U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

الأوضاع في الجزائر مطلع العصور الحديثة

الأوضاع في الجزائر مطلع العصور الحديثة


تمهيد

الاوضاع السياسية-

-الاوضاع الاقتصادية

الاوضاع الاجتماعية-

قيام الحكم العثماني في الجزائر

-اطوار الحكم العثماني في الجزائر-


تمهيد

استهلت الجزائر العصور الحديثة و الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية فيها متأزمة.

2-1الأوضاع السياسية
2-1-1 ضعف الدولتين الحفصية والزيانية
لقد كانتا تقتسمان النفوذ في الجزائر، الأولى في نصفها الشرقي، والثانية في نصفها الغربي، ثم مالتا إلى الضعف و السقوط نتيجة لعوامل عديدة بعضها داخلي، وبعضها الآخر خارجي، نذكر منها:
- النزاع الذي كان يقوم بين الدولتين، وبينهما وبين الدولة المرينية،(3) من أجل السلطة والنفوذ، خاصة قبل مطلع القرن السادس عشر الميلادي/ العاشر الهجري، والتنافسالذيكان يقوم بين أفراد الأسرة الحفصية، وكذلك بين أفرادالأسرة الزيانية، مما أضعفهما وأنهك قواهما و أدى أخيرا إلى تجزئهما و تفككهما و تقلص نفوذهما أكثر فأكثر خاصة في النصف الأول من القرن العشر الهجري/ السادس عشر ميلادي.وقد كان المتنافسون يضطرون إلى الاستعانة بالقبائل العربية كبني عامرو الذواودة(1)، أولاد سعيد (2)، و الشابيين (3)، التي كانت تستغل حاجـاتهم إليهـا، وضعفهم لتتنمر عليهم، وتقلص نفوذهم إلى حد كبير.
- تدهور وضعهما الاقتصادي نتيجة نقص مواردهمـا ،بخروج مناطق عديدة عـن سلطتهما، واضطرار الدولتين إلى تقديم قسط كبير، قد يبلغ نحو النصف من مد خولهما القليل إلى القبائل، حتى تأمنا شرها، مما كان له انعكاسه على القدرات العسكرية للدولتين فلم يعد بإمكانهما أن تقيما الجيوش النظامية الكبيرة العدد، ذات التجهيز القادر على إخضاع تلك القبائل، والمناطق المتمردة أو الحيلولة دون استقلالها، وعلى مواجهة الخطر الخارجي.وقد لاحظ مارمول ضعفسلاطين تلمسان فقالعنهم " انهم لا يجندون الجند إلاّ لفترة الحرب، وهم لا يملكون العربات، ولا الخيام، وإنهم فقراء جدا..." (4).
- مساهمة القوى الدينية المتمثلة في المرابطين، وأتباع الطرق الصوفية فـي إضعافهما عن طريق توجيه الانتقاد لهما، بل ومحاولة بعض كبار المرابطين والمتصوفة تأليب الرأي العام عليهما ،كالشيخ أحمد بن يوسف الملياني(5)، والشيخ عرفة الشابي(6) ومساهمة آخرين في قيام الحكم العثماني في الجزائر، الذي زاد في إضعافهما قبل القضاء عليهما(7).
- الغزو الخارجي الإيبيري، الإسباني على الخصوص للشواطئ الجزائرية، الآتي الحديث عنه، الذي أبان عجزهما عن الدفاع عنها ،وقلص نفوذهما، وأضعف شأنهما إلى حد كبير في نظر رعاياهما و نفرهم من سلاطين الدولتين الذين مالوا إلى السلم مع العدو ،أو الخضوع له .
2-1-2 التفكك الداخلي
وقد نجم عن ذلك الضعف، الذي تردت فيه الدولتان الحفصية و الزيانية ، اضطراب الجزائر وتجزؤها إلى عدة وحدات سياسية صغيرة متنافرة، لا يسود بينها الوئام. فأغلب المدن الساحلية كوهران، وتنـس، وشرشـال، والجزائـر، ودلـس، و بجاية، وجيجل، و القل وغيرها، كانت في مطلع القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، إما تحت حكم أمير زياني منشق عن الدولة الزيانية، كأبي يحيى بن محمد الزياني في تنس، أو عن الدولة الحفصية ،كعبد الرحمن الحفصي في بجاية، أو تحت حكم مجلس منتخب من سكان المدينة، كوهران، أو شيخ قبيلة كسالم التومي، شيخ قبيلة الثعالبة في مدينة الجزائر.
وكانت كل المناطق الجبلية في الفترة نفسها مستقلة، وتأسست في بعضها إمارات ذات أصل مرابطي، أو شريفي، من أهمها: إمارة بني عباس في جبال القبائل جنوب بجاية، وإمارة كوكو الواقعة إلى الغرب من الإمارة الأولى في الجبال نفسها.
واستقلت المدن الداخلية كذلك عنهما تحت حكم بعض الأسر ،كأسرة بني جلاب في توغرت، وعلاهم في ورقلة، جنوبي الجزائر، وغيرها. وسادت القبائل على المناطق السهلية كبني عامر في القطاع الوهراني، و الذواودة في القطاع القسنطيني(1).
2-1-3 الغزو الإسباني
إن التجـزؤ الذي آلت إليــه الجزائر فـي مطلـع القرن السادس عشر الميلادي/ العاشر الهجري، قد شجع الإسبان الذين استكملوا وحدتهم السياسية، وقضوا على آخرإمارة للمسلمين في غرناطة بالأندلس سنة 1492، على غزو الشواطئ الجزائرية، بعد البدء بالمغربية، لتحقيق أغراضهم المختلفة :
1- الدينية :وتتمثل في نشر المسيحية في الجزائر، وتعميرها بالمسيحيين الإسبان، ومن يتنصر من المسلمين واليهود(1)، وإبعاد حدود الإسلام عن إسبانيا. هذا إلى ملاحقة المسلمين في عقر دارهم، والقضاء عليهم أو تشتيتهم ما أمكن.
2- الأمنية والإستراتيجية:و تتمثل في إقامة قواعد عسكرية أمامية في شواطئ الجزائر، وفي بقية بلدان المغرب الكبير تحول دون الاتصال بين الجزائريين و غيرهم من المغاربة وبين البقية الباقية من مسلمي الأندلس، ودون حصول هؤلاء على أية مساعدة من إخوانهم مسلمي الجزائر، و غيرهم من المسلمين المغاربة وتجعل الغزو البحري انطلاقا من الشواطئ الجزائرية إلى الشواطئ الإسبانية غير ممكن. وبذلك يضعون حدا للأضرار التي كان يلحقها الغزاة الجزائريون و غيرهم بشواطئهم، ويؤمنون خطوط مواصلاتهم الهامة بين إسبانيا وإيطاليا، ويتخذون تلك القواعد الأمامية منطلقا لغزو المناطق الداخلية، واستغلالالأوضاع السيئة فيها.
3- السياسية:و تتمثل في تحقيق سيادة الإسبان على الحوض الغربي للمتوسط، التي لا تتم بدون احتلال الشواطئ الجزائرية. وتزعم العالم المسيحي عن طريق زيادة شعبيتهم، بغزوهم لبلد إسلامي.
4- الاقتصادية:و تتمثل في السيطرة على المراكز التجارية(2)، والمناطق التي تتميز بغنى إقليمها بالثروات الحيوانية، والمحاصيل الزراعة، كعنابة و وهران. واحتكار التجارة الخارجية للجزائر، وربما النفوذ منها نحو أعماق إفريقيا، إلى بلاد السودان، الغنية بالذهب.
وقد تمكن الإسبان خلال الفترة 911 - 942هـ/ 1505- 1535م من أن يحتلواويخضعوا مواقع ومدنـا عديدة في الساحـل الجزائري. كـانتا لمرسـى الكبـير أولهـا 911هـ/1505م)(3)، ثم وهران ثانيها في 914ه/1509م(4)، و بجاية ثالثها في 915ه/1510م(5).
وفي أعقاب احتلالهم لــهذه الأخيــرة، سـارعت المدن الصغيرة الواقعة بينها وبين وهران إلـــى إعلان خضوعها، والقبول بـشروط الإسبان مهما كانت مذلة، خشية أن يصيبها مـا أصاب سكـان وهران، وبجـاية، من قـتل وأسر وتشريـد. ومن أهم تلك المدن، مستغانم(1)، والجزائر(2). وقد بنى الإسبان في مواجهة هذه الأخيرة في سنة 916هـ/ 1510م حصنا منيعـا على صخرة لا تبعد عن شاطئ المدينة إلا بنحو مائة متر فقـط، وجعلوا فيــه حاميـة قوية. وبذلك أصبحت مدينة الجزائـر هي الأخرى شبـه محتلة، إذ غـدت تحت المراقبـة المباشرة للحامية الإسبانية، وتحت رحمة مدافعها(3).
وكانت تنس قد خضعت للإسبان، بعد احتلالهم للمرسى الكبير سنة 911هـ/1505م (4). ولم يلبث أبو عبد الله محمد الزياني، ملك تلمسان، أن بعث في سنة 918هـ/ 1512م وفدا إلى إسبانيا ليعلن خضوعه وتبعيته للملك الإسباني (5). وفي سنة 938هـ/1531م تمكن الإسبان من احتلال مدينة هنين الساحلية الواقعة غربيوهران (6). وبعد نحو أربع سنوات تمكنوا أيضا من احتلال مدينة عنابة الساحلية بعد احتلالهم لتونس في صيف 1535م/942ه ، و طرابلس في سنة 1510م/916ه.
ولا يبدو أن السرعة التي تمكن بها الإسبان من فرض سيطرتهم على الشواطئ الجزائريـة والسهولـة التـي احتلـوا بها بعضها، تعود فقط إلى التفكك الذي كانت تعاني منه الجزائر خاصة في مطلع القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، ولكنها تعود أيضا إلى تطور سلاح الإسبان بمقارنته مع سلاح الجزائريين ووسـائل دفـاعهم، إذ كان هؤلاء يحاربون كما يقول (بروديل) كرفاق عقبة بالسيف والرمح، في حين كان الإسبـان يحاربون بالسـلاح الناري والمدفعية (8)ومـع ذلك فإن الإسبــان لم يحققوا كل ما كــانوا يهدفون إليه، من فصـل بين مسلمــي الأندلــس والجزائـر، واستغـلال خيـرات هذه الأخيــرة، واحتــلال سـواحلهـا ودوا خلها... الخ.بل ظــل احتلالهم مقصـورا على بعض المواقع والمدن الساحلية فقط، يشكون فيها الخوف، كما تؤكد ذلك وثائق اسبانية كثيرة (1).
ويعزو بعضهم عدم احتلال الإسبان للمدن، والمناطق الداخلية إلى أنهم لم يركزوا جهودهم على غزو الجزائر دون غيرها، فقد كانوا في الوقت نفسه منشغلين بحروبهم في المناطق الأخرى في أوربا كإيطاليا، وكذلك بغزو العالم الجديد. ويضاف إلى ذلك أن المقاومة الجزائرية، ما لبثت أن انتظمت بزعامة بعض المرابطين المجاهدين، كابن القاضي، ثم بزعامة الإخوة بربروس، ومن تلاهم. وأشعرت الإسبان بالخطر الكبير عليهم حتى في المدن الساحلية القريبة من اسبانيا، والتي يمكن تموينها عن طريق البحر، فكيف بهم لو توغلوا أو أقدموا على احتلال المدن الداخلية ، ا لتي لا يمكن تمويلها عن طريق البحر(2).
ولكن الغزو الإسباني، وإن اقتصر على الشواطئ الجزائرية لسبب أو لآخر، فإنه قد ألحق أضرارا جسمية ليس فقط بالمدن المحتلة، و لكن أيضا بالمناطق الداخلية، المجاورة لها وغير المجاورة، إذ أن إحتلال الإسبان لكل من وهران ، وبجاية وعنابة، التي كانت كلها من المراكز الهامة لمختلف النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، و الثقافية، كــان له انعكاسه السيئ على المناطق و المدن الداخلية، التي كانت تعتمد عليها في تلك المجالات و يتجلى ذلك في هجرة السكان المدن المحتلة ، و المناطق المجاورة لها المهددة بالمحتلين .
2-2الأوضاع الاقتصادية
إن الزراعة التي كانت تشكل النشاط الاقتصاديالرئيسي للسكان، كانت تعاني من الاضطراب ،وعدم الاستقرار الناجمين عن التجزؤ و التفكك الذي آلت إليه الجزائر، والنزاع الذي كان قائما بين الوحدات السياسية الصغيرة، التي قامت هنا وهناك، والغزو الإسباني للسواحل، و الغارات التيكانت تستهدف أقاليم المدن، و الموانئ التي وقعت تحت الاحتلال الإسباني أدى كل ذلك إلى تقلص المساحات المزروعة، لهجر الفلاحين أراضيهم غير الآمنة إلى أماكن أكثر أمنا ، أو اكتفائهم بزرع مساحات قليلة لسد حاجتهم فقط. وتأثرت التجارة الداخلية، و الخارجية أيضا بالحالة الأمنية، التي اضطربت بين المدن، وفي الطرق، والأسواق، كما تأثرت بتعرض مراكز التجارة الهامة، ولا سيما مع الخارج إلى الغزو أو الاحتلال أو التهديد، فهاجر تجارها وغيرهم إلى أماكن أخرى بحثا عن الأمن، والاستقرار.أما الصناعة التي كانت لا تزال في طورها الحرفي، فأصيبت هي الأخرى في الصميم لتعرض كثير من المدن التي كانت تحتضنها كوهران و بجاية، وعنابة، وغيرها إلى الغزو، أو التهديد به، مما جعل كثيرا من المراكز الحرفية تختفي أو تفقد أهميتها.
ولا بد من الإشارة إلى أن الجزائر استقبلت حتى مطلع القرن السادس عشر الميلادي/ العاشر الهجري الكثير من التجار، والحرفيين، والفلاحينالأندلسيين، الذين عززوا صفوف نظرائهم من الجزائريين، ولكن ذلك لم يؤد إلى انتعاش ملحوظ للاقتصاد الجزائري في أوائل القرن المذكور (1).
2-3الأوضاع الاجتماعية
إن الأوضاع الاجتماعية قد مالت إلى التردي و التدهور نتيجة لعدة عوامل أهمها:
- التجزؤ الداخلي، والغزو الخارجي، اللذان نجم عنهما اضطراب الأمن ،وانعدام الاستقرار، وهجرة قسرية كبيرة ،من المدن التي أصابها الغزو الإسباني، أو التي كانت مهددة به، أو من المناطق المضطربة ،إلى المناطق الداخلية بحثا عن الأمن والاستقرار.وكانت تلك الهجرة تتم في ظروف صعبة، فقد فيها أولئك المهاجرون منازلهم وأملاكهم. وهكذا شهدت بعض المدن الداخلية كتلمسان، و قسنطينة، وغيرهما تضخما سكانيا، كما شهدت بعض المناطق الجبلية الوعرة كالجبال المحاذية لبجاية اكتظاظا سكانيا رغم أنها من المناطق الشحيحة الطاردة للسكان.
- تعرض قطاع المدن الذي كان أصلا ضعيفا إلى الغزو والتخريب والتقليص، وفقدان الأهمية، مما زاد في تقليص نسبة السكان الحضر المستقرين، وزاد في نسبة سكان البدو، والرحل، بالرغم من استقبال المدن الساحلية على الخصوص، وبعض المدن الداخلية عددا كبيرا من السكان الأندلسيين الذين عززوا نسبة سكان المدن.
-الوضع الاقتصادي المتردي الذي انعكس علـى الوضع الإجتماعي للسكان بحيث كثر الفقر، وانتشرت الأمراض في صفوفهم.
ومن يقرأ كتاب الوزان الموسوم بوصف إفريقيا، وكتاب إفريقيا لمارمول الذي نقل الكثير عن الأول، وزاد عنه بعض المستجدات، يدرك أن المجتمع الجزائري كان في أغلبه مجتمعا ريفيا، يعيش في حالة البؤس، والخوف، يظهر ذلك في وصفهما لمأكل الناس و ملبسهم ومسكنهم في المدن، والقرى، والأرياف، وتأهبهم لتجنب الغزو والعدوان الذي يمكن أن يتعرضوا له (1).
2-4الثقافية والعلمية
لقد تأثرت الحياة الثقافية بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية غير المستقرة، وكذلك بالغزو الإسباني للسواحل الجزائرية، والمناطق الداخلية المجاورة لها. وقد نجم عن كـــل ذلك غلق المراكز التعليمية التـــي كانت تحتضنها المدن المحتلـة، لهجرة طلابها وعلمائها الذين نجوا من القتل إلى مراكز أخرى في الجزائر، وخارجها، بحثا عن الأمن والاستقرار، وفقدان المراكز التعليمية في المناطق المجاورة لتلك المدن المحتلة كل الأهمية، أو بعضها على الأقل، لعدم شعور العاملين فيها من علماء وطلبة بالأمن، فعرفت هي الأخرى هجرة إلى أماكن أكثر أمنا في الداخل، وحتى في خارج الجزائر.
وهكذا فإن الباحث في الحياة الثقافية في الجزائر في العقدين الأولين من القرن العاشر السابقين لاستقرار العثمانيين فيها، لا يكاد يجد سوى مراكز قليلة، احتفظت ببعض أهميتها السابقة بفضل من كان بها من العلماء والطلبة، وفضل من انضاف إليهم نتيجة الهجرة القسرية من المراكز التي احتلت مدنها، أو كانت مهددة بالاحتلال أو الغزو. فباستثناء تلمسان، وقسنطينة اللتين استقبلتا أعدادا من علماء وهران ، وبجاية، وطلبتهما، وأعدادا أخرى من العلماء والطلبة الأندلسيين، لا نكاد نجد مراكز علمية هامة أخرى، اللهم بعض الزوايا التي أخذت في الانتشار في المناطق الريفية ،تقدم تعليما دينيا بسيطا، بحيث يمكن القول: إن الحياة الثقـافية في أوائل القــرن 10 هـ/ 16م كانت تعاني هي الأخرى من الظروف الصعبة التي كانت تعاني منها الجزائر في مختلف الجوانب (1).
تلك كانت باختصار ملامح الأزمة المتعددة الجوانب التي كانت تعيشها الجزائر، وتعاني منها قبل بروز أوائل العثمانيين فيها، وشروعهم مع الجزائريين في العمل على إخراج البلاد من المحنة التي كانت فيها. فكيف كانت بداية أمر العثمانيين فيها ؟ ثم ماهي جهودهم ؟ وما هي نجاحاتهم التي أحرزوا عليها ؟ ذلك ما سنراه في الصفحات التالية.

قيام الحكم العثماني في الجزائر:

خضعت الجزائر منذ العقد الثاني من القرن السادس عشر الميلادي /العاشر الهجري جزئيا ثم كليا إلى الحكم العثماني واستمر ذلك إلى سنة1830م تاريخ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر.ولكن كيف كانت بداية الوجود العثماني؟ و ما هي الأطوار التي مر بها حكم العثمانيين للجزائر؟

3-1بداية الوجود العثماني في الجزائر
لما كان الإسبان يغزون الشواطئ الجزائرية في مطلع القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي،كانت طلائع غزاة البحر العثمانيين،ممثلة في الأخوة بربروس(1)عروج و خير الدين و إسحاق، و في آخرين ،قد وصلوا إلى الحوض الغربي للمتوسط،و أخذت تجوب عرضه جيئة و ذهابا، ملحقين بالسفن و الشواطئ المسيحية خسائر كبيرة ،متخذا من الموانئ التونسية التي أذن لهم السلطان الحفصي أبو عبد الله محمد،باستعمالها مقابل دفع الخمس من الغنائم و شروط أخرى)2(، منطلقا لها ،فذاع صيتهم، و انتشرت أخبار بطولاتهم في الغزو البحري، فتوجهت إليهم أنظار المجاهدين الجزائريين، و في مقدمتهم أبو العباس أحمد بن القاضي الزواوي الذي لما رأى قوة شوكة النصارى الكفار، و انتشار في المغرب، و ضعف المسلمون عن مقاومتهم،كاتب الترك،و عرفهم عزة هذه البلاد، لما يسمع من شدة الأتراك في المعارك،و نجدتهم في الحروب و المضايق ،وإرهابهم للكفرة فقصد بحسن نية، أن يرفعوا من عزة الإسلام ما انخفض،و يقووا من أمره ما ضعف،و قال : إن بلادنا بقيت لك ولأخيك أوللذئب ،فأقبل الترك نحوه مسرعين، و جعل هو يخص الناس على اتباعهم، و الانخراط في سلكهم ،و السمع و الطاعة لأميرهم عروج التركماني، الذي هو الباي فيهم ،فدخل الترك الجزائر و تلمسان.
و من هذا النص يستخلص أن تدخل أوائل العثمانيين في الجزائر،كان استجابة لطلب الجزائريين، ونجدة لهم، و مشاركة في الدفاع عن بلادهم،و تحرير ما وقع منها تحت الاحتلال الإسباني.و لكن عروج و جماعته من الأتراك،وغيرهم قبل أن يدخلوا إلى الجزائر أو إلى تلمسان، قاموا في سنة918 /1512م بمحاولة لتحرير بجاية،لم تكلل بالنجاح، و فيها فقد عروج ذراعه. و لما شفي من إصابته و جدد بناء قوته خلال سنة 919/1513م، هاجم في السنة التالية)920/1514م(بجاية مرة أخرى، و لما باءت محاولته بالفشل، توجه الى بلدة جيجل، التي استولى عليها الجنويون بقيادة أندرى دوريا في سنة 919/1513م، لتحريرها بالتعاون مع أهاليها و سكان المنطقة المجاورة لها و ابن القاضي المذكور. و قد تمكن عروج من القضاء على حصن الجنويون، و تحرير البلدة التي أصبحت منذ ئد قاعدة له.و منها وجه هدية ثمينة إلى السلطان العثماني سليم الأول .وبذلك ابتدأت الصلة الرسمية مع العثمانين،و النفوذ العثماني في الجزائر .
3-2توسع نفوذ العثمانيين
شرع عروج و خير الدين ثم من تلاهما في توسيع نفوذ العثمانيين في الجزائر انطلاقا من جيجل أول حاضرة لهم في الجزائر ، ثم من مدينة الجزائر ثاني المدن التي خضعت لهم. فعروج لم يلبث في جيجل مدة طويلة حيث تلقى دعوة من أهالي مدينة الجزائر، و أميرهم سالم التومي في سنة922ه/1516م لتخليصهم من الحامية الإسبانية، التي كانت تضايقهم ،وتشل حركتهم، وتحول دون ممارستهم للغزو البحري ،فاستجاب لطلبهم، و هاجم الحصن الإسباني، بعد أن استولى على بلدة شرشال المجاورة، و لكن مدفعيته لم تستطع التأثير على الحصن القوى على أنه لم يكن يبعد عن المدينة بأكثر من100م، و أنه ظل يقصفه ثلاثة أسابيع.

ولكن العلاقة بينه و بين سالم التومي لم تلبث أن ساءت بعد فشل هذا الأخير في القضاء على الحصن الإسباني. و تمكن عروج من قتله بعد أن استمال اليه العديد من أعيان المدينة بالهدايا و أعلن نفسه حاكما على الجزائر ثم تمكن من إحباط مؤامرة حاكها ضده بعض أهالي المدينة مع عرب المنطقة المجاورة (عرب متيجة، الموالين لسالم التومي) فأذعن سكانها.ولكن الإسبان لم يرتاحوا إلى الوضع الجديد في المدينة، فجهزوا حملة ضخمة في نفس السنة 922ه/1516 مللقضاء على خطر عروج قبل استفحاله،و إعادة الإمارة إلى ابن سالم التومي، كانت تتألف من8000مقابل نقلتهم80سفينة، بقيادة دييجو دوفيرا، ولكن تلك الحماة باءت بالفشل أمام خطط عروج الهجومية، التي مكنته من القضاء على3000ممن نزلوا إلى الأرض ، وأسر400منهم. و تضافرت العاصفة معه، فقضت على معظم قطع الأسطول بمن فيها غرقا في البحر.
وساعد هذا الانتصار الباهر الذي حققه عروج و جماعته ، بالتعاون أيضا مع سكان المدينة و عرب المنطقة المجاورة، على استقرار الأمر لحاكم الجزائر الجديد، و على مد نفوذه إلى مدن أخرى، ساحلية و داخلية، في مقاطعة الجزائر و خارجها، كدلس، و المدية،و مليانة، و غيرها. ثم توجهت أنظاره إلى الغرب الجزائري للقضاء على الحكام الزيانيين فيه، الموالين للإسبان، كسلطان تنس و سلطان تلمسان.
و قد تمكن من الانتصار على قوات سلطان تنس الكبيرة ،في المعركة التي جرت بين الطرفين على مقربة من نهر الشلف، في صيف 923/1517م و ذلك بفضل السلاح الناري الذي كان بحوزة قواته،و الذي لا مثيل له لدى قوات سلطان تنس، فاضطر هذا الأخير إلى الفرار إلى قاعدة ملكه.و لما وجد نفسه ملاحقا فر منها إلى أقصى الجنوب الجزائري، فدخلها عروج ثم تقدم إلي تلمسان،حيث كان السلطان أبو حمو الزياني الثالث الموالي للإسبان قد اغتصب الملك من ابن أخيه أبي زيان وأودعه السجن، و ذلك بعد أن تلقى دعوة من بعض أعيان تلمسان يرجونه فيها المسير إلى مدينتهم لتخليصهم من أبي حمو ، و إعادة أبي زيان الى الملك و تمكن عروج من تحقيق النصر على ابي حمو في المعركة التي دارت بين الطرفين، ففر هذا الأخير إلي فاس ثم إلى وهران، و من هذه الأخيرة توجه الى بلاط ملك إسبانيا شارل الأول،لطلب عونه.و دخل عروج تلمسان في رمضان 923/سبتمبر1517م، و استحوذ على الملك فيها، و قتل أبازيان بعد أن أعاد له الملك بضعة أيام و كذلك كل أفراد الأسرة المالكة إلا من فر منهم ،و المتعاطفين معهم من التلمسانيين و ذلك حسما لمؤامراتهم ثم جد في توطيد سلطته في المدينة ،و تحصينها .و كان قد أقام و هو في طريقه إلى تلمسان ـ حامية في قلعة بني راشد،التي تتوسط الطريق بين تلمسان و مدينة الجزائر لتأمين خط الرجعة إلى هذه الأخيرة ووصول الإمدادات إليه منها أو من الجزائر أسند قيادة تلك الحامية إلى أخيه إسحاق.و سعى إلى إقامة تحالف دفاعي و هجومي بينه و بين سلطان فاس محمد البرتغالي الوطاسي ضد النصارى،العدو المشترك،فرحب هذا الأخير بالعرض ووافق عليه.و بهذه الخطوات اطمأن عروج، و بقي في مدينة تلمسان الداخلية.

3-3التدخل الإسباني في تلمسان و القضاء على عروج
لم ينظر الإسبان بعين الارتياح إلى النجاحات التي حققها الإخوة بربروس و الخطوات الكبيرة التي خطوها في طريق توحيد أجزاء الجزائر تحت سلطتهم،لأن خطرهم المتزايد سوف لا يتوقف عند تهديد مراكزهم على ساحل المغرب الكبير و على شواطئ إسبانيا نفسها و لذلك فقد كان رد فعلهم التدخل السريع الى جانب السلطان المخلوع أبي حمو الثالث، فقطعوا أولا خط الرجعة إلى الجزائر، بقضائهم على حامية قلعة بني راشد بما في ذلك إسحاق شقيق عروج وخيرالدين، ثم حاصروا عروج في تلمسان.و كان هذا الأخير يأمل في وصول المدد إليه من حليفه السلطان الوطاسي، و لما طال انتظاره حاول الفرار في اتجاه الغرب مع القليل من الأتراك الذين بقوا و الإسبان أدركوا بعد معركة عنيفة من القضاء عليه و على رفاقه في ماي1518وفي بني يزناسن. و أعاد الإسبان الملك في تلمسان إلى أبي حمو الثالث الذي قبل أن يدفع ضريبة سنوية لهم مقدارها12000دوكاتو12من الخيلو6من إناث الصقور، كعلامة عن التبعية .وبمقتل عروج وأخيه إسحاق و القوات التي كانت معهما،تعرض الوجود العثماني إلى هزة قوية كادت تقضي عليه ،و تقلصت من جديد أرجاء الدولة التي أخد عروج في إنشائها بعودة ابي حمو إلى مملكة تلمسان و حميدة العبد إلى تنس .
3-4إنطواء الجزائر تحت لواء الدولة العثمانية
بويع خير الدين في مدينة الجزائر، خلفا لأخيه عروج،فشرع فورا في الإستعداد لمواجهة حملة إسبانية متوقعة، قد يشترك فيها حليفهم ملك تلمسان.و لم تكن توقعاته وهمية، إذ تحركت في صيف سنة1518م/924، أي بعد شهور قليلة من مقتل أخويه عروج واسحاق، بقيادة نائب ملك صقلية، هيجو دومنكاد للقضاء على البقية من مدينة الجزائر، و أعوز قائد الحملة إلى سلطان تلمسان للتحرك بقواته إلى مدينة الجزائر، و لكن الجزائريين بقيادة خير الدين تمكنوا من القضاء على الحملة الإسبانية قبل أن يصل هذا الأخير، و لم يسلم من القتل أو الأسر أو الغرق في البحر إلا العدد القليل و في أعقاب هذا النصر الباهر،عزم خير الدين الرحيل إلى إقليم الروم،و ترك مدينة الجزائر للجزائريين و من ينتخبونهم منهم.و جمع أهل الجزائر كلهم وأعيانها من العلماء الصلحاء و المشايخ ليخبرهم بعزمه. و لكن هؤلاء أصروا على إقامته في الجزائر، ووافقوا على اقتراحهبصرف الخطبة إلى السلطان سليم العثماني، و ضرب السكة باسمه حتى يضمنون مساعدته، و تزويده لهم بما يلزمهم من الرجال وآلات الجهاد لحماية مدينتهم.
و كتبوا كما أمرهم خير الدين كتابا على لسانهم إلى حضرة السلطان العثماني المذكور يخبرونه بصرف طاعتهم إليه، و أنهم من جملة من تنفذيهم أحكامه، ويقع فيهم نقضة .وهو بتاريخ أوائل ذى الحجة سنة925ه/أواخر أكتوبر أو أوائل نوفمبر 1519م. وكتب هو كتابا آخر إلى السلطان سليم، الذي رحب بطلب أهالي الجزائر و خير الدين الانضمام تلقائيا تحت لوائه، و سر به كثيرا، لأنه كان متجاورا مع رغباتهم و مطامحه في مد نفوذه ليشمل كل العالم الإسلامي، و العربي، مشرقه و مغربه، حتى يكون أكثر قوة في صراعه مع أوروبا المسيحية، عسكريا و إستراتيجيا و اقتصاديا.و يبدو أن السلطان سليم كان يخطط أصلا لبسط نفوذه على كامل شمال إفريقيا و الحوض الغربي للمتوسط، فقد نسب إليه قوله لأحد كتمة سره ...أن البحر الأبيض المتوسط هو عبارة عن خليج واحد يمتد إلى بوغاز سبتة، فكيف يليق أن تجتمع فيه مدن مختلفة، ثم أنهم لا يكونون تحت حكم الدولة العلية، فعدم الإجتهاد في بلوغ هذه الغاية المقصودة هو من قصور الهمة المزري بشأن الدولةإني آليت على نفسي و عاهدتها إن مد الله في عمرى،أني أحرمها الراحة و السكون، مالم أنشئ الأساطيل الكافية لنيل المرغوب ،و أستولى على ثغور البحر البيض المتوسط ...و تذكر المراجع أن السلطان سليم بذل فعلا جهودا كبيرة لترقية البحرية العثمانية، لتحقيق فرصة ذاك. و تشير المراجع من جهة أخرى إلى تقديمه العون للأخوة بربروس، الذين كانوا يعملون في الحوض الغربي للمتوسط قبل انضمام الجزائر بشكل رسمي إلى الدولة العثمانية، و إلى اعتزامه المسير بنفسه إلى الغرب و لكن الأجل لم يمهله.
شيوخ القبائل
وقد أرسل السلطان سليم صحبة مبعوثي الجزائر إليه سنجقا، و كتابا إلى أهل الجزائر و خير الدين بقبول ما كتبه إليه، و أنهم ممن تشمله عنايته و تحرسهم رعايته، و بذلك غدت الجزائر تابعة للدولة العثمانية، وأصبح خير الدين حاكما لها تابعا للسلطان العثماني . و قد أمد السلطان سليم خير الدين بالمساعدة العسكرية التيكان بحاجة ماسة إليها حيث أرسل إليه2000جندي و سمح بالذهاب إلى الجزائر لكل من يريد ذلك من الأتراك، ووافق أن يكون للإنكشاريين في الجزائر نفس الإمتيازات التي كان يتمتع به الإنكشاريون في عاصمة الدولة. فقصدها عدد آخر ، مما سمح لخير الدين أن يقيم حاميات عديدة في الغرب الجزائري منها مستغانم، و تنس، و مليانة و غيرها

4-أطوار الحكم العثماني في الجزائر
لقد مر الحكم العثماني في الجزائر بأربعة أطوار رئيسة أولها عهد البايلربايات1519-1587،و ثانيها عهدالباشاوات1587-1659،و ثالثها عهد الآغاوات1659-1671، و رابعها عهد الدايات1671-1830.
4-1الجزائر في عهد البايلربايات
1519-1587 غدت مدينة الجزائر و توابعها منذ أواخر سنة925ه/1519تابعة للدولة العثمانية مرتبطة بها، دون أن تتجشم هذه الأخيرة عناء غزوها، كما حدث بالنسبة لبلاد الشام و مصر، و العراق و غيرها و تونس أيضا كما سنرى، و غدا خير الدين حاكما تابعا للسلطان العثماني ،إلا أنه كان في واقع الأمر يتمتع بسلطات واسعة في الجزائر ،لا تقل عن سلطات الملوك، و إن كان في واقع الأمر يتمتع بسلطات واسعة في الجزائر، لا تقل عن سلطات الملوك، وإن لم يكن رسميا إلا بايلربايا، أو أميرا للأمراء فيها و هو اللقب الذي حمله هو، و عدد من الحكام الأساسيين الذين خلفوه في حكم الجزائر في الفترة1519-1587 م، التي تعرف بعهد البايلرباي. و قد كان السلطان العثماني يعين هؤلاء لحكمها لفترة غير محدودة بزمن و يختارهم غالبا من أكفاء الرجال الذين خدموا في الجزائر .
و غالبا ما كان بايلربايات الجزائر يرشحون لاستلام البحرية العثمانية ، وقيادة الأسطول العثماني أي منصبة قبو دان باشا.وقد نجح البايلربايات الذين تداولوا على حكم الجزائر في:
4-11 التصدي لمزيدمن الحملات الإسبانية على مدينة الجزائر ، و شرشال و مستغانم و غيرها، و إفشالها، و إلحاق خسائر كبيرة بها ، جعلت الإسبان في نهاية الأمر في موقف الدفاع، لا الهجوم. و لا سيما بعد فشل حملتهم على الجزائر في سنة 1541م التي قادها الإمبراطور شارلكان بنفسه. و القضاء على حملتهم الموجهة ضد مستغانم في سنة1558م بقيادة حاكم وهران الكونت دالكوديت.
4-1–2 النجاح في تحرير العديد من المواقع التي كان يحتلها الإسبان، و في مقدمتها :
صخرة الجزائر البنون في سنة1529، و عنابة في سنة1540، و بجاية في سنة1555. و الإخفاق في تحرير وهران ، و المرسى الكبير، لتخليص الإسبان فيها، و وصول المدد إليهم من جهة البحر .
4-1-3 النجاح في توحيد أجزاء كثيرة من البلاد الجزائرية، التي كانت تابعة للمماليك، و الإمارات، الحفصية و الزيانية، وللأمراء و شيوخ القبائل المنشقين عنهم، وربطها بمدينة الجزائر التي اتخذوها حاضرة للبلاد كلها، بحيث غدت معظم أجزاء الجزائر الحالية من مشمولات حكمهم .و قد وجدوا في سبيل بسط نفوذهم عليها مقاومة و معارضة من سلاطين بني زيان، و بني أبي حفص، و غيرهم، وكذلك من الإسبان ، و أخيرا من الأشراف السعديين حكام المغرب الأقصى، إلا أنهم تمكنوا من التصدي بنجاح للسعديين من الحملات الإسبانية ما تقدم، و الحفصية، و الزيانية، و السعدية، وغيرها و من التغلب على مقاومات الزعامات المحلية.

4-1–4 القضاء نهائيا على نفوذ الزيانيين في تلمسان ، وتنس و كل الغرب الجزائري و ذلك في سنة1551م، و على نفوذ الحفصيين في الشرق الجزائري ، و المساهمة في القضاء عليه حتى في تونس نهائيا في سنة1574.
4-1–5 العمل على مد نفوذ الجزائر، والدولة العثمانية إلى المغرب الأقصى، و النجاح في مرتين على الأقل في ضم فاس و ممتلكاتها و ذلك في سنة 1554ثم في سنة1576، و تنصيب سلطان موالي لهم فيها و هو ابو حسون الوطاسي في المرة الأولى، وعبد المالك السعدي في المرة الثانية.
4-1–6 النجاح شيئا فشيئا في إرساء دعائم الحكم العثماني في الجزائر، و الشروع في احداث تنظيمات إدارية فيها، و تقسيمات إقليمية جديدة بحيث أصبح الغرب الجزائري بايليكية قاعدته الأولى مازونة ثم معسكر و مستغانم قبل أن يستقر المقر في وهران بعد فتحها الأول و الثاني في القرن الثاني عشر ، و أصبح الشرق الجزائري بايليكته أيضا قاعدته مدينة قسنطينة.و غدا القطاع الأوسط من البلاد و يتشكل من بايليكية التطري و قاعدته مدينة المدية في قسمه الجنوبي. و من دار السلطان في قسمه الشمالي الممتد من دلس شرقا و تنس غربا. وهذا القسم كان تابعا مباشرة للإدارة المركزية في مدينة الجزائر. وقد كان على رأس كل بايليكية باي تابع لحاكم الجزائر، البايلرباي، أو الباشا، أو الآغا، أو الداي ،و هي التسميات التي حملها حكام الجزائر خلال مراحل العهد العثماني في الجزائر .وقد نشأ حكام الجزائر العثمانيون مؤسسات عسكرية ، و إدارية و دينية ، و عملية ساعدتهم على التحكم في زمام الأمور في الجزائر و سيأتي الحديث عنها كمؤسسة ديوان الجند و طائفة الرياس و المؤسسة القضائيةالخ .
4-17 نجحوا في إيجاد سندلهم في مهمتهم من بين أهالي الجزائر، و المهاجرين الأندلسيين الذين وفدوا على الجزائر بكثرة في القرن10ه/16. وحتى القرن11ه/17م . وكان لحكام الجزائر الفضل الكبير في إنقاذ عدد كبير منهم من جحيم الاضطهاد الذي كانوا يعانون منه في الأندلس بعد سقوط غرناطة، و تنكر الحكام الإسبان للعهود التي قطعوها لهم ،كما نجحو في استمالة كثير من الأعلاج إلى صفهم بفتح أبواب العمل أمامهم و الإرتفاع إلى أعلى المناصب في الجزائر .و كان لكثير منهم الفضل في تحقيق النجاحات المذكورة أعلاه، و أولهم حسن آغا خليفة خير الدين على الجزائر الذي كانت له أياد بيضاء في الدفاع على مدينة الجزائر ضد حملة شارلكان،و في إعادة نفوذ الجزائر على المناطق المستولىعليها، و توسعهإلى مناطق جديدة . و العلج علي الذي مد نفوذ الجزائر في عهده إلى تونس ، و حسنفنزيانوو غيرهم .وقد برز الأعلاج على الخصوص في قيادة حملات الغزو البحري الذي ازدهر في القرن10ه/16و لاسيما في القرن17م مما أرغم الدول العديدة على في قيادة حملات الغزو البحري الذي ازدهر في القرن10ه/16و لاسيما في القرن 17 م مما أرغم الدول العديدة على طلب السلم مع الجزائر،و القبول بدفع إتاوة لها، و في المساهمة في الحملات العثمانية و المعارك البحرية للدولة العثمانية كالحملة على مالطة، و معركة ليبايني و غيرها.
و يمكن القول على وجه الإجمال أن خير الدين و خلفاءه البايربايات قد نجحوا في إرساء دعائم الحكم الجديد في الجزائر إلى حد كبير. وما لم يتحقق في عهد البايلربايات، أتم تحقيقها خلفاءهم في مراحل الحكم العثماني الأخرى هي عهد الباشاوات1587-1659. و عهد الآغاوات1659-1671و عهد الدايات1671-1830قبل أن يخفق حسين داي آخر الدايات في التصدي للحملة.4
المصادر و المراجع العربية

1 - ابن أبي دينار أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الرعينى القيرواني المؤنس في أخبار افريقيا و تونس .تحقيق و تعليق محمد شمام،ط3، تونس1967م

2- التنسي عبد الجليل نظم الدر و العقيان في شرف ابن زيان، أو الترجمة الفرنسية ليبارجيس باريس 1852

.3- جودت أحمد تاريخ جودت، ترجمة عبد القادر أفندي ،بيروت 1308

4- المجهول غزوات عروج و خير الدين،تصحيح و تعليق عبد القادر نور الدين الجزائر 1430 .

5المدني أحمد توفيق حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر و اسبانيا 1492/1792 ط1 الجزائر1968

6-الوزان الحسن بن محمد المدعو الليون الأفريقي وسط افريقيا تحقيق عبد الرحمان حميدة 1399

7- التميمي عبد الجليل رسالة من مسلمي غرناطة الى السلطان سليمان القانوني عدد 23/1975م

8- مجلة التاريخ تصدر في الجزائر من مركز الدراسات التاريخية ناصر الدين سعيدوني/ نظرة حول الوثائق العثمانية بالجزائر عدد4/1977م.

9- سامح عزيز الأتراك العثمانيون في إفريقيا الشمالية ترجمة عبد السلام أدهم ط1 بيروت 1969م

10- العقاد صلاح المغرب العربي ط3 مصر 1969م



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة