الموريسكيين في الجزائر
الموريسكيين في الجزائر
مقدمة
- أسباب هجرة الأندلسيين نحو بلاد المغرب
1- هزيمة العقاب وانهيار الحكم الموحدين
2- سقوط الحواضر الإسلامية
- مراحل الهجرة الأندلسية ومناطق الإستقرار
1- المرحلة الأولى (ق2 - 3ه / ق 8 – 9م)
2- المرحلة الثانية (ق 5 – 7ه / ق11 - 13م)
3- المرحلة الثالثة (ق7 – 9ه / ق13 – 15م)
- تأثير الهجرة الأندلسية على بلاد المغرب
1- في المجال الثقافي
2- المجال السياسي
3- المجال الإقتصادي
4- المجال الإجتماعي
خاتمة
المصادر والمراجع
مقدمة
شهد المغرب الأوسط خلال العصر الوسيط وافدًا جديدًا ساهم بقدر كبير في إثراء البنية الاجتماعية والتأثير بشكل واضح في شؤون الحياة والسياسة، بحكم الانفتاح الذي أبداه سلاطين الدولة الزيانية في مجتمع لا يؤمن بالعصبية والتميز ولا يحتكم لعادات وتقاليد ملوكية، يتعلق الأمر بالأندلسيين، كقوة اجتماعية مسيطرة مرابطية كانت أم موحدية، وبصرف النظر عن الأصول الأولى لهذه الجماعة عربية كانت أم بربرية أم من السكان الأصليين الذين أسلموا فاندمج أحفادهم في المسلمين، أم العبيد الذين أُعتقوا فغدوا جزءًا من مجتمع أسيادهم الأولين بالولاء، فقد تواجدوا في المغرب الأوسط منذ القرن الثاني الهجري، وازدادوا كثافة في مجتمع المغرب الأوسط مع نهاية القرن الثامن وطيلة القرن التاسع للهجرة، خاصة بعد حروب الاسترداد التي استهدفت معاقل المسلمين، ولقد كان هؤلاء الوافدون من أهل الأندلس أصحاب مال وصنائع وثقافة، تفوقوا على سواهم في العلوم بصفة عامة وفي الفنون والآداب بصفة خاصة، ونالوا مكانة متميزة في الوسط الاجتماعي.
شكل موضوع الجالية الأندلسية الموريسكية في العقود الأخيرة اهتماما خاصا من قبل المؤرخين المغاربة، إن لم نقل علما قائما بذاته (الموريسكولوجيا)، هو اختصاص دقيق في مضامينه وفروعه، حتى بات هذا الاختصاص مجالا للأبحاث والدراسات الأكاديمية والمساهمات العلمية من قبل الباحثين والمختصين.
من هذا المنطلق سنحاول أن نتحدث عن جانب مهم ذي صلة وثيقة بالظاهرة محل الدراسة ضمن ما يعرف بالعنصر الأندلسي الوافد ضمن مكونات مجتمع المغرب الأوسط في سياقه التاريخي ومجاله الجغرافي، وسنحاول تتبع حركات الهجرة الأندلسية إلى المغرب الأوسط عبر الزمان والمكان مبرزين الظروف والأسباب الحقيقية وراء ذلك، مع توضيح أهم النتائج والتأثيرات التي خلفها الأندلسيون في مجتمع المغرب الأوسط في شتى المجالات.
- أسباب هجرة الأندلسيين نحو بلاد المغرب
1- هزيمة العقاب وانهيار الحكم الموحدين
أ. هزيمة العقاب: هي المعركة التي شهدت انكسار جيوش الدولة الموحدية الُمروّع، هذه المعركة التي يسميها النصارى (لاس نافا سدي تولوسا)، ويسميها المسلمون بمعركة العقاب – بكسر العين- أو حصن العقاب[1].
دارت المعركة بتاريخ الإثنين 15 صفر 609 ه / 16 يوليو 1212م بين المسلمين والنصارى، وهذا ما اتفقت عليه أغلب الروايات الإسلامية والنصرانية كذالك[2].
وقد جمع النصارى قوات هائلة لم يسبق أن اجتمعت لحرب المسلمين، فقد كان فيها ملوك قشتالة وليون ونافار وأرجون ومعظم كبار فرسان اسبانيا النصرانية، بالإضافة إلى القوات الألمانية والفرنسية والبرتغالية[3].
وقد أسفرت هذه المعركة الطاحنة عن هزيمة قاصمة وخسائر مهولة في صفوف الموّحدين، إذ قتل منهم خلق كثير لا يحصى تجاوز عشرات الألوف، وفنيت جيوش المغرب والأندلس حتى أن الإنسان بعدها كان يجول في المغرب والأندلس فلا يجد شابا قادرا على القتال.
ولقد تركت هذه الهزيمة القاسية آثارها البليغة على بلاد المغرب والأندلس، وعلى الدولة الموحدية نفسها.
فأما الدولة الموحدية، فقد شكلت بداية فصل جديد – وهو الأخير- في حياة تلك الإمبراطورية المترامية الأطراف، التي استطاعت جمع بلاد المغرب والأندلس تحت راية واحدة، وسرعان ما طفت الصراعات الداخلية حول أحقية الكرسي، مما حوّل بلاد المغرب والأندلس إلى مسرح المواجهات الدموية.
أما بلاد المغرب فقد فقدت زهرة شباب رجالها ومُقاتليها المنحدرين من تلك القبائل البربرية التي كانت تمثل خزانًا فعالا يموّل العلميات العسكرية فيما وراء البحر، وعجزت بذالك الدولة الموحدية أن تجدد العهد مع تلك الحملات المتوالية[4].
وأما في الأندلس فقد شكلت هزيمة العقاب سببًا رئيسيا لتقهقر الإسلام فيها بصورة مروّعة وعلى الرغم من ذالك استمرت دولة الموحدين لفترة من الزمن، إلا أن معركة العقاب كانت بمثابة النهاية الفعلية لدولة الموحدين، بل وللعرب والمسلمين في سائر الأندلس ما عدا منطقة غرناطة وما حولها من الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة الإيبيرية[5].
وسرعان ما شجعت هذه الهزيمة النصارى فاندفعت على إثرها حركة الإسترداد[6] ونشطت نشاطا لم تشهده من قبل، وتكالبت على قواعد الأندلس قوى النصرانية وإزداد ضغط الممالك الإسبانية المسيحية على ثغور المسلمين وحواضرهم في الأندلس[7].
لقد تمكن النصارى في الأيام الأولى لنصرها الكبير ذاك من الإستيلاء على مدينتي بسطة وباغو وما جاورها من القرى والحصون، وقتلوا الرجال وسبوا الذرية، كما استولى ألفونسوا الثامن ملك قشتالة، على غنائم هائلة من أموال ومتاع المسلمين، ثم قصد بياسة وأبذة، فأما بياسة فوجدها أو أكثرها خالية فحرق أدرؤها وخرب مسجدها الأعظم، ونزل على أبذة وقد اجتمع فيها من المسلمين عدد كثير من المنهزمة وأهل بياسة وأهل البلد نفسه، فأقام عليها 13 يوما ثم اقتحمها عنوة فقتل وسبى وغنم وعاد هو وأصحابه، فكانت هذه أشد على المسلمين من الهزيمة.
ب. انهيار الحكم الموحدين في الأندلس:لم تكن هزيمة العقاب في الواقع إلا نذيرا بانحلال الدولة الموحدية وانهيارها، لاسيما في بلاد الأندلس الفسيحة ناهيك عن بلاد المغرب، فسرعان ما تورط أبناء البيت الحاكم في الخصومات والنزاعات حول من يمتلك الحق في الحكم في هذا البناء المتهاوي المسمى بالخلافة، وانتزى السادة بنواحي الأندلس كلٌ في عمله وضعف ملكهم بمراكش ودخل الوزراء وأشياخ الموحدين هذا الصراع، فصاروا يولون ويعزلون حسب ما تقضيه مصالحهم وأطماعهم المتعلقة بالحكم والنفوذ، بل وتورطت الطبقة الحاكمة إلى أبعد من ذالك من خلال الإستعانة بالنصارى على بعضهم البعض وإسلام حصون المسلمين إليهم[8].
وقد أفرز عن هذا الوضع المتعفن والخطير نتائج خطيرة ووخيمة، لم يكن أولها سفك الدماء لأجل تولية خليفة أو عزل آخر، والذين كانوا في أكثرهم من الصبية القصر أو الفتيان أو غير القادرين على الحكم في تلك الظروف الدقيقة، ولا آخرها ميل مجمل الخلفاء إلى السكون والإنغماس في الشهوات[9].
وهكذا "عمّ الإنحلال في جبهات سياسية وإدارية وعسكرية ورافق ضعف هذه الجبهات ثورات وفتن وتقلص في أراضي الدولة آل إلى سقوطها بعد أن انهار اقتصادها"[10].
2- سقوط الحواضر الإسلامية
لقد تعرضت بلاد الأندلس الإسلامية وحواضرها الشهيرة، خلال القرن السابع للهجرة - 13 ميلادي- ، إلى هجمات الممالك النصرانية الُمركزة، مما أدى إلى سقوط معظم قواعدها التالدة في نحو ثلاثين عاما (627ه – 655ه)، وذلك في سلسة مروعة من الأحداث والفتن والمحن.
وكانت النتيجة تقلص رقعة الدولة الإسلامية التي كانت قبل قرن فقط تشغل نحو نصف الجزيرة الإيبيرية[11] إلى رقعة متواضعة هي مملكة غرناطة.
وفي الوقت الذي انشغل به زعماء الأندلس المتناحرون بالصراع على الحكم، كان النصارى يسيرون وفق خطة محكمة لاحتلال أراضي الأندلس الجريح في ثلاث مناطق:
ü المنطقة الأولى: وجهتها غرب الأندلس ويسيطر على مصيرها ملك ليون ألفونسوا التاسع، بالإضافة إلى مملكة البرتغال الناشئة التي كانت تعمل على التوسع في هذه المنطقة على حساب الوجود الإسلامي.
ü المنطقة الثانية: وجهتها وسط الأندلس ويسيطر على مصيرها ملك قشتالة فرناندو الثالث – وهو ابن ملك ليون- وما لبثت المملكتان أن اتحدثا عقب وفاة ألفونسوا التاسع سنة 1230 م، وأضحت مملكة قشتالة بهذا الإتحاد أقوى الممالك الإسبانية وأوسعها رقعة وأغناها مواردا واستطاع فرناندو الثالث أن يحرز التفوق على المسلمين.
ü المنطقة الثالثة: اختص ملك أراجون بمصير الوجهة الثالثة وهي شرق الأندلس.
1) شرق الأندلس:
لقد كانت الناحية الشرقية الأندلسية أضعف نواحي الثغر منذ سقوط سرقسطة سنة 512ه/1118م، ورغم التماسك الذي بدا إلى حين تلك الجهة إلا أن تناحر الموحدين على الحكم عجّل بتصدعها النهائي، ورغم الإستقرار النسبي الذي لاح في الأفق مع ظهور ابن هود[12] في مرسية، إلا أن الحرب المفتوحة التي دارت رحاها بينه وبين المأمون الموحدي، قضت على كل أمل في الحفاظ على هذا الجناح الأندلسي المهم، وازداد الأمر سوءا بعبور المأمون إلى العدوة تاركا الأندلس لمصير مجهول.
ومع استقرار الأوضاع الداخلية للمملكة أراجون عمد ملكها (خايمي الأول) إلى السيطرة على أراضي الأندلس الشرقية، خاصة بعد انتهاء الحرب الأهلية التي اشتعلت في المملكة بين المتنافسين على العرش، بعد مقتل ملكها بيدرو الثاني –والد الملك خايمي الأول- في 610 ه / 1213م، وظل الصراع قائما إلى أن افتك خايمي الأول العرش سنة 624ه / 1127م.
وعمد هذا الملك الأراغوني بمباركة الكنيسة إلى تسديد أولى ضرباته الُمميتة إلى أهم حواضر المسلمين الشرقية ومنها:
ü جزر البليار (شمال الجزائر الشرقية): وهي جزر تقع شرق الأندلس، وتضم كلا من: ميورقة، منورقة، يابسة.
خرجت الحملة النصرانية قاصدة ميورقة في 14 شوال 624ه / 5 سبتمبر 1229م بقوات ضخمة ضمت 1500 فارس و20000 راجل و16000 من رجال البحرية[13]، وتواجه المسلمون والنصارى في قتال مرير، ثم ضرب الحصار الخانق حول المدينة، وكان الدفاع عشوائيا غير منظم مع تصدع الجبهة الداخلية تحت وطأة الخلافات والخيانات وهذا في أحلك الظروف، ولما اشتدت وطأة الضربات النصرانية، بعث والي المدينة[14] يعرض التفاوض لأجل التسليم مقابل السماح لأهلها بالخروج منها سالمين، وأن يخرج هو بأهله وولده إلى بلاد المغرب رفقة شروط أخرى، لكن النصارى الصليبيين رفضوا كله، وحينها استعدت المدينة للمواجهة الأخيرة الفاصلة وقد تُركت لمصير محتوم في غياب النجدة.
وفي يوم السبت 12 صفر 627ه / 29 ديسمبر 1229م اقتحم النصارى مدينة ميورقة والتحم المسلمون معهم في قتال مرير استمر لمدة يومين، ورغم صنوف الشجاعة التي أبدأها المسلمون إلا أن ميورقة سقطت بيد النصارى بعد قرابة أربعة شهور من الحصار.
ü بلنسية: وهي من أهم قواعد الأندلس الشرقية، بدأت الحملة النصرانية على بلنسية في أواخر سنة 631ه / أوائل سنة 1233م، وقد مثل سقوط أنيشة النذير بسقوط بلنسية وشرق الأندلس كله، فسرعان ما بادر النصارى إلى تنفيذ مخططاتهم وذالك من خلال الإستيلاء المتوالي والمنظم على جميع القلاع والحصون الواقعة حول بلنسية، وذالك بهدف إطباق حصار عليها، وبدأ الحصار فعلياً على المدينة في 15 رمضان 635ه/ أبريل 1238م واستمر إلى غاية 17 صفر 636ه/ أكتوبر 1238م.
وهكذا توالى سقوط قواعد الشرق بيد الأرجوانيين بالتعاون مع القشتاليين بعد بلنسية خلال أعوام معدودات، ومع ضياع شرق الأندلس أضحى المسلمون الذين آثروا البقاء تحت حكم النصارى مدجنين، تعصف بهم إرادة السادة الجدد وتسلبهم حقوقهم ومميزات شخصيتهم الإسلامية التي سرعان ما اندثرت واضمحلت[15]، ومع هذه الأوضاع اندفع المسلمون إلى النزوح اتجاه بقية قواعد الأندلس في الجنوب والوسط والغرب ومنهم من فضل المغادرة فعبر البحر نحو بلاد المغرب لاسيما الأوسط منه[16].
2) وسط الأندلس وغربه:
لقد شهدت هذه المنطقة الفسيحة من الأندلس، سقوط أهم الحواضر الإسلامية الباقية، وكان لذالك الأثر البالغ على بقاء المسلمين ومصيرهم ، بل إن حركة الهجرة إلى خارج الجزيرة تحددت ملامحها ووضحت أكثر من ذي قبل مع سقوط هذه المدن الكبرى، وكان مما ضاع في هذه الجهة:
ü قرطبة: لقد كان ملك قشتالة وليون فرناندو الثالث يطمح ويُمني النفس منذ أن وحد المملكتين بالإستيلاء على عاصمة الخلافة القديمة لمكانتها التاريخية والحضارية والعسكرية، وفي سبيل تحقيق هذه الرغبة عمد إلى اقتطاع أراضي المسلمين شيئا فشيئا مستغلا الحرب الأهلية بن ابن هود وابن الأحمر على الحكم، فصار يضرب أحدهما الآخر من خلال عقد اتفاقيات الهدنة، فإذا خلا لفرناندو الجو، لم يتأخر حتى يزحف بقواته المتحمسة على مدن المسلمين.
وقد تحرك النصارى صوب قرطبة في أواخر ربيع الثاني 633ه / أوائل سنة 1236، وتمكنت فرقة من الجند القشتالي – بخيانة بعض أهل المدينة- اقتحام إحدى مناطق قرطبة الخمسة والمسماة بالشرقية وذالك تحت جنح الظلام وهطول الأمطار، وسرعان ما سار الملك القشتالي بقوات ضخمة نحو المدينة وضرب الحصار الخانق حولها بغية الإستسلام[17].
ü اشبيلية: لقد عمل الملك القشتالي على إسقاطها بالإستيلاء على قواعدها الأمامية، نظرا لأهميتها الكبيرة والدلالة الرمزية التي تعنيها بحكم أنها كانت عاصمة للموحدين في الأندلس، وسدد النصارى خلال ذلك ضرباتهم صوب جنوب الأندلس –معقل بني الأحمر-، حتى أنهم حاصروا غرناطة نفسها، لأنها أضحت تؤوي وتستقبل الفارين من جحيم المعارك، فمن مُستقر ومغادر نحو المغرب الأوسط وغيره.
كما حوصرت جيان واشتد الخناق عليها، واضطر ابن الأحمر –رغبة في توطيد أركان مملكته المتواضعة وحمايتها من عدوان النصارى- لمصالحة الملك فرناندو الثالث سنة 643ه/ 1245م.
ونصت بنود الهدنة على الآتي:
- أن يحكم ابن الأحمر باسم الملك القشتالي مع أداء الجزية المقدرة ب 50000 مثقال من الذهب.
- تعهد ابن الأحمر بمعاونة الملك النصراني ضد أعدائه (من المسلمين) !.
- توفير قوة من الفرسان الغرناطيين لتنفيذ بنود الإتفاق.
كما سلم ابن الأحمر جيان المنيعة كعربون صدق ووفاء، وفي المقابل ينعقد الصلح عشرون عاما مع قشتالة التي يُقر ملكها ابن الأحمر على ما بيده من القواعد والحصون[18].
وتفرغ فرناندو الثالث عقب ذالك إلى الإستعداد الحثيث لإنزال ضربته المميتة بإشبيلية، ولم تأتي أواسط سنة 645ه/ 1247م حتى كان ملك قشتالة قد استولى على جميع الحصون الأمامية لهذه المدينة، وأسهم ابن الأحمر من جانبه بفاعلية في حصار المدينة ب 500 فارس غرناطي حسب بنود الإتفاق السابق[19]!.
ü غرناطة: يعتبر سقوط غرناطة حدا فاصلا بين الحضارتين، حضارة عربية إسلامية تصارع الموت لسنوات وحضارة غربية مسيحية تكتسح ما تعتبره دخيلا وتقذف به خارج شبه الجزيرة الإبيرية، وتعتبر أيضا مملكة غرناطة مكانة خاصة لدى الإسبان والعرب على السواء، فالإسبان اعتبره آخر حاجز في سبيل توطيد سلطتهم وتوحيد بلادهم ، واعتبره العرب مؤشرا واضحا لأفول سلطتهم لا بالنسبة للأندلس فقط ولكن حتى بالنسبة لمعاقلهم الأولى[20]، وظلت مملكة غرناطة لسنوات تصارع الموت، صامدة ضد هجمات المسحيين وهذا راجع لعدة عوامل نذكر منها:
- تماسك الجبهة الداخلية في المملكة، وتصميم رجالها على الدفاع عن حوزة بلادهم بتأييد من الفقهاء والعلماء.
- تنازع الممالك المسيحية في الشمال، إذ حال ذالك دون اتخاذ تدابير حاسمة ضد المملكة الإسبانية.
- مساعدة بني مرين و المجاهدين المغاربة عموما، إذ كانت هذه المساعدة تضفي الحيوية على العمليات العسكرية التي تقوم بها مملكة غرناطة.
لكن بمجرد اختفاء هذه العوامل بدأت مؤشرات السقوط تظهر في الأفق، فالبيت المالك أصبح منقسما على نفسه، ومملكة قشتالة وأراجون توحدتا وعقدتا العزم على اقتحام آخر معقل إسلامي بالمنطقة، والمغرب لم يعد قادرا على تقديم ما كان يقدمه من مساعدات بسبب أزماته السياسية والإقتصادية التي كان يمر بها آنذاك، وبذالك تبدأ مرحلة جديدة مختلفة جذريا عن المرحلة السابقة وأمام إصرار أهالي غرناطة على المقاومة سار فردناندو بداية عام 1492م بجيش قوامه مابين خمسين ألف إلى ثمانين ألف جندي ، وحاصر غرناطة لسبعة أشهر كاملة حينها تيقن أهلها أن المقاومة لا تجدي نفعا لذلك إضطر أعيان غرناطة إلى التفاوض مع الملك الإسباني فردناندوا سرا، إلى أن توصلوا إلى حل وهو تسليم غرناطة في محرم 897ه الموافق ل نوفمبر 1491 م[21] وبعدها بأيام دخل الملكان قصر الحمراء ومعهم الرهبان
وعلقوا الصليب معلنين بذلك نهاية حكم المسلمين بالأندلس، وبعدها رفع العلم الإسباني ونكس علم المسلمين، وكان ذالك في 02 جانفي 1492 م، وسيبقى ذالك التاريخ راسخ في أذهان المسلمين بالأندلس[22] .
- مراحل الهجرة الأندلسية ومناطق الإستقرار
يمكن أن نؤرخ للهجرة الأندلسية إلى المغرب الأوسط عبر مساره التاريخي وحواضره السياسية منذ القرن الثاني للهجرة/الثامن الميلادي، وإلى غاية قيام دولة بني زيان، التي تحملت الكثير في احتضانها لمسلمي الأندلس في ظل ظروف وأسباب متميزة، من خلال ثلاث مراحل أساسية:[23]
1- المرحلة الأولى (ق2 - 3ه / ق 8 – 9م)
كان تردد العنصر الأندلسي على المغرب الأوسط بشكل ضعيف خلال القرون الخمسة الأولى، و يعود السبب في ذلك إلى غياب دواعي الاستقطاب، لاسيما المحفزات العلمية، وفرص العمل في وظائف هامة كالقضاء والتعليم والكتابة وغيرها، مقارنة بدول الجوار كالقيروان خلال العهدين الأغلبي والزيري، وفاس ومراكش خلال عهد الأدارسة، وفترة المرابطين والموحدين من حيث كونها من كبريات الحواضر في الغرب الإسلامي الأكثر استقطابا للأندلسيين، ورغم وجود تاهرت كحاضرة علمية إلا أن الاختلاف المذهبي حال دون التشجيع على ذلك، و أيضا رغم الازدهار الذي شهدته إمارة بني حمدون تحت حكم الفاطميين، فلم تشهد الإمارة استقطابا للعنصر الأندلسي، على غرار قلعة بني حماد التي لم تستطع أن تكسب رهان المنافسة مع القيروان وفاس.
لكن ابتداء من منتصف القرن الثاني للهجرة (2 – 3ه / 8 – 9م) وفي إطار التعاون السياسي والتجاري المشترك بين الدولة الأموية في الأندلس، والرستمية في المغرب الأوسط وبحثاً عن الأمن والاستقرار، ساهم عدد من الأندلسيين في إنشاء العديد من المدن والثغور على طول سواحل المغرب الأوسط والاستقرار بها ومن بين هذه المدن مدينة تنس التي أنشأت سنة (262ه / 875م) وأصبحت قاعدة تجارية هامة للسفن الأندلسية، وكذالك مدينة وهران يعود الفضل في بناءها إلى مجموعة من البحارة الأندلسيين(بسبب المرسى) بإجماع الجغرافيين العرب.
2- المرحلة الثانية (ق 5 – 7ه / ق11 - 13م)
يمكن أن نؤرخ لهده المرحلة من نهاية القرن الخامس إلى غاية القرن السابع للهجرة، حيث نشطت حركة الهجرة بشكل ملفت للانتباه، مقارنة بما كان عليه الوضع في المرحلة السابقة، وأخذ عدد المهاجرين الأندلسيين في تزايد ولو بشكل طفيف، و يعود السبب في ذلك إلى عدم الاستقرار السياسي في الأندلس وظهور أصوات انهزامية تنادي بالرحيل والهجرة من غير عودة،وبداية حركة الاسترداد التي تتزعمها الكنيسة.
لقد شرع الإسبان في تنفيد حروب الاسترداد المسيحي لطرد الوجود العربي الإسلامي من المنطقة[24]، بدأت هذه الحركة باستهداف مدن الأندلس وحواضرها، حيث كانت البداية بسقوط طليطلة (1085م) ثم تبعتها سرقسطة (1118م) فكانت ضربة قاسية للمسلمين، حيث شهدت الأندلس سقوطا متتابعا وسريعا لمدنها الشرقية والغربية خاصة بعد انهزام المسلمين في معركة العقاب، مما جعل سكان تلك المدن يتوجهون إما لغرناطة أو مدن المغرب الإسلامي وفي مقدمتها تلمسان ووهران بحكم القرب الجغرافي، إلى جانب مدن أخرى كبجاية، التي استوطنها عدد من الفقهاء الأندلسيين، نذكر من جملة هؤلاء العالم والفقيه ابن برطلة من أهل مرسية، وابن عصفور من أهل إشبيلية، وابن زاهر الأنصاري من أهل بلنسية، وابن الأبار أبو عبد الله، وابن محرز البلنسي الذي كان يمثل شيخ الجماعة الأندلسية.
3- المرحلة الثالثة (ق7 – 9ه / ق13 – 15م)
من أخطر المراحل التي ميزت تاريخ المسلمين في الأندلس حيث فتحت أبواب المأساة الحقيقية للمهاجرين الأندلسيين، إنها مرحلة المصير المحتوم للأندلس، ويمكن أن التأريخ لها من نهاية القرن السابع للهجرة إلى غاية سقوط غرناطة آخر معقل للإسلام والمسلمين بالأندلس.
شهد المغرب الأوسط خلال هذه الفترة ظروفا متميزة ساهمت في تزايد عدد المهاجرين الأندلسيين إلى حاضرة المغرب الأوسط ومدنها المجاورة، ويمكن أن نبرز ذلك في:
- استمرار الضغط المسيحي بقيادة ألفونسو الحادي عشر ملك قشتالة وليون، بدعم من ملك إنجلترا إدوارد الثالث وملك البرتغال ألفونسو الرابع، بتأييد من البابا كليمونت على ما تبقى من مدن الإسلام والمسلمين والحاق الهزيمة بجيش المسلمين في معركة (Salado) عند مضيق جبل طارق سنة (1342م) واحتلال الجزيرة الخضراء[25].
- استهداف ما تبقى من مدن الإسلام حيث سقطت مالقة سنة(1487م) وبسطة ووادي آش (1489م).
- فرض حصار شامل على غرناطة لمدة 7 أشهر (1490م) وتضييق الخناق على أهلها، وقطع الإمدادات لها، وتسليمها للملكين الكاثوليين: فرناندو وإيزابيلا، ودخولها سنة (1492) بموجب معاهدة سرية وأخرى علنية[26].
- رحيل أبي عبد الله محمد بن علي النصري (سلطان غرناطة) أبو عبد الله الصغير وعائلته رفقة 700 أندلسي مملكة غرناطة سنة (1493م) متجهين نحو مدينة فاس.
- إصدار مراسيم ملكية لنقض العهود والنصوص التي تضمنتها معاهدة غرناطة، والعمل على إنشاء محاكم خاصة عرفت بمحاكم التفتيش لمعاقبة ما تبقى من الموريسكيين وإرغامهم أما على الهجرة أو التنصير.
- صدور عدد من الفتاوى الفقهية نذكر منها فتاوى أبي العباس الونشريسي التلمساني والتي عنونها بـ "أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر، وما قد يترتب عليه من العقوبات والزواجر" تحرمّ على الموريسكيين موالاة الكفار ومسالمتهم والإقامة بأرض الكفر (الأندلس) وتطالبهم بالهجرة إلى أرض الإسلام ببلاد المغرب[27].
- تأثير الهجرة الأندلسية على بلاد المغرب
1- في المجال الثقافي
كان تأثير الجالية الأندلسية في المجال الثقافي أهم وأشمل من كان عليه في المجالات الحضارية الأخرى، وذالك راجع بالدرجة الأولى إلى كثرة المهاجرين المثقفين وكبار العلماء الذين أسهموا بفعالية في تغيير وجه البلاد الثقافي وأدخلوا الكثير من التغيير على الساحة الفكرية للمغرب الأدنى، حتى أصبح هذا الإقليم وغيره كتلمسان والمغرب الأقصى وريثا للعلوم الأندلسية، ومن أبرز الميادين التي مسَّها هذا التأثير بشكل واضح:
أ. ميدان التعليم: سبق وأن علمنا بأن مناهج التعليم قد اختلفت في كل من المغرب الأدنى والأندلس حيث كان التعليم في المغرب يقتصر عامة على تعليم القرآن الكريم، بينما اشتمل في الأندلس على علوم اللغة العربية وقواعدها وخاصة الخط، غير أنه وباشتغال المهاجرين الأندلسيين في مجال التعليم الإبتدائي في المغرب الأدنى بغرض الإرتزاق منه تغيرت طرق التعليم ومناهجه، ومما لا شك فيه أن الأندلسيين لتفوقهم الثقافي وانتشار المعرفة في صفوفهم كان الإقبال بل التهافت عليهم عظيما إلى حد جعلهم يحتكرون مهنة التعليم، وكانوا يزاولون مهنتهم هذه في المدارس والمدارس أما الذين لا يجدون مكانا في تلك المؤسسات الدينية والثقافية فيلجؤون إلى منازلهم ويخصصونها لاستقبال الطلبة.
وكانت نتائج الإحتكار إيجابية جدا إذ أدخلوا أساليب تربوية جديدة وأثروا في التعليم، وقد قوبلت منهجيتهم بالاستحسان ونشروها في البلاد وعمّموها.
ب. الحركة الأدبية: ومن بين المجالات الثقافية التي مسها التأثير الأندلسي أيضا الميدان الأدبي، فلقد انتقل إلى مدن المغرب الأدنى خاصة الساحلية منها جمعٌ من مشاهير الأدباء وأمجاد الشعراء أدوُّا دورا هاما في إثراء هذا المجال ونذكر من بين هؤلاء على الخصوص:
- أبو الحسن عيسى ابن أبي محمد ابن الحسين ابن دسيم البلسي المولود سنة 1218م والمتوفى بتونس سنة 1283م.
- أبو إلياس أحمد ابن القاسم ابن القصير الإشبيلي الأديب الشاعر الخطاط، كان معلما بإشبيلية ثم طنجة، تجول شرقا وغربا، ثم استوطن بتونس،عرف بصلاته مع رجال البلاط الحفصي وبالخصوص مع الوزير أبي الحسين العنسي، له في السلطان الحفصي المسنتصر ورجال دولته مدائح كثيرة.
- أبو الحسن علي بن موسى بن سعيد الغرناطي الفقيه الأديب الجغرافي، هاجر من الأندلس واستقر بتونس وله عدة مؤلفات أهمها: "القدح المحلى"، "المغرب في حلي المغرب"[28].
ت. المجال العلمي: لقد كان المجال العلمي حظ أوفر من التأثير الأندلسي فقد انتفع المغرب الأدنى بهروب الأدمغة إليه من الأندلس، ويعتبر الطب من أهم العلوم التي مسها هذا التأثير، والجدير بالذكر أن معظم الأطباء الذين احتشد بهم بلاط المرابطين والموحدين كانوا من ذوي الأندلسية وقد ساهموا في تطوير الطب وازدهاره بالمغرب،كما بذلوا جهودا جبارة في مجال اختصاصهم فقاموا بالتصدي للتطبيب ومعالجة العامة، كما درّسوا الطلبة في مجال قدرتهم على إجراء التجارب العلمية واستنتاج النتائج الطبية وصنفوا في ذالك كتبا عديدة[29].
ومن هؤلاء الأطباء الذين عملوا في مجال الطب: أبو العلاء زهر ابن أبي مروان[30] الذي توجه للعمل في البلاط المرابطي بدعوة من يوسف ابن تاشفين، ابن أبو العلاء زهر ابن أبي مروان الذي عمل في البلاط الموحدي الذي استدعاه عبد المؤمن بن علي إلى مراكش واتخذه طبيبا خاصا له.
وقد واصل الطب ازدهاره وتقدمه في عهد بني حفص بالمغرب الأدنى، ومن الأطباء الأندلسيين البارزين خلال هذا العهد:
- أبو العباس أحمد بن خالد (1262م) وهو من أهل مالقة نشأ بالأندلس وتعلم بمراكش ثم انتقل إلى بجاية ودرس بها كتاب"الإرشادات والتنبيهات" لابن سينا.
- أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد المعروف بابن أندراس (1273م) وهو الفقيه اللغوي الطبيب الشهير من أهل مرسية، ورد على بجاية سنة (1264م) فواضب على تدريس الفقه والطب واللغة العربية بجامعها كما مارس مهنة الطب لدى ولاة بجاية[31].
ث. المجال الفني والمعماري: لعل أعمق تأثير أندلسي وأخلده في المغرب الأدنى هو الذي حدث في ميدان الفن وخاصة الموسيقى، وقد كان العناية بهذا النوع من الفنون الشديدة بالأندلس وكان الشغف بها قويا في جميع المستويات والأوساط فلم تكن فنا فحسب بل كانت أيضًا علمًا متمِّمًا للفلسفة والطب وله صلة متينة بالأشعار وخاصة الموشحات والأزجال، والجدير بالملاحظة أن الموسيقى في بلاد المغرب لم تلق نفس الإهتمام مثلمَا لقيَّته في الأندلس وذالك راجع لتشدد المرابطين والموحدين من بعدهم في حرمة هذا الأمر، من رجال الدين الذين كانوا مناهضين لكل آلة من الآلات الموسيقية أمثال "المهدي بن تومرت" الذي حطم العديد من الآلات الموسيقية أثناء دعوته الإصلاحية، غير أن هذا لا ينفي وجود بعضها كالأبواق في المساجد خلال شهر رمضان، كما استعمل الطبل أيضا كأداة تنبيه لأغراض عسكرية، ورغم تلك الإحتزازات الدينية إلا أن الميل إلى الموسيقى في المغرب الأدنى كان منتشرا بما فيه الكفاية خاصة في المدن التي استقر فيها الأندلسيون اللاجئون إلى بجاية والكثير منهم استوطنها واستقر بها نهائيا فكان من نتائج هذا الإستقرار شيوع الفن الموسيقي الأندلسي بهذه المدينة حتى أصبحت مدينة شبيهة بإشبيلية في شغفها للموسيقى وانصرافها عن الطرب[32].
وفي مدينة تونس كذالك اهتم السلاطين الحفصيون بالموسيقى ومن مظاهر ذالك الإهتمام إلغاء السلطان فارس (1433م) ضريبة كانت مفروضة على الموسيقيين والمحترفين والمغنيات، كما كان كثير من سلاطين بني حفص يستمعون داخل قصورهم إلى بعض الجواري المغنيات والموسيقيين البارعين.
هذا عن الفنون الموسيقية أما فيما يخص الفنون المعمارية والهندسية فقد تأثرت هي الأخرى بالعناصر الأندلسية والمغربية وحتى المشرقية وإنه ليصعب في كثير من الأحيان التمييز بين التأثيرات الأندلسية والمغربية نظرا لما تتسم به من سمات مشتركة.
ومن مظاهر وملامح التأثير الأندلسي في العمارة الحفصية زاوية سيدي قاسم الزليجي بمدينة تونس المقامة في أواخر القرن 8ه / 14م والتي اقتبست مظهرها الأندلسي الرائع من خزفها وقبتها المبنية بالقرميد وهي ذات أصل أندلسي مغربي، ورغم ما تمت الإشارة إليه في التأثير الأندلسي في مجال العمران بالمغرب الأدنى إلا أنه يبقى أبلغ وأوضح في كل من المغرب الأوسط والأقصى، وهو ما تشهد عليه الآثار الباقية حتى الآن كمساجد تلمسان التي كانت آنذاك عاصمة الدولة الزيانية[33].
2- المجال السياسي
فيما يخص هذا المجال كان للأندلسيين دورا لا يستهان به وهذا منذ عهد الدولة الحمادية حيث استعمل هؤلاء في عدة وظائف نذكر على سبيل المثال: عائلة ابن حمدون في آخر عهد الدولة الحمّادية[34]، أما الدولة الموحدية فقد اعتمدت هي الأخرى على العناصر الأندلسية في الجوانب الإدارية وعلى نفس النهج سارت به الدولة الحفصية، فقد شجعت الأندلسيين على تولي الوظائف بعاصمتها أو الولايات التابعة لها، وذالك راجع إلى العدد الكبير من المثقفين والكتاب البارعين الوافدين عليها، وقد حاولت هذه الدولة أن تستفيد من خبرتهم من جهة وأن تجعل منهم أداة توازن تخفف بها ضغط شيوخ الموحدين من جهة أخرى، ومن أهم الوظائف الإدارية التي تولاها الأندلسيون:
أ. الحجابة: وجدت خطة الحجابة أو الوزارة في الأندلس منذ قيام الدولة الأموية بها، وكان منصب الوزير في بادئ الأمر يشبه في مدلوله ما كان سائدا في بقية أنحاء العالم الإسلامي، ولما تولى الأمير عبد الرحمن الثاني[35] الخلافة (822م – 852م) أعاد ترتيب الجهاز الإداري وأجرى تعديلات على الوظائف العامة، وفي عهد الخليفة عبد الرحمن ناصر (912م – 961م) ظهر لقب جديد وهو "ذي الوزارتين" والمراد به صاحب السلطتين المدنية والعسكرية.
أما في بلاد المغرب فالملاحظ أن الدول الإسلامية الأولى التي قامت به لم يظهر فيها هذا المنصب باستثناء دولة الأغالبة[36]، ولما دانت بلاد المغرب لسلطة المرابطين في عهد يوسف ابن تاشفين عمل على تطبيق النظام الإداري المتبع في الأندلس فأحدث منصب الوزير، وفي عهده وجد العديد من الأندلسيين في البلاط المرابطي ومعظمهم شغل منصب الوزير أو الكاتب.
أما بالنسبة للدولة الموحدية فقد أهملوا مناصب الوزارة في بداية أمر دولتهم ثم أولوه بعد ذالك أهمية قصوى، وقد شغل هذه الوظيفة عدد من الأندلسيين مثل: "ميمون الهواري" الذي استعمله الخليفة عبد المؤمن بن علي وكان فقِّيها من سكان قرطبة، كما استخدم أبا الحسن بن عياش وهو أيضا من أهل قرطبة، وعلى نفس نهج الدولة الموحدية سارت الدولة الحفصية فعيّنت المهاجرين الأندلسيون في مناصب الحجابة والوزارة ومنهم:
- الرئيس أبو عبد الله محمد بن أبي الحسين بن سيد الناس الذي أسندت إليه مناصب عدة ومنها الحجابة في عهد أبي زكريا الأول[37] (1228 – 1249).
- محمد بن محمد بن أبي بكر بن خلدون الذي عيّنه السلطان أبو إسحاق[38](1279 – 1282) حاجبا لابنه وواليه على بجاية أبو فارس وابن عمر الذي قدم من المرّية إلى بجاية وتولى الحجابة بها.
ب. الدواوين: وجدت الدوواين في الدول الإسلامية بهدف تنظيم أمور الدولة من جميع النواحي، ومن هذه الدواوين:
- ديوان الرسائل والإنشاء: الذي يختص بالمراسيم والرسائل الموجهة إلى الولاة والقضاة.
- ديوان المالية: الذي كان موزعا بين أربعة دواوين: ديوان الغنائم ونفقات الجند وديوان الضرائب وديوان الجباية وديوان الخراج.
- ديوان الجيش الذي كان يتفرع إلى ديوانين: ديوان العسكر الذي يختص بالجند النظامي والحرب والعبيد، وديوان التمييز: الذي يهتم بتنظيم المشتركين في المعارك المقبلة والتنسيق بين الكتائب المختلفة.
وقد اشتغل عدد كبير من المهاجرين الأندلسيين بهذه الدواوين نظرا لبراعتهم في الكتابة وإجادة بالشعر ومن هؤلاء نذكر:
- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي "ابن الآبار" ولد ببلنسية وهو بارع في اللغة والأدب وقد تولى قضاء دانية ثم تولى منصب الكتابة في بلنسية للرئيس أبو جميل زيان بن مردنيش ولمّا سقطت بلنسية (1238م) في يدي النصارى كن بجانب أميره وقام بتحرير شروط التسليم، ثم غادر الأندلس عبر البحر إلى تونس فقربه السلطان أبو زكريا إليه وولاه كتابة العلامة ثم أخذ يتردد بين تونس وبجاية يُدرس هنا وهناك.
- محمد الخير المالقي أديب وشاعر هاجر إلى تونس سنة (1459م) وتولى الكتابة لأميرها محمد بن أبي عمرو عثمان الحفصي[39].
ت. ولاية القضاء: لم يكن عمل الأندلسيين مقتصرا على الحجابة والكتابة فقط بل امتد إلى وظيفة القضاء، فلقد وليَّ عدد كبير من المهاجرين الأندلسيين ولاية القضاء في مختلف مدن المغرب الأدنى ومن هؤلاء القضاء نذكر[40]:
- أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن موسى الأزدي (1262م) الفقِّيه المحدِث القاضي من أهل مرسية المعروف بابن برطلة، استوطن بجاية وولي صلاة الفريضة بجامعها الأعظم، ثم القضاء بالجزائر، ثم حل بتونس في سنة (1242م) وحج سنة (1258م)، ثم عاد إلى تونس واستقربها حتى وفاته.
- أبو بكر محمد بن الحسن بن يوسف بن جيش اللخمي الذي ولد بمرسية (1218م) أخذ العلم عن ابن الولي وابن محرز والوزير سهل بن مالك وغيرهم، ولي قضاء مرسية وتنقل بين مدن الأندلس والمغرب، هاجر أولا إلى بجاية ثم إلى تونس ووليَّ بها القضاء إلى أن توفي سنة (1278م).
3- المجال الإقتصادي
شمل التأثير الأندلسي كذالك الميدان الإقتصادي، إلا أن المصادر لم تشر إليه إشارات واضحة، ومن الملاحظات التي يمكن تسجليها والتي ستعطيها صورة تقريبية عن هذا التأثير، وتتمثل في الفراغ الديمغرافي الذي كان أحد عوامل الهجرة نحو المغرب الأدنى تم سدَّه وتجاوزه بقدوم المهاجرين الأندلسيين الذين ساهموا في إعادة توازن وتنشيط إقتصاد البلاد من خلال ما نقلوه من خبرات راقية ومتعددة أفادوا بها في مختلف الأنشطة الإقتصادية وهي: الزراعة، الحرف، الصناعات، التجارة[41].
أ. النشاط الزراعي: اهتم سكان المغرب والأندلس بالزراعة لتوفر شروط هذا النشاط والمتمثلة في[42]:
- وفرة مصادر المياه والمتمثلة في الأمطار المتساقطة والأنهار دائمة الجريان والعيون والآبار، وهذا يساعد في زراعة الحبوب الواسعة.
- وفرة التربة الخصبة في السهول وأحواض الأنهار وعلى ضفاف البحار وتنوعها الشديد وافتقارها إلى التجانس أدى إلى اختصاص كل جزء بمحصول معينة.
- تنوع المناخ من المحيطي إلى متوسطي إلى قاري وهذا يساعد على تنوع الزراعة.
إن توفر هذه الشروط الطبيعية إضافة إلى الإمكانيات البشرية نتج عنه توفر وتنوع المحاصيل الزراعية الأندلسية والمغربية و على رأسها الحبوب، حيث أن القمح أو الحنطة والشعير تعد الغذاء الرئيسي للسكان، أما في المغرب فقد كان زراعة الحنطة بإفريقية وباجة وبجاية والقيروان وتاهرت ووهران وتلمسان وفاس، ولم تقتصر المحاصيل الزراعية على الحبوب بل شملت الخضر بمختلف أنواعها: كالكرنب، اللفت، الجزر، البادنجان، البصل، الثوم...,كما انتشرت البساتين والجنات المنتجة للفواكه ومنها: السفرجل، الجوز، اللوز، التفاح، الإجاص...، ومن أهم المزروعات بالعَدْوَتين الزيتون، حيث كانت مزارعه تغطي مساحات كبيرة من الأراضي وقد تركزت زراعته بالأندلس في جبل العروس شمال قرطبة وجبل الشرف بإشبيلية، أما بالنسبة للعدوة المغربية فقد انتشرت زراعته لقرى القيروان وبجوار قرى تونس وبين الطريق الفاصل بينهما، وكذالك تلمسان التي اشتهرت بالتين والرمان.
وتذكر المصادر أن الدولة الحفصية التي تأسست على أنقاض دولة الموحدين، أقطعت أراضي لأفراد من الجالية الأندلسية على ضفاف وادي الصومام استغلوها لإقامة البساتين وتطوير نظم الري، ومما لاشك فيه أن العديد من المهاجرين الأندلسيين اشتغلوا ميدان الزراعة وخاصة أولئك الذين لا يملكون شروط العمل في الميادين الأخرى التي سبقت الإشارة عليها كالتعليم والإدارة والقضاء فقد لجئوا إلى العمل في المزارع أو حراسة البساتين، كما استقر معظمهم في المناطق الشمالية الآمنة وقرب السواحل ومجاري المياه قصد استغلال الأرض بفضل خبراتهم في الزراعة والري وتنويع الإنتاج، ورغم براعتهم في هذا المجال إلا أنهم لم ينقلوا طريقة زراعية معينة لمنتوج معين أو لصنف من الأصناف النباتية على خلاف العهد المرابطي والموحدي الذي انتقلت خلاله زراعة مختلف فواكه الأندلس إلى المغرب[43].
ب. النشاط الصناعي: لقد ظهرت ببلاد المغرب والأندلس صناعات متنوعة بفضل تنوع المواد الأولية، وأشهر هذه الصناعات: صناعة المنسوجات فقد أنتجوا أنواع عديدة من المنسوجات الحريرية والصوفية والكتانية والقطنية، وذالك راجع لكثرة إنتاج الحرير عن طريق تربية دودة القز للإستفادة من حريرها، وقد اشتهر بذالك كل من قرطبة ومالقة ومرسية والمرّية.
أما المغرب فقد انتقلت إليه تربية دودة القز من الأندلس منذ العهد المرابطي، وقد اشتهر بهذه الصناعة كل من قابس بإفريقية وكذالك بجاية التي اشتهرت بإنتاج أنواع مختلفة من الصناعات النسيجية كصناعة الألبسة والعمائم والشواشي، كما اشتهرت تلمسان بصناعة النسيج والملابس الصوفية وأقمشة من حرير وصناعة الزرابي ذات الطابع الأندلسي، وأيضا مدينة تونس بهذا النوع وبالطربوش المغربي الذي وردت صناعته إلى تونس مع المهاجرين الأندلسيين واستمرت في أعقاب العائلات الأندلسية[44].
ومن الصناعات التي مسها التأثير الأندلسي الصناعة الخزفية والتي عرفها معظم مناطق الأندلس والمغرب واهتمت بها كثيرا باعتبارها من إحدى متطلبات الحركة العمرانية التي شهدتها البلاد والمتمثلة في بناء المساجد والقصور والمنازل، وقد عرفت المنطقة هذا النوع من الصناعة منذ العهد الحمادي وخاصة مدينة بجاية، وقد زاد الإنتاج الفني في العهد الموحدي والحفصي وامتزج بالفنون المشرقية والأندلسية، ومن مظاهر هذا التأثير دخول صناعة الزليج إلى تونس منذ القرن 8 ه/ 14م تحت تأثير الأندلسيين، ومن أهم مراكز هذه الصناعة: قفصة، سوسة اللتين اشتهرتا بزجاجهما وأوانيهما الذهبية، كما اشتهرت الصناعة الجلدية بقرطبة ولكنها تلاشت في العصر الموحدي وتصدرت مكانها بجاية التي برع أهلها في صناعة الأحذية مختلفة الأشكال، كما اشتهرت تلمسان بهذه الصناعة بالإضافة إلى صناعة السروج والسندال والطبول والدفوف[45].
ت. النشاط التجاري: كان للتبادل التجاري بين المغرب والأندلس في عهد الموحدين والمرابطين أثر فعال في تكييف الإقتصاد المغربي وتوسيع موارده ومصادره، وهذا بوجود موانئ الكبرى التي لعبت دورا مهما في انتعاش الحركة التجارية بنقل السلع المتبادلة ومن أهم الموانئ في الأندلس والمغرب نذكر:
- المرّية: حيث تعتبر من أهم المراكز التجارية منذ عصر الخلافة حتى وصفت بأنها "باب الشرق ومفتاح الرزق"[46] وكانت مقصدا لمراكب البحر والتجار من جميع الجهات، ولم يكن بالأندلس كلها أيسر من أهلها مالا ولا أتجر منهم في الصناعات وأصناف التجارات تصريفا وإدخارا.
- مالقة: تعتبر من أهم القواعد التجارية التي تقصدها المراكب والتجار بكثرة لوفرة انتاجها الزراعي ونشاطها الصناعي ووصلت منتجاتها إلى مصر والشام والعراق والهند والصين ومن أهم صادراتها التين.
- المنكب: يعد أيضا من أهم الموانئ إذ يحتل مكانة خاصة من حيث قربه من العاصمة غرناطة بحوالي أربعين ميلا.
- المهدية: هي عبارة عن شبه جزيرة لها مرسى مغلق، يتم الولوج إليها من بوابة في صور المدينة جهة البحر، يتم حفظ السفن الصغيرة والمتوسطة الحجم داخل هذا الحوض وإصلاحها، ولها مرسى آخر ترسوا فيه السفن الكبيرة.
- تونس: تقع على سفح جبل متوسط الإرتفاع يعرف بجبل أم عمور يدور بها خندق حصين وتشكل ملجأ أمينا للسفن من الرياح العكسية والأمواج العاتية.
- بجاية: يتميز ميناؤها بحصانته الطبيعية وقدرته على استقبال عدد كبير من السفن على اختلاف أحجامها .
ويعتبر النشاط التجاري من أكثر الأنشطة الإقتصادية التي استهوت المهاجرين الأندلسيين وذالك راجع إلى عاملين هما: أولا: التجارة التي كانت أكثر الحرف عودا على أصحابها بالأرباح الطائلة، بينما كانت الفلاحة من معاش المستضعفين وأهل البدو، ثانيا: معرفة المهاجرين بالمسالك التجارية وخبرتهم ببلاد المسيحية التي تجري معها المبادلات أهلتهم للغوص في هذا المجال، والجدير بالذكر أن المبدلات التجارية لم تتأثر بالصراع السياسي بين دول المغرب، فقد كانت القوافل التجارية تتمتع بالأمن وتنتقل من بجاية نحو تلمسان عاصمة الدولة الزيانية ثم تتجه إلى فاس عاصمة الدولة المرينية، كما نشطت الحركة التجارية مع السودان الغربي[47] فانتقلت القوافل نحو الواحات الصحراوية ومنها إلى السودان الغربي وكانت تعود محمّلة بالذهب والعاج والعبيد.
4- المجال الإجتماعي
إن الجالية الأندلسية التي حلت بالمغرب الأدنى وغيره من المناطق كانت تشعر بوجود خصائص حضارية واجتماعية تميزها عن غيرها من سكان المناطق التي استقروا بها مما حال دون انصهارها في المجتمع الجديد، ومن بين تلك الخصوصيات الإجتماعية اهتمامهم الكبير بشكلهم وأناقتهم، كما اشتهروا بألبسة معينة من بينها: الملف وهو قطعة من القماش تلف حول نصف الجسد الأعلى ويطرح الطرف الآخر على الكتف، وهي ملونة حيث تختلف ألوانها حسب الثروة والمكانة، كما كانوا يلبسون اللباس المغربي والمعروف اليوم بالجلابة[48]، أما النساء فكنّ يبالغن في التفنن بزينتهن ويتنافسن في اقتناء الحلي وأنواع الجواهر، وعرف الأندلسيين كذالك العناية بنظافة أجسامهم وثيابهم لدرجة أنه كان البعض منهم يبيع كل ما عنده ليقتات به في ذالك اليوم وليشتري به صابونا يغسل به ثيابه وعرفوا أيضا بالإحتياط وحسن التدبير في المعاش ، وحفظ ما كان بأيديهم خوف ذل السؤال، لذالك كثيرا ما كانوا يوصفون بالبخل.
وبعد الهجرات الأندلسية المتتالية نحو المغرب واستقرارهم في مواطنهم الجديدة بقوا محتفظين بتلك العادات ومحافظين على نمط حياتهم ومعيشتهم فقد كانوا يشعرون بأنهم في بلد انتقلوا إليه اضطرارا لا اختيارا وأنهم في مجتمع أقل منهم تحضرا، وما يؤكد ذالك المؤرخون المعاصرون لتلك الفترة مثل: عبد الباسط بن خليل صاحب كتاب"الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم" وقد نزل هذا الرحالة بتونس (1462م) وحضر حفلا أقامه التاجر أبو القاسم البنيولي بمناسبة رجوع الحجيج من مكة في مكان يعرف برأس الطابية[49] وهو أحد منتزهات ملوك تونس، وفي اختيار هذا المكان دلالة على شغف أهل الأندلس بالطبيعة والمياه الجارية وبموسيقى النسيم وروح الشوق إلى منتزهات الأندلس[50].
خاتمة
ومما نستخلصه في الأخير عموما أن الهجرة الأندلسية تعود جذورها إلى زمن مبكر، إلا أنها بدأت تزداد بشكل جلي في مطلع القرن السابع هجري الذي عرف تدهورا سياسيا شديدا ساد الأندلس، وتمثل هذا التدهور في اشتداد حروب الإسترداد النصرانية وسقوط معظم المدن الأندلسية خاصة المدن التي كانت من أهم حواضر العالم الإسلامي كقرطبة واشبيلية وغيرها، آخرها كانت غرناطة التي سقطت نتيجة تدهور الأوضاع السياسية والمتمثلة في الصراعات التي كانت تعيشها بني النصر للظفر بالسلطة وهذا ما أدى ببعض الحكام إلى عقد تحالفات واتفاقيات تخدم مصلحة العدو، وفي ظل هذه الأوضاع السياسية المتردية اضطر الأندلسيين إلى ترك مدنهم والهجرة نحو بلاد المغرب وهذا بسبب الإستقرار النسبي الذي كانت تعيشه بلاد المغرب، كما أنها كانت محطة عبور للمهاجرين الذين فضلوا مواصلة طريقهم نحو المشرق.
ويمكن القول بأن الهجرة الأندلسية إلى بلاد المغرب الأدنى خلال العهد الحفصي أو حتى قبل ذالك لعبت أدوارا هامة في الإزدهار الحضاري في شتى المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية، وذالك بالرغم من تدهور الأوضاع السياسية في كل من المغرب والأندلس، لأن المغرب لم يكن بمغزل ما يدور من أحداث في الأندلس ومما يؤكد ذالك هو انتقال الهجمات المسيحية وتوسعها نحو الشمال الإفريقي بهدف مطاردة المسلمين مباشرة بعد سقوط غرناطة.
ويبقى موضوع الهجرة الأندلسية مجالا خصبا للدراسة والبحث من خلال التطرق لوجهات أخرى هاجر إليها مسلمو الأندلس كالمغرب الأقصى والأوسط وحتى بلاد الشام.
[1] ) حصن العقاب هو جبل مطّل على خارج غرناطة بينهما نحو 8 أميال، وهو مجاور لمدينة البيرة، وقد حصلت هذه المعركة الحاسمة بمدينة جيان الحالية على بعد 5 كلم شمال شرق لاكار ولينا.
[2] ) حسين مؤنس، معالم تاريخ المغرب والأندلس، مكتبة الأسرة، 1992، ص 233، حيث يرى الكاتب أنها كانت في 17 يوليو/ وهشام أبو رميله، علاقات الموحدين بالممالك النصرانية الأولى والدول الإسلامية في الأندلس، دار الفرقان، ط1، 1984م، ص 290، حيث يرى الكاتب أنها كانت في 19 يوليو.
[3] ) حسين مؤنس، المرجع السابق، ص 233 وص 439 وما بعدها.
[4] ) أحمد بن محمد المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1988م، مج1، ص 446
[5]) محمد عبد الله عنان، دولة الإسلام في الأندلس – العصر الرابع- نهاية الأندلس وتاريخ العرب المنتصرين، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط 4، 1997م، ص 17 – 18.
[6] ) هي حروب شنتها الممالك المسيحية لإخراج مسلمي الأندلس من شبه الجزيرة الإيبيرية مستغلين ضعفهم وانقسامهم، بدأت مع استرجاع طليطله سنة 1085م وانتهت بسقوط غرناطة سنة 1492م.
[7] ) محمد عبد الله عنان، دولة الإسلام في الأندلس – العصر الثالث - ، ص 230.
[8] ) عبد الرحمن ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، مراجعة: سهيل زكار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2000، ج 4، ص 214 – 216.
[9] ) عز الدين عمر أحمد موسى، دراسات في التاريخ المغرب الإسلامي، ط1، 1983م، ص 82 – 83 والذي يرى أن الصراع على السلطة تجلى بوضوح، لأن أبناء المنصور وأحفاده يرون أنهم أحق بالأمر من سائر بني عبد المؤمن وأحفاده، ويريد أبناء الناصر من بين أبناء المنصور الإستئثار بالخلافة دون سواهم.
[10] ) عز الدين عمر أحمد موسى، المرجع السابق، ص 79.
[11] ) هی شبه جزيرة في جنوب غرب أوروبا, و تشمل اسبانيا والبرتغال و جبل طارق و اندورا و منطقة صغيره جدا في فرنسا، وهی ثاني أكبر شبه جزيرة في أوروبا, ومساحتها 582.860 كيلومتر2.
[12] ) أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود الجذامي لقبه المتوكل على الله، ويعرف ابن هود (1237م)، ظهر في مرسية بالأندلس، وخرج على سلطان دولة الموحدين التي كانت تحكم الأندلس، وأعلن تبعيته للدولة العباسية، غير أن دولته لم يطل أمدها سوى تسع سنين وبضعه أشهر.
[13] ) عنان محمد عبد الله، الأثار الأندلسية الباقية في اسبانيا والبرتغال، مكتبة الخانجي، 1997، القاهرة، ص 124.
[14] ) هو أبو يحي التينمللي، صار واليا على ميورقة (1209م) من طرف الناصر الموحدي المهزوم في معركة العقاب.
[15] ) بينما يشير ابن خلدون إلى تاريخ آخر وهو 668ه، ويمكن الجمع بين التاريخين بأن يكون الأول شهد دخول خايمي المدينة مع إبقائه لواليها الخاضع له ويكون التاريخ الثاني هو الذي أرغم واليها الخروج النهائي منها، ابن خلدون، المصدر السابق، ص 218.
[16] ) عبد الرحمن ابن خلدون، المصدر السابق، ص 219.
[17] ) عنان محمد عبد الله، المرجع السابق، العصر الثالث، ص 418.
[18]) عنان محمد عبد الله، المرجع السابق، ص 433 – 469.
[19] ) عنان محمد عبد الله، المرجع السابق، ص 474 – 480.
[20] ) أي أن الأتراك سوف يعوضون العرب في حماية الإسلام والدفاع عن الأراضي العربية نفسها.
[21] ) جمال يحياوي، سقوط غرناطة ومأساة الأندلسيين، دار هومة، 2009، الجزائر، ص 37 – 38.
[22] ) قموز محمد وزراولة خالد، الهجرة الأندلسية وأثرها على المغرب الأوسط من القرن 16 – 19م، مذكرة لنيل درجة الماستر في التاريخ المعاصر والحديث، جامعة الجيلالي بونعامة، خميس مليانة، 2016 – 2017، ص 14.
[23] ) فؤاد طوهارة، الهجرة الأندلسية إلى المغرب الأوسط: السياق التاريخي والمجال الجغرافي، مجلة حوليات التراث، العدد 15، 2015، ص 157.
[24] ) أنطونيو دومينقير وبرناد بنثنت، تاريخ مسلمي الأندلس الموريسكيون: حياة ومأساة أقلية، ترجمة: عبد العلي صالح طه، دار الإشراق، قطر، 1988، ص 3.
[25] ) كانت واحدة من أهم قواعد مضيق جبل طارق، وكانت تمثل إضافة إلى ثغر طريف مفتاحي التحكم في جبل طارق.
[26] ) مجهول، نبذة العصر في أخبار ملوك بني نصر، ضبطه وعلق عليه: ألفريد البستاني، مكتبة الثقافة الدينية، ط2، القاهرة، 2002، ص 40 – 43.
[27] ) فؤاد طوهارة، المرجع السابق، ص 160.
[28] ) مريم بوعامر، الهجرة الأندلسية إلى المغرب الأدنى ودورها في الإزهار الحضاري ما بين القرن 13 – 15، مذكرة ماستر في تاريخ المغرب الإسلامي، جامعة أبي بكر، تلمسان، 2009 – 2010، ص 101.
[29] ) محمد عادل عبد العزيز، الجذور الأندلسية في الثقافة المغربية، دار غريب للطباعة والنشر، القاهرة، ص 153
[30] ) توفي بالأندلس (1130م) له تصانيف كثيرة في الطب منها "الأدوية المفردة"، "الإيضاح بشواهد الإفتضاح في الرد على ابن رضوان".
[31] ) مريم بوعامر، المرجع السابق، ص 104.
[32] ) محمد رزوق، دراسات في تاريخ المغرب، ط1، مطبعة إفريقيا الشرق، 1991، ص 44.
[33] ) مريم بوعامر، المرجع السابق، ص 111.
[34] ) هي من سلالة أمازيغية صنهاجية حكمت الجزائر ما بين 1014 إلى 1152.
[35] ) هو رابع أمراء الدولة الأموية في الأندلس كان محبًا لحياة الأبّهة والثراء، وعاشقًا للفنون والآداب، كما اهتم بنواحي العمران والزراعة، وكان له دور بارز في إنشاء أول أسطول حربي كبير في الأندلس، فكان بذلك عصره بداية للنهضة الثقافية والحضارية التي شهدتها الأندلس.
[36] ) حكمت في المغرب العربي (شرق الجزائر وتونس وغرب ليبيا) مع جنوب إيطاليا وصقلية وسردينيا وكورسيكا ومالطة.
[37] ) مؤسس الدولة الحفصية.
[38] ) هو السلطان الحفصي الرابع.
[39] ) مريم بوعامر، المرجع السابق، ص 118.
[40] ) مريم بوعامر، المرجع السابق، ص 119.
[41] ) مريم بوعامر، المرجع السابق، ص 121.
[42] ) يحي أبو المعاطي ومحمد عباس، الملكيات الزراعية وآثارها في المغرب والأندلس ( 238ه – 488ه/ 852م – 1095م)، رسالة دكتوراه في التاريخ الإسلامي، القاهرة، 2000، ص 432.
[43] ) مريم بوعامر، المرجع السابق، ص 123.
[44] ) مريم بوعامر، المرجع السابق، ص 124.
[45] ) مريم بوعامر، المرجع السابق، ص 125.
[46] ) يحي أبو المعاطي، المرجع السابق، ص 544.
[47] ) السودان الغربي يطلق عليه اسم إفريقيا الغربية التي تقع على جنوب إفريقيا العربية يحدها شرقا بحرية تشاد وغربا المحيط الأطلسي وجنوبا خليج غانا.
[48] ) حسين مؤنس، غرناطة تحفة من تحف الفن وعجيبة من عجائب التاريخ، مجلة العربي، العدد 89، الكويت، ص 70.
[49] ) أنشأ قصر رأس الطابية وحدائقه الخليفة المستنصر (1249م – 1277م) وجلب إليه مياه زغوان عن طريق الحنايا التي ما زالت إلى اليوم آثارها ماثلة وربط حدائقه بقصبة تونس عن طريق ممر بين جدارين.
[50] ) مريم بوعامر، المرجع
السابق، ص 132.
[50] ) مريم بوعامر، المرجع
السابق، ص 132.
1) ابن خلدون عبد الرحمن، تاريخ ابن خلدون، مراجعة: سهيل زكار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2000، ج 4.
2) أبو المعاطي يحي و عباس محمد، الملكيات الزراعية وآثارها في المغرب والأندلس ( 238ه – 488ه/ 852م – 1095م)، رسالة دكتوراه في التاريخ الإسلامي، القاهرة، 2000.
3) أبو رميله هشام، علاقات الموحدين بالممالك النصرانية الأولى والدول الإسلامية في الأندلس، دار الفرقان، ط1، 1984م.
4) بوعامر مريم، الهجرة الأندلسية إلى المغرب الأدنى ودورها في الإزهار الحضاري ما بين القرن 13 – 15، مذكرة ماستر في تاريخ المغرب الإسلامي، جامعة أبي بكر، تلمسان، 2009 – 2010.
5) دومينقير أنطونيو وبنثنت برناد، تاريخ مسلمي الأندلس الموريسكيون: حياة ومأساة أقلية، ترجمة: عبد العلي صالح طه، دار الإشراق، قطر، 1988.
6) رزوق محمد، دراسات في تاريخ المغرب، ط1، مطبعة إفريقيا الشرق، 1991.
7) طوهارة فؤاد، الهجرة الأندلسية إلى المغرب الأوسط: السياق التاريخي والمجال الجغرافي، مجلة حوليات التراث، العدد 15، 2015.
8) عادل عبد العزيز محمد، الجذور الأندلسية في الثقافة المغربية، دار غريب للطباعة والنشر، القاهرة.
9) عمر أحمد موسى عز الدين، دراسات في التاريخ المغرب الإسلامي، ط1، 1983م.
10) عنان محمد عبد الله، دولة الإسلام في الأندلس – العصر الرابع- والعصر الثالث- نهاية الأندلس وتاريخ العرب المنتصرين، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط 4، 1997م.
11) مجهول، نبذة العصر في أخبار ملوك بني نصر، ضبطه وعلق عليه: ألفريد البستاني، مكتبة الثقافة الدينية، ط2، القاهرة، 2002.
12) محمد قموز وخالد زراولة، الهجرة الأندلسية وأثرها على المغرب الأوسط من القرن 16 – 19م، مذكرة لنيل درجة الماستر في التاريخ المعاصر والحديث، جامعة الجيلالي بونعامة، خميس مليانة، 2016 – 2017.
13) المقري التلمساني أحمد بن محمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1988م، مج1.
14) مؤنس حسين ، غرناطة تحفة من تحف الفن وعجيبة من عجائب التاريخ، مجلة العربي، العدد 89، الكويت.
15) مؤنس حسين، معالم تاريخ المغرب والأندلس، مكتبة الأسرة، 1992.
16) يحياوي جمال، سقوط غرناطة ومأساة الأندلسيين، دار هومة، 2009، الجزائر.
إرسال تعليق