الصراع الإسباني العثماني
الصراع الإسباني العثماني
1-تمهيد.
2- مظاهر الصراع الإسباني العثماني.
1- الحملات الإسبانية على بلاد المغرب وتصدي العثمانيين لها.
2- الدعم العثماني للمورسكيين في إسبانيا.
3- التحالف العثماني الفرنسي ضد الإسبان.
4- حصار مالطا سنة 1565م.
5- معركة ليبانت 1571م.
1-تمهيد:
يكتسب البحر المتوسط أهمية كبيرة في محتلف
العصور، ويعتبر القرن 10هـ/16م، قرن صراعات دامية بين القوى العظمى آنذاك،وخاصة في الحوض الغربي
للبحر الأبيض المتوسط،بين أمبراطوريتين هما : الدولة العثمانية من جهة وإسبانيا من
جهة أخرى،حيث تصادف حضور الدولتين صراعات متوالية على منطاق النفوذ، ومنها مناطق
بلاد المغارب، والتي كانت في نهاية القرن 15م وبداية
القرن 16م، في حالة أزمة وتفكك سياسي وإقتصادي واجتماعي،وكذا سقوط آخر معاقل
المسلمين في الأندلس،الأمر الذي ما فتئ ملوك الإسبان، وهم يحاولون جهدهم لتوطيد أقدامهم
على الشواطئ المغاربية،وظهور العثمانيين على مسرح الأحداث، ودورهم في طرد الإسبان
من هذه المناطق، وتوطيد الإيالات العثمانية في منطقة المغارب، وهكذا ظهر الصراع
الإسباني العثماني في هذه المنطقة، فما هي مظاهر هذا الصراع؟
2-
مظاهر الصراع الإسباني العثماني:
نلاحظ أن جل الدراسات تقريبا اختزلت تاريخ هذه الفترة في ذلك الصراع القائم بين الدولة العثمانية من ناحية والأسبان من ناحية أخرى، فقل ما نجد حديثا يخرج عن دائرة هذا الصراع الذي يأخد عند بعض الدارسين المغاربة صبغة دينية طاغية(1) حيث يمكن إعتبار الصراع الإسباني العثماني في منطقة المغارب، وفي القرن 10هـ/16م، هو صراع بين العالم الإسلامي الذي تتزعمه الدولة العثمانية،والعالم المسيحي الذي تتزعمه الأمبرطورية المسيحية المقدسة، ممثلة في إسبانيا،ولقد كانت تلك المظاهر تعكس أوجه الصراع، بداية من الحملة الإسبانية على الأندلس، ومحاولاتها إحتلال شواطئ بلاد المغرب، وردود فعل المغاربية ومعها العثمانيون لرد هذه الإعتداءات، وما نجم عنها من
-------------------------------
(1) ينظر: عبد الجليل التميمي:الخلفية الدينية للصراع الإسباني العثماني على الإيالات المغربية في القرن السادس عشر، في المجلة التاريخية المغربية،عدد10-11، 1978، ص ص 5-44.
آثار سياسية وعسكرية وإقتصادية على هذه المنطقة،
ويمكن حصر تلك المظاهر في النقاط التالية:
1-
الحملات الإسبانية على بلاد
المغرب وتصدي العثمانيين لها.
2-
الدعم العثماني للمورسكيين
في إسبانيا.
3- التحالف العثماني الفرنسي ضد الإسبان.
4-
حصار مالطا سنة 1565م.
5-
معركة ليبانت 1571م.
1-الحملات الإسبانية
على بلاد المغرب وتصدي العثمانيين لها:
كانت
حملات وغارات الإسبان لبلدان المغرب واحدة تلو الأخرى، واتسمت بالوحشية والشراسة
في تخريب العمران،وقتل البشر واسترقاقهم وإذلالهم.كانت بدايات الإحتلال
الإسباني لمناطق بلاد المغرب بداية من احتلال تيطوان سنة 1401م، ثم مرفأ عنابة سنة
1463م،وافتكوا سبتة من
البرتغاليين في أواخر القرن 15م،ومع بداية القرن السادس عشر كان
الأسبان احتلوا المرسى الكبير سنة 1505م (1).
ومن المدن التي سقطت في أيدي الإسبان مدينة مدينة وهران في 15 ماي 1509م(2)،ثم بجاية في شهر
جانفي 1510م(3).مما أدى إلى دخول
العثمانيين معترك الصراع ومجابهة الإسبان وتحرير كل المدن التي إحتلها الإسبان
بداية من جيجل سنة 1514م، إلى آخر معاقل الإسبان في المنطقة
وهي وهران سنة 1792م،واحتلّوا
وهران وبجاية سنة وطرابلس سنة 1510م،كما احتل البرتغاليون
في سنة 1415م مدينة سبتة،وطنجة
عام 1438م،وتوغلوا في إحتلال المدن المغاربية، حيث إحتل البرتغاليون
أزمور سنة 1468م، واصيلة سنة 1471م،كما احتلوا مدينة
مليلية سنة 1496م(4).
---------------------------------
(1) أحمد توفيق المدني: حرب الثلاثمائة
سنة بين الجزائر واسبانيا (1492 / 1792م،وثائق
ودراسات، ط3
،المؤسسةالوطنیة للكتاب، الجزائر، 1984 ، ص
ص 96
ـ 98.
(2) عبد الرحمان الجيلالي: تاريخ الجزائر
العام، ج2 ،ط2 ،دار الثقافة، بيروت، ، ص 203
.
(3) نفسه ، ص 122
.
(4) يحي بوعزيز: مع تاريخ الجزائر في الملتقيات الوطنيو والدولية،دار البصائر للنشر والتوزيع،الجزائر 2009،ص 247.
كما
أرغموا مدن:مستغانم، وتنس،والجزائر،ودلس،على دفع
الضرائب لهم،في هذه السنوات احتاط الأتراك العثمانيون لما يجري في الضفة
الغربية للبحر المتوسط،حيث التحق بهذه المنطقة الإخوة عروج،وهو العهد الذي بدأ فيه
الصراع الإسباني العثماني،بداية من سنة 1504م،واستقرارهم بتونس،وفي سنة 1524م،(1)منحت إسبانيا طرابلس لفرسان القديس يوحنا الذين خسروا المدينة بدورهم عام 1551م لصالح العثمانيين،أمام القائد العثماني سنان باشا(2) . ثم إتجه
الإسبان لجزيرة جربة سنة 1511م.(3) ثم تحرك
العثمانيين إلى تونس سنة 1534م، وكرد فعل على
دخول العثمانيين لتونس وجيجل ومحاولتهم تحرير بجاية،واسترجاع الجزائر وضمها سنة 1516م،حاول الإسبان
أن يغزو ويحتلوا كل من الجزائر وشرشال في أعوام1516م و1531م وم1531م و1541م،ثم حملة شارلكان واحتلال تونس 1535م،ثم استرجاع تونس 1574م وضمها
للعثمانيين نهائيا،واسترجاع العثمانيين لطرابلس الغرب سنة 1551م (4).
2-الدعم العثماني
للمورسكيين في إسبانيا:
قام العثمانيون بمجهودات جبارة لمساعدة أهل
الأندلس، والوقوف معهم في محنتهم ضد الإسبان،وخاصة دعمهم لثورة المورسكيين التي
إندلعت سنة 1568م،وذلك على إثر
فرض الإسبان على المسلمين التنصر أو الطرد، ومنها قوانين سنة 1563م و1567م(5).
لم يتردد مسلمو الأندلس في طلب الإستغاثة من الدولة العثمانية بين الحين والآخر، فقد بعثوا في سنة 1541م، برسالة استغاثة إلى السلطان العثماني سليمان القانوني(6)،كما أصدرت الحكومة الإسبانية في سنة 1567م،مرسوما جديدا يزيد من الإضطهاد لمسلمي الأندلس في عهد فيليب الثاني، كل هذه العوامل أدت إلى ثورة المورسكيين في الأندلس،وهكذا أرسل العلج علي حملة إلى ميناء المرية
--------------------
(1) علي عامر محمود وخير الدين فارس: تاريخ
المغرب العربي الحديث(المغرب الأقصى،ليبيا)، منشورات جامعة دمشق، ج2،1999،ص
328.
(2) نفسه،ص 149.
(3) أحمد توفيق المدني: حرب الثلاثمائة سنة بين
الجزائر وإسبانيا 1492-1792م،ط3، المؤسسة الوطنيو للكتاب، الجزائر 1984، ص 29.
(4) يحي بوعزيز، المرجع السابق ،ص 56
.
(5) ليلي الصباغ: ثورة مسلمي غرناطة عام
976هـ/ 1541م، في مجلة الاصالة، أكتوبر 1975، العدد 27،ص 120.
(6) عبد الجليل التميمي: رسالة من مسلمي غرناطة إلى السلطان سليمان القانوني سنة 1541م، في المجلة التاريخية المغاربية، جانفي 1975، العدد 03،ص ص 43-46.
الإسباني(1)،واستمر
العثمانيون في دعم الأندلسيين خلال سنة 1569م، حيث بعث العلج علي أساطيل محملة بالأسلحة والجنود دوي الخبرة،
لتأطير الثوار الأندلسيين،وتجددت المساعدات في السنة الموالية،ولذلك وخوفا من تدخل
الأسطول العثماني، قررت تصفيتها في أقرب وقت ممكن وهو ما حدث بالفعل، حيث سخرت للقضاء
على هذه الثورة إمكانيات ضخمة، وهو ما حدث في سنة 1570م(2).
3- التحالف
العثماني الفرنسي ضد الإسبان:
شهدت العلاقات العثمانية الفرنسية تميزا
وتنوعا،بدات في عهد السلطان سليمان القانوني، وفرانسوا الأول ملك فرنسا،والتي
إنتهت بإبرام معاهدة الإمتيازات(3) les capitulations) (، وكان لهذه
المعاهدة شقها الدبلوماسي والعسكري والإقتصادي،وجاءت بعد إرغام ملك إسبانيا
شارلكان فرانسوا الأول وأسره إثر معركة بافيا سنة 1525م وإجباره على توقيع اتفاقية
مدريد المذلة للفرنسيين(4).
في
عام 1543م أمر السلطان العثماني سليمان القانوني القائد خير الدين بربروسا
بالإبحار إلى فرنسا بأسطول قوامه 120 سفينة و30 ألف جندي لمساعدة الفرنسيين بتحرير
مدينة نيس شارلكان(5)، وقد نجح بربروسا من تحرير المدينة والانتصار على جيوش الرومان
والإيطاليين. وإثر هذا الانتصار العثماني الكبير عرض ملك فرنسا على بربروسا إقامة
قاعدة عثمانية في ميناء طولون الفرنسي المطل على البحر الأبيض المتوسط(6) .
-------------------------
(1) ينظر: الشافعي
درويش: علاقات الإيالات العثمانية في غرب المتوسط مع إسبانيا خلال القرن
10هـ/16م، مذكرة ما جيستير في التاريخ الحديث، المركز الجامعي بغرداية، 2010-2011، ص 66.
(2) ليلي الصباغ:المرجع السابق، ص 157.
(3) عبد العزيز عمر:محاضرات في تاريخ
الشعوب الإسلامية في العصر الحديث،دار المعرفة الجامعية،الجزائر 2008،ص
21.
(4) عبد القادر فكاير:الغزو الإسباني
للسواحل الجزائرية وآثاره 910-1206هـ/1505-1792م،ط2،
دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر 2015،ص182.
(5) ينظر: محمد فريد المحامي: المصدر
السابق، ص 237.
(6) ينظر:جميل عائشة: الجزائر والباب العالي من خلال الأرشيف العثماني 1520-1830م، أطروحة دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر، جامعة جيلالي اليابس، سيدي بلعباس، 2017-2018، ص 180-181.
4-حصار مالطا سنة 1565م:
تعتبر جزيرة مالطا قاعدة بحرية هامة،تؤثر على حرية التنقل في المتوسط، وتهدد المصالح الإسلامية التجارية،كما كان فرسان مالطا يعيقون حركة الحجاج المسلمين باتجاه الأماكن المقدسة، وقد أدرك درغوت باشا جيدا حساسية موقع مالطة وخطورتها على العثمانيين،وقد طلب من السلطان مرارا الإستيلاء عليها(1).وصلت الحملة العثمانية بقيادة كل من بيالة باشا، ومصطفى باشا إلى جزيرة مالطا بتاريخ 18 ماي 1565م،والتحق درغوت بحوالي 23 سفينة، ثم ألتحق بهم كل من حسن باشا حاكم الجزائر وعلج علي باشا الإسكندرية،ودام الحصار لهذه الجزيرة حتى فصل الشتاء، مما أظطر بيالي باشا إلى رفع الحصار نظرا لإرتفاع عدد الخسائر البشرية التي لحقت بالأسطول،وقد استشهد في هذا الحصار ذرغوت باشا(2).
5- معركة ليبانت 1571م:
ليبانت هي مدينة واقعة من المدخل الشمالي لجزيرة كورنت باليونان، وذكرت ب: lépanto
ضمها السلطان محمد الفاتح سنة 1470م، وبقيت تحت حكم العثمانيين إلى غاية 1687م(3)،حيث كان من أسبابها هو الصراع العثماني الإسباني،ومن خلفياته فتح العثمانيين لكثير من المناطق والجزر الأوروبية، وخاصة رودوس سنة 1522م(4)،ومعركة بريفيزا سنة 1538م،والتي انتصر فيها العثمانيون(5)،ثم فتح قبرص سنة 1571م(6)،وكان من نتائج هذه المعركة، أن خسر العثمانيون هذه المعركة، حيث كانت الخسائر حوالي 20000 من القتلى كما استولى المسيحيون على 130 سفينة وأحرقت حوالي 94 سفينة وغنموا 300 مدفع ، أسروا 30000 أسير(7) كما تم تحرير 8000 أسير مسيحي،أما من الجانب المسيحي فقد قتل حوالي 8000 جندي وحوالي 10000جريح، كما فقد
-------------------------
(1) ينظر: الشافعي
درويش: علاقات الإيالات العثمانية في غرب المتوسط مع إسبانيا خلال القرن
10هـ/16م، مذكرة ما جيستير في التاريخ الحديث، المركز الجامعي بغرداية، 2010-2011، ص 66.
(2) ليلي الصباغ:المرجع السابق، ص 157.
(3) عبد العزيز عمر:محاضرات في تاريخ
الشعوب الإسلامية في العصر الحديث،دار المعرفة الجامعية،الجزائر 2008،ص
21.
(4) عبد القادر فكاير:الغزو الإسباني
للسواحل الجزائرية وآثاره 910-1206هـ/1505-1792م،ط2،
دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر 2015،ص182.
(5) ينظر: محمد فريد المحامي: المصدر
السابق، ص 237.
(6) ينظر:جميل عائشة: الجزائر والباب العالي من خلال الأرشيف العثماني 1520-1830م، أطروحة دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر، جامعة جيلالي اليابس، سيدي بلعباس، 2017-2018، ص 180-181.
(7) نفسه،ص 257.
الأسطول المسيحي حوالي 12 سفينة
وسفينة واحدة تم أسرها(1)، وعلى إثرها تم تكليف العلج
علي بإعادة بناء الأسطول العثماني من جديد، مع القبطان الشهير بيالي
باشا، حيث في وقت قصير تمكنا من تجهيز 250 سفينة
حربية(2).
---------------------------
(1) نورويش )جون جوليوس(:البحر الدتوسط" تاريخ بحر ليس كمثله بحر "، ترجمة طلعت الشايب،ط 1، المركز القومي للتًرجمة، القاهرة، 2015 م،ص393.
(2) فكاير عبد القادر: المرجع السابق،ص 420، وينظر أيضا لنفس المؤلف: دور الأسطول الجزائري في معركة ليبانت 1571م، في مجلة مواقف للبحوث والدراسات في المجتمع والتاريخ، العدد 09، ديسمبر 2014، ص 417.
إرسال تعليق