ثورة أولاد سيدي الشيخ 1864-1880
ثورة أولاد سيدي الشيخ 1864-1880
تمهيد
الإطار الزماني للثورة
الإطار الجغرافي للثورة
الأسباب
مراحـل ثورة أولاد سيـدي الشيـخ 1864-1880
المرحلـة الأولى 1864-1870.وأهم أحداثها وتطوراتها
1-معركة عوينة بوبكر
ردود الفعل الأولية الفرنسية
2-معركة غار سيدي الشيخ
3-معركة حاسي بن عتاب
4-معركة غار القيفور
5-معركة أم دبدب
المرحلة الثانية 1871-1880
1-معركة ماقورة
2-معركة المنقب
بعض النتائج الأولية للثورة
تمهيد:
ينحدر أولاد سيدي الشيخ من سلالة الخليفة أبو بكر الصديق (ض)، وهم ينتسبون إلى
جدهم الشيخ عبد القادر بن محمد سيدي الشيخ المعروف ببوسماحة (ت 1023هـ/1614م)، الذي
يعود له الفضل في تأسيس الزاوية الشيخية بالبيّض؛ ولقد خلّف وراءه حوالي 18 ولدا
(11ولدا حسب يحي بوعزيز)[1]؛
وفي ظل التناسل والتوارث امتدت دائرة نفوذهم حتى شملت جنوب وهران والنواحي الشرقية
من ورقلة والمنيعة[2]. أما
الانتماء الصوفي فهم ينتسبون إلى الزاوية القادرية.
الإطار
الزماني للثورة: يمتد من سنة 1864 إلى سنة 1880.
الإطار
الجغرافي للثورة: امتدت في كامل منطقة
الجنوب الغربي الوهراني في كل من البيّض وتيارت وسعيدة وغليزان وجبال العمور وعين
ماضي (وبالتحديد من التخوم المغربية غربا إلى التخوم الصحراوية الجزائرية شرقا).
الأسباب:
يمكن حصر أسباب الثورة في العناصر
الآتية:
-سياسة
المكاتب العربية التعسفية تجاه السكان من خلال فرض ضرائب باهضة وغرامات مرتفعة
ومصادرات للأراضي.
-إذلال
مركز اولاد سيدي الشيخ إداريا بنزع لقب الخليفة منهم وتعويضه بمنصب الباشاغا.
-إهان
مراحـل ثورة أولاد سيـدي الشيـخ
1864-1880.
على اثر الإهانة التي لحقت بسي الفُضيل
غادر مقر عمله بالبيّض دون إذن من السلطات الفرنسية، وجمع الباشاغا سليمان العديد
من العناصر الفاعلة في أسرته وكوّن مجلسا عسكريا يتشكل من عشر أشخاص، أبرزهم سي الفُضيل
وعمّه سي الأعلى آغا ورقلة آنذاك. ولكي تلقى دعوته صدى قويا كلّف سي الفُضيل
بتحرير رسالة –منشور- إلى جميع أفراد العائلة ضمّنها الدعوة إلى الجهاد، كما بيّن
فيها الدوافع الكامنة وراء ذلك.[3]
لقد كان لهذه الرسالة مفعولا قويا لدى
العائلة وأشياعها، ويذكر الأستاذ يحي بوعزيز أنه رغم هذه الاستعدادات والدعوة إلى
الجهاد فإن الباشاغا سليمان كاتب الفرنسيين موضحا لهم سبب إقدامه على الثورة (( كنا
نعتقد أننا كلفنا بحماية العرب حتى لا يخافوا ولا يهربوا وهي نفس مهمة المكاتب
العربية حسب التعليمات التي أعطيت لنا )) (( إننا لن نغادر هذه المكاتب
العربية ولم نتوقف عن أداء واجبنا نحوها إلا عندما تخلت هي عن واجبها )).[4] وقصد الإلمام الجيد بأحداث هذه الثورة أرى من
الضرورة بمكان تحقيبها إلى مرحلتين رئيسيتين هما:
المرحلـة
الأولى 1864-1870.وأهم أحداثها وتطوراتها.
لقد
شهدت هذه المرحلة عدة أحداث ومعارك عسكرية بين الثوار والجيش الفرنسي يمكن تتبعها
في ما يلي:
1-معركة
عوينة بوبكر:
جرت
أحداثها خلال شهر أفريل 1864 بعوينة بوبكر؛ الواقعة على بعد 20 كم شرق مدينة البيّض،
ودارت رحاها بين الباشاغا سليمان الذي قدرت قواته بنحو 3000 مقاتل، وبين الضابط
الفرنسي بوبريطر (Beaupretre). ومن أهم
نتائجها:
-استشهاد الباشاغا سي سليمان واغتيال بوبريطر.
-انظمام عدد هائل من القُوم-مجندين في صفوف الفرنسيين-
للثورة.
-التأييد التلقائي الذي تلقته الثورة من المناصرين لها
الذين وفدوا على سي محمد-شقيق سليمان- ولد حمزة لمبايعته قائدا للثورة، بمساعدة
عمّيه: ( الزبير وسي الأعلى). ومن خلال الدعوات التي وجهها هذا الأخير للثوار تمكن
من مدّ رقعة الثورة إلى مناطق أخرى كجبال العمور؛ كما تلقت الثورة دعما هائلا من
العديد من القواد كالآغا سي النعيمي ولد جديد في قصر الشلالة ببوغار، وبن عودة
زعيم أولاد مختار في المدية، وبهذا يكون الثوار قد أصبحوا يهددون كل من الجلفة
ومنطقة أولاد نايل وحتى جنوب مدينة الجزائر
العاصمة نفسها.[5]
كما تدعمت الثورة بالثائر سي الأزرق بن الحاج في فليته بجبال الونشريس، وفي حوض
الشلف.
لقد تمكن سي
الأزرق من استدراج الفرنسيين إلى العديد من المعارك التي سجلها في انتصاراته
كمعركة خنقة العازر ومعركة رمورة، وغليزان وواد رهيو، الشيء الذي أجبر الفرنسيين
على الانسحاب من هذه المناطق والتوجه نحو مستغانم، لكن نشاط سي الأزرق لم يعمّر
طويلا كونه استشهد خلال شهر جوان من السنة نفسها.[6]
وفي هذه
الأثناء يكون سي محمد قد حقق انتصارات هائلة على الجيوش الفرنسية التي اضطرت
كعادتها إلى الاستنجاد بقوات إضافية من وهران، كما قامت باستمالة الشيخ أحمد
التجاني في عين ماضي إلى صفها، فأعلن عن طاعته وولائه لها. ولكن هذا لم يمنع
الفرنسيين من تبني ردود فعل قوية ضد الثورة.
ردود الفعل الأولية الفرنسية:
لقد تم تشكيل
أربع فرق عسكرية أُسندت قيادتها إلى جنرالات لهم خبرة واسعة بالحروب على النحو
الآتي: ( دوليني +يوسف +لييبير +روز )،كُلفوا بمتابعة تحركات الثوار، ورغم ذلك فإن
رقعة الثورة امتد تأثيرها حتى التخوم المغربية الجزائرية غربا، وشملت كل من
المشرية وسعيدة وجبال العمور ومنطقة ميزاب وورقلة وغارداية شرقا؛ ولم تثن
التعزيزات العسكرية الفرنسية من عزيمة سي الأعلى وابن أخيه سي محمد حيث تمكنا من
مهاجمة الفرنسيين في فرندة والتقدم نحو عين طاقين بجبال العمور والأغواط وبوغار
والسيطرة على المعسكر الفرنسي في عين وسّارة، وشكلا خطرا محدقا بالجلفة وضواحيها،
ولتدعيم صفوف الثورة يظهر الخوجة سي الفُضيل بن علي في أولاد نايل الذي تمكن من
إقناع سكان بوسعادة وضواحيها بالتمرد والثورة على الفرنسيين.[7]
2-معركة غار سيدي الشيخ:
دارت رحاها بين
سي محمد ولد حمزة وبين قوات الضابط الفرنسي دوليني يوم 4/2/1865 وبمساعدة الحاج
قدور بن الصحراوي، في سفح غار سيدي الشيخ الواقع على بعد 35 كم جنوب غرب البيّض،
ولقد أسفرت عن استشهاد سي محمد-20سنة- فخلفه شقيقه سي أحمد-12 سنة- وبمساعدة الفُضيل.
وعندما علم سي الأعلى بالخبر رجع من ورقلة وميزاب إلى منطقة الأبيض سيدي الشيخ
لدراسة الوضع مع أفراد العائلة، وفي هذه الأثناء ينظم بن ناصر بن شهرة إلى الثورة
–رغم العداء السابق الذكر-بقوات تقدر بحوالي 2000 مقاتل، وتمكنوا من إلحاق خسائر
فادحة للجيش الفرنسي في العديد من المعارك الثانوية. وبعد هذه المرحلة تكون الثورة
قد امتدت إلى التل الوهراني وجنوب سبدو وسيدي بلعباس والضاية وعين ماضي والأغواط
وحتى متلييلي شرقا.
ومع مطلع شهر
جانفي 1866 انتقل سي أحمد إلى جنوب فقيق بينما انتقل سي الأعلى نحو متليلي واصطدم
مع الشعانبة، ثم انتقل كل من بن شهرة والنعيمي ولد جديد وغيرهم من القادة إلى
نواحي ورقلة، أين اصدموا بقوات العون الفرنسي علي باي في الجنوب، إلا أنهم لم
يسجلوا نتائج تذكر لصالحهم كونه يتوفر على دعم فرنسي هائل، بل وقع قائد الثورة في
بوسعادة في السر- إبراهيم بن عبد الله- في حين انسحب بن شهرة والنعيمي إلى منطقة نفزاوة بتونس.[8]
وفي هذه الثناء
تكون الثورة قد عرفت بعض التطورات، تكمن في إقدام سي أحمد ولد حمزة على مراسلة
الفرنسيين–حاكم وهران- لطرح مسالة استسلامه بشروط منها توليته على المنطقة التي
كانت خاضعة لأبيه سابقا؛ إلا أن حاكم وهران لم يولي أدنى اهتمام له، بل أصدر
أوامره للجيوش الفرنسية المرابطة في وهران والبيّض والأغواط بالتحرك لمطاردته،
الشيء الذي زاد من حدة الثورة بدخول عدد هائل من القبائل في صفوفها ( أولا عمور + أولاد
جرير + ذوي منيه + الدّراجة ...الخ )؛ وهو
ما أسفر عن المعركة الموالية.
3-معركة حاسي بن عتاب.
مع مطلع شهر
مارس 1866 بدأت القوات الفرنسية في مطاردة سي أحمد من مكان لآخر في البيّض، فأسفر
ذلك عن حتمية التصادم المسلح بين الطرفين يوم 16 مارس، حيث تكبد كل طرف خسائر
بشرية فادحة، خاصة الطرف الفرنسي؛ ولقد أسفرتهذه المعركة عن النتائج الآتية:
-صدور أمر من الحاكم العام الفرنسي بوهران يقضي بمصادرة كل
أملاك أولاد سيدي بوبكر وأولاد سيدي الشيخ وكل الذين ينحدرون منن الباشاغا سليمان
وابنه سي احمد وولد حمزة وعميهما سي الأعلى وسي الزبير.
-تشتت شمل الثوار حيث أن سي أحمد توجه رفقة أنصاره إلى
منطقة فقيق-بالمغرب- للاحتماء بها، بينما تمركز الشيخ بن الطيب زعيم الغرابة شمال
فقيق، في الوقت الذي استسلم فيه جزء كبير من العائلة للفرنسيين، وطلبوا الأمان
لأنفسهم وعائلاتهم.[9]
4-معركة غار القيفور: دارت رحاها بمنطقة التخوم المغربية الجزائرية، بين قوات
الضابط الفرنسي صوني وسي الأعلى، ولقد انتهت لصالح الفرنسيين ومن أهم نتائجها:
-الاستيلاء على الممتلكات الشخصية والثمينة لسي الأعلى
–الجواهر، الثياب، الطابع، 450 جملا ومثله من الأغنام...الخ- ونظرا لهذه الخسائر
وحسب رواية تريمولي يكون سي الأعلى قد عرض على الفرنسيين الاستسلام لهم بشروط، إلا
أنهم رفضوا طلبه هذا.
-طلب سكان منطقة التخوم المغربية –الجزائريين طبعا-الدخول
تحت حماية زعيم الغرابة الشيخ بن الطيب ضد سي احمد ولد حمزة وأنصاره من الشراقة.
-ظهور بوادر للخلاف بين زعماء الثورة.
ولكن مع مطلع
سنة 1867 تكون الثورة قد أخذت بعدا آخرا إذ تحول عدد هائل من المناصرين إلى أعداء،
وتمركزوا في منطقة فقيق وبدأوا من هناك يخططون للقيام ببعض الانتقامات والاعتداءات
على حساب الثوار ومن والاهم من القبائل، مما أدى في الأخير إلى تدهور العلاقات بين
سليمان بن قدور زعيم الغرابة –ابن آخ الشيخ الطيب- وسي احمد ولد حمزة.
وفي ظل
محاولات سي الأعلى الاستسلام للفرنسيين، استسلم الحميان –قبيلة- للفرنسيين الشيء
الذي زاد في تقلص نفوذ الثورة بشكل كبير؛ ومما زاد الأمر تعقيدا هو وفاة زعيم الثورة
سي احمد خلال شهر أكتوبر 1868، فخلفه أخوه سي قدور ولد حمزة، الذي سيتعاون مع عمه
سي الأعلى على مواصلة لواء الثورة. وفعلا لقد تمكنا بطرقهم الخاصة من توحيد
الصفوف، وشكّلا ثلاث فرق عسكرية أسندت قيادتها على النحو الآتي:(سي الأعلى+ سي
قدور + الحاج العربي ولد الشيخ الطيب).
ونظرا لهذا
التطور الحاصل، أعلنت السلطات الاستعمارية عن حالة استنفار قصوى في صفوف قواتها؛
في كل من وهران والبيّض وتيارت وتلمسان وسيدي بلعباس وبوغار والمدية والأغواط، وقد
وجدت في شخص العميل سليمان بن قدور الشيء الكثير من المساعدات، كونه على علم
بجغرافية المكان، وطبائع السكان ونقاط القوة والضعف في الثورة. ولقد ترتب عن هذه الخطوة
الفرنسية المعركة الموالية.
5-معركة أم دبدب.
على اثر التهديد
الذي شكله سي الأعلى للشيخ أحمد التجاني زعيم زاوية عين ماضي، والقاضي بضرورة نقل
مقر زاويته نحو الأماكن الآمنة في الصحراء، يكون هذا الأخير قد راسل الفرنسيين سرا
وأخبرهم بالأمر، فتحركت قوات فرنسية هائلة لمطاردة سي الأعلى وأعطت الضوء الأخضر
للتجاني بأن يجاهر أكثر بمساعدته للفرنسيين ضد الثوار، الذين لم يكن أمامهم بُدا
من الانسحاب من عين ماضي نحو الأبيض سيدي الشيخ مسقط رأسهم. ومن هناك عمل سي الأعلى
وبالتعاون مع بن شُهرة والشريف بوشوشة على تقوية نشاطه بشكل مكثف ضد الفرنسيين.
وفي هذه
المرحلة يُقدم سليمان بن قدور-أصبح في صف الأعداء- على شن هجوم عسكري واسع النطاق
على سي قدور ولد حمزة وأنصاره وبالتنسيق مع الضابط لويس، مما ترتب عنه خسارة كبيرة
لسي قدور الذي ضعف شأنه أمام سي سليمان الذي عينته السلطات الفرنسية آغا على البيّض
سنة 1869 ثم على الحميان-ردا للجميل- مما زاد فبي تقلص نفوذ الثورة أكثر.
المرحلة الثانية 1871-1880. من أهم المعارك التي شهدتها نذكر:
1-معركة ماقورة: جرت بين قوات الضابط الفرنسي ميلواز أثناء تنقله من سعيدة
إلى ماقورة وبين سي قدور ولد حمزة يوم 17/04/1871، ولقد أسفرت عن خسائر بشرية
فادحة بالنسبة للطرف الجزائري-200 قتيلا-ولقد كان من بينهم عدد هائل من زعماء
الثورة، مما اضطره الحال إلى الانسحاب نحو بني مطهر بالتراب المغربي، إلا أن السلطان
المغربي أجبره على الخروج من المنطقة. ومن بين النتائج الرئيسة التي ترتبت عنها :
-إحداث شرخ كبير بين زعماء الثورة حيث ظهر هناك أربع
توجهات: قسم منهم هادن الفرنسيين، ووقف موقف المتفرج من الأحداث، وقسم استسلم لهم،
وقسم آخر حاربهم، وقسم آخر دخل في مواجهات مع العائلة الأم.
-إرسال السلطات الاستعمارية لتعزيزات ضخمة نحو منطقة التخوم
الغربية لتمنع تنقل الثوار من وإلى المغرب، قصد عرقلة تحركاتهم وسهولة مراقبتهم.
2-معركة المنقب:
دارت رحاها بين
سي قدور ولد حمزة والجيش الفرنسي جنوب غرب الأبيض سيدي الشيخ، خلال شهر ديسمبر
1871، ولقد أسفرت عن مايلي:
-خسائر فادحة في صفوف الجزائريين-150 قتيلا- مع إصابة سي
قدور بجروح بليغة.
-استسلام عدد هائل من أولاد سيدي الشيخ للفرنسيين.
-تفرق أولاد سيدي الشيخ فمثلا سي قدور عسكر بقواته مابين
المنيعة وتميمون، ومن هناك راودته فكرة الاستسلام للفرنسيين؛ مما فتح الباب على
مصراعيه للتفاوض مع الفرنسيين خلال شهر فيفري 1873. بينما لجأ البعض الآخر إلى
المغرب، والبعض الآخر ألقي عليهم القبض من طرف الفرنسيين وتم نفيهم وترحيلهم إلى
مناطق متفرقة في الجزائر كعمالة قسنطينة في الشرق.
-نقل الفرنسيين لسليمان بن قدور وقبائل الحميان-موالين
للفرنسيين- إلى جنوب وهران، حتى يسهل مراقبته والاستفادة من خدماته بشكل جيد.
وفي سنة 1874
يعود سي قدور للهجوم على الموالين للفرنسيين في البيّض، وظلت تُدار من هناك معارك
هامشية بين أولاد سيدي الشيخ أنفسهم، ولقد حاول شيخ الطريقة الطيبية-شريف وزان-
التوسط لهم عند الفرنسيين قصد طلب الصلح، إلا أنه لم ينجح في مسعاه، بسبب ظهور
بوادر المواجهات العنيفة بين الموالين والمعارضين للفرنسيين، وهي في غالب الأحيان
مجرد انتقامات شخصية لهذا أو ذاك؛ بسبب الخلافات الأسرية وسياسة فرق تسد الفرنسية
التي عملت عملها بين أبناء العائلة الواحدة.
ولقد كان من
نتائج هذه السياسة ظهور انشقاق كبير بين سي قدور ولد حمزة وابن أخيه حمزة ولد
بوبكر، هذا الأخير الذي استسلم للفرنسيين خلال شهر فيفري 1878، وتم نقله إلى مدينة
معسكر، على أمل الحصول على بعض الإمتيازات من الفرنسيين؛ إلا أنه لم يتحصل على
شيء؛ الأمر الذي دفع به للعودة ثانية إلى عمه ومحاولة التصالح معه. ومع نهاية هذه
السنة بدأت تلوح في الأفق شخصية أخرى كان لها دور كبير في إعطاء دفع قوي للثورة
ألا وهي شخصية بوعمامة البوشيخي. وهذا ما سنراه في محور آخر.
بعض النتائج الأولية للثورة.
-إلحاق خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية بالنسبة
للفرنسيين، وخاصة قتل العديد من الضباط والعسكريين ذوي الرتب العالية، وكذلك الشأن
بالمنسبة للثوار، الذين تكبدوا خسائر تفوق الخسائر الفرنسية؛ بسبب التفوق العسكري.
-تعطيل حركة التوسع الفرنسي في الصحراء الجزائرية، وعرقلة المشاريع
التوسعية لهم.
-تمكن الفرنسيين من إحداث شرخ كبير في أوساط عائلة أولاد
سيدي الشيخ.
-المصادرة للأراضي والنفي والتهجير القسري للعديد من
الزعماء الشيخيين.
-استفادة أولاد سيدي الشيخ من المواجهات العسكرية الأولى مع
الجيش الفرنسي-خبرة عسكرية-، التي ستُوظف فيما بعد في ثورة الشيخ بوعمامة
(1881-1908).
-وفي الوقت نفسه تمكن الفرنسيين من ترسيخ وجودهم نوعا ما في
الصحراء الجزائرية، ومحاولة إنشاء ما يعرف بالطابور الخامس من الجزائريين الموالين
للفرنسيين. الذين سيتم استخدامهم فيما بعد في ضرب التحركات الثورية هنا وهناك.
-الإطلاع الواسع على الصحراء الجزائرية ومحاولة رسم العديد
من الخرائط والمسالك، التي ستُوظف من دون شك في عملية التوسع المقبلة.
-هجرة الكثير من أولاد سيدي الشيخ إلى المغرب الأقصى.
[1] - يحي، بوعزيز: ثورات الجزائر في القرنين التاسع
عشر والعشرين، المرجع السابق، ص، 133.
[2]- أبو القاسم، سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية، المرجع السابق،
ص، 179.لا حظ أن هذا المرجع هو مطبوع في سنة 2000، ط، 1، دار الفرب الاسلامي،
بيروت.
[3] -يحي، بوعزيز: ثورات الجزائر فلي القرنين التاسع
عشر والعشرين، المرجع السابق، ص، 144.
[4] -الرمجع نفسه، ص، 145.
[5] -نفسه، ص، 148.
[6] -نفسه، ص، 149.
[7] -نفسه، ص، 153.
[8] -المرجع السابق، ص، 157.
[9] -نفسه، ص، 159.
إرسال تعليق