ص ص 128-132.
[11]) عبد الحميد
زوزو: الفكر السياسي للحركة الوطنية الجزائرية، المرجع السابق، ص ص 427-436.
اقرأ أيضا:
الأصول والجذور الأولى لظهور وتأسيّس الحركة الوطنية في الجزائر
أسباب وظروف وعوامل ظهور الحركة الوطنية في الجزائر
النهضة السياسية والإصلاحية في الجزائر 1830-1962م
الظروف العامة التي عاشتها الجزائر بعد الحرب العالمية الأولى
حركة الأمير خالد 1875- 1936 -الحركة الوطنية الجزائرية-
إرسال تعليق