U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

الحركة الوطنية الجزائرية

الحركة الوطنية الجزائرية






المحاور: 

- مقدمة عامة:

           1. ظهور النخبة الجزائرية.

          2. الحركة الوطنية الجزائرية.

          3. أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية.





مقدمة عامة:

غالبا ما يشار إلى الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830 كبداية لنمط جديد من الاستعمار ، يختلف من حيث الأهداف والأساليب عن سابقه، وعادة ما يقسم المؤرخون الاستعمار إلى قسمين:

الاستعمار التقليدي: وهو ذلك الشكل الذي يجسد سيطرة القوى البحرية الأوروبية التقليدية-البرتغال، اسبانيا، هولندا، انجلترا، وفرنسا- على مناطق شاسعة في إفريقيا واسيا والعالم الجديد بداية من القرن الـ15، وغالبا ما ارتبط هذا الشكل من الاستعمار بإنشاء مراكز تجارية و بالسيطرة على الطرق البحرية الرئيسية واستغلال الثروات النفيسة لتحقيق الرفاهية المادية للغرب، بما في ذلك باستخدام أساليب إبادة الشعوب ونهب ثرواتها، والشعار الذي رفعه الانجلوسكسون في أمريكا الشمالية "The only good Indian is a dead Indian" –الهندي الوحيد الطيب هو الهندي الميت- هو مثال جيد عن عمليات الإبادة التي تعرض لها الهنود الحمر في القرنين الـ15 و الـ16.

الاستعمار الحديث: يعتبر القس الاسباني بارتوني دي لاس كاساس Las Casas (1474-1566)(*)  أول من رأى انه من المهم جدا تسخير شعوب المناطق المحتلة لخدمة مصالح القوى الاستعمارية، حيث شن حملة للدفاع عن الهنود الحمر في العالم الجديد، وجاء خلفاؤه فيما بعد بفكرة رسالة التمدين La mission civilisatrice  وجوهر الفكرة؛ تكوين طبقة اجتماعية من الشعوب المحتلة موالية ثقافيا وفكريا للغرب، وهي الرسالة التي تولى تجسيدها المبشرون واللبراليون بأسلوبين مختلفين، وغالبا ما يتم اعتبار المستوطنين الأوروبيين في الجزائر نموذجا للاستعمار التقليدي، في حين كان اللبراليون وهم في الغالب من ممثلي الإدارة الفرنسية-أمثال ادوارد هيريو، موريس فيوليت، شاتينو،جاك شوفاليي- يمثلون الوجه الحديث للاستعمار، ولا يمكن بأية حال فهم ذلك الصراع بين ممثلي الإدارة الفرنسية في الجزائر والمستوطنين الأوربيون إلا من هذه الزاوية، وهو أيضا نموذج جيد لفهم تباين توجهات النخبة السياسية في الجزائر في البدايات الأولى للقرن الـ20 بين دعاة المساواة والاستقلاليين وهو يعكس في الحقيقة نجاحا نسبيا لدعاة رسالة التمدين.



______________________________
(*)  هو صاحب فكرة اختطاف زنوج إفريقيا (1512) واستغلالهم في العالم الجديد وحجته في ذلك هي أن المسيحية في حالة حرب مع الإسلام (لأنه عايش فترة طرد المسلمين من الأندلس)






 I.      ظهور النخبة الجزائرية:
يمثل ظهور النخبة الجزائرية أواخر القرن الـ19 بديلا طبيعيا لإخفاق المقاومات الشعبية، وهي النخبة التي آمنت منذ البداية بالنضال السياسي لتحسين أحوال الجزائريين السياسية والاجتماعية، وظهورها هو أيضا نتيجة طبيعية لاحتكاك المهاجرين الجزائريين بفرنسا بالحركات اليسارية وبالنقابات العمالية في هذا البلد، وتأثرها بالفكر وبنمط الحياة الغربي.(1)

هذه النخبة تبنت منذ البداية أسلوب النضال السياسي وهو الأسلوب القائم على الضغط و التغيير السلمي وأدواته في الغالب هي الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والجرائد والإضرابات والمظاهرات، وغالبا ما يتم النظر إلى العام 1912 باعتباره بداية للمقاومة السياسية الجزائرية، حيث اعتبرت مذكرة "لجنة الدفاع عن مصالح المسلمين" 26 جوان 1912 التي رفعت إلى الرئيس الفرنسي "بوانكاريه" Poincaré مؤشرا قويا على بزوغ جيل جديد من الجزائريين يحمل الثقافة الفرنسية، ويسعى للدفاع عن مصالح شعبه في إطار القوانين الفرنسية.

حركة الشبان الجزائريين:
تعتبر حركة "الشبان الجزائريين"  Les Jeunes Algériens أول تنظيم للنخبة الجزائرية في فرنسا، والأرجح انه ظهر سنة 1892 على يد فئة جزائرية مثقفة ثقافة فرنسية تشتغل في مجالات التعليم والترجمة والطب والتجارة، وتطالب بالحقوق السياسية والاجتماعية للجزائريين،(2) ومن ابرز هؤلاء بلقاسم بن التهامي، مختار حاج سعيد، و الشريف علوي، وللتعبير عن آرائهم انشئوا جريدة التقدم عام 1904، كما ظهرت لهم العديد من النوادي والجمعيات في الجزائر، منها ما يعود إلى سنة 1885، ومن ابرز ها جمعية"الراشدية" بالعاصمة 1902، و"صالح باي" بقسنطينة 1907، ونادي التقدم في عنابة والشبان الجزائريين في تلمسان، كما ظهرت لهم أيضا جرائد المصباح والهلال وكوكب إفريقيا والمسلم في وهران والعاصمة وقسنطينة، وكانت أفكارهم في الغالب تصب في خانة المساواة بين الجزائريين والفرنسيين والإدماج.
______________________________________________________
(1)  صالح فركوس، تاريخ الجزائر: من ماقبل التاريخ إلى غاية الاستقلال، عنابة، دار العلوم للنشر والتوزيع، 2005، ص403
(2) عمار بوحوش ، تاريخ الجزائر السياسي: من البداية ولغاية 1962، دار الغرب الإسلامي،  ص 203




وبعد صدور قانون التجنيد الإجباري 03 فيفري 1912 الذي قوبل برفض شديد من الجزائريين ومعارضة المستوطنين لإدماج الجزائريين في الجيش الفرنسي خوفا على مصالحهم، أرسل "الشبان الجزائريين" وفدا عنهم لمقابلة الرئيس بوانكاريه يوم 18 جوان 1912(1) وطالب الوفد بالحقوق الأساسية التالية:
-         إلغاء قانون الأهالي (الانديجينا).
-         المساواة في التمثيل السياسي في مختلف المجالس.
-         المساواة في دفع الضرائب.
وبالرغم من أن الحركة قد نجحت نسبيا في كسب تأييد شريحة من الشعب الجزائري، إلا أنها كانت تعاني من عدم وجود شخصية قوية بإمكانها تحريك الشارع الجزائري، وهذا قبل انضمام الأمير خالد إلى حركة الشبان الجزائريين عام 1913.

النشاط السياسي للأمير خالد :
في البداية تولى الأمير خالد منصب مسؤول الإعلام في حركة الشبان الجزائريين، وحاول في افريل 1914 تشكيل تحالف بين الجزائريين وفرنسا، وتبنى نفس المطالب التي تنادي بها الحركة، ومع ذلك اظهر الأوروبيون في الجزائر سخطهم على الأمير خالد والشريف بن حبيلص الناطق الرسمي للحركة، وعبروا عن تخوفهم من تجسيد أفكار الحركة خصوصا مبدأ المساواة والاعتراف بالحقوق السياسية، وبعد نهاية الحرب، ترأس الأمير خالد وفدا لحضور مؤتمر فرساي ونجح في تسليم رسالة لأحد مرافقي الرئيس الأمريكي ولسن في 19 ماي 1919، وهنا شعر الفرنسيون بالخطر، ونجح والي الجزائر "لوفيبور" Lefebure في التفريق بين الأمير خالد وحركة الشبان الجزائريين بعد إثارته لمسالة ربط الجنسية الفرنسية بالتخلي عن الأحوال الشخصية، حيث وافقت جماعة بلقاسم بن التهامي على موقف الوالي وأصر جناح الأمير على الجنسية الفرنسية مع الاحتفاظ بالأحوال الشخصية، وانسحب أنصار الاتجاه الأول من الحركة، وفاز جناح الأمير في الانتخابات البلدية نوفمبر1919 ثم افريل 1920 ثم في الانتخابات الجزئية في جويلية 1921على خصومه المدعمين من قبل الادارة الفرنسية، وفي جانفي
_____________________________________________
(1) نفس المرجع السابق، ص 204





1922 أسس الأمير خالد جمعية "الأخوة الجزائرية" كبديل عن حركة الشبان الجزائريين،(1) لكن مسلسل التضييق على الأمير خالد كان قد بدا فعلا وتم اتهامه بالتطرف الديني وبنزعة الانفصال والعمالة للحزب الشيوعي مما اضطره إلى الانسحاب من العمل السياسي في افريل 1923.

   II.            الحركة الوطنية الجزائرية:
لقد كانت حركة الشبان الجزائريين أول حركة سياسية جمعت مختلف تيارات النخبة الجزائرية، وقد كان للانقسام الحاصل داخل الحركة بداية من عام 1919 وانسحاب أنصار التصور الاندماجي بفعل عدم تطابق أفكارهم مع جماعة الأمير خالد، دافعا لظهور صورة جديدة من الأحزاب والحركات السياسية، يطلق عليها غالبا اسم "الحركة الوطنية" نستعرض عناصرها فيما يلي:

1)        نجم شمال إفريقيا: Etoile Nord Africaine (E.N.A)
أسسه الحاج علي عبد القادر-عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي- في 20 جوان 1926 في باريس بهدف جمع مناضلي المغرب العربي، أسندت رآسته الشرفية للتونسي الشاذلي خير الدين، ومن الناحية الفعلية كان الحاج علي رئيسا للحزب ومصالي الحاج أمينا عاما، وشبيلة الجيلالي أمينا للمال، لكنه أصبح حزبا جزائريا خالصا بعد طرد الشاذلي خير الدين من فرنسا في 27 ديسمبر 1927، وتولى الدور الأكبر فيه مصالي الحاج خصوصا بعد انسحاب الحاج علي نحو سنة 1930، واستطاع الحزب أن يستقطب فئة عريضة من المهاجرين الجزائريين، لكنه لم يعمر طويلا حيث أقرت السلطات الفرنسية حل الحزب بتاريخ 20 نوفمبر 1929، مما دفع بأعضائه إلى العمل السري لمدة ثلاث سنوات عادوا بعدها إلى العمل القانوني تحت اسم جديد هو حزب شمال إفريقيا المجيد (G.E.N.A) 28 ماي 1933 وتضمن برنامج الحزب الجديد النقاط التالية:(2)

-         إنشاء برلمان وطني منتخب من قبل كل الشعب الجزائري.
-         تأسيس حكومة وطنية جزائرية مستقلة.
-         إلغاء كل القوانين الاستثنائية، وإلغاء نظام البلديات المختلطة.


______________________________________________________
(1) عمار عموره، الجزائر بوابة التاريخ: ماقبل التاريخ الى 1962، الجزائر، دار المعرفة، 2006، ص 334
(2) سعيد بوالشعير، مرجع سابق، ص 290




-         الاعتراف بالحريات الأساسية وإجبارية التعليم باللغة العربية.

غير أن مصالي الحاج واصل نشاطه  بدءا من جويلية 1935 تحت اسم حزبه القديم "نجم شمال إفريقيا" بعد قرار للمحكمة الفرنسية بعدم قانونية قرار الحل، لكن فرنسا عادت من جديد إلى سياسة التضييق على نشاط الحزب وملاحقة قادته، وبالرغم من أن الحزب حتى هذا التاريخ بقي نشاطه مقتصرا على داخل فرنسا، إلا انه قد اكتسب شعبية كبيرة في الجزائر أيضا، وقد كان لفشل مصالي الحاج في إقناع وفد المؤتمر الإسلامي  بالتخلي عن فكرة التمثيل والجنسية الفرنسية لدى زيارة الوفد إلى باريس لتقديم مطالبه إلى الحكومة الفرنسية في باريس، أثره الكبير في دفع مصالي الحاج إلى نقل نشاطه السياسي إلى الجزائر، وقد كانت مواقفه هذه سببا في إقدام الحكومة الشعبية على حل حزب الشعب بموجب مرسوم 26 جانفي 1937.

2)          فدرالية نواب مسلمي شمال إفريقيا: (F.E.M.A) Fédération des Elus Musulmans d'Algérie
ظهرت هذه الحركة بتاريخ 18 جوان 1927 على يد مجموعة من المنتخبين الجزائريين المعروفين بفكرة الاندماج، تولى رآستها بلقاسم بن التهامي، والى جانبه محمد الصالح بن جلول وفرحات عباس،  وكانت جريدة التقدم لسان حال هذه الحركة، وكانت تطالب بما يلي:(1)
-         المساواة السياسية والإدارية والعسكرية بين الأوروبيين والجزائريين
-         تطبيق القوانين الاجتماعية على الجزائريين.

غير أن أفكار هذه الحركة لم تلق إقبالا شعبيا، وانسحب منها ابن جلول عام 1938، ثم انسحب منها فرحات عباس، حيث قام ابن جلول بتأسيس حركة جديدة سماها "التجمع الفرنسي-الإسلامي الجزائري (R.F.M.A) في جويلية 1938، واحتفظ بنفس المطالب تقريبا، ولم يكن لهذه الحركة أي تأثير في الساحة السياسية الوطنية.

____________________________________
(1) عمار عمورة، مرجع سابق، ص 346.


3)     جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:


تأسست في 05 ماي 1931 على يد مجموعة من الإصلاحيين، انتخب الإمام عبد الحميد بن باديس رئيسا لها، وبعد وفاته في 1940 خلفه نائبه الشيخ البشير الإبراهيمي-رحمهما الله- وكانت مجلة "الشهاب" منبرا للجمعية حتى سنة 1939، وهي في الحقيقة حركة إصلاحية أكثر منها سياسية، اهتمت بإصلاح الأوضاع الاجتماعية والثقافية للمجتمع الجزائري، وبالتصدي لرجال الطرق والمبشرين ودعاة التجنيس، كما اهتمت بإحياء اللغة العربية وبفتح المدارس، وكانت جريدة "البصائر" لسان حال الجمعية.

وبالرغم من طابعها الإصلاحي، سعت الجمعية إلى فرض نفسها على الساحة السياسية إلى جانب باقي تيارات الحركة الوطنية، وعلى سبيل المثال، كانت الجمعية احد أطراف المؤتمر الإسلامي الجزائري المنعقد في 07 جوان 1936، وكان ابن باديس والإبراهيمي ضمن الوفد الذي التقى برئيس الحكومة الفرنسية ليون بلوم L. Blum والنائب موريس فيوليت M. Viollette في باريس، وتمخض عن هذه الزيارة ما عرف بمشروع بلوم-فيوليت الذي قابله المستوطنون باستنكار شديد، واضطرت الحكومة لسحبه بعد رفضه من قبل مجلس الشيوخ الفرنسي في سبتمبر 1938.(1)

وكانت الجمعية أيضا احد أطراف تحالف الحركات الوطنية في جانفي 1943، وهو التحالف الذي نتج عنه ظهور بيان الشعب الجزائري 10 فيفري 1943، وعضوا أيضا في تحالف جوان 1951، وكانت تتمتع بقاعدة شعبية كبيرة في الجزائر.

4)     الحزب الشيوعي الجزائري:
يرجع ظهور الحزب الشيوعي الجزائري كحزب مستقل إلى 17 أكتوبر 1936، رغم انه كان فرعا للحزب الشيوعي الفرنسي منذ 1924، في البداية كان أغلبية أعضائه من الفرنسيين، لكن نفوذ الجزائريين في أجهزته عرف تطورا ملحوظا حتى أصبحوا يشكلون أغلبية أعضائه بدءا من سنة 1946.
 في البداية كان الحزب الشيوعي من مؤيدي استقلال الجزائر، لكنه اصبح فيما بعد من دعاة الإدماج، وكان من ابرز أعضائه الجزائريين عمار أوزقان، محمد بن الاكحل، والصادق هجريس، وقد حاول الحزب الشيوعي التقرب من باقي تيارات الحركة الوطنية عام 1936، وكان من اشد خصوم

_______________________________________________
(1) سعيد بوالشعير، مرجع سابق، ص  235.




مصالي الحاج وحزب الشعب، والحقيقة أن هذا الحزب لم يكن له برنامجا سياسيا واضحا، وظل حزبا هامشيا في الجزائر، رغم أن الكثير من عناصره قد التحقت بالثورة عام 1956.

5)     اتحاد الشعب الجزائري: (U.P.A) L'Union du Peuple Algérien
تأسس هذا الحزب سنة1938 على يد فرحات عباس بعد انفصاله عن ابن جلول، وقد كان لفشل مشروع بلوم-فيوليت إثره الكبير في ابتعاد فرحات عباس عن ابن جلول والاندماجيين واعتناق المبادئ الوطنية، واهتم برنامجه السياسي بمحاربة الاستعمار والامبريالية، والمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية للجزائريين.(1)

ويعتبر فرحات عباس أهم الشخصيات الفاعلة في تحضير الوثيقة المعروفة بـ بيان الشعب الجزائري  Le manifeste du peuple Algérien في 10 فيفري 1943 والذي شاركت في إعداده كل الفعاليات السياسية في الجزائر ماعدا الحزب الشيوعي، ومن ابرز المطالب التي تضمنها البيان:
-         إزالة الاستعمار وتطبيق حق تقرير المصير
-         وضع دستور خاص يضمن الحرية والمساواة التامة بين الجزائريين والأوروبيين.
-         إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين.
وفي اجتماع الأعضاء في 26 ماي 1943 تم إضافة مطالب أخرى إلى البيان تتمثل أساسا في المشاركة الفعلية للممثلين المسلمين في تسيير الجزائر وتوزيع المناصب الحكومية بين الجزائريين والفرنسيين، غير أن البيان قد قوبل برفض السلطات الاستعمارية.

وفي 14 مارس 1944 أسس فرحات عباس حركة جديدة مع جمعية العلماء وأنصار حزب الشعب وهي حركة "أحباب البيان والحرية"  (A.M.L)  Les Amis de Manifeste et de la Liberté  وكان من ابرز أهداف الحركة تحقيق فكرة الجمهورية الجزائرية باستقلال ذاتي وباتحاد فدرالي مع فرنسا، واصدر فرحات عباس لهذا الغرض جريدة  "المساواة" التي كانت توزع 50 ألف نسخة وكان

___________________________________________________
(1) عمار عمورة،  مرجع سابق، ص363



عباس رئيس تحريرها، وبلغ عدد مناضلي الحركة نصف مليون شخص، أما بن جلول فقد شكل مع الشيوعيين برئاسة تامزالي حركة أصدقاء الديمقراطية والحرية.
 وبعد نفي مصالي الحاج بدا الخلاف داخل الحركة بين المعتدلين من أنصار فرحات عباس وبين الثوريين من أنصار حزب الشعب الذين سيطروا فعليا على بعض خلايا الحركة الجديدة، وظهر هذا التطرف في مؤتمر الحركة في 02 مارس 1945 وفي غياب فرحات عباس المريض، وكان أنصار حزب الشعب يخططون في الحقيقة لعمل ثوري رغم دعوات فرحات عباس لهم بالهدوء حفاظا على وحدة التحالف، وكان عباس على حق، لان مجازر 08 ماي كانت على الأبواب.

 وجاءت أحداث 08 ماي 1945 التي سجن على إثرها فرحات عباس حتى مارس 1946، ليقرر بعدها مع جمعية العلماء الابتعاد عن أنصار حزب الشعب، وأسس عباس حزبا جديدا سماه "الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري" (U.D.M.A)  L'Union Démocratique de Manifeste Algérien في افريل 1946 رافعا شعاره الثلاثي"لا للاندماج، لا للأسياد الجدد، لا للانفصال" وقدم فرحات عباس المشروع السياسي لحزبه في 09 أوت 1946 وتضمن النقاط التالية:(1)
-         جمهورية جزائرية مستقلة ذاتيا ذات سيادة.
-         دولة منظمة إلى الاتحاد الفرنسي.
-         برلمان جزائري يتم انتخاب أعضائه من طرف كل الجزائريين.
-         يمثل فرنسا في الجزائر مندوب عام له صوت استشاري في مجلس الوزراء.

وقد كان لرفض فرنسا إدخال هذه المقترحات السياسية في دستور 20 سبتمبر1947 بالغ الأثر في توجيه المسار النضالي لفرحات عباس، وبشكل خاص نتائج انتخابات فيفري 1948 المزورة.

6)     حزب الشعب الجزائري:
بعد حل السلطات الاستعمارية لنجم شمال إفريقيا بموجب مرسوم 26 جانفي 1937، واصل قادة الحزب نشاطهم السياسي تحت اسم "جمعية أحباب الأمة" ثم انشؤوا حزب "الشعب الجزائري" في

__________________________________________
(1) العربي الزبيري، تاريخ الجزائر المعاصر، الجزء الأول، اتحاد الكتاب العرب، 1999، ص (106.107)



11 مارس 1937، وتبنى الحزب الجديد نفس البرنامج الذي باشره نجم شمال إفريقيا، رغم أن مصالي الحاج حاول إظهار اعتداله من خلال رفعه لشعار الحزب"لا للاندماج، لا للانفصال، لكن نعم للتحرر" متخليا بذلك عن كلمة "الاستقلال".

ورغم ذلك باشرت السلطات الاستعمارية حملة لتضييق الخناق على مناضلي الحزب، حيث تم توقيف جريدتي "الأمة" و"البرلمان الجزائري" في أوت 1939، ثم صدر مرسوم جديد في 26 سبتمبر 1939 يقضي بحل الحزب، وتم اعتقال 28 شخصية من مناضلي الحزب.(1)

وبعد حل الحزب واصل أعضاؤه النشاط السياسي في الخفاء، وفي غياب مصالي الحاج، تولى الأمين دباغين قيادة الحزب، ودخل أعضاؤه في مجموعة من التحالفات مع باقي تيارات الحركة الوطنية، على غرار تحالف "أحباب البيان والحرية" في 14 مارس 1944، لكن أنصار الحزب وفي غياب مصالي الحاج، بدا عليه التطرف والرغبة في اللجوء إلى العمل الثوري خلال مؤتمر الحركة في 02 مارس 1945، وبعد عودة مصالي الحاج إلى الجزائر في 13 أكتوبر 1946 وبهدف المشاركة في انتخابات 10 نوفمبر 1946 أسس مصالي الحاج حزبا جديدا سماه حركة انتصار الحريات الديمقراطية (M.T.L.D)  Le Mouvement pour le Triomphe des Libertés Démocratiques في نوفمبر 1946، ونجح الحزب في افتكاك 05 مقاعد في البرلمان الفرنسي.


III.            أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية:
في الواقع تعود جذور الانقسام داخل الحركة إلى المؤتمر الأول المنعقد في 23 أكتوبر 1946 حول مسالة المشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة في 10 نوفمبر 1946، و ضلت في الحقيقة خلافات داخلية لم تصل إلى حد تجميد نشاط الحزب، لكن هناك جملة من العوامل المتعاقبة أدت في النهاية إلى تفجير الحركة، ولعل أبرزها كان الأزمة البربرية، اكتشاف المنظمة الخاصة، قضية انفراد مصالي الحاج بالقيادة ، و أخيرا مسالة الفصل في خيارات الحزب.


_________________________________________
(1) سعيد بوالشعير، مرجع سابق، ص 305.


ففي مؤتمر 23 اكتوبر1946 انقسم الأعضاء إلى جناحين، الأول يدعوا إلى المشاركة في الانتخابات ومواصلة العمل القانوني وهو توجه مصالي الحاج، والثاني ينادي بإنشاء تنظيم عسكري وهو جناح الأمين دباغين، وحسين لحول، وعمر اوصديق، والطيب بولحروف الذين فضلوا الانسحاب من المؤتمر، وشارك الحزب في انتخابات 10 نوفمبر 1946 وفاز بـ05 مقاعد في البرلمان الفرنسي، وحدث هناك انقسام آخر بين مؤيد لمشاركة النواب الـ05 في جلسات البرلمان وبين معارض لذلك، واتفق الطرفان أخيرا على قرار المشاركة.

لكن المعارضين لقرار المشاركة في الانتخابات كانوا قد بدؤوا فعلا في حملة واسعة لعرقلة تصرف القادة في أموال الحزب، وانشؤوا لجنة خاصة لمتابعة عمل الحزب، واتهموا مصالي بالتخلي عن بعض المبادئ الموجودة في حزب شمال إفريقيا، رغم أن الطرفان اتفقا على عقد مؤتمر للخروج بموقف موحد.

1)     المؤتمر الأول لحركة إ.ح.د وبداية الانقسام:
تم عقد المؤتمر الأول للحركة بتاريخ 15 فيفري 1947، وبدلا من توحيد المواقف تجسدت الخلافات فعليا بظهور 03 مجموعات قوية داخل الحزب:(1)
-         الجناح الأول ينادي بالعمل القانوني في إطار حركة انتصار الحريات الديمقراطية وهو جناح مصالي الحاج، وعمراني سعيد، ومصطفاوي شوقي.
-    الجناح الثاني وهو جناح مؤيد للعمل العسكري وهو جناح الأمين دباغين، مسعود بوقادوم، مبارك فيلالي، عمر اوصديق، بناي واعلي، ولد حمودة، سعيد اكلي، وهي مجموعة غير متجانسة وتضم العديد من وجوه الحركة البربرية.
-         الجناح الثالث وينادي بمواصلة العمل السري الذي باشره حزب الشعب المحل، وهو جناح احمد بوده.

_______________________________________________
(1) صالح فركوس،  مرجع سابق، ص416




وفي هذا المؤتمر تم انتخاب مصالي الحاج رئيسا للحزب، وحسين لحول أمينا عاما، وأسندت قيادة المنظمة الخاصة لمحمد بلوزداد، وفي الحقيقة أن جناح العمل الثوري قد خرجوا منتصرين من هذا المؤتمر لان مصالي الحاج لم يكن متحمسا للعمل الثوري في تلك المرحلة.

غير أن هذه الانقسامات بدأت تخرج إلى العلن بعد اجتماع اللجنة المركزية بتاريخ 18 مارس 1950، حيث رفض أعضاؤها فكرة انفراد مصالي الحاج بالقيادة وحق الفيتو، وبعد رفض هذا الأخير المشاركة في انتخابات 17 جوان 1951 استقال عدد من أعضاء اللجنة المركزية من أمثال مصطفاوي، شنتوف، عمراني، والحاج شرشالي احتجاجا على المقاطعة، واستقال أيضا حسين لحول من الأمانة العامة في مارس 1951، وخلفه بن يوسف بن خدة، وفي خضم هذه الأحداث قامت فرنسا في 14 ماي 1952 بنفي مصالي الحاج ولم يعد إلى الجزائر منذ ذلك التاريخ...

2)     تأسيس المنظمة الخاصة: (O.S) L'Organisation Spéciale
ظهرت المنظمة الخاصة خلال المؤتمر الأول لحركة انتصار الحريات الديمقراطية المنعقد يومي 15-16 فيفري 1947، وهي منظمة شبه عسكرية، هدفها تدريب الأفراد واقتناء السلاح، بالرغم من معارضة مصالي الحاجل للعمل العسكري في ذلك الوقت، وأسندت قيادة المنظمة الخاصة لمحمد بلوزداد، وبعد وفاته خلفه الحسين آيت احمد الذي تم إبعاده هو الآخر في ديسمبر 1949بسبب الأزمة البربرية وخلفه بن بلة، ونجحت المنظمة في رفع عدد مناضليها إلى ألفي شخص، ومن ابرز ما حققته المنظمة حادثة السطو على بريد وهران في 05 افريل 1950 والاستيلاء على 3.170.000فرنك فرنسي قديم، بعد عملية محكمة تولاها محمد خيضر، سويداني بوجمعة، و بلحاج بوشعيب.

لكن السلطات الفرنسية استطاعت كشف خيوط هذه المنظمة بعد حادثة تبسة في 18 مارس 1950، والراجح أن عبد القادر خياري، المستقيل من الحركة، هو الذي تولى وشاية المنظمة إلى السلطات الفرنسية بعد محاولة زيغود يوسف وجماعته تأديب هذا الأخير، ومن ابرز انعكاسات هذه الحادثة، إلقاء القبض على 363 مناضل من بينهم زيغود يوسف، احمد بن بلة، وعبان رمضان وغيرهم.(1)

__________________________________________
(1) العربي  الزبيري، مرجع سابق،  ص179





3)     الأزمة البربرية داخل حركة إ.ح.د:
تعود جذور المشكلة البربرية إلى سنة 1946، حيث برز بشكل واضح نفوذ العناصر اليسارية المنحدرة من أصول قبائلية داخل الحركة، واستطاعت هذه العناصر السيطرة على اللجنة المركزية وعلى خلايا الحزب بفرنسا، ومن ابرز هذه العناصر واعلي بناي وعمر ولد حمودة، وبشكل خاص رشيد علي يحي الذي تمكن بدعم من واعلي بناي  من أن يصبح عضوا باللجنة المركزية- الذي تربطه به علاقة قرابة- في نوفمبر 1948 ، ثم رئيسا لتحرير  جريدة "النجم" مستغلا أعمدتها للترويج لأفكاره اللائكية،(2) وبادر اليساريون إلى إنشاء حركة شعبية للبربرية بعد سيطرتهم المطلقة على فدرالية الحزب في فرنسا، واقر أعضاء الفدرالية بأغلبية 28 صوتا من جملة 32 استخدام القوة ضد اللجنة المركزية، ورفض أي فكرة لاعتبار الجزائر عربية إسلامية، وعارضوا فكرة جمع التبرعات لمساعدة فلسطين بالرغم من قرارات قيادة  الحزب.

وفي هذه الظروف الحساسة، أقرت قيادة الحزب ضرورة استرجاع سيطرتها على فدرالية فرنسا، وأوفدت كل من شوقي مصطفاي و سعيدي الصادق وبعد فشل مهمتهما، أرسل مصالي بلقاسم راجف-وثلاثتهم قبائليين- الذي استخدم كل الوسائل بما فيها العنف لاسترجاع الفدرالية في شهر افريل 1949، وبطرد المنشقين من الحزب، وهي على الأرجح عناصر مدسوسة من قبل اليسار الفرنسي لتعطيل المجهود النضالي للحركة.(3)

وكان من انعكاسات هذه الأزمة إبعاد الحسين آيت احمد من رئاسة المنظمة الخاصة، وإبعاد الأمين دباغين من الحركة في 02 ديسمبر 1949، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن القضاء على الأزمة البربرية تولت الدور الأساسي فيها عناصر قبائلية من أمثال راجف بلقاسم، كريم بلقاسم، مصطفاوي شوقي، و سعيدي صادق، ضمن إستراتيجية مدروسة من قيادة الحزب.


________________________________________________
(2) نفسه، ص ص( 165-171)
(3)  نفسه، ص ص( 166-171).



4)     المؤتمر الثاني وتكريس الانقسام:
انعقد في الفترة مابين 04-06 افريل 1953 في مقر الحزب بشارع شارتر سابقا، وفي غياب مصالي الحاج الذي كان في منفاه بـ Niort بفرنسا، استولى الجناح اليميني فعليا على هياكل الحزب، وانترت اللجنة المركزية اقتراح الرئيس حول الأمين العام الجديد حتى جويلية 1953، حيث عرض مصالي الحاج الاختيار بين ثلاث شخصيات لمنصب الأمين العام وهم احمد مزغنة، بن يوسف بن خدة ، و حسين لحول، على أن يختار الفائز منهم مجموعة عمل تناسبه، و انسحب حسين لحول حتى يبقى منسجما مع قرار استقالته، وبعد جولتين من التصويت فاز بن خدة بمنصب الأمين العام، واختار للعمل معه السادة حسين لحول، عبد الرحمان كيوان، السيد علي عبد الحميد، وفروخي، وهذا يعني في الحقيقة انقلابا على مصالي الحاج، لان بن خدة أقصى العناصر المقربة من مصالي، وعلى رأسهم احمد مزغنة ومولاي مرباح واحمد بوده،(1) كما أن لجنة الترشيحات كانت قد أقصت قبل ذلك السادة مبارك فيلالي،عيسى عبداللي، ومحفوظي الذين تبنى ترشيحهم شخصيا.

وباختصار فان جناح مصالي أصبح يمثل أقلية صغيرة داخل الحركة، وحتى أنصار المنظمة الخاصة لم يكن لهم إلا تمثيل ضعيف في اللجنة المركزية، أما السيطرة الفعلية فكانت للجناح اليميني الذي تولاه لحول وكيوان والسيد علي عبد الحميد، وكان يهدفون إلى العمل القانوني والتنافس على المناصب السياسية عن طريق المشاركة في الانتخابات، وكانوا يهدفون أيضا إلى التخلص من العناصر اليسارية التي كانت تسعى إلى مباشرة العمل العسكري.

وللخروج من هذا المأزق، طلب مصالي الحاج من اللجنة المركزية-متجاوزا بذلك المكتب السياسي والأمانة العامة- سلطة مطلقة لتقويم ما سماه بالاعوجاج، لكن هذه الأخيرة قررت في شهر سبتمبر 1953 رفض السلطة المطلقة، رغم أن الأمين العام قدم اقتراحا بعقد مؤتمر جديد لتنظيم صفوف الحزب في أكتوبر 1953، وهو الاقتراح الذي رفضه مصالي، وعندما زاره حسين لحول في منفاه بـ "نيور" لتدارس المسالة، رفض مصالي أن يستقبله.

وابتداءا من 27 ديسمبر 1953 انتقل الصراع بين المركزيين والمصاليين إلى القاعدة، واستطاع مصالي الحاج تجنيد مختلف قسمات فدرالية الحزب في فرنسا إلى جانبه، وأعلن عن تأسيس لجنة "الإنقاذ

________________________________________________
(1)  سعيد بوشعير، مرجع سابق، ص 328.


العام" داعيا إلى التخلص من "الباشاوات" وتطهير الحزب من المنحرفين عن النهج الثوري، وبالرغم من محاولات الوفود التي تعاقبت على زيارة مصالي في منفاه، إلا أن هذا الأخير كان رافضا تماما لفكرة العمل مع اللجنة المركزية.(1)



ورغم أن اللجنة المركزية قد قررت في 28 مارس 1954 منح سلطة مطلقة لرئيس الحزب لتنظيم مؤتمر جديد، إلا أنهم رفضوا حضور فعالياته لما انعقد  بـ هورنو ببلجيكا فيما بين 14-16 جويلية 1954، وقبل ذلك قام مصالي بتعيين لجنة مؤقتة لتسيير الحزب مشكلة من مزغنة، مولاي مرباح، فيلالي، عبدلي، ولعجال، وبناءا على تعليماته قامت اللجنة-متجاوزة صلاحياتها كلجنة مؤقتة- بإبعاد عناصر اللجنة المركزية من الحزب، ولما انعقد المؤتمر في غياب المركزيين، تم إقصاء مناضلي اللجنة المركزية والثوريين من كل أجهزة الحزب، واقر إنشاء  "مجلس وطني للثورة" كبديل للجنة المركزية ومكتب سياسي يضمان فقط العناصر الموالية لمصالي، كما طالب المؤتمرون باسترجاع الأموال المخبأة عند أعضاء اللجنة المركزية، وردت اللجنة المركزية بعقد مؤتمر استثنائي فيما بين 14-16 أوت 1954 في العاصمة، واتخذوا القرارات التالية:
-         التنديد بالمؤتمر الانفصالي المنعقد ببلجيكا.
-         تنحية مصالي الحاج ومولاي مرباح واحمد مزغنة من كل المسؤوليات في الحزب.

والحقيقة التي أكد عليها الكثير من المتتبعين لشان الحركة الوطنية أن الخلاف بين مصالي الحاج والمركزيين- الذي استمر بدون نهاية- هو خلاف إيديولوجي أكثر منه خلاف شخصي، فمصالي الحاج كان لا يثق في تلك العناصر الشابة المثقفة في الغالب ثقافة فرنسية، وكانوا يحبذون العمل السلمي والتنافس على المناصب السياسية، وهو ما يحمل في طياته تراجعا عن المبادئ الثورية للحزب، وحسب مصالي، فان اللجنة المركزية هي التي تخلت عن المنظمة الخاصة، وان أعضائها- وبشكل خاص عبد الرحمان كيوان- عملاء لعميد مدينة الجزائر جاك شوفاليي.

وفي المقابل كان المركزيين متضايقين من انفراد مصالي الحاج بالقيادة، وان نهجه الثوري قد يقود إلى مجزرة شبيهة بمجزرة 08 ماي 1945، وشنوا حملة واسعة ضد ما أسموه عبادة الشخصية،

___________________________________________
(1) العربي الزبيري، مرجع سابق، ص ص (189-192).


خصوصا أن مصالي كان رافضا لمبدأ الحوار معهم، وكان يتصرف وفق منطق الأب المؤسس الذي لا تناقش قراراته.

وفي الواقع، أن غياب مصالي الحاج عن الساحة الوطنية بفعل عوامل النفي أو السجن، إضافة إلى الدور السلبي الذي لعبه بعض المقربين منه وعلى رأسهم مولاي مرباح، هي عوامل أدت إلى تغليطه وعزله، وقد وصلت الخلافات بين الطرفين إلى حد الاعتداءات الجسدية المتبادلة على بعض المناضلين أمثال بوضياف، بيطاط، ومزغنة، والحقيقة أن بوضياف-ابرز قياديي الجناح الثوري- قد ساهم في ترجيح كفة المركزيين على المصاليين في فدرالية الحزب في فرنسا، وهو ما جعل مصالي يضع الثوريين والمركزيين في سلة واحدة، وطبعا كانت المخابرات الفرنسية على اطلاع تام بحالة الصراع داخل الحزب، خصوصا العقيد شيون رئيس المكتب الثاني، وجاك شوفاليي عمدة العاصمة.

وبعد فشلت محاولات مكتب القاهرة بزعامة محمد خيضر وبعض أنصار العمل الثوري في التقريب بين الطرفين، قرر الجناح الأخير إعادة إحياء المنظمة الخاصة استعدادا للعمل المسلح.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة