الظروف العامة التي عاشتها الجزائر بعد الحرب العالمية الأولى
الظروف العامة التي عاشتها الجزائر بعد الحرب العالمية الأولى
1 - قانون الإصلاحات الفرنسي 04 فيفري 1919
2 -مواقف الكولون المعمرين والجزائريون الأهالي من القانون
1 - قانون الإصلاحات
الفرنسي 04
فيفري 1919 :loi
de reforme française
كان اعتقاد وتصور الحكومة الفرنسية بعد الحرب
العالمية الأولى أنه بوسع فرنسا حل القضية الجزائرية عن طريق وبواسطة سن قوانين
إصلاحية، ولهذا سارعت مباشرة بعد الحرب إلى سن قانون 04 فيفري 1919([1]) الذي بمقتضاه تم تحديد شروط
الحصول على صفة المواطنة الفرنسية(الوضعية القانونية للمسلمين الجزائريين).
جاء قانون الإصلاحات الفرنسي على خلفية
الخدمة التي قدمها الجزائريون في الحرب العالمية الأولى في إطار قانون التجنيد
الإجباري الصادر مابين 31 جانفي و03 فيفري 1912 والذي استغله الشبان الجزائريون للمطالبة
بالمزيد من الإصلاحات التي وعدت بها
الحكومة الفرنسية الجزائريون كمكافأة لهم عن مشاركتهم في الحرب(المقصود بالشبان
الجزائريون هم أولئك عناصر النخبةLes jeunes Algériens
الذين ظهروا بشكل رسمي منذ سنة 1892 على إثر زيارة اللجنة الفرنسية
للجزائر التي ترأسها الوزير جول فيري
وافقت الحكومة الفرنسية عن هذه
الإصلاحات وكان الهدف من وراء ذلك هو قطع الطريق عن المطالب السياسية والوعي
الوطني الجزائري الذي بدأ يتشكل في الساحة الجزائرية في تلك الفترة.
جاءت الإصلاحات في الحقيقة كتكملة لقرار مجلس الشيوخ الفرنسي الذي صدر في
عهد نابليون الثالث في شهر جويلية 1865م السيناتوس كونسولت ([2]) والذي اعتبر الجزائريون بمقتضاه رعايا وأهالي
فرنسيين.
نص قانون إصلاحات 1919 في مادته الأولى على إمكانية حصول الجزائريون على
صفة المواطنة الفرنسية، أما المادة الثانية
فقد نصت على ما يلي :
كل فرد من الأهالي الجزائريين يحصل بطلب منه على
صفة المواطن الفرنسي إذا استوفى الشروط الآتية:
1-
أن يصل عمره خمسا وعشرين سنة.
2-
أن يكون قد سكن لمدة سنتين في
فرنسا أو في أحد مستعمراتها.
3-
أن يكون غير محكوم عليه بأحكام
تفقده حقوقه السياسية ولم يكن قد تعرض لأية لعقوبات.
4-
أن يكون قد خدم في الجيش الفرنسي وأثبت
حسن السيرة وأن يكون حاصل على وسام الشرف.
5-
أن يثبت قدرته على الكتابة والقراءة
وأن يكون مالكا للعقار.
وحدد الباب الثاني من القانون شروط
الانتخاب بالنسبة للأهالي في النقاط التالية:
1- يعطى حق الانتخاب لمن بلغ سنه 25 سنة للبالغين سن 25 سنة.
2- أن يتمتع الناخب الأهلي بحسن السيرة.
3- أن يكون حاصل على ملكية عقارية وموظف في أحد القطاعات الإدارية.
4- أن يكون قادراً على الكتابة والقراءة وأن يكون قد خدم تحت الراية الفرنسية أي
أدى الخدمة العسكرية ([3]).
ترتب عن مبادرة الإصلاحات الفرنسية
ردة فعل وموجة وعي حقيقية في أوساط
الأهالي وذلك بسبب فتح باب الانخراط في العمل السياسي والنيابي في المجالس
المنتخبة بحيث ارتفعت الهيئة الانتخابية
للمسلمين الأهالي في وقت وجيز إلى حوالي 18 مندوباً مالياً وإلى 29 مستشاراً عاماً نتيجة توسيع القسم
الانتخابي الخاص بالأهالي بحيث أصبح عدد المنتخبين حوالي 400 ألف ناخب بدلاً من 15 ألف فقط.
ولقد لفتت هذه الصحوة والهبة الجزائرية انتباه
الكثير من الفرنسيين ومن هؤلاء نجد المؤرخ الفرنسي شارل روبير أجرون الذي كتب في
هذا الشأن ما يلي " كان الإقبال قويا
من طرف الأهالي الذين كانوا يأتون للتصويت بشكل جماعي " كما كتب أستاذه أندري
جوليان في نفس الأمر الآتي " لقد وفر قانون الإصلاحات لسنة 1919 مناخ سياسي وتنافسي حقيقي بين الأهالي والمعمرين ".
2 -مواقف الكولون المعمرين
والجزائريون الأهالي من القانون:
أثارت
الإصلاحات الفرنسية في الجزائر جدل ونقاش حاد وطويل بين فئة المستوطنين المتخوفين من
هذه الإصلاحات والأهالي الراغبين في المزيد من الإصلاحات والحكومة الفرنسية
المترددة في الوفاء بوعودها للجزائريين نتيجة ضغط وتعنت الكولون Pieds Noirs الذين كانوا يقفون دوما في وجه أية إصلاحات تحاول الحكومة
الفرنسية تقديمها للشعب الجزائري([4])،
وفي هذه النقطة بالذات سخر الكولون كل وسائل الضغط من صحافة ونواب من أجل الوقوف
في وجه القانون،وفي مؤتمرهم المنعقد سنة 1920 طلبوا من الحكومة وقف مشاركة
الأهالي في الانتخابات.
في الحقيقة لم يكن هذا القانون محل نقد من
الفرنسيين والكولون فقط بل حتى الجزائريون رفضوه على أساس أنه غير كاف ولا يتطابق
مع حجم التضحيات التي قدموها و ميادئ الرئيس الأمريكي ويلسن ومن الانتقادات التي
وجهت للقانون الإصلاحات نجد ما قاله السيد فرحات عباس الذي وصف الإصلاحات "
بأنها مهلهلة ومتواضعة وغير كافية"
أما أعضاء النخبة على العموم فقد كانت الإصلاحات مخيبة لآمالهم كانوا
يعتقدون بأن فرنسا ستقدم لهم تعويضات قيمة ومهمة وكافية مقابل الخدمات التي قدموها
في الحرب(ومقابل موافقتهم على كل المشاريع والقوانين الفرنسية التي كانت تطرحها
الإدارة الاستعمارية الفرنسية كالتجنيد الإجباري والتجنيس) غير أن هذا الاعتقاد
والأمل لم يتحقق بسبب تجاهل فرنسا لتلك الخدمات.
وفي الختام نستطيع أن نقول أن الإصلاحات
جاءت نتيجة نضال ومطالب الشبان الجزائريون الذين كانوا تحت رئاسة الدكتور أبو
القاسم بن التهامي فهُم في الحقيقة أول من طرح مسألة وقضية الاهتمام بحقوق الأهالي
مقابل مشاركتهم في الحرب،وقد ظهرت مطالبهم لأول مرة في شكل علني ومباشر في جريدة
الإسلام في شهر جوان سنة 1912 حيث ركزت
مطالبهم على النقاط الآتية:
1-
رفع نسبة النواب الجزائريون في كافة المجالس
المنتخبة في الجزائر وبفرنسا.
2-
المساواة بين الأهالي والمعمرين في
دفع الضرائب.
3-
إلغاء قانون الأهالي.
4-
منح حق التمثيل النيابي للجزائريين([5]).
[1]) أحمد مريوش: محاضرات في تاريخ الجزائر، المرجع السابق، ص
ص63-71.
[2]) محفوظ قداش: تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية،ج2، ص ص 31-32.
[3]) أبو
القاسم سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية،ج2، ص ص 272-273.
[4]) محفوظ قداش:
تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية ،ج2، ص ص 70-71.
[5]) عمار بوحوش: التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية
1962، د ط ، دار البصائر للنشر والتوزيع ، الجزائر،2013، ص ص 204-205.
اقرأ أيضا:
الأصول والجذور الأولى لظهور وتأسيّس الحركة الوطنية في الجزائر
أسباب وظروف وعوامل ظهور الحركة الوطنية في الجزائر
النهضة السياسية والإصلاحية في الجزائر 1830-1962م
الظروف العامة التي عاشتها الجزائر بعد الحرب العالمية الأولى
حركة الأمير خالد 1875- 1936 -الحركة الوطنية الجزائرية-
نشاط الأمير خالد الجزائري في فرنسا
إرسال تعليق