U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

الهجـرة الجزائرية إلى المشـرق العربي

 

الهجـرة الجزائرية إلى المشـرق العربي





الهجـرة الجزائرية إلى المشـرق العربي


تعريف الهجرة
لغويا
شرعا
أسباب الهجرة
الأسباب الداخلية
1-السياسية
2-الأسباب الدينية والثقافية
1-طبيعة الحملة الصليبية
3-الأسباب الاقتصادية والاجتماعية
2-الأسباب الخارجية
عدد المهاجرين
الموجات
1-موجة التهجير الأولى 1847-1890
2-موجة التهجير الثانية: 1860-1883
3-موجة التهجير الثالثة: 1883-1900
4-موجة التهجير الرابعة: 1900-1920
 اتجاهات الهجرة
نتائجها
السلبية
الايجابية


تعريف الهجرة.

لغويا:[1] الهجرة من فعل هجَر الهجر أي هجره يهجره هجرا وهجرانا: صرمه، والهجرة والهُجرة: الخروج من أرض إلى أرض، والمهاجرون  الذين ذهبوا مع النبي(ص) مشتق منه، وأصل المهاجرة عند العرب خروج البدوي من باديته إلى المدن، فكل من فارق بلده وسكن بلد آخر فهو مهاجر والاسم من الهجرة، قال تعالى: (( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ))[2].

شرعا: لقد حدد ابن عربي الهجرة بقوله: (( الهجرة هي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكذلك الهجرة -عند الانطلاق-هي الخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان والأسماء إنما تحمل على عرفها، والهجرة في الشريعة أشهر من أن تحتاج إلى بيان أو تختص بدليل.[3]

     وتوجد في التاريخ الإسلامي عشرات الهجرات كهجرة سيدنا إبراهيم الخليل لما خاف على نفسه، فقد قال الله تعالى: (( وقال إني مهاجر إلى ربي، إنه هو العزيز الحكيم ))[4]، وهجرة موسى عليه السلام إلى مدين (( ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ))[5]، وهجرة أصحاب الرسول (ص) إلى الحبشة في بداية الدعوة الإسلامية، خوفا من بطش قريش، وأشهر هجرة لنا هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة في سنة 622م.[6]

     ونظرا لأهمية هذه الظاهرة-الهجرة- انعقد مؤتمر دولي في روما سنة 1924 وعرف المهاجر بأنه كل أجنبي يصل إلى بلد طلبا للعمل، ويقصد الإقامة الدائمة، وهذا نقيض العامل الذي يقصد بلدا للعمل فيه بصفة مؤقتة، ويمكننا القول أن تعريف المهاجر يختلف من بلد لآخر، وتدخل في ذلك ظروف وعوامل مختلفة.[7]

      والهجرة الجزائرية نحو الخارج اتجهت على الخصوص إلى بلاد الشام، فقد كانت ملاذهم الوحيد، توافدوا عليها فرادى وجماعات وقبائل وأعراش واندمجوا مع أهلها وخاصة بعد سنة1847، سنة استسلام الأمير عبد القادر للفرنسيين.

     إن الهجرة بالنسبة للجزائريين في ذلك الوقت كانت الحل الوحيد ووسيلتهم المفضلة فهم عجزوا عن مقاومة فرنسا ورفضوا العيش تحت سلطانها.[8] وقبل الحديث عن الهجرة نتحدث بصفة عامة عن هجرة الجزائريين نحو المشرق، ونحاول أن نحدد لها زمان انطلاقتها.

     تعتبر سنة 1832 بداية الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي، لأنه في هذه السنة تأكد للجزائريين الذين وقعوا تحت السيطرة الفرنسية، أن الاضطهاد والقمع الفرنسي لا مفر منه، وأصبح واقعا ملموسا خاصة بعد تعيين الدوق "دورفيقو"[9] حاكما عسكريا عاما للجزائر، فقد أثقل كاهل الأهالي بالضرائب، وقمع التمردات والانتفاضات بشكل عنيف كإبادته لقبيلة العوفية [10]عن بكرة أبيها.

     وقد اشتدت الهجرة الجزائرية خلال عام 1847 عندما لاح في الأفق فشل مقاومة الأمير عبد القادر ثم استسلامه في ديسمبر 1847، فقد كان جل الجزائريين يعلقون الآمال على انتصاره ودحر فرنسا، لكن الواقع كان ينذر بالعكس، فهذا خليفة الأمي عبد القادر على برج حمزة أحمد الطيب بن سالم، استسلم للفرنسيين بسور الغزلان، وهذا في شهر فيفري 1847، واتجه إلى المشرق مع مئات الجزائريين، بالإضافة[11] إلى تدعيم فرنسا لجيشها الذي يحارب الأمير عبد القادر.

      والهجرة الجزائرية نحو الشام لقيت تشجيعا من قبل العلماء فنجد شيخ الطريقة الرحمانية الشيخ مهدي السكلاوي[12] ينصح سكان واد سبدو الذين طلبوا منه النصيحة للتخلص من الاستعمار، ينصحهم للهجرة إلى الأراضي الإسلامية ليحافظوا على دينهم ودنياهم، وفي رواية أنه قال لهم: (( يجب ترك هذه الأرض الملعونة التي مات فيها الإسلام، أي الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإسلام، والشيخ المهدي السكلاوي نفسه غادر الجزائر في أواخر سنة 1847، نحو سوريا متبوعا بعشرات العائلات الجزائرية، وبعض تلامذته ويمكن أن يكون تلميذه صالح السمعوني،[13] والد الشيخ طاهر الجزائري أحد المهاجرين مع الشيخ السكلاوي، لأن الشيخ صالح السمعوني غادر الجزائر خلال سنة 1847 نحو سوريا؛ ونؤكد هنا أن منطقة القبائل قد شهدت فرارا جماعيا لا هجرة نحو بلاد الشام وعلى الخصوص دمشق، والجزائريون في المهجرلم يستكينوا بل عملوا كل ما في وسعهم للتعريف بقضيتهم ومحاربة الاستعمار الفرنسي، فقد أسسوا جريدة خاصة بهم ناطقة بحالهم أطلقوا عليها اسم المهاجر وكانت تصدر أسبوعيا بدمشق ترأس تحريرها محمد شطه ولقيت هذه الجريدة الجزائرية دعما من الأمير عبد القادر.[14]

     وهكذا نلاحظ أن العلماء والجمعيات الدينية، ساهموا في دفع وتشجيع الجزائريين إلى الهجرة نحو المشرق والهجرة ازدادت بين الجزائريين بفعل خارجي تمثل في الرسائل التي كان يبعث بها الجزائريون من المشرق إلى ذويهم يرغبونه باللحاق بهم[15].

      ونؤكد هنا أن منطقة الزواوة التي كان ينتمي إليه الشيخ طاهر الجزائري تعتبر من أه م المناطق الجزائرية الكثير هجرة على الخارج، وهذا لكرهها الشديد للاستعمار الفرنسي الذي هددها في جميع مجالات حياتها الدينية والاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى انتشار عشرات الزوايا بها التي وجهت ووحدت الرأي العام. فمثلا مدينة بجاية في سنة 1848 لم يبق بها سوى 300 شخص من سكانها الأصليين الذين عجزوا عن الهجرة فلو أتيحت لهم الفرصة لما بقوا يوما واحدا تحت سيطرة الفرنسيين.[16]

      ونظيف هنا أمرا قد ساهم في هجرة الجزائريين نحو المشرق، تمثل في استقرار الأمير عبد القادر بدمشق بعد إطلاق سراحه من سجن أمبواز سنة 1852، وبالتالي شجع الكثير من الجزائريين على اختيار بلاد الشام قبلة ودمشق على الخصوص مقاما لهم، وقد استقر عشرات الجزائريين بقرى حران بسوريا وكان عددهم يتضاعف يوما بعد يوم.-مرجع فرنسي-ص، 50.

       وبسبب تزايد عدد المهاجرين قال أحد المسئولين السامين في الإدارة الاستعمارية الفرنسية: (( ليس هناك ما يمنع هذه الهجرة إلا إذا اعتقلنا جميع الأهالي ووضعناهم في السجون وليس لدينا السجون الكافية التي بإمكانها استيعابهم لأن هذا الشعب حرم من العيش على أرض أجداده، زيادة على ذلك فإن هذه الهجرة بطيئة التحرك ، تكاد في بعض الأحيان معالمها أن تحتفي، بل يتبادر لأذهان في بعض الأحيان إنها اختفت تماما، بينما هي في الحقيقة في حركة مستمرة)).[17]

أسباب الهجرة.

الأسباب الداخلية.

1-السياسية.

1-القمع والإرهاب الذي سلطته فرنسا –عهد الجنرال بيجو- الذي أيد الاحتلال الشامل ونفذه على أرض الواقع، فقد تحصل على كل الوسائل في حربه ضد الأمير عبد القادر، حيث بلغت عدد قواته في الجزائر سنة 1842 أكثر من 83000 رجل وفي سنة 1846 وصل العدد على 108000 رجل مدججين بمختلف الأسلحة بالإضافة إلى 10000 رجل من الجزائريين المتواطئين مع فرنسا، فقد كانت الحرب التي قادها بيجو في الجزائر حرب ابادة حقيقية فقد كان شعاره السيف في يد والمحراث في يد. وكانت سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها سببا رئيسيا في هروب الجزائريين إلى الخارج وليس هجرتهم.[18]

2-فقدان السيادة الوطنية وعدم وجود وحدة سياسية تجمع الجزائريين، والأمير عبد القادر الذي أراد تكوين دولة جزائرية لم يستطع الصمود والقتال في جبهتين، جبهة فرنسا وجبهة المتعاونين مع فرنسا.[19]

3-استسلام بعض القادة المعروفين لفرنسا أمثال القائد الطيب أحمد بن سالم خليفة الأمير عبد القادر على منطقة القبائل –برج حمزة-الذي هاجر إلى المشرق ومعه 500 شخص من نبينهم شيخ الطريقة الرحمانية الشيخ المهدي السكلاوي. لأن الاستعمار الفرنسي جاء على الأخضر واليابس وحادثة غار الفراشيش تبقى شاهدة على القمع والإرهاب الفرنسي والتي تمثل قمة البربرية والوحشية.[20]

4-الأساليب الوحشية المتبعة من طرف فرنسا التي لم تشجع الجزائريين على البقاء، حيث أن بيجو قام بتهجير عشرات الأعيان من  الجزائريين.

2-الأسباب الدينية والثقافية.

1-طبيعة الحملة الصليبية.

 لضمان نجاح الحملة العسكرية تم توظيف الدين المسيحي على غرار ما قام البابا "أوربان الثاني" عندما دعا إلى الحرب الصليبية الأولى سنة 1095 باسم السيد المسيح، ومن بين الدلائل المؤكدة على صليبية الحملة:

-خطاب "شاطو بريان" أمام البرلمان الفرنسي يوم: 19/04/1816 الذي جاء فيه: … أليس يتعين على الفرنسيين الذين خُلقوا للمجد والأعمال العظيمة أن يكملوا العمل الذي شرع فيه أسلافهم ؟ ففي فرنسا وقعت الدعوة للحرب الصليبية الأولى وفي فرنسا يجب أن ترفع راية الصليبية الأخيرة.[21]

-تصريح وزير الحربية الفرنسي: … أليس يتعين على الفرنسيين الذين خُلقوا للمجد والأعمال العظيمة أن يكملوا العمل الذي شرع فيه أسلافهم ؟ ففي فرنسا وقعت الدعوة للحرب الصليبية الأولى وفي فرنسا يجب أن ترفع راية الصليبية الأخيرة[22].

-التعصب الديني الأعمى الذي باشره جنود الاحتلال الفرنسي اثر اقتحامهم للعاصمة، وما الاحتفال الضخم الذي أقاموه في القصبة بانتصار الصليب على الهلال إلا دليلا على ذلك.[23] وعليه ففرنسا عملت كل ما في وسعها للقضاء على المعالم الدينية للجزائريين، ودعمت التبشير والمبشرين، ومن جانب آخر شجعت الجزائريين على الاعتقاد بالخرافات والبدع.

2-قرار كلوزيل القاضي بمصادرة الأوقاف الإسلامية الصادر في 8 سبتمبر 1830، حيث كان ضربة قاضية للدين الإسلامي والتعليم الديني بل كل التعليم، وما يتعلق بهما من مصالح، وعمل كلوزيل هذا حرك مشاعر المسلمين وأثار حفيظتهم ، كما أن الفرنسيين الذين أعقبوا كلوزيل لم تكن لديهم أية إنسانية ولا أخلاق تجاه عقيد الجزائريين، فهذا الدوق دورفيقو يقول: (( يلزمني أجمل مسجد في المدينة لنجعل منه معبدا لإله المسيحيين وهذا الجنرال بيجو يقول:  إن الجزائريين لن يكونوا فرنسيي إلا إذا كانوا نصارى))[24]

      ونختم حول الأسباب الدينية بقول المؤرخ الفرنسي ألكسي دوتو كفيل في تقريره عام 1847: (( لقد استحوذنا على جميع الموارد –موارد المؤسسات الدينية-وصرنا نستعملها في غير ما كانت معدة له، لقد هدمنا المؤسسات الخيرية وتركنا المدارس تندثر وشتتنا المحاضر لقد انطفأت الأنوار من حولنا وتوقف انتداب رجال الدين والقانون ومعنى ذلك، أننا صيرنا المجتمع الإسلامي أكثر بؤسا وفوضى وجهلا وبربرية، أكثر مما كان عليه قبل أن نعرفه)).[25]

3-الأسباب الاقتصادية والاجتماعية.

1-لقد تحطم الاقتصاد الجزائي وخرج رأس المال المحلي وتوقفت الصناعات والحرف المختلفة وسيطر اليهود على النتاج والبنوك، لأن المجال اصح لهم وحدهم دون منافس.

2-تشتت الأسر الجزائرية بسبب مصادرة الأراضي التي كانت مصدر رزقها بل فيها من أصبح يمد يده، ووزعتها على المعمرين حيث تم توزيع حوالي 110.000 هكتار بين 1842-1845.

3-الجفاف والمجاعات ، التي ثمنتها السلطات الفرنسية بمزبد من القهر ، حيث أن الجنرال بيجو أعطى أوامره لجنوده بخلق جو من الرعب في الجزائر، تستحيل معه الحياة المادية لهم، كحرق المحاصيل الزراعية وإتلافها واحتجاز النساء والأطفال لمساومة وخنق قبائل كامل داخل الكهوف.

2-الأسباب الخارجية:

1-نشاط المهاجرين الجزائريين الذين سبقوا بالهجرة، من خلال الرسائل التي كانت ترسل إليهم. ويذكر يهذا الخصوص أن أحمد بن سالم وجه من دمشق نداء إلى سكان مدينة دلس وضواحيها ليلتحقوا به في منفاه فاستجاب له حوالي 80 شخصا ونزلوا في بيروت سنة 1853، كما أنه في وقت آخر نجد أن الأمير نفسه يكتب خاصة بعد ثورة المقراني لحكام تونس بأن يهتموا بالمهاجرين الجزائريين أو أن يلحقوهم به في الشام.[26]

2-ركب الحج ودوره ف يتطلع الجزائريين إلى حياة أفضل لهم من الجزائر.

3-دور الأمير عبد القادر الجزائري في هجرة الجزائريين نحو سوريا.

4-علاقات حسن الجوار والروابط التاريخية التي تربط بين الجزائريين وغيرهم من الشعوب العربية الأخرى.

عدد المهاجرين.

 ليس هناك إحصاء رسمي عن عدد المهاجرين الجزائريين إلى سوريا قبل سنة 1856، سوى ما ذكره القنصل القنصل الفرنسي في رسالته إلى سفير فرنسا في اسطانبول بتاريخ 20 ديسمبر 1835 إلى وجود المغاربة بسوريا مشيرا إلى أن قافلة الحجاج التي تنطلق من دمشق إلى المدينة كل سنة كانت محروسة بألف فارس مغربي يساندون الجنود العثمانيين في مهمتهم، وإذا كان الرقم الذي قدمه القنصل الفرنسي شيء من المبالغة فإنه بدون شك يوحي بتواجد المهاجرين الجزائريين بأعداد لا بأس بها في سوريا، في غيرها من الولايات العثمانية في المشرق العربي.[27] وتشير بعض الإحصائيات إلى أن عد المهاجرين الجزائريين المسجلين في القنصلية الفرنسية في دمشق بين سنتي 1856-1858، قد وصل إلى حوالي 79 عائلة أي 480 نسمة، وبعد سبع سنوات من هذا التاريخ ارتفع عدد المسجلين في نفس القنصلية إلى أكثر من 25200 نسمة.[28]

الموجات:

1-موجة التهجير الأولى 1847-1890.

وتبرز فيه هجرة خليفة الأمير عبد القادر أحمد بن سالم برفقة حوالي خمسمائة نفر من أتباعه وعياله من بينهم شيخ الزاوية الرحمانية المهدي السكلاوي والمبارك الطيب؛ وحسب العريضة التي قدمت فيما بعد للوالي العثماني تظهر لنا بعض العائلات التي هاجرت مع خليفة الأمير من شرق البلاد وغربها مثل: عماره، أعراب، الوغليسي، العيساوي، الصغير، الطيب، بل أقرباء الأمير فريحة.[29]

2-موجة التهجير الثانية: 1860-1883.

 وتبدأ مع هجرة قبائل عرش وادي البردي سنة 1860 إلى بلاد الشام، وبدأ عددهم في تزايد مستمر، فالأمير عبد القادر كان قد تدخل لحماية المسيحيين بحوالي ألف رجل من الجزائريين، وفي هذه الأثناء بدأت تظهر بعض القرى الخاصة بالمغاربة في لواء الجليل الأعلى/ صفد-أكراد الخيط. قرى: ديشوم/، عموقه، الحسينية، التليل، ماروس، ومعظم سكانها كانوا من مجموعة أحمد بن سالم، من دلس وتقزيرت والبليدة، كما سكن بعضهم قرى أخرى في منطقة علما، الجاعونة، دلاتا، وهي في لواء الجليل الأدنى/طبريا-الشفا، قرى: عولم، معذر، كفريست، شعاره، ومعظم سكانها كانوا من مجموعة قبائل عرش واد البردي وأولاد سيدي عيسى وأولاد يونس من منطقة حمزة التي تمتد ما بين سور الغزلان والبويرة شاملة عين بسام وبئر غبالو، كما سكن البعض الآخر بعض القرى والمدن كالقدس والناصرة.[30]

3-موجة التهجير الثالثة: 1883-1900.

 مع مطلع سنة 1886 يكون قد التحق بقريتي الحسينة والتليل يالشام 169 جزائريا وعام 1892، التحق بقرية هوشه 150 شخصا معظمهم من أولاد سيدي أرغيس –أم البواقي- وأما عائلات عريب وإدريس وساسي وحميده التي هاجرت سرا إلى تونس فقد التحق منها عام 1894 حوالي 150 شخصا سكنوا قرية عولم.[31] ولقد اتسعت هذه الهجرة نحو الشام لتشمل عائلات من منطقة المدية وجبل عمور وسطيف وعنابة وقسنطينة وخنشلة والأوراس وسكيكدة ولا زالت بعض العائلات تحل اسم القسنطيني والأوراسي.

4-موجة التهجير الرابعة: 1900-1920.

 حسب جريدة المقتبس العدد 11 الصادرة ليوم الاثنين 28 ديسمبر 1908: بلغ عدد العائلات التي هاجرت إلى ولاية سورية بعد إعلان القانون الأساسي 145 عائلة منها 28 من المغاربة عدد نفوسها 130 وسترسل إلى حوران بعد عدة أيام، وعلى اثر الزلازل الذي ضرب سور الغزلان سنة 1910 حدثت هجرة أخرى وكانت تركيا قد غيرت موقفها من المهجرين الجزائريين نتيجة لنشاطهم القومي العربي وحسب المقتبس في العدد 440، الصادر في تاريخ أوت 1910: اتصل بنا أن اثني عشر ألف جزائري خرجوا من بلادهم خرجوا قاصدين دمشق...وأخبرنا بعضهم أن عشرات من أصحاب الخانات طردوا المهاجرين من خاناتهم لأن الحكومة لم تدفع لهم الأجرة منذ شهرين فعساها تدرك الأمر)).[32]

وفي سنة 1911 تعرف الجزائر هجرة أخرى بقيادة الشيخ محمد بن يلس.

 اتجاهات الهجرة:

لقد استقر المهاجرون في المشرق في عدة مناطق منها:

بلاد الشام ودمشق بالضبط، فالدولة العثمانية ساهمت بشكل كبير في دعم هذه الهجرة من خلال لتوزيعها للأراضي على الجزائريين في منطقة حوران جنوب دمشق واللاذقية وحلب والجليل بفلسطين، وبعض الجزائريين اختاروا أبعد من هذه المناطق حيث توجهوا إلى عاصمة الخلافة العثمانية أسطانبول وأزمير والإسكندرية، وبعضها استقرت أثناء هجرتها بمصر . ولكن مع إطلاق سراح الأمير عبد القادر واستقراره بدمشق هاجرت عشرات الأسر الجزائرية نحو دمشق.

نتائجها.

السلبية.

-من دون شك فإن هجرة هؤلاء تركت الباب على مصراعيه للمستوطنين الأوروبيين الذين حلوا محلهم، فاستوطنوا الأراضي التي رحلوا عنها.

-العنصر البشري له دور كبير في تغيير الموازين وبالتالي فتفريغ المستعمرة لم يكن في صالح الجزائريين الباقين. فسكان الجزائر كما ذكر حمدان بن عثمان خوجة سنة 1830 قدروا بحوالي 10 مليون نسمة، فانخفض هذا العدد على حوالي 3 مليون نسمة مع مطلع النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

-العلماء والفقهاء الذين خرجوا وهم فئة النخبة الجزائرية، حل وراءهم البدع والخرافات والأكاذيب بل خلقت فرنسا فئة موالية لها تعمل بعملها، وبدأت بعض الأصوات تنادي بقدرية الاستعمار الفرنسي وأنه لا يمكن مقاومته، وما الفتوى التي أنجزها ليون روش باقتراح من الجنرال بيجو إلا دليلا على ذلك.

الايجابية.

-حمايتهم الشام من الفتن الطائفية والجهوية. فالفضل يعود إلى  الأمير عبد القادر الذي تمكن من إخماد نار الفتنة التي كادت تعصف بالمنطقة، والتي جرت وقائعها يوم: 10/07/1860.[33] ولقد تمكن أيضا من إخماد العديد من الفتن الأخرى كفتنة حوران، ثم فتنة الكرك من بعده.[34]

-إسهامهم في الوعي العروبي والتحرر من الاستعباد التركي، وذلك من خلال مساهمتهم الفعالة في تكوين الجمعيات القومية العربية المناهضة للأتراك كجمعية النهضة العربية التي تأسست سنة 1906 من طرف محي الدين الخطيب في استانبول، وبمساهمة طاهر الجزائري وجمال الدين القاسمي، وجمعية الإخاء العربي سنة 1908 من طرف الجزائري محي الدين وصادق باشا المؤيد وشفيق بك المؤيد...الخ؛ وكذلك المنتدى الأدبي، والجمعية القحطانية وجمعية العهد والجمعية العربية الفتاة.[35]

-المشاركة في الثورة العربية ضد الأتراك إلى جانب الشريف حسين، على أمل الاستقلال عن الدولة العثمانية، كون هذه الأخيرة مارست سياسة التتريك، وجريا وراء بعض المفاهيم البراقة كالقومية العربيبة.

-مساهمتهم في الحركة الوطنية والثورة الجزائرية، حيث ساهموا في ثورة 1871 إلى جانب المقراني والرحمانيين، وحركة الأمير خالد، وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين وحزب الشعب الجزائري، وجبهة التحرير والثورة الجزائرية ما بين 1954-1962.

-مساهمتهم في تحرير أقطار المغرب العربي الأخرى كليبيا وتونس والمغرب وذلك من خلال عديد الجمعيات المغربية التي أنشأوها في الشام. وذلك من خلال نادي عمر المختار وجمعية مهاجري شمال إفريقيا، والجمعية الخيرية الإسلامية لإيالة الجزائر المحمية وجمعية مهاجري شمال إفريقيا[36] وجمعية الدفاع عن إفريقيا العربية.[37]

-مساهمتهم في الحركة الوطنية السورية والثورة السورية الكبرى 1925-1927، والحركة الوطنية الفلسطينية خاصة في الفترة الممتدة من سنة 1848 إلى سنة 1965.

-المساهمة في الحياة العقلية حيث أسسوا المدارس ومارسوا الصحافة وأنشاوا الجرائد كجريدة المهاجر، والترجمة والكتابة والفن والتأليف.

 



[1] -هلال، عمار: الهجرة الجزائرية نحو الولايات العثمانية في المشرق العربي، ص-ص، 87-88.

[2] -سورة النساء، الآية، 108.

[3] -محمد، ابن عبد الكريم: حكم الهجرة من خلال ثلاث رسائل جزائرية، دراسات ووثائق، الجزائر، ش، و، ن، ت، الجزائر، 1981، ص، 20.

[4] -سورة العنكبوت، الآية، 26.

[5] -سورة القصص، الآية، 21.

[6] -محمد، ابن عبد الكريم،  المرجع السابق، ص، 20.

[7] -زوزو، عبد الحميد: الهجرة ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية بين الحربين (1919-1939-، ط، 2، م، و، ك، الجزائر، 1985، ص، 11.

[8] -مصطفى، الأشرف: الجزائر، الأمة والمجتمع، ترجمة جنفي بن عيسى، م، و، ك، الجزائر، 1983، ص، 281.-هامش-

[9] -للتعريف به راجع الرسالة في الصفحة 48.

[10] -للتعريف بها راجع ص، 48.

[11] -بوعزيز، يحي: ومكيل، دوإيبالزا: الجديد في علاقات الأمي رعب

د القادر وحكامه العسكريين بمليلية، ط، 1، دار البعث، الجزائر، 1402هـ/1982م، ص، 21.

[12] -للتعريف به راجع ص، 49.

[13] -للتعريف به راجع ص، 49.

[14] -لعميد، عبد العزيز: ص، 49.

[15] -نفسه، ص، 49.

[16] -نفسه، ص، 50.

[17] -هلال، عمار: الهجرة الجزائرية نحو الولايات العثمانية، المرجع السابق، ص، 91.

[18] -لعميد، ص، 51.

[19] -نفسه، ص، 51.

[20] -نفسه، ص، 51.

[21] -الميلي، مبارك،: تاريخ الجزائر في القديم والحديث، ج، 3، ص، 283.

[22] -عوض، صالح: معركة الإسلام والصليبية، ص، 65.

[23] أبوا القاسم، سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية، ج، 1، ص، 72.

[24] -لعميد، ص، 52.

[25] -لعميد، ص، 55.

[26] -نفسه، ص، 33.

[27] - هلال، عمار: أبحاث ودراسات في تاريخ الجزائر المعاصرة(1830-1962)، المرجع السابق، ص، 86.

[28] -نفسه، ص، 90.

[29] -سهيل، الخالدي: الإشعاع المغربي في المشرق، ص، 32.

[30]-نفسه، ص، 35.

[31] -نفسه، ص، 37.

[32] -نفسه، ص، 38.

[33] -سهيل ، الخالدي: المرجع السابق، 88.

[34] -نفسه، ص، 101.

[35] -نفسه، ص-ص، 115-123

[36] - سهيل الخالدي: المرجع السابق، ص-ص، 164-165.

[37] -نفسه، ص، 169.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة