U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

العلاقات الخارجية لسلاطين الدولة العلوية الأوائل -المولى محمد والمولى الرشيد


العلاقات الخارجية لسلاطين الدولة العلوية الأوائل -المولى محمد والمولى الرشيد-


-علاقات محمد الاول مع ايالة الجزائر
-علاقات المولى الرشيد مع الجزائر
-علاقات مولاي الرشيد مع فرنسا
-علاقاته مع جمهورية جنوة
-علاقاته مع اسبانيا
-المصادر والمراجع



-علاقات محمد الأوّل مع إيالة الجزائر :  

        كان أوّل إحتكاك مباشر للسّلطان محمد الأوّل مع إيالة الجزائر،يعود إلى حملة عسكرية نحو المغرب الشّرقي من أجل استخلاصه من الحكم العثماني ومهاجمته تلمسان إثر ذلك بعث أحمد باشا بسفارة بتاريخ منتصف رجب 1064هـ /1654م إلى المولى محمد الأوّل، وكانت السّفارة تتألف من اثنين من كبار علماء الجزائر، وهما الفقيه عبد الله بن عبد الله الغفار، والحاج محمد بن عبد العالي الحضري المزغناوي،واثنين من رجال الديوان الأتراك

أ-رسالة أحمد باشا إلى محمد الأوّل1064هـ /1654م:

ومماجاء فيها:«إن حفيد مولانا علي وسيدتنا البتول وولد مولانا الشريف بن مولانا علي وبعد فقد كاتبناكم من مغنى غنيمة المقيم والظاعن والزائر رباط الجريد مدينة الجزائر [...]وذلك أن الوهاب سبحانه وتعالى منحكم همة وهيبة الجود والحلم والسماحة وأختار لكم عنوان عليها في الصون سجلماسة لكن فاتكم سرّ الرأي والتدبير خرقت على الإيالة العصمانية جلباب صونها الجديد من وجدة الأبلق إلى حدود الجريد فخيبت عنا أخلاق وأحلاف[...]شنيت الغارة العشواء على بني يعقوب فحسمت رسمهم...»      فالرسالة تعكس بوضوح تخوف الجزائر من محاولة توسعات السلطان المغربي محمد الأول على حساب الجزائر، ويذكره بنبل أخلاقه وبنسبه الشريف، لعلّه يتخلى ويكفّ عن هذه الغارات التي يشنها على الأقاليم الجزائرية.

ب- رد محمد الأوّل على رسالة أحمد باشا 1064ه/1654م:     

 إغتاظ محمد الأوّل من الرسالة التي بعث بها باشا الجزائر إليه و التي احتوت على عبارات لم يتقبلها كقوله:«وقولكم إنّ الحجر لا يدقّ بالطوب...» مما دفع به، أن يبعث برسالة إلى باشا الجزائر بتاريخ أواخر شعبان 1064هـ/15جويلية 1654م جاء فيها:«إن آل تلمسان ما آثارهم إلا جوركم في الأموال والبنين مع مكابدتهم جمرة الصبرعلى مسير السنين وقولكم إن الحجر لايدق بالطوب والخاطف لايطأ بسط الخطوب تيقنا أن السهم والرمح لا يقومان بقوة الكبريت والمدافعون حن أعرف منكم بأصناف البارود والمدافع...»

ت-الاتفاق على رسم الحدود 1065 هـ / 1654م:

      استطاعت البعثة الجزائرية وعلى رأسها أبو الصون المحجوب الحضري أنّ تقنع محمد بن الشّريف العلوي بفكرة الحدود قائلة له:«نحن جئنا لتعمل معنا شريعة جدّك وتقف عند حدك...» معتمدة في ذلك مخاطبة الضّمير الإسلامي فيه، لتمنعه من تأليب القبائل ضد حكم الأتراك العثمانيين في الجزائر، وتحاول إقناعه و تذكّره بأن ما يفعله حرام لا يجوز في مذهب من مذاهب المسلمين، فما كان جده -يقصد النبي- يحارب المسلمين ولا يأمر بنهب المستضعفين.     كما حاولت السّفارة الجزائرية، أن تركز على المنطق العقلي لصرفه عن الجزائر بقولها:«فإن كان غرضك، في الجهاد فرابط على الكفار،الذين هم في وسط البلاد،وإن كان غرضك في الاستيلاء على دولة آل عثمان فابرز إليها واستعن بالرحيم الرحمان،فلا يكن عليك في ذلك ملام...» ،اقتنع المولى محمد بن الشّريف،وكان مضطرا لأن يقتنع، نتيجة المشاكل التي كانت تطوّقه من كل جانب،فوافق على ترسيم الحدود مع الجزائر بعد أن كتب لوالي الجزائر ما يلي:«والله ما أوقعنا في هذا المحظور إلا شياطين العرب،انتصروا بنا على أعدائهم وأوقعونا في معصية الله وأبلغناهم غرضهم فلا حول ولا قوة إلا بالله وإني أعاهد الله تعالى لا أعرض بعد هذا اليوم لبلدكم ولا لرعيتكم بسوء،وإنّي أعطيكم ذمة الله ورسوله لاقطعت وادي التافنة إلى ناحيتكم إلا فيما يرضي الله ورسوله...»     وبذلك رجعت البعثة الدبلوماسية الجزائرية بنتيجة مهمة سنة 1065 هـ / 1654م،وهي تعيين الحدود بواد التافنة ،واعتبروه بمثابة إتفاق حول الحدود بل إعتمدوه كحجة أشهروها دائما،في محاولات التوسع المغربي شرقا.

-علاقات المولى الرشيد مع الجزائر:   

   تراوحت العلاقات الجزائرية المغربية في عهد المولى الرشيد بين التوتر حينا والسلام الحذر أحيانا أخرى، بسبب رغبة المولى الرشيد في التّوسع شرقا، وفي أعقاب وفاة المولى محمد وجلوس أخيه المولى الرشيد على كرسي الحكم، وجهت الجزائر بعثة دبلوماسية إلى مولاي الرشيد تطلب منه أن لا يسمح لجيشه بالتوغل في الأراضي الجزائرية، وهذا بحسب الاتفاق الذي عُقد بين الجزائر و المولى محمد والذي أعطى فيه العهد على ذلك فأذعن الرشيد لذلك الأمر وآثر الاستقرار وقبل بالإتفاق المبرم على ترسيم الحدود.

-علاقات مولاي الرشيد مع فرنسا:  

   ربط مولاي الرشيد مع فرنسا علاقات سياسية، وتجارية،ففي عام 1666م، قدم إلى المغرب التاجر الفرنسي "رولان أفرجس"(Lauranne Afergice)وكان المولى الرشيد يوم ذاك في تازا، يطلب منه الإذن لبناء محل للتجارة بالريف نواحي وادي نكور،وكان قد وجه إليه كتابا سابقا يطلب فيه الأمان عن نفسه، وتجارته، وذكر فيه أن بيده كتابا من ملك فرنسا كلفه بتقديمه للسلطان فأمنه الرشيد، وعين له ستين بعيرا لحمل بضاعته

أ-رسالة الملك لويس الرابع عشر للمولى الرشيد 19 نوفمبر 1665م:    

  بعث الملك الفرنسي لويس الرابع عشر إلى السّلطان المولى الرشيد رسالة تخص التجارة والأسرى وربط علاقات طيبة معه ومما جاء فيها:«إلى الشريف العظيم مولاي الرشيد،فان ما نسمعه عن جلالتكم من أنها تقتبل إقتبالا حسنا كل من تشرف بالوصول إلى أعتابكم حقق لنا ستقبلون بفرح التاجر"رولان أفرجس"(Lauranne Afergice) الذي أوفدناه إليكم سعيا في ربط علائق الصداقة معكم،وقد كلفناه أن يعرض عليكم قضاء كل ما يخصكم من مملكتنا وأن يكلمكم في شان أمور أخرى وفي فتح باب التجارة بين رعيتكم ورعيتنا،وقد أذنا للتاجرين ميشال( Michelle ) و"رولان أفرجس(Lauranne Afergice) ،أن يؤسسوا شركة من أعيان دولتنا فنطلب منكم أن تساعدوهما على ذلك،وإننا مستعدون لإعطاء دلائل المحبة و الاحترام اللذين نضمرهما لجلالتكم وهذا ما نريده منكم ونسأل الله أن يديم عزكم وأن يجعلكم  سعداء أولا و آخرا...»     فالرسالة تبيّن أن الملك الفرنسي لويس الرابع عشر كان يسعى إلى ربط علاقات طيّبة مع المولى الرشيد تخص تسهيلات تجارية وأخرى سياسية للفرنسيين في المغرب .

ب-سفارة أطروبر"Attrouper"سبتمبر 1666م:  

   كتب لويس الرابع عشر من مدينة "فان سين(Vincennes) إلى سفيره بالجزائر أطروبر (Attrouper)بالتوجه برا أو بحرا إلى ملك تافيلالت مولاي الرشيد، يطلب منه الإعانة العسكرية لحصار طنجة التي كانت بيد الإنجليز، ويكون حصار المولى الرشيد لها برا،وحصار الأسطول الفرنسي بحرا ولكن السفير لم يجد سبيلا للذهاب لمولاي الرشيد،ولم تكن تلك المراسلات الوحيدة التي تمتبين الملك الفرنسي لويس الرابع عشر، وبين السّلطان مولاي الرشيد،فقد وجهت رسالة أخرى من قصر سان جيرمان إلى الرشيد مؤرخة في لـ 10جمادي الثانية 1077ه الموافق لـ ديسمبر 1666م .

ت-سفارة صامويل روي(Samuel Roy) في 23 فيفري 1672م: 

   أوفد لويس الرابع عشر من باريس مبعوثه "صامويل روي " (Samuel Roy)، إلى الرشيد يحمل معه مكتوبا في شأن بعض الأسرى الفرنسيين،وربط اتفاق بين البلدين لتبادل الأسرى الفرنسيين الذين أسروا من أهل سلا، وقد كلفه أن يسلم عشرة من الأسرى المغاربة، مقابل عشرة من الأسرى الفرنسيين،إضافة إلى التماس تأمين وحماية تجارة فرنسا في المغرب، وكان المكتوب موقعا من الوزير الفرنسي كولبير،إلا أن ابن زيدان يقول نقلا عن الكونت دوكاستري أن هذا المكتوب لم يصل إلى يد الرشيد، لأنه توفي في مراكش في 11ذو الحجة من سنة 1087هـ/09أفريل1672م..

-علاقاته مع جمهورية جنوة:   

      يبدو مما أورده الأسير الفرنسي مويط (Mouette)،أنّ العلاقات بين المغرب في عهد الرشيد وجمهورية جنوة كانت متوترة ومتشنجة، بسبب ما يربط علاقات دار الإسلام بدار الحرب؛ فقد طلب أهل تطوان من المولى الرشيد أن يخلّص من سجن الأشغال الشّاقة بجنوة أحد أشهر قادة الجهاد البحري السّيد "ابن حدو" الذي أسره الجنويون،وقد لبىّ الرشيد الطلب، وبعث بأحد معاونيه من اليهود للجنويين ليقترح عليهم استبدال "ابن حدو" بجميع أسراهم في المملكة المغربية – و كان عددهم قليلا- فرفضوا ذلك، وطلبوا من السّلطان المولى الرشيد أن يبعث لهم كلبا،مقابل إطلاق سراح "ابن حدو"، مظهرين بذلك أنّهم لا يعتبرون المسلم  إلا ّكلبا،فأ ثار هذا التصرف المسرف في احتقار المسلمين ومساواتهم بالكلاب، غضب السّلطان المولى الرشيد؛ فامتــــــنع عن تحريـــــر ما تحت يديه من أسرى المسيحيين،وآلى على نفسه مقسما،ألاّ يحرر أيّ مسيحي مطلقا مهما كان الثمن.

-علاقاته مع إسبانيا:  

    كانت علاقات مولاي الرشيد مع إسبانيا متوترة جدا،نتيجة الغارات التي كان يشنّها من الحين إلى الآخر بيدرو لوبيس (Pedro Loupais)، على أهالي حدود قلعة ملوية الفاصل بين مدينة تلمسان وفاس،فقد أرغمهم على الانسحاب لقمم الجبال،ليكونوا في مأمن،وفي إحدى غاراته على الأهالي،نصبوا له كمينا فأوقعوه أسيرا مع أخيه،وأخذوه في أغلاله للسلطان الرشيد،فسر بذلك وأبتهج،وأسره لمدة ست سنوات،ليقتله فيما بعد،بسبب اتهامه ببيع الخمر أو "ماء الحياة "كما يسميه الأسير مويط للمغاربة.ذكر الأسير مويط حول مقتل قائد مدينة مليلة  سنة 1671م. ما نصه :«... لاشيء يستحق الذكر في شدة مولاي رشيد من الميتة المفجعة والمجيدة لفارس إسباني يدعى "دون بيدرو لويس" كان قائدا عاما لفرسان مليلية مركز السّلاح التي يحتلها الملك الكاثوليكي على حدود قلعية واقعة عند مصب نهر ملوية الفاصل بين مملكتي فاس وتلمسان ولما كان هذا القائد في أغلب الأحيان يشن الغارات على بربر ذلك الإقليم ويأسرهم جماعات فإنّه أرغمهم على الإنسحاب إلى قمم الجبال ليكونوا في مأمن لكنهم، نصبوا له في الأخير كمينا بمساعدة أهل الريف، وهو إقليم مجاور ،و أسروه مع أخيه الذي كان خليفته بعد أن بالغا المجهود في الدفاع بشجاعة مدة طويلة ،وكان في استطاعته أن يفر لو أراد ذلك كما فعل الكثير من رجاله الذين إرتقوا بمزية ،لكنه لم ير ترك أخيه الذي كان جريحا، ويحبه أكثر من نفسه، أراد البربر أن يفتكوا به للأخذ بثأرهم، لكن عامل الريف أوقفهم ،ونظرا لإعجابه "بدون بيدرو" أواه في خيمته وأمر أن تضمد جروح أخيه بكامل العناية ومنذ يوم الغد سار بهما في طريق فاس ليقدمهما إلى الملك ...».       فالمتمعن في النص الذي كتبه الأسير مويط، يتضح لنا جليا، تأثره الشديد من الحادثة المفجعة بالنسبة إليه والتي أودت بأسر القائد الإسباني بيدرو لوبيس (Pedro Loupais) وتعكس عواطفه المسيحية، وتعصبه الديني.

المصادر والمراجع:

1- ينظر أبا القاسم بن أحمد الزياني:جمهرة التيجان وفهرسة الياقوت واللؤلؤ والمرجان في ذكر الملوك وأشياخ المولى سليمان،تقديم وتحقيق عبد المجيد حيالي،ط1،دار الكتب العلمية،بيروت لبنان،2003 م

2- حسين بن رجب  شاوش بن المفتي:تقييدات ابن المفتي في تاريخ باشوات الجزائر وعلمائها،جمع واعتناء فارس كعوان،ط1،بيت الحكمة،الجزائر2009م

3- عبد الرحمان بن زيدان: إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس،ج 3

4-  محمد بن عبد القادر الكردودي:الدر المنضد الفاخر لأبناء مولانا علي الشريف من المحاسن والمفاخر،مخطوط،مكتبة مؤسسة الملك عبد العزيز،الدار البيضاء ،المغرب  قيد رقم 20 0/ 15

5-ينظر أبو القاسم الزياني:البستان الظريف في دولة أولاد مولاي الشريف،دراسة وتحقيق رشيد الزاوية، ط1، مركز الدراسات والبحوث العلوية، مطبعة المعارف الجديدة،الرباط

6-قدور بوزياني: "البعد الحدودي في علاقة المغرب بأتراك الجزائر ق10ه-11ه/16م -17م "في مجلة مكناسة،كلية العلوم الإنسانية،عدد8،1994م، المغرب

7- ينظر، عبد الرحمان بن زيدان: الدرر الفاخرة بمآثر الملوك العلويين بفاس الزاهرة




تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة