U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

حركة انتصار الحريات الديمقراطية MTLD

           

حركة انتصار الحريات الديمقراطية MTLD


-ازمة الحركة الوطنية الجزائرية 1947-1954

-اخفاق التيار الاصلاحي

-فشل خيار اتحاد الحركة الوطنية

-ازمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية (حزب الشعب)

-الصرعات الداخلية 1949م-الازمة البربرية 1949م

-اكتشاف المنظمة الخاصة 1950م

-دخول زعيم الحزب مصالي الحاج في صراعات مع اللجنة المركزية (1950-1954م)


أزمة الحركة الوطنية الجزائرية 1947-1954:    

عرفت الحركة الوطنية الجزائرية إخفاقات متكررة وهي تخوض معترك إثبات الذات، وذلك بسبب معارضة الحكومات الفرنسية لمطالبها، وانتهاج الإدارة الفرنسية لسياسة تزوير الانتخابات، وهذا الأمر أثار حفيظة التيارات الوطنية المعتدلة والمتشددة على حد سواء، وجعلها تعيد حساباتها وهي تواجه الأساليب الملتوية للإدارة الفرنسية، ولكن سياستها هذه واجهتها كثير من المعوقات أثرت على مسيرتها النضالية، فهل نجحت استراتجيات العمل الوطنية في تحقيق أهدافها وما هي الصعوبات التي واجهتها؟، ولماذا تعثرت مساعي الوحدة وتعرضت حركة الانتصار لكل تلك الأزمات المثبطة؟ 

1-إخفاق التيار الإصلاحي:
رغم أن حوادث 8 ماي 1945 قلصت من نفوذ التيار الإصلاحي إلا أن السياسة الفرنسية شجعت هذا التيار في مواجهة حركة الانتصار ح.د التي بدأت تنقم على أنصار فرحات عباس والشيوعيين انغماسهم في لعبة "الإصلاحات"، وانفرط الأمل في وحدة الحركة الوطنية أمام تبادل التهم واختلاف الإيديولوجيات والمواقف، ففي حين ظل مناضلو حركة الانتصار .ح.د. يؤكدون على مبدأ استقلال الجزائر عارض الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري والحزب الشيوعي الجزائري هذا المبدأ، وأكدوا على أرضية مطالب معتدلة، بل إن الحزب الشيوعي كان متمسكا بأطروحته "الأمة في طور التكوين"، كما واصلت جمعية العلماء المسلمين خطها الإصلاحي المرسوم معتمدة على تربية النشء وتوعية المجمتع، وكانت مواقفها السياسية تميل في الغالب الى التوجه الإصلاحي لفرحات عباس، وعليه يمكن القول أن التوجه الإصلاحي لم يجاري تطورات المرحلة التي كانت تمر بها الحركة الوطنية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.    وقد ازداد الصراع السياسي بين الاتجاهين الثوري والاصلاحي في الفترة ما بين سنتي 1945-1954، وكان على حركة الانتصار.ح.د. أن تواجه في نفس الوقت الإدارة الفرنسية والاصلاحيين الوطنيين، وفي ذروة النقاش الإيديولوجي كانت قوائم حركة انتصار ح.د. وحزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري تتبارى بحثا عن أصوات المنتخبين، أما الإدارة الفرنسية فكانت تجتهد في حبك المناورات المنافية لمبادئ حق المواطنين في التعبير عن أفكارهم عن طريق تزوير الانتخابات، وكانت خطة الوالي "نابجلان" هي منع المترشحين الوطنيين من الوصول الى المجالس المنتخبة، وخاصة المتطرفين منهم، وإيصال مرشحي الإدارة لهذه المناصب عن طريق تزوير الانتخابات.

 2-فشل خيار اتحاد الحركات الوطنية: 
   فشلت معظم المحاولات لتوحيد أحزاب الحركة الوطنية، وانفض تكتل أحباب البيان والحرية الذي أنشأ سنة 1944، ولم تتوصل المحادثات بين مصالي وفرحات عباس سنة 1946، إلى نتيجة حاسمة، وما لبثت أن تعمقت الخلافات واستشرت بين التوجهين، وفي سنة 1951 وجدت الأحزاب الوطنية نفسها مضطرة لتوحيد الموقف ضد سياسة القمع وتزوير الانتخابات، وقد حرمت إدارة "نايجلان" الأحزاب الوطنية من الوصول إلى المناصب الانتخابية في انتخابات 1948-1950-1951، فلم تصل إلى المجلس الجزائري سوى أقلية مجهرية، وظلت المجالس المحلية (العمالات-البلديات) تخضع لأغلبية المستوطنين والمسلمين الموالين للإدارة.    وفي يوم 5 ماي 1951 اجتمع ممثلو حركة الانتصار.ح.د. والاتحاد د.ب.ج والحزب الشيوعي وجمعية العلماء وشخصيات مستقلة، وناقشوا الوضع الذي آل إليه العمل السياسي الشرعي، ونددوا بسياسة الإدارة الفرنسية القمعية، وقرروا إنشاء تحالف منسق سموه "الجبهة الجزائرية للدفاع عن الحريات واحترامها "، ومثلت هذه الجبهة تحالفا ظرفيا، جمعت على قدم المساواة بين جميع هذه الأحزاب رغم اختلاف برامجها، ودعت أساسا الى احترام حرية التصويت في الهيئات الانتخابية، وإلغاء انتخابات 17 جوان 1951 المزورة، واحترام الحريات وإطلاق سراح المساجين، وفك القيود المفروضة على مصالي.

    ولأن الدافع كان ظرفيا، ونظرا لاختلاف الأحزاب الإيديولوجي والسياسي ما لبث أن انفرط عقد هذا التحالف، ففي أكتوبر 1951 وبمناسبة انتخاب مجالس العملات لم يستجب الحزب الشيوعي الجزائري لنداء المقاطعة وقد مرشحين عنه، واقتصر نشاط الجبهة بعدها على الالتفاف حول مشاكل محددة مثل مكافحة القمع، الدفاع عن حرية الصحافة... ،وهذه الاهتمامات هي بعيدة عما كانت تأمله حركة انتصار ح.د. من وحدة الصف الوطني والتفاف حول هدف تحقيق الاستقلال، وظلت الحركة تحاول مرارا إعادة بعث الروح لهذه الجبهة دون جدوى، وفي نهاية سنة 1953 وبداية عام 1954 علق الأمر على عقد مؤتمر وطني يجمع الأحزاب والمنظمات الوطنية، غير أن الاختلافات حالت دون ذلك وفشل المشروع في ظل الانقسام الذي عرفته حركة انتصار الحريات الديمقراطية. 


3-أزمات حركة الانتصار للحريات الديمقراطية (حزب الشعب)   

توسع نفوذ حركة الانتصار ح.د خلال سنة 1946، وكان لزاما عليها توضيح استراتيجيتها، وتجلى واضحا أن مخاطر عديدة أصبحت تهددها جراء تورطها في سياسة المشاركة في الانتخابات، وهكذا تجسدت بوادر الخلاف وظهرت الطوائف، وتدارك مصالي الحاج المخاطر فدعا إلى مؤتمر وطني للحزب عقد سريا في 15 فيفري 1947، وكانت أمور كثيرة قد تغيرت مع الإشارة إلى أن الحزب لم يعقد أي مؤتمر وطني منذ قرابة اثنتي عشر سنة، وقد ظهرت أثناء المؤتمر ثلاث طوائف هي:طائفة حزب الشعب: التي تمثل حماة الحزب القدامى، ترى ضرورة الإبقاء على النشاط السري للحزب قصد المحافظة على خطه الثوري وشعبيته التي اكتسبها بفضل مبادئه.

طائفة الشرعية:

وترى ضرورة إشراك الحزب حركة الانتصار. ح . د. في الانتخابات لتعلن مبادئها من أعلى المجالس الرسمية، وهي تمثل طبقة المثقفين السياسيين الذين التحقوا بالحزب أثناء الحرب العالمية الثانية، وأصبحوا قوة رئيسية في الحركة، ومثلوا فيها بعد إدارة الحزب أو طائفة المركزيين.طائفة الشباب الثوري: المتحمس للنشاط المسلح والناقم على العمل الشرعي وما آل إليه حل الحزب، ترى ضرورة البدء في العمل الثوري بتكوين منظمة عسكرية يمثلها شبان متحمسون أغلبهم قدامى جنود الحرب العالمية الثانية، سيطروا على المنظمة الخاصة وسوف يشكلون فيما بعد اللجنة الثورية للوحدة والعمل (1).  

 وكاد يؤدي هذا الانقسام إلى انهيار الحزب، وأراد مصالي الحاج أن يرضي جميع هذه الطوائف بتحقيق مطالبها، وعليه أقر المؤتمر إبقاء حزب الشعب يواصل مهمته السياسية السرية، وإبقاء حركة الانتصار للحريات الديمقراطية كحزب شرعي، والإسراع في التحضير للثورة بإنشاء جهاز المنظمة الخاصة، وبهذا أرضيت الطوائف الثلاث جميعها. كما أدخل المؤتمر تعديلات عميقة على قيادة الحزب، وكلف كل من الأمين دباغين ومصالي الحاج بمهمة السهر على تجسيد القرارات(2).  وعلى الرغم من كل المخاطر تجاوز الحزب الأزمة، وواصل مشواره فأوكل إلى محمد بلوزداد إنشاء المنظمة الخاصة، وقامت هذه المنظمة بجمع الأسلحة وتجنيد المناضلين
-------------------------------------------------

(1) مقلاتي عبد الله، المرجع في تاريخ الجزائر المعاصر،د.م.الجامعية،2014.ص 191. وانظر محمد حربي، جبهة التحرير الوطني الأسطورةوالواقع، ترجمة كميل داغر، ط1 مؤسسة الأبحاث العربية-دار الكلمة للنشر، بيروت،1983، ص-ص 43-48.(2) بن جامان سطورة، مصالي الحاج رائد الوطنية الجزائرية، 1998، ص-ص 199-201.



وتدريبهم استعدادا للعمل المسلح، وتمكنت من أن تفرض نفسها كقوة نافذة، وقد نفذت عدة عمليات عسكرية كالهجوم على مقلع الرخام الذي قاده سويداني بوجمعة، وعملية السطو على بريد وهران سنة 1949. 

       توسع النشاط السياسي لحركة الانتصار ح.د لتصبح القوة المسيطرة على الحياة السياسية في الجزائر، التفت حولها الجماهير الشعبية والمنظمات الجماهيرية (عمال، كشافة، طلبة...)، ولم تثن سياسة الإدارة الفرنسية في تزوير انتخابات سنة 1948 من عزيمة قيادة الحزب، وفي نفس الوقت وجدت هذه القيادة نفسها عاجزة عن إقناع القاعدة الثورية التي أبدت امتعاضها من سياسة المشاركة في الانتخابات، وكذا شكوكها في إخلاص القيادة السياسية للخط الثوري، وقد خضعت اللجنة المركزية للحزب في اجتماع لها  سنة 1949 لضغوط الجناح الثوري، فأقرت دعم المنظمة الخاصة بالرجال والمال(3).
 -------------------------------

(3)-Ahmed Mahsas, le mouvement révolutionnaire en Algérie,éd Barkat, Alger, 1990, p p 270-271.









الصراعات الداخلية (1949): 

   واجهت إدارة الحزب في سنة 1949 صراعات داخلية أثرت على وحدة الصف؛ إذ نشط محمد الأمين دباغين في البحث عن تحالفات مع القيادة الثورية لتغليب خيار الاستعداد للكفاح المسلح، وكان جناح لحول الأمين العام للحركة يعتمد على المعتدلين المثقفين، في وقت أبدى مصالي الحاج عدم ارتياحه لرؤية دباغين ولحول حسين يلعبان الدور الرئيسي في إدارة الحزب، ويبدو أن الخلاف بين دباغين ومصالي وعدم التوصل إلى مفاهمة أدى لقبول استقالة دباغين من الحزب في سنة 1949، وبطبيعة الحال قد أثر ذلك على وحدة الحزب، حيث استقال كذلك بعض أنصاره ووجهوا تهما عديدة لقادة الحزب، [يكتنف قضية دباغين كثير من الغموض إذ لا يعرف الأسباب الحقيقية التي دعت للاستقالة، وأثرت تلك الاستقالة على وحدة الحزب، ولأكثر تفاصيل يرجى مراجعة عبد الرحمان بن العقون، الكفاح القومي والسياسي،ج3، م الوطنية للكتاب 1987، ص-ص 109-110.]، وهكذا أبعدت العناصر الثورية الراديكالية(1)، من قيادة الحزب وأصبحت العناصر المعتدلة المسيسة تحكم قبضتها على إدارة الجهاز المركزي للحزب.

الأزمة البربرية (1949):   

وانفجرت في سنة 1949 الأزمة البربرية، حيث ظهر للعيان بروز تكتل في اللجنة المركزية للحزب يؤكد على الهوية الثقافية للبربر، وما لبث أن أصبح يعادي ما كل هو عربي وإسلامي، وانغرس هذا التيار في صفوف الطلبة والمهاجرين في فرنسا خصوصا، واحتدم النقاش في فرنسا حيث ينشط بناي واعلي ورشيد علي يحي، وفي مارس 1949 تحمس كثير من قادة القبائل داخل الوطن لنشر الفكرة، وتجندت عناصر أقوى وعلى رأسها آيت أحمد وكريم بلقاسم لفرض الانضباط وتهميش العناصر التي تثير الفتنة، وما لبث أن صدر القرار من قيادة الحزب بتصفية المتسببين في الأزمة، وبادر الحزب بعدها في خطوة احترازية بتنحية آيت أحمد من قيادة المنظمة الخاصة، وخلفت هذه الأزمة انعكاسات كبرى على منطقة القبائل وأثارت كثير من الحساسيات بين إطارات الحزب.


------------------------

(1)-راديكالي: متشدد في أفكاره، متطرف...Radical ex :« Les radicaux du parti tentent d’imposer leur vision» .

فرض الآراء باستعمال العصبية... مثلا......




اكتشاف المنظمة الخاصة (1950):  

  وعصفت بالحزب في سنة 1950 قضية اكتشاف المنظمة السرية (الخاصة) فزادت في إضعافه، وقد تم اكتشاف التنظيم بسبب تافه، فعندما قررت عناصر من المنظمة السرية تأديب أحد المناضلين بتبسة (عبد القادر خياري-رحيم) فر هذا المناضل وأبلغ الشرطة الفرنسية بأسرار التنظيم، ولما تتبعت السلطات سلسلة التنظيم اكتشفت ما لم تكن تتوقعه، وشنت حملات اعتقال وتعذيب للقضاء على التنظيم، وحددت حركة الانتصار ح د. موقفها بتنكرها للمنظمة الخاصة، ووجهت التعليمات لعناصرها بالخضوع للسلطات الفرنسية وإنكار أية علاقة لهم بالحزب، وهكذا اعتقلت السلطات الفرنسية ما يزيد عن 400 مناضل، حكمت على الكثيرين منهم بالسجن والتغريم، وساد الاعتقاد لدى عناصر المنظمة أنهم ذهبوا ضحية تماطل إدارة الحزب، وأنه كان من المفيد للحزب أن يباشر الثورة بدل إنكار معرفته بالتنظيم، وأن الجهاز المسيطر على الحزب بموقفه هذا يشارك في تدمير المنظمة بحجة الحفاظ على الحزب، وهكذا اتسعت الهوة بين القيادة والقاعدة وتبين للمناضلين الثوريين أن المسؤولين عن إدارة الحزب اختاروا نضال المنابر والصالونات، وأن الأفق الثوري الذي تنشده القاعدة أصبح مغيبا عن خطط إدارة الحزب(2).

-------------------------

(2)- لأكثر التفاصل يرجى الرجوع الى: Ahmed Mahsas,le mouvement rérévolutionnair en Algérie, éditions Barkat Alger,1990,p287.

دخول زعيم الحزب مصالي الحاج في صراعات مع اللجنة المركزية (1950-1954):    واصلت إدارة الحزب سياسة الاعتدال في ظل تصدع سياسي خلّف أزمة بين زعيم الحزب مصالي الحاج واللجنة المركزية، وعمد مصالي للمطالبة منذ 1950 بإقرار مبدأ الرئاسة مدى الحياة لكن اللجنة المركزية رفضت ذلك، ودخل مصالي في نزاع مع لحول مما جعل هذا الأخير يقدم استقالته من أمانة اللجنة المركزية، وفي سنة 1952 انتُقد مصالي لقطعه جولته بالمشرق العربي وعاب هذا الأخير على جهاز الحزب المركزي سياسته المعتدلة وتورطه المشبوه مع بعض المسؤولين الفرنسيين، وقرر مصالي القيام بجولات عبر الوطن ليغازل اللجنة المركزية بشعبيته الكبيرة، وتدخلت السلطات الفرنسية في ماي لتقطع جولاته وتفرض عليه الإقامة الجبرية بمدينة "نيورت" (NIORT) الفرنسية، وفسح المجال بذلك واسعا إدارة الحزب المركزية للهيمنة على الحزب.  

  وقد دعت إدارة الحزب في أفريل 1953 لعقد مؤتمر الحزب، واجتهد المركزيون في إبعاد القادة غير الموالين لهم، وعلى الرغم من المناورات أبلغ مصالي صوته وقرأت رسالته للمؤتمر، وقد تبادلت الاتهامات بين أنصار مصالي وأنصار اللجنة المركزية، واعتبر أنصار اللجنة المركزية مصالي جائرا في أحكامه مغترا بشخصيته، وقد طالب الثوريون بإعادة بعث المنظمة الخاصة وانتهوا إلى تكريس سيادة المركزيين، وهذا ما أغضب مصالي وأنصاره الذين دخلوا في معركة مفتوحة مع خصومهم.    وقد عاود مصالي المطالبة بمنحه كل السلطات وسحب ثقته من الأمين العام بن يوسف بن خدة، لكن إدارة الحزب تجاهلت ذلك، ثم أرسلت وفدا للتفاوض مع مصالي في "نيورت" لكن دون جدوى، وعاود مصالي في مستهل عام 1954 تأكيد مطالبه وهدد بطرح النزاع على القاعدة.

--------------------------------------
(1)-Ben Khada Benyoucef, les origines de 1ͤ ͬ Novembre 1954, éd Dahlab Alger, pp 199-201.



(2)- بن جامان سطورا Ben Gamin Stora، مصالي الحاج رائد الوطنية الجزائرية، ترجمة الصادق عماري ومصطفى ماضي، منشورات وزارة
المجاهدين، 1998. ص ص 208-211.

(3)- Harbi Mohame,1954,la guerre commence en Algérie, éd, complexe,Bruxelles,1998,p151.


    وفي شهر جويلية 1954 بلغ النزاع ذروته وتطور الموقف إلى مشاحنات ومؤامرات، سعى فيها كل طرف إلى ربح المعركة السياسية، ووضحت الأزمة للمناضلين عندما عقد أنصار مصالي مؤتمر "هورنو Hornu" ببلجيكا من 13 إلى 15 جويلية 1954، وقد أصدر قراراته بحل اللجنة المركزية للحزب وفصل المسؤولين المتسببين في الانحراف، ومنح الثقة المطلقة لمصالي لإعادة المبادئ الثورية، وبعدها بشهر عقد المركزيون مؤتمر الحزب بمدينة الجزائر، وقد أدان قرارات "هورنو"، وقرر إقالة مصالي من الحزب وجماعته، وبذلك حدثت القطيعة نهائيا، واحتدم النزاع بين المصاليين ودعاة المبادئ الثورية وبين المركزيين دعاة الواقعية  الثورية(4)، ودخل الحزب العتيد في مرحلة الانقسام والتنافس محطما بذلك آمال القاعدة الشعبية في مباشرة العمل الثوري المنشود(5).    ومما سبق تناوله من إنجازات وإخفاقات الحركة الوطنية خلال الفترة ما بين 1947-1954 يبدو لنا واضحا أن نضالات الأحزاب الإصلاحية لم تعد تنسجم مع ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بسبب إصرارها على مواقفها ورفضها لمطلب الاستقلال التام الذي تعزز شعبيا، وأن الجهود المبذولة لتجسيد وحدة الحركة الوطنية باءت بالفشل على الرغم من تجربة " الجبهة الجزائرية للدفاع عن الحريات واحترامها" الظرفية، وقد اعترضت "حركة الانتصار" كثيرا من الإخفاقات والصعوبات التي عرقلت مسيرتها النضالية، ولكن الجهود التي بذلتها على الصعيدين السياسي والعسكري أثمرت كثيرا من النجاحات وبعثت الآمال العريضة في تجسيد الكفاح المسلح وتحقيق الاستقلال الوطني(6).       

------------------------------------------------------------------------- 
(4)- لأكثر تفاصيل يرجى الرجوع إلى محمد حربي: المرجع السابق، ص ص 87-93.
(5)- مقلاتي عبد الله، المرجع في تاريخ الجزائر المعاصر(1830-1954)، ديوان المطبوعات الجامعية،2014، ص196.
(6)- المرجع نفسه، ص 196.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة