U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

السّلطان مولاي إسماعيل العلوي (1672 م- 1727م) في تاريخ المغرب


السّلطان مولاي إسماعيل العلوي (1672 م- 1727م) في تاريخ المغرب.

-مولده ونسبه

-صفاته

-بيعته

-اقوال المؤرخين الغربيين فيه

-جهوده في توحيد المغرب

-شهادة المؤرخ الطيب القادري في مولاي اسماعيل

-وفاته

-المصادر والمراجع المعتمدة

1-مولده ونسبه:    

 هو إسماعيل بن مولاي علي الشريف العلوي والمعروف بمولاي إسماعيل ولد بسوس عام خمسة وستين وألف هجرية الموافق لــ 1645م،ومنهم من يرجع موضع ولادته بتافيلالت بالقصر المعروف بأمجار، وذهب بعضهم ومنهم المؤرخ الضعّيف أنّه ولد عام وقعة القاعة وقد فرح به أبوه فرحا شديدا لأنّه رزق به على حين كبر وسمّاه إسماعيل .          أمّا أمّه فيذكر مؤرخ الدولة العلوية الشهير مولاي عبد الرحمان بن زيدان (ت 1946م ) صاحب كتاب "المنزع اللطيف في مفاخر المولى إسماعيل بن الشريف" أن والدة السّلطان مولاي إسماعيل هي مباركة بنت يرك المتوفاة سنة 1078هـ/1668م  وضريحها بفاس بالمغرب ومباركة بنت يرك حرطانية لأولاد ديمان أهدوها لأبي دميعة السّملالي مؤسسس مدينة إيليغ عاصمة الإمارة السّملالية الودايا بمنطقة إيليغ كانت ضمن النّساء اللواتي يمتلكهن "أبو حسون السّملالي" وقد أهدى أولاد جرار إلى المولى "علي الشّريف" أمة تساعده وتأخذ بيده في حبسه وتقوم على شؤونه.ويرجح أنه تزوّج بهذه الأمة، وأنجب منها ابنه إسماعيل.          يرجع نسب المولى إسماعيل إلى الأشراف العلويين، من سلالة علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه -وفاطمة الزهراء،فكان قدوم جدّه الأوّل الحسن بن القاسم من الحجاز من مكان يسمى ينبع النخل، به عيون كثيرة يقال أن عددها مائة وستون عينا، ويبعد عن المدينة المنورة مدة أربعة أيام واستوطن سجلماسةفي عهد الدولة المرينية، وسبب قدومه أن ركب الحجيج المغربي، كان يتردد على الأشراف هناك، فطلب المغاربة من الحسن بن القاسم المجيئ معهم، ومنهم أولاد البشري وأولاد المنزاري وأولاد بن عاقلة وأولاد المعتصمي وصاهره منهم أولاد المنزاري وقد عرفوا كذلك بالشّرفاء السّجلماسيين تولى مولاي الشّريف بن علي(1589-1659) زمام الحكم في المغرب إلاّ أنّ زعيم السّملاليين أبا حسون (بو دميعة) ثار ضده فقبض عليه وسجنه،فقام ابنه المولى محمد بن علي الشريف السجلماسي (1635-1664م) -يطلب الحكم لنفسه،في حين كان أبو حسون قد أطلق سراح الشّريف بن علي من محبسه، وتذكر المصادر التاريخية أنّ المولى الشّريف بن علي كان زاهدا في الحكم، وقد تولى ابنه محمد الطامح للحكم زمام المبادرة في ذلك .

2-صفاته:   

  وصفه محمد الضعيف الرباطي بقوله:« أدم اللون،أكحل العينين،أجعد الشعر،معتدل القد،ليس بالطويل،أشيب كأن لحيته من بياضها قطعة ثلج،سميح الوجه،كريم اللقاء ،حسن العفو ،حليما متواضعا في ذات الله تعالى، مكرما للصلحاء،موثرا لهم،مرفعا للعلماء مقربا لهم،أجرى عليهم الأرزاق من بيت المال طول أيامه،فصيح اللسان،ذاكرا للتواريخ وأيام الناس،نافذ الرأي ذو حزم وسياسة وشجاعة » وكان له اهتمام عظيم بالشّؤون الإسلامية،متدينا، متقشفا في حياته، يستفتي علماء عصره في جلائل الأمور، خصوصا الشيخ أبو السّعود الفاسي.

3- بيعته :   

 لما توفي مولاي الرشيد سنة 1672م م كان المولى إسماعيل واليا على فاس،وبويع سلطانا على المغرب في السّاعة الثانية من يوم الأربعاء السّادس عشر من ذي الحجة من سنة 1082ه /16 من أفريل سنة 1672م، وحضر بيعته أعيان المغرب،وصلحاؤه،سوى أهل مراكش حيث أن ابن أخيه أحمد بن محرز لما بلغه خبر موت عمه الرشيد،أسرع إلى مراكش وطلب من أهلها مبايعته ولتفّ حوله جماعات من ذوي الأغراض خصوصا من أهل سوس وكان عمره آنذاك ستّا وعشرين سنة

4- أقوال المؤرخين الغربيين فيه :    

  اختلفت نظرة الكتاب الغربيين في شخصية المولى إسماعيل، فمنهم من وصفه بالحزم وعلو الهمّة والتّمسك بالدّين، ومنهم من وقف موقفا ناقدا لحياته، واتهمه بالدموية، والجور، والتّعسف، خاصة في معاملته للأسرى المسيحيين في المغرب،يقول عنه بما يمكن ترجمته "سان ألون" سفير الملك الفرنسي لويس الرابع عشر في رسالة وجهها لملكه المذكور قال فيها:« أماّ أخصّ أوصافه فهو الاعتقاد الراسخ في الدين،لا تأخذه في الدين لومة لائم،مستحضر لآي القرآن في كثير من أحواله ومضحيا بنفسه في سبيل نشر الدين،وعلو كلمته،وبالجملة فإنه لم يظهر ملك ذو قوة وثبات على وصول الدين مثل مولاي إسماعيل منذ قرون،مطلع على العلوم الدينية متفقه مستحضر لمسائلها الأصلية يتمذهب بمذهب مالك،يصوم زيادة عن رمضان شهرين في العام،وما شرب قط مسكرا في عمره،ويعتمد على الله في سائر أحواله وإذا دخل في الصلاة توجه بكليته إلى ربه،ويتجرد من نخوة الملك وحلته ويطلب من الصلحاء والحجاج والعلماء الإكثار من الدعاء له بظهر الغيب...» وذكر هنري دوكاستري في كتابه "مولاي إسماعيل وجاك الثاني" يردّ على أولئك الذين اتهموا مولاي إسماعيل بالقسوة، والدموية،من رجال الافتداء، والقساوسة، بقوله:«إننا نجد أشياء خالية عن كل حجة تناقلتها الأفكار بأوروبا مما كان يقاسيه الأسارى من النّصارى عن مولاي إسماعيل من الشّدة مع أنه لم يكن يعاملهم بأكثر مما يعامل به غيرهم من الجناة و إننا لم نجد ما يعتمد فيما نسبوه إليه إلا ما نقله الأوروبيون في تواريخهم وخصوصا رجال الدين منهم، وذلك بعيدا عن الصحة فإنهم كتبوا ذلك بدون تروّ ...» كما وصفه صاحب كتاب تاريخ المغرب المطبوع بباريس سنة 1921م:«إنّ مولاي إسماعيل قام بأمر عظيم يمكن أن نشبهه بأعاظم ملوك تاريخ فرنسا...»       وفي المقابل، هناك من اعتبر مولاي إسماعيل، شخصية شديدة ودموية، فقد قتل زهاء 36ألف شخص بيده في الستة والعشرين سنة الأولى من حكمه فقد وصفه الأسير مويط بقوله:« طويل شيئا ما، حسن الملامح، ذو لحية طويلة، ومتفرعة قليلا ونظره الذي يبدو عذبا إلى حدّ لا يدل على إنسانيته، بل بالعكس إنه شديد قاس إلى درجة أن رعاياه يقولون إنه لم يسبق لهم أميرا يضاهيه ...» بينما ذكر سفير الملك الفرنسي لويس الرابع عشر بيدو دوسانت أولو( pidou desaint Olon)  عندما زار المغرب سنة 1694م،إلى أنّ مولاي إسماعيل قتل في حدود عشرين يوما أو واحد وعشرين يوما، سبع وأربعين شخصا،أمّا دومينيك بوسنا( dominique busnat) فقد أعطى تفاصيل أكثر سنة 1764م،حول هذه القسوة فقال:« إنّ مولاي إسماعيل عندما يلبس الملابس الصّفراء،فإنّه يقتل الكثير من البشر»ومما سبق نستنتج أن الأوروبيين نسبوا لمولاي إسماعيل أخلاق القسوة والعنف والبطش والتمثيل والتنكيل، لغير سبب مقنع أو أدلة قاطعة، و أوعزوا ذلك  إلى نفسية المولى إسماعيل المتعطشة للدماء  كما وصفوه، وهذه الدعاوى والاتهامات ترقى للحقيقة التاريخية، إذ أنّ هؤلاء صدقّوا أقوال الأسرى من أبناءجلدتهم ،الذين كانوا يعاملون معاملة  ذلك العصر المبنية على الشّدة،ولكن هذه الشدّة لا تزيد على التي كان يعامل بها الأسرى المسلمون عند النّصارى ففي إسبانيا كان يباح قتل الأسرى وتعذيبهم،وحلق شعورهم ولحاهم،ولا يسمح لهم بلبس النّعال إلاّ من اعتنق النّصرانية أمّا عملهم فكانوا يوضعون صفوفا في السّفن، بعضهم فوق بعض ويربطون بالسّلاسل والقيود، وكل واحد قابض على طرف من المجداف الطويل، عليهم رقباء يحملون العصي والسّياط قال:عن هذه الحالة المؤرخ الفرنسي إرنست لافيس"ernest lavisse" (1842م/1922م):« إنّ هذه القساوة لا مثيل لها في تاريخ الرق أبدا»هذه المبالغة في وصف المولى إسماعيل بالشّدة تجانبها الموضوعية التّاريخية التي كانت من الضّرورة أن تكون عند المؤرخ قبل غيره من الكتاب.فهل دفاع السّلطان عن ملكه ورعيته ، هو في نظر الغربيين شدة وجور وقسوة ودموية ؟5 -جهوده في توحيد المغرب :  

   كان المغرب قبل قيام الدولة العلوية موزعا بين الثوار والنصارى،وكان مطمعا لكل طامع،بسبب الفوضى والتفكك الذي عرفه المغرب بعد وفاةأحمد المنصور الذهبي،وبعد اعتلاء مولاي إسماعيل العرش سنة 1083هـ/1672م عمد إلى تقوية المغرب وتوطيد أركان الدولة،ومن هذه الجهود:

- إنشاؤه لجيش عبيد البخاري:

هو من أهم الفرق العسكرية، و قد أطلق عليه المولى إسماعيل اسم عبيد البخاري الذين تمّ تجنيدهم من أجل محاربة المعارضين للحكم، فكوَّن المولى إسماعيل منهم أوّل فيالق جيش البخاري وعنهم تفرع جيش ضخم العدد ومحكم التّدريب، ويتركب الجيش الإسماعيلي من ثلاث فروع رئيسية هي: عبيد البخاري، ويمثلون القوات الأساسية، ثم قبائل الكيش التي أصبح دورها ثانويا بالقياس لعبيد البخاري، ثم الفرق المجندة من المدن والقبائل ومن المجاهدين.وهكذا عزز السّلطان جيش عبيد البخاري بتجنيده للعبيد المتفرقين في المدن والبوادي الذين لعبوا دور الإنكشارية في الجيش التركي، ونظّم حملات على تمبكتو لجلب العبيد من السّودان،كماجمع الحراطين من مختلف القبائل والمدن، وأدمجهم في جيش البخاري، وبهذا تكوّن جيش معزول عن كل فئات المجتمع المغربي،ولاؤه الوحيد لشخص السّلطان،وكان عليه أن يضمن جباية الضرائب، ومراقبة الطرق التجارية، وحماية الدولة من المتمردين والأعداء، وتوسيع نفوذها وتحقيق مركزيتها،دون الاعتماد كثيرا على التّحالفات أو الحكم القائم،مقابل الحصول على امتيازات،فتشكل جيش قدر عدده بمائة وخمسين ألف مقاتل.

- إنشاؤه لجيش الودايا:    

   وطّد المولى إسماعيل دولته وحفظ الأمن فيها وكوّن لنفسه قوة عسكرية ضاربة  من القبائل التي يثق في ولائها،  ومنها قبائل الودايا، وهي عادة جرى عليها سلاطين المغرب بدء من المرابطين الذين اعتمدوا على القبائل الصنهاجية، والموحدون اعتمدوا على قبائل مصمودة، وقد تفرقت قبائل الودايا بعدما تفككت الدولة السّعدية  ودخل المغرب الأقصى فترة الفوضى، إرتأى المولى إسماعيل أن يجمع شتاتهم من جديد، ويستغلم كعساكر لتدعيم أهدافه في المغرب فكلف شخصية منهم تسمى أبو شفرة الودي فجمع منهم جيشا ونقلهم إلى عاصمته مكناس ثم ضم إليهم الشّابانات الذين كانوا بفاس وأسكنهم جميعا بمكان يعرف بالرياضوقد تكونت وحدات الجيش الإسماعيلي من الطبجية أي رجال المدفعية  والذين كانوا يرابطون في فاس وفي المغرب الشرقي، وكانت وحدات هذا الجيش تستعمل المدافع التي كانت تصنع في المغرب بعد تذويب النحاس،ثم سلاح المنجنيق وآلات الحصار وقد استعمل الجيش الإسماعيلي السّلاح الناري

ب- القضاء على الثورات والتمردات:

- إنهاء تمرد الفاسيين في جمادى الثانية 1084هـ/1673م:    

 يعود سبب تمرد أهل فاس عن سلطة المولى إسماعيل إلى القرار الجريء الذي اتخذه المولى إسماعيل، والمتمثل في استبدال فاس بمكناس عاصمة لملكه،بالرغم من أن المصادر التاريخية لم تبين لنا بشكل واضح سبب هذا التغيير فالناصري يعيد السّبب  إلى ما تتمتع به مكناس من جمال الطّبيعة وحسن الهواء،حيث قال ما نصه:«اختصت مكناسة بطيب التربة وعذوبة الماء وصحة الهواء وسلامة المخزن من التعفن...»وهناك من يرى ويعزو هذا التّغيير إلى نقل المولى إسماعيل للأسرى المسحيين لتشغيلهم بمدينة مكناس.ولذلك ثار أهل فاس،والتي تميزت ثورتهم بالشّدة والاتساع ؛حتى أنه كان من نتائجها قتل القائد بن زيدان العامري ومما زاد في توتر الوضع وتفاقمه، اتصال أهل فاس بأحمد بن محرز الطّامع في الملك لتأييده، حين ذاك وجه مولاي إسماعيل حملة إلى فاس وحاصرها ليستسلم أهلها بعد ذلك ويطلبون العفو والصّفح من السّلطان، وقد وافق على ذلك، وكان قد بعث إليهم برسالة جاء في الرسالة:« أهل فاس وهم عمدة أهل فاس وأما غيركم فما ثمّ إلاّ الدجاج الأبيض ومن لايعد لافي العير ولا في النفير من البلديةوغيرهم واليوم غطيتم رؤوسكم ورجعتم إلى الحرث والفلاحة وسلمتم الكلام للبلديين...ورضيتم والخمود والمهانة وأولاد الروسي يأكلونكم بالتبهبيرة...».

-القضاء على ثورة الخضر غيلان 1084هـ/ 1673م: 

    كان الخضر غيلان من أمراء البحر المجاهدين ضد السّفن المسيحية،وارتبط بصلات ودّية وصداقة و تحالف مع حكام الجزائر وقد عاد من الجزائر إلى موطنه الأصلي بتطوان وبحوزته اثنا عشرة سفينة حربية بقيادة مصطفى باشا رايس أمير البحر الجزائري، واتصل الخضر غيلان بمؤيديه في شمال المغرب ،وكان على المولى إسماعيل أن يواجه هذا الموقف بكل حزم وعزم، بالرغم من تعدد خصومهوقوتهم العسكرية، لكنّه تمكن من ضربهم الواحد تلو الآخر،فأسرع إلى مواجهة قوات الخضر غيلان وتمكن من قتله في أرض المعركة  يوم الأحد العشرين من جمادى الثانية من سنة 1084هـ/ 1673م،ليتم له السّيطرة على الجزء الشّمالي من المغرب.

-إخماد ثورة أحمد الدلائي1091هـ/1680م:   

  اتّخذ أحمد الدلائي من خروج السّلطان إسماعيل من العاصمة وانشغاله بحرب ابن أخيه أحمد بن محرز في مراكش، فرصة اشتعال نار الثورة،فبعث إليه المولى إسماعيل جيشا من ثلاثة آلاف مقاتلا، تحت إمرة القائد يخلف، لكن أحمد الدلائي استطاع هزيمته ونهب محلته وخيله،ثم بعث له فرقة أخرى لقيت نفس المصير وفي مكان يسمى وادي العبيد التقى الفريقان في معركة فاصلة، كان النّصر فيها للمولى إسماعيل، فالتجأ أحمد الدلائي إلى جبال آيت يسري،وفيها توفي يوم الخميس 21محرم 1091هـ/23فبراير 1680م .

- إنهاء ثورة الصّحراء:   

  وكانت هذه الثورة قد ظهرت على يد الأمير الحران أخ السلطان واستطاع مولاي إسماعيل أن يقضي على هذه الثورة ويعفو عن أخيه الحران بعد أن أعطاه ما يكفل له العيش في الصحراء عزيزا،لكن الحران ما لبث أن عاد إلى الثورة ضدّ أخيه مستعينا بأخويه هاشم وأحمد فتوجّه إليه مولاي إسماعيل على رأس جيش قوي من الرماة سنة 1089هـ/1678م ،وبعد حرب دامية خسر فيها المولى إسماعيل عددا كبيرا من عساكره، بعدما صادف جيش المولى إسماعيل في طريقه عاصفة قوية من الثلج في مكان يسمى ثنية الكلاوي.

- إفشال تمرد ابنه محمد العالم 1116هـ/1703م:   

   عين المولى إسماعيل ابنه محمد المدعو العالم واليا على إقليم السوس جنوب المغرب، وزوّده بألف فارس إلا أن محمد العالم طمع في الحكم، ودعا لنفسه، وزحف على مراكش وحاصرها في رمضان، وفي العشرين من سنة 1114هـ/1702م قام باقتحام مراكش وأعمل فيها القتل والنهب وبحلول سنة 1116هـ/1704تمكن السّلطان من هزيمته والقبض عليه،وقطع يده ورجله من خلاف.تطبيقا لحد الحرابة في الإسلام مصداقا لقوله تعالى:« إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».  وقد ثار الأسير عن حراسه ومزق الأربطة، والضّمادات،وظل الدم ينزف منه، وكأنّه أراد التخلص    من حياته قبل الوصول إلى حاضرة أبيه المولى إسماعيل،وقد توفي محمد العالم في الطريق قبل أن يقابل أباه في مكناسة

-شهادة المؤرخ بن الطّيب القادري في مولاي إسماعيل:   

  وصف القادري حكم المولى إسماعيل بقوله:«كانت أيام المولى إسماعيل رحمه الله أيام أمن وعافية للرايح والغادي،والحاضر والبادي عدا من تقدم له أو لآبائه تلصص أودخول في فتن،فكان عليهم شديدا وخلاصهم منه بعيدا،فقطع بذلك دابر جميع اللصوص وعلت فيها مراتب أهل الجاه والخصوص،كل منزل في محله وكل ذي أصل رجع إلى أصله،فكثرت العمارات في كل موضع،وأخمدت الشّرور،وتتابع الرخاء،وكثر العلماء والصّلحاء،وشمخ ملكه وطلع سعده بالنّصر والتمكين حتى دار فلكه».      فالمؤرخ بن الطّيب القادري في شهادته هذه في حق مولاي إسماعيل، يعتبر أيام حكمه خيرا وعافية على المغاربة، فقضى على قطاع الطرق، وأرسى السلم في أنحاء المغرب، ونشطت في عهده الحياة الفكرية، والثقافية والحضارية.

- وفاته:  

*     تميزت معظم فترة حكم المولى إسماعيل بالأمن والضبط،وقد عمّر طويلا حتى أن أولاده كانوا يطلقون عليه نعت "الحي الدائم"،وقد ذكر الناصري في الإستقصاء أن الحكم لم يعمر فيه أحد من ملوك الإسلام، سوى اثنين، وهما المستنصر العبيديحاكم مصر الذي دام حكمه ستين سنة، والمولى إسماعيل الذي مكث فيه سبعا وخمسين سنة. وفي غضون سنة تسع وثلاثين ومائة وألف،مرض المولى إسماعيل مرض موته،وتوفي يوم السبت الثامن والعشرين من رجب سنة تسع وثلاثين ومائة وألف،الموافق لـــــــــسبع وعشرين وسبعائة وألف ميلادية، ودفن بضريح الشّيخ المجذوب في مدينة مكناسة.وتذكر المصادر التاريخية أن المولى إسماعيل لم يعهد لأحد من أولاده بالحكم بعده،بحيث أخذ بنصيحة العالم أبي العباس اليحمدي الذي قال له:« أنه لا ولد لك تقلده أمر المسلمين».

المصادر والمراجع:

- الريفي عبد الكريم بن موسى:زهر الأكم،دراسة وتحقيق آسيةبنعدادة،مطبعة المعارف الجديدة،الرباط،1992.

-الزياني أبو القاسم أحمد:تحفة الحادي المطرب في رفع نسب شرفاء المغرب، تقديم وتحقيق رشيد الزاوية، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية 1429هـ/2008م.

-الترجمان المعرب عن دول المشرق والمغرب،ترجمه للفرنسية هوداس،المطبعة الوطنية،باريس 1882م.

- جمهرة التيجان وفهرسة الياقوت واللؤلؤ والمرجان في ذكر الملوك وأشياخ المولى سليمان،تقديم وتحقيق عبد المجيد حيالي،ط1،دار الكتب العلمية،بيروت لبنان2003 م.

- البستان الظريف في دولة أولاد مولاي الشريف،دراسة وتحقيق رشيد الزاوية، ط1، مركز الدراسات والبحوث العلوية، مطبعة المعارف الجديدة،الرباط.

-الضّعيف محمد الرباطي:تاريخ الضّعيف(تاريخ الدولة السعيدة)،تحقيق أحمد العماري،ط1،دار المأثورات الرباط 1986.

-الغساني محمد الأندلسي:رحلة الوزير في إفتكاك الأسير، تحقيق نوري الجراح، ط 1،دار السويدي، أبو ظبي  2002.

-مويط جرمان:رحلة الأسير مويط،تعريب محمد حجي ومحمد الأخضر،وزارة الثقافة المغربية،دار المناهل للطباعة والنشر،المغرب 1990م .

-اليفرني محمدبن عبد الله الصغير:روضة التعريف بمفاخر مولانا إسماعيل بن الشّريف،ط2، المطبعة الملكية

- نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي،تحقيق عبد اللّطيف الشاذلي،ط1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء المغرب 1998.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة