U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

قراءة في تاريخ الدولة السعدية


قراءة في تاريخ الدولة السعدية



مقدمة
المحور الاول : الأوضاع العامة بالمغرب وقيام الدولة السعدية
1- الأوضاع العامة قبيل قيام الدولة السعدية
2- بداية الدعوة السعدية بالجنوب المغربي 
3- قيام الدولة السعدية
4- مواجهة السعديين للأخطار الخارجية : معركة واد المخازن ‘‘أنموذجا ”
 المحور الثاني : الدولة السعدية وعهد القوة والازدهار﴿أحمد المنصور الذهبي﴾
1- شخصية أحمد المنصور وبيعته
  2- أحمد المنصور وسياسته التوسعية (حملة السودان الغربي)
  3- العلاقات الخارجية للدولة في عهد المنصور
 المحور الثالث :  مظاهر الحضارة المغربية في عهد السعديين العمران ‘‘ أنموذجا’’
خلاصة 




المقدمــة
شهد القرن 10هـ/16م، ميلاد دولة جديدة في المغرب خاصة مع وجود ظروف داخلية صعبة تمثلت في وجود سلطة مركزية ضعيفة لم تتمكن من الوقوف في وجه الأطماع الأجنبية في هذه الفترة.
وقد هيأت هذه الظروف الجو الملائم لقيام الدولة السعدية التي عملت بقيادة أشهر ملوكها احمد المنصور على تطوير البلاد و محاولة تحديثها في شتى المجالات.
ومرت الدولة السعدية شأنها في ذلك شأن باقي الدول السابقة لها بثلاث أطوار أساسية: طور التأسيس، طور الاستقرار و الازدهار، طور الضعف و الانهيار.
ومن خلال هذا العرض سنرصد هذه المراحل الثلاث ونحاول أن نبرز ما ميز كل مرحلة.

فأين تتجلى أهم مظاهر قوة الدولة المغربية في العهد السعدي؟



المحور الأول : الأوضاع العامة بالمغرب وقيام الدولة السعدية

1- الأوضاع العامة قبيل قيام الدولة السعدية
الوضع السياسي:
انعدام السلطة المركزية فقد كان الجهاز الوطاسي جهاز مشتت حيث لم تكن هناك سلطة مركزية.
وجود عدة إمارات شبه مستقلة عن الحكم الوطاسي.
انعدام الأمن، حيث تعرض سكان القرى والضواحي للنهب وأصبحوا يرغمون على أداء الإتاوات.
 الخطر العثماني، إذ أن الوجود التركي بالجزائر وضع بصفة نهائية حدا لحرية التنقل والتعامل التي كانت قائمة بين المغرب والجزائر. 
 الاحتلال الأجنبي، تمثل في احتلال اسبانيا والبرتغال لمجموعة من الثغور المغربية. 




الوضع الاقتصادي:



الوضع الاجتماعي:
تجلى الوضع الاجتماعي قبيل ظهور السعديين في:
تزايد نشاط العنصر اليهودي، وتحكمه في الاقتصاد المغربي وتجارته الداخلية والخارجية.
توقف النشاط العمراني.
تغلغل النفوذ الصوفي، والذي شمل ثلاث ميادين: الميدان السياسي، الحربي (الجهاد ضد الإسبان والبرتغال)، والميدان الروحي.

2- بداية الدعوة السعدية بالجنوب المغربي:
أدى الاحتلال المسيحي للسواحل المغربية لرد فعل قوي في الداخل تمثل في:
ظهور حركة صوفية ببلاد سوس عملت على التمسك بالدين القويم والحث على الجهاد لتحرير الوطن وتوحيد أجزائه...
تعتبر بلاد سوس المقر الأول للطريقة الجازولية التي عمت شُهرتها كل بلاد المغرب والتي كان لها أثر كبير في نشر حركة دينية ببلاد السوس.
أشهر الأئمة الذين عرفتهم بلاد سوس خلال هذه الفترة محمد بن مبارك الأقاوي، حيث يعتبر أول من اتجهت إليه الأنظار في ظروف عصيبة كهذه ليكون قائدا عليهم.



‘‘ فلما رأى أهل سوس ما داهمهم من تفاقم الأهوال وطمع العدو في بلادهم ذهبوا إلى الشيخ الولي الصالح أبي عبد الله محمد بن مبارك فذكروا له ما هم فيه من انتشار جماعتهم و افتراق كلمتهم وكلب العدو على مباكرتهم بالقتال ومراوحتهم وقال لهم إن رجلا من الأشراف بتاكمدارت من بلاد درعة أنسب بكم وأليق بمقصودكم، وفي عام ستة عشر وتسعمائة هجرية (916 هـ/ 1510م) بعث له المولى محمد بن عبد الرحمان المعروف بالقائم بأمر الله فقهاء المصامدة وشيوخ القبائل واستدعوه إلى تقديمه عليهم وتسليم الأمر  إليه، فلبى دعوتهم وأجاب رغبتهم وجاء معهم إلى قرية يقال لها تيدسي قرب تارودانت، فبايع الناس وأصبحوا معه بقلوب منفقة وأغراض على الجهاد مجتمعة موافقة”.
  نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي، الإفراني  ص 10- 16  



    



4-مواجهة السعديين للأخطار الخارجية : معركة واد المخازن ‘‘أنموذجا ”

إثر أزمة العرش التي انطلقت بعد وفاة عبد الله الغالب، التجأ محمد المتوكل سنة 1576 إلى البرتغال لطلب مساعدتهم مقابل التنازل لهم عن الشواطئ  المغربية، وكان على عرش البرتغال آنذاك الملك دون سبستيان ﴿1578- 1557﴾ ومن تم استغل الفرصة وقاد قوة عسكرية كبيرة لغزو المغرب رفقة حليفه المتوكل.
علم السعديون بنبأ الغزو، فجندوا أعدادا هائلة من المغاربة، كما وفروا الأسلحة المتطورة خصوصا النارية، و زاد من فعالية القوة السعدية عملية التخطيط للمعركة واختيار موقعها وتوقيتها 4 غشت 1578م. وقد اتجه الجيش السعدي بقيادة أبي مروان إلى ساحة المعركة، بعد أن أمر كتيبة بهدم قنطرة وادي المخازن قاطعا بذلك خط الرجعة على الجيش البرتغالي.









رسم بياني لمواقع القوات المتحاربة يوم معركة وادي المخازن كما جاء في كتابات لويس نييتو





فالتقت الفئتان وقد حقق الجيش السعدي في هذه المواجهة انتصارا عظيما حيث يقول عبد العزيز الفشتالي حول نتائج معركة وادي المخازن: 
‘‘ وناهيك من يوم أجلى ثلاثة ملوك موتى ما بين مجدل وغريق وفائض النفس حتف الأنف وعن ثمانين ألفا من المشركين ما بين قتيل وأسير حسبما تقرر في موضعه.”



ويطلق عليها أيضا معركة القصر الكبير لوقوعها قرب هذه المدينة. وبالنسبة لنتائج المعركة على المستوى الخارجي فقد أعطى انتصار المغرب في هذه الاخيرة سمعة دولية كما وضعت حدا للأطماع الاستعمارية بشأن المغرب.
 أما داخليا فقد أدت معركة وادي الخازن إلى استعادة المغرب لوحدته السياسية بالرغم من وجود جيوب بقيت تحت الاحتلال، واستطاع المخزن أن يفرض هيبته من غير صعوبة أو عائق.

عموما تختلف نتائج هذه المعركة باختلاف زوايا الفحص المعتمدة. فإذا نظرنا إليها من الزاوية المحلية فلن نتردد في القول إن نتائجها كانت متواضعة باعتبار أنها لم تسفر عن تحرير مجموعة من الثغور كسبتة ومليلية والبريجة، أما إذا وسعنا زاوية النظر إلى المستوى المتوسطي فإن نتائجها كانت على قدر كبير من الأهمية ولعل أهمها:
احتلال اسبانيا للبرتغال.
تراجع العثمانيين والأسبان عن كل مخططاتهم ضد المغرب.
جني أرباح طائلة من عملية تبادل الأسرى...

 المحور الثاني : الدولة السعدية وعهد القوة والازدهار﴿أحمد المنصور الذهبي﴾

1- شخصية أحمد المنصور وبيعته:
شخصية أحمد المنصور:
ولد أحمد المنصور سنة 956هـ/ 1546م بفاس وكان متمسكا بشعائر الإسلام كما كان يملك ثقافة واسعة، و عرف المنصور بحزمه ومقدرته في تسيير شؤون الدولة بفضل المدة التي قضاها بجانب أخيه في الجزائر وإستانبول مابين 1558-1576.
بيعة أحمد المنصور:
كان عبد المالك السعدي يعول كثيرا على أخيه أحمد ولم يتردد في تعيينه ولي للعهد إذ جاء في كتاب الإفراني ‘‘واعلم أني لا أحب أحد بعد نفسي كمحبتي لك ورغبتي في انتقال هذا الأمر بعدي إلا لك لا لغيرك’’ (نزهة الحادي، ص 145).

2- أحمد المنصور وسياسته التوسعية :
             أن أحمد المنصور الذهبي عند وصوله للحكم كان على دراية كبيرة بمتطلباته وكان يحمل مشروعا متكامل الأطراف والجوانب، مشروع يهدف إلى بناء دولة قوية ذات مكانة مهمة في العلاقات الجيوسياسية بمنطقة البحر الأطلسي.
ضم الصحراء:
كانت ناحيتا توات وتيكوراين الواقعتان الآن في الأراضي الصحراوية الجزائرية تتمتعان بحكم ذاتي  وتخضعان للملوك المغاربة الذين يمدون نفوذهم إلى تلك الجهات وقد قرر المنصور بعد ثلاث سنوات من توليته أن يفتح المنطقتين المذكورتين اللتين لم يكن الأتراك يعيرونها اهتماما، وذلك سنة 992 هـ / 1584م.

حملة السودان 1590م:

« أما قولكم أن من قبلنا من الدول الطنانة لم يطمع أبصارهم بذلك فاعلموا أن المرابطين صرفوا عنايتهم لغزو الأندلس ومقاتلة الإفرنج...والموحدون اقتفوا سبيلهم في ذلك...والمرينيون كان غالب وقائعهم مع بني عبد الواد بتلمسان ونحن اليوم انسدت أبواب الأندلس باستيلاء العدو الكافر عليه جملة وانقضت عنا حروب تلمسان ونواحيها من الجزائر باستيلاء الترك عليها. ثم إن أهل تلك الدول لو أرادوا ما أردنا لصعب علهم إدراكه لأن جيوشهم فرسان رامحة ورماتهم ناشبة ولم يكن عندهم هذا البارود وعساكر النار المرهبة... وأيضا فإن السودان أنفع من إفريقيا فالاشتغال بها أولى من منازلة الأتراك لأنه تعب كثير في نفع قليل»
الكتاب المدرسي للسنة الرابعة ثانوي نقلا عن الإفراني 





ومن أبرز نتائج ضم السودان ارتفاع الموارد المالية للدولة نظرا لغزارة الذهب الذي جلب من السودان فقد أسهم الذهب بنصيب كبير في إثراء الدولة السعدية والخزينة المغربية، ذلك أن البلاد ستشهد نشاطا واسعا في الميدان الاقتصادي كما ازدهرت صناعة السكر على نطاق شمل عدة جهات من البلاد.

3- العلاقات الخارجية للدولة في عهد المنصور:



 المحور الثالث: المحور الثالث: مظاهر الحضارة المغربية في عهد السعديين العمران ‘‘أنموذجا’’

الاستقرار السياسي 1570-1603: لم يعكر صفو الهدوء الذي عرفه عهد عبد الله الغالب سوى لجوء إخوته إلى الجزائر ثم إلى استانبول. أما عهد أحمد المنصور فقد عرف حالة من الاستقرار والازدهار.




الازدهار الاقتصادي:عائدات الأسرى بعد معركة وادي المخازن، الضرائب، عائدات صناعة السكر وملح البارود، عائدات الحملة على السودان.




التطور العمراني: لقد شيدت أهم البنايات ذات الطابع الديني بمدينة مراكش بعد أن صارت قاعدة للحكم من جديد وهكذا ففيما بين 1570-1603 شهت مراكش تشييد مالا يقل عن ست منشأة كبرى تتكون من مدرسة وجامعين كبيرين وضريح سيدي محمد بن سليمان الجازولي والمقبرة الملكية بالإضافة إلى قصر البديع.


أهم منجزات الدولة السعدية في الجانب العمراني:
لقد سعى أحمد المنصور الذهبي إلى إبراز عظمة الدولة قوة السلطان بتحويل مراكش إلى عاصمة للملك تضاهي نظيراتها في العالم المتوسطي بمنشأتها العمرانية الشامخة لعل أهمها قصر البديع ‘‘الذي استقدم من أجل بنائه العملة والصناع من بلاد الإفرنجة واستغرق بناؤه مدة تزيد عن ثلاث عشرة سنة’’ (الناصري، الإستقصا، ج 7، ص 135).





كما اعتنى هذا السلطان بتحصين الحواضر حيث أعاد بناء أسوار مدينة فاس حسب شهادة المقري كما أدار المدينة بأبراج ضخمة وحصون شامخة جهزها بالعديد من الأنفاظ، ‘‘وقد استعمل في بناء البرجين الجنوبي والشمالي منها على الخصوص الأحجار الكلسية المنجورة، وهو ما مكن هذين البرجين من الصمود وجه عوادي الدهر اليوم’’ ( القبلي،  تاريخ المغرب، ص 383).




فاس: منظر عام للبرج الشمالي

------------------------------------------------------------


  مدرسة ابن يوسف بمراكش

-------------------------------------------------------------



جامع المواسين (مراكش)

-------------------------------------------------------------


       قبور السعديين بمراكش





خلاصة
عرف المغرب بفضل النقد المتين الذي دعمه الذهب،و بفضل سياسة التصنيع للسكر و تجهيز البلاد بأسطول تجاري كان ينطلق من العرائش و سلا و غيرهما، حقبة زاهرة اقتصاديا مع سلوك سياسة تحرر حقيقية اتجاه الدول الأوربية لضمان تبادل نشيط و مفيد بين الطرفين لم يسبق له مثيل في تاريخ المغرب.
    لكن رغم هذه المجهودات لم يستطع السعديون توحيد المغرب و تحرير الثغور المحتلة.
يظهر أن ذلك لم يكن ممكنا لتظافر عدة أسباب:
لم يكن التحرر كاملا،فقد حال وجود البرتغاليين بمزغان دون استغلال منطقة غنية و مهمة(ضواحي أزمور و الجديدة)وبقيت تلك الربوع فارغة إلى عهد أحمد المنصور السعدي  بل و حتى القرن 17م.كما أن بقاء البرتغاليين في طنجة و سبتة حال دون إنعاش القسم الشمالي من الهبط.

الافتقار إلى الأمن بسبب التدخلات الأجنبية (العثمانيون، الإسبان)وبسبب فشل السعديين في ضمان الأمن الداخلي فقد كانت الفترات الهادئة استثناءا في عهد السعديين.فقد حطمت الحروب بين المتوكل و المعتصم كل ما ثم إنجازه خلال حكم الغالب .و نسفت الحروب بين أبناء المنصور السعدي كل ما أنجزه خلال فترة حكمه،حيث امتدت هده الفترة التي عانى المغاربة خلالها من كل أنواع المحن و الكوارث من 1603م إلى 1670م،أي أنها أطول من فترة الاستقرار النسبي التي عرفته الدولة في مراحلها الأولى(1554-1603م).
فقدان المغرب بفعل الحروب و المجاعات و الأوبئة-خاصة طاعون1557م و 1580م ووباء1597م و1600م الذي كان المنصور السعدي أحد ضحاياه – لثرواته الديموغرافية مما حتم سيادة الترحال و الاعتماد على تربية الماشية و قلة الإنتاج.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة