U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

دراسة كتاب بطاقة قراءة كتاب تاريخ الشرق العربي المعاصر الجزء الأول لمحمود حسن صالح المنسي

دراسة كتاب بطاقة قراءة كتاب تاريخ الشرق العربي المعاصر الجزء الأول لمحمود حسن صالح المنسي


دراسة كتاب بطاقة قراءة كتاب تاريخ الشرق العربي المعاصر الجزء الأول لمحمود حسن صالح المنسي

بيانات الكتاب:

 اسم الكتاب: تاريخ الشرق العربي المعاصر

اسم المؤلف: محمود صالح منسي

التصنيف: الشرق الاوسط تاريخ العصر الحديث-العالم العربي تاريخ

الجزء: الجزء الأول

الناشر: خوارزم العلمية للنشر والتوزيع

مكان النشر: جدة-السعودية-

سنة النشر: 2009

عدد الصفحات: 356

·         تمهيد "أثر الحرب العالمية الأولى على أقطار الشرق العربي" :

-          عندما نشبت الحرب العالمية الأولى في أول 8/1914م لم يكن قد بقي من أقطار الشرق العربي بل والعالم العربي كله تحت الحكم العثماني إلا أقاليم الهلال الخصيب "بلاد ما بين النهرين –العراق والشام" وبعض أجزاء من شبه الجزيرة العربية.

-          قامت بريطانيا بغزو العراق من الهند 1914م وغزو الشام من مصر 1917م ردا ً على دخول العثمانيين في الحرب العالمية الأولى ووقوفهم إلى جانب دولتي الوسط[1].

-          الحركة العربية في الشام أكثر نضجا وزعمائها أصلح الزعماء ورغم هذا توجهت بريطانيا إلى الشريف في الحجاز لعدة أسباب منها:

1)      قرب الشام من مقر العثمانيين وبها حشود كبيرة من القوات التركية بقيادة "أحمد جمال باشا" أحد عمد حركة الأتحاد والترقي لذا لا تستطيع بريطانيا الحركة بها بسهولة.

2)      ثورة الشام سوف تجني ثمارها فرنسا.

3)      صعوبة إخضاع زعماء الحركة الشامية لمخططات بريطانيا في المنطقة.

4)      الشريف يمثل الجانب الديني وله مكانه يمكن أن تستخدم في رد دعوة العثمانيين للجهاد ضد بريطانيا.

 

-          كانت هناك مصلحة للقوميين في الشام من تزعم الشريف الثورة ضد العثمانيين لأنهم يبحثون عن زعامة دينية تقودهم في نضالهم القومي حتى لا تضرب حركتهم القومية بالدين ،لذلك اتصلوا بالشريف في يناير 1915م ووافق الشريف على ميثاق "برتوكول دمشق" الذي وضعه القوميون والذي كان ينص على أن تعترف بريطانيا باستقلال البلاد العربية مقابل الثورة ضد العثمانيين بحيث تشمل هذه البلاد العراق والشام والجزيرة العربية ما عدا "عدن".

وعلى هذا الأساس دخل الشريف في مفاوضات مع بريطانيا وهي ما عرفت بمراسلات "الحسين / مكماهون[2]" ولكن بريطانيا تهربت من تحديد منطقة الاستقلال العربي فوافقت بعد موافقة الشريف على التنازل عن جنوب العراق لبريطانيا لفترة محددة مقابل مبلغ معين والتنازل عن سواحل الشام لفرنسا بشروط مماثلة بدعوى رغبته في عدم تكدير العلاقات بين بريطانيا وفرنسا والحرب دائرة وأنه سوف يطالب بهاتين المنتطقتين بعد الحرب  ،فسعدت بريطانيا بموقف الشريف وألتزمت الصمت الذي فسره الشريف على أنه موافقة على وجهة نظره وكنت موافقة الشريف تتضمن تعديلا في بروتوكول دمشق لا يملك الشريف الحق في إجرائه ويحق لزعماء القوميين عدم الألتزام بهذا التعديل ولكن المراسلات كانت سرية ولم يعلم بها أحد إلا بعد أنتهاء الحرب.

ويرى بعض المراقبين المحايدين أن بريطانيا سعت لكسب الشريف لهدفين:

أ‌)        قريب: وهو إبطال مفعول الحرب الدينية وتهدئة المسلمين داخل إمبراطورتيها.

ب‌)     بعيد : وهو إقامة دولة أو دول على أنقاظ الإمبراطورية العثمانية تكون تحت شكل من أشكال السيطرة البريطانية وتقوم في حماية مواصلات بريطانيا إلى الهند..

 

-          6/1916م الثورة العربية وطرد العثمانيين من "الحجاز" ولم يبقى لهم إلا حامية معزولة في "المدينة المنورة. 

-          7/1917م : استيلاء الجيش العربي على "العقبة" بقيادة ضباط عرب اسرتهم بريطانيا ،ثم انطلق هذا الجيش ليكون ميمنة الحملة البريطانية التي شرعت في أواخر 1917م في التقدم من مصر نحو الشام بقيادة الجنرال "اللنبي" ولم يأتي خريف 1918م حتى سقطت دمشق ودخلها "فيصل بن الحسين" وخرج منها بعد تنفيذ إتفاقية "سايكس / بيك" والتي تنص بعد حصول روسيا على المضايق:

1)       إقامة دولة عربية أو أتحاد من الدول العربية تحت رئاسة رئيس عربي في داخلية الشام حتى الموصل وهي المنطقة "أ" التي تكون تابعة لفرنسا ومنطقة "ب" وهي داخلية العراق تكون تابعة لبريطانيا ويكون لفرنسا وبريطانيا حق الأولوية في المشروعات والقروض وتقديم المستشارين والموظفين "سيطرة غير مباشرة".

2)      المنطقة الزرقاء: ساحل الشام "خط دمشق / حمص / حماه / حلب" يسمح لفرنسا بإقامة إدارة مباشرة "أي سيطرة مباشرة" وكذلك لبريطانيا في العراق الأدنى جنوبي بغداد "المنطقة الحمراء".

3)      المنطقة البنية: تقام إدارة دولية في فلسطين.

4)      تحصل بريطانيا على مينائي "حيفا وعكا".

-          11/1917م كان وعد "بلفور" مع العلم أن فلسطين كانت ضمن المنطقة التي وعدت بريطانيا بالإعتراف باستقال العرب فيها وليس من المنطقة المستثناة والتي هي "لبنان". ،وكان موقف الشريف ثقة عمياء ببريطانيا وكان موقفا سلبيا بل دعا إلى الترحيب باليهود كأخوة للفلسطينيين ،والتعامل معهم من أجل الصالح العام.

-          لم تكن هناك هيئة بريطانية واحدة تخطط للسياسة البريطانية في الشرق العربي فانعدم التنسيق بين وزرات الحربية والخارجية ودار المندوب السامي في القاهرة وحكومة الهند.

-          شكل "فيصل بن الحسين" حكومة عربية في دمشق 5/10/1918م.

-          في مؤتمر "باريس" 1/1919م أوحت بريطانيا لـ "فيصل" إمكانية دعم اليهود له ضد فرنسا في الشام مقابل تغاضيه عن طلب اليهود في فلسطين.

-          الرئيس الأمريكي "ولسن" هو صاحب مبدأ حق تقرير المصير وهو صاحب اقتراح إرسال لجنة دولية لكي تذهب إلى الشام والعراق للتعرف على رغبات الأهالي و تقديم تقرير إلى مؤتمر الصلح ،فعارضت فرنسا وبريطانيا ،وامتنعتا ومعهم إيطاليا عن إرسال مندوبيهم واقتصرت اللجنة على المندوبين الأمريكيين اللذان عرفت بإسميهما "لجنة كنج / كريف" واستمرت اللجنة في الشام من 10/6 إلى 21/1919م وكانت مطالب أهل الشام تتلخص في رفض المادة "22" من ميثاق الأمم والتي تنص على وضع الأقطار التي كانت خاضعة للدولة العثمانية تحت الانتداب ورفض إدعاءات فرنسا في الشام والاعتراض على المعاهدات السرية وتصريح بلفور واقترحت اللجنة أن تتلوى أمريكا الانتداب على الشام.

-          بعد الحملة الإعلامية الفرنسية على بريطانيا قررت بريطانيا في 13/9/1919م سحب قواتها من شمال الشام "سوريا ولبنان" إلى جنوب الشام "فلسطين والأردن" على أن تسلم داخلية الشام ل "فيصل" الذي بقي وحيدا في مواجهة فرنسا ثم عينت فرنسا القائد "جورو" ليقود القوات الفرنسية ويصبح كبير مثلي فرنسا في الشرق.

-          المؤتمر السوري العام قرر في 7/3/1920م إعلان إستقلال بلاد الشام والمناداة بـ "فيصل" ملكا دستوريا ً عليها ورفض مطالبة "الصهيونية" بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود وإنتهاء حكومات الاحتلال العسكري القائمة في شرق وغرب وجنوب الشام وأن تقوم بدلا منها حكومة نيبابية على أساس اللامركزية الإدارية مسئولة أمام المؤتمر.

-          المؤتمر العراقي عقد بطلب من فيصل واجتمع 25 عضوا في بيت "نوري السعيد" في دمشق في 7/3/1920م وأصدروا قرارا مماثلا لقرار المؤتمر السوري معلنا استقلال العراق تحت حكم "عبد الله بن الحسين" ودعا المؤتمر عبد الله للحضور إلى دمشق ليكون قريبا من العراق ولكن عبد الله اعتذر عن القدوم إلى دمشق لأسباب تمنعه من السفر ودعا المؤتمر إلى إنهاء الاحتلال البريطاني للعراق.

-          أعلن في "سان ريمو" بعد اجتماع مجلس الحلفاء الأعلى 25/4/1920م انتداب فرنسا على سوريا ولبنان وانتداب بريطانيا على العراق وفلسطين وشرقي الأردن وكان هذا ردا على المؤتمر السوري والعراقي.

-          اصدرت الحكومة السورية برئاسة "هاشم الأتاسي" ردا على قرار الانتداب الفرنسي قانون الخدمة العسكرية الإجبارية وأخذ الفدائيون بمهاجمة المراكز الفرنسية في سوريا ولبنان فردت فرنسا بحشد قواتها على حدود سوريا .

-          قررت أمريكا الانسحاب من أي دور في تسويات السلام.

-          أرسل الملك "حسين" ابنه "عبد الله" إلى القاهرة لمباحثة الجنرال البريطاني "اللنبي" من 26-11/4/1920م وإبلاغه أنه من حقه هو –أي الحسين- لا ابنه "فيصل" تمثيل كل الأقطار العربية في مؤتمر الصلح ورد اللنبي أن الحسين لم يختره أحد من البلاد العربية لتحدث بإسمهم وأن مسألة البلاد العربية انتقلت من بريطانيا ليد الحلفاء واستشف اللنبي أن عبد الله بن الحسين على استعداد للأمثتال لسياسة بيطانيا إذا ما اسند إليه منصب هام.

-          14/7/1920م أرسل "جورو" إنذار لـ "فيصل" ورغم معارضة الوزارة السورية لقبول الإنذار رد فيصل بأنه قبل الإنذار ويشرع في تنفيذ شروطه ،لكن جورو تحجج بأن الرد لم يصل في الوقت المحدد ودارت معركة "ميسلون"[3]  وقتل "يوسف العظمة" ودخلت فرنسا دمشق.

 

·         الفصل الأول : العراق

-          تتويج الملك فيصل:

كانت مدرسة الهند البريطانية ترغب في حكم مباشر للعراق والتي يمثلها "أرنولد ولسن" الذي كان يستخدم الشدة في قمع الحركة الوطنية في العراق وكانت مدرسة القاهرة والتي يمثلها "جرترود بل وعبد الله فيلبي" ترى أن تتستر بريطانيا بحكمها للعراق وراء حاكم عربي فتحقق غرض الإحتلال بطريقة غير مباشرة ،وبعد ترك ولسن العراق في أكتوبر 1920م تولى مكانه "برسي كوكس" فاصبح ممثل بريطانيا في العراق فاصحبت جرتروبل سكرتيرته الشرقية منذ 18/10/1920م وكذلك يساعده عبد الله فيلبي وكان من أبرز شخصيات العراق "طالب باشا النقيب" زعيم "البصرة" لكنه كان قوي الشكيمة وغير سهل الانقياد للتطلعات البريطانية وكثير الاتباع والأعداء ولهذه الأسباب استبعد كما استبعد الإتجاه الجمهوري الذي يمثله "سالم الخيون وعبد المجيد الشاوي" وكانت بريطانيا تفضل تنصيب "فيصل بن الحسين" ملكا على العراق ولها في ذلك عدة أسباب منها:

1)      حتى يكف عن المطالبة بعرش سوريا وإزعاج الفرنسيين.

2)      لأنه يقدر أهمية المساعدات الإجنبية للحفاظ على دولته الوليدة.

3)      لكي لا تظهر بريطانيا أنها قد خانته وخانة العرب بتخليها عنه.

4)      لمركزه الديني ودور والده في الثورة العربية وكذلك لصلته بكثير من العراقيين الذين عملوا معه في سوريا.

5)      درس الفرنسيين في له في سوريا يجعله أكثر طواعية ً لهم.

لذا عرضوا عليه العرش العراقي أثناء زيارته لـ "لندن" في 12/1920م لكنه تردد لأن المؤتمر العراقي قد نادى بأخيه "عبد الله" ملكا على العراق لكن "لورنس" قام بإقناع عبد الله بالتنازل لفيصل عن العراق مقابل عرش "شرق الأردن" وعلى ذلك انعقد مؤتمر الشرق الأوسط في "القاهرة والقدس " في 3/1921م وحضره المندوب السامي في فلسطين والمندوب السامي في العراق ولورنس أما "جرترود بل" فإنها نشطت أثناء غياب "كوكس" في المؤتمر مع "جعفر العسكري ونوري السعيد"  في إعداد الرأي العام العراقي لتقبل الوضع الجديد واتخذ قرار إبرام معاهدة بدل الانتداب في العراق ثم في باقي الدول العربية والعمل على إحلال فيصل في العراق خصوصا أنه كان مترددا لأنه غريب عن البلد ولأن الشيعة لا تثق به كونه سني والسنة كذلك عدد منهم مستاء من موقف والده في الثورة العربية ومقاتلته خليفة المسلمين العثماني إلى جانب منافسة الكثيرين له أبرزهم طالب باشا الخطيب والذي هدد بالثورة أن فرض فيصل فرضا خصوصا وأنه كان وزيرا للداخلية في الحكومة المؤقته ،فـُدبر أمر أعتقال طالب ونقل إلى الفاو ثم إلىسيلان ثم إلى أوروبا وأعفي مستشاره فيلبي من الداخلية ورحل إلى نجد وهكذا تهيأت الأمور لفيصل بالدعم الأكبر من جرترود بل.

وعند وصول فيصل إلى العراق كان استقباله فاترا ً وكان معظم الناس منصرفين عنه كما أن "الكماليين" في تركيا وفرنسا كذلك بمجرد ما علموا بنية بريطانيا تولية فيصل في العراق بدأوا يبثون الدعاية ضده وبدأوا يأيدون الشيخ "أحمد الشنوسي" لمنافسته في العراق حتى أن السنوسي أخذ يرسل العديد من الخطابات يحث القبائل والأفراد على الثورة ضد الإنجليز وأمرت فرنسا قنصلها في بغداد بتجاهل فيصل ورصدت مبلغا لدعم السنوسي لدرجة أن فيصل فكر في مغادرة البلاد إلى إنجلترا لولا أن جرترود بل وجعفر العسكري أقنعوه بالثبات وعدم ترك البلاد وأن كوكس معه قلبا ً وقالبا ً وأخيرا نجح فيصل في الاستفتاء وتوج ملكا على العراق في 22/8/1921م وحصل في الاستفتاء على 96% واختار فيصل يوم 23/8/1921م لتتويجه وهذا التاريخ يوافف بالهجري 12/12/1339هـ وهو ذكرى عيد "الغدير" الذي بويع فيه "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه بولاية العهد حسب تقدير الشيعة الإمامية.

 

-          إنجازات فيصل الداخلية:

1)      إقرار اللغة العربية اللغة الأولى في البلاد من أول سنة 1922م المالية والإنجليزية اللغة الثانية في الدواوين الحكومية والشئون الرسمية العامة.

2)      سمحت الحكومة العراقية بعودة الضباط العراقيين الموجودين خارج العراق والذين خدموا مع فيصل في الحرب وكانوا العمود الفقري لحكومته في دمشق إلى جانب بعض السوريين ومنهم "ساطع الحصر –من حلب" الذي اصبح مدير عام التعليم في العراق والذي له أثر في تعريب التعليم والذي أهتم ببث وعي قومي ووطني في المناهج وتم تعريب الجيش وتحديثه بعد إقرار إنشاء جيش عراقي وطني في مؤتمر القاهرة وكان ضباط الجيش العراقي ممن خدموا في الجيش العثماني لكن سرعان ما تم إحلال ضباط عرب سنه وأكراد محلهم وكان الجنود من القبائل خصاة الشيعة.

3)      إقامة علاقات اجتماعية وسياسية متوازنة مع المجموعات المختلفة والمتافرة ،فهو كسب شيوخ القبائل الموالين لبريطانيا "شيوخ عنزة والدليم" لأن بريطانيا تسانده لكنه ايضا ً حاول كسب الفئات الأخرى المناهضة للانتداب البريطاني مثل الشيعة وقبائلها في الفرات الأوسط.

4)      استجابة الحكومة لطلب العراقيين بتكوين الأحزاب للمارسة العمل السياسي فتكونت 3 أحزاب 2 معارضة وواحد موالي للحكومة فكان الحزب الموالي هو الحزب "الحر العراقي" الذي أسسه "محمود النقيب" نجل "عبد الرحمن النقيب" رئيس الوزراء والحزبان الآخران هما: حزب "النهضة" ومقره الكاظمية والحزب "الوطني" ومقره بغداد وهما يمثلان المعارضة.

 

-          معاهدة 1922م بين العراق وبريطانيا:

في ظل الانتداب كان هناك قيود على سياسة العراق الداخلية والخارجية التي كان يلعب الدور الأساسي فيها المندوب السامي والذي يسترشد به "فيصل" في الأمور الداخلية وكانت بريطانيا لا تنوي الاتسجابة لرغبة فيصل بإنهاء الانتداب فورا وإحلال معاهدة بين طرفين متساوين محلها وذلك بمقتضى التزامات بريطانيا لعصبة الأمم المتحدة لحين إبرام معاهدة صلح مع تركيا مما أشعل المعارضة لنظام الانتداب و أضعف قاعدة فيصل ،لذا رأوا البريطانيين أن يصاغ الانتداب في معاهدة من أجل إسكات المعارضة العراقية وبالفعل جرت مفاوضات لوضع هذه المعاهدة وفي 2/1922م وضعت المعاهدة التي تعرضت لمدة 8 شهور لنقد مرير وكان النقد الأساسي يكمن في عدم وجود نص في المعاهدة على إلغاء الانتداب ،ومن عيوب هذه المعاهدة "مادة 3" التي نصت على أن القانون الأساس "الدستور" يجب ألا يحتوي على ما يخالف نصوص المعاهدة  ،ونصت المادة "4" على ضرورة أن يسترشد ملك العراق بنصائح الحكومة البريطانية في جميع الأمور الهامة التي تمس مصالح بريطانيا أو السياسية المالية و بالمادة "6" تعهدت بريطانيا بأن تسعى من أجل إدخال العراق عضوية عصبة الأمم في أقرب وقت ممكن ونصت المادة "9" على تعهد العراق بقبول وتنفيذ ما تشير به بريطانيا لحماية مصالح الأجانب ونصت المادة "12" على عدم اتخاذ أية وسيلة في العراق لمنع أعمال التنصير والتدخل أو التحيز لمنصر على آخر ،وفي حالة ما إذا حدث خلاف بين الطرفين في تفسير بنود المعاهدة يحال الخلاف إلى محكمة العدل الدولية ونصت المادة "17" على أنه إذا حدث تعارض بين نص المعاهدة[4]  يعول على النص الإنجليزي.

لذا فإن المعادة تضمنت جوهر نظام الانتداب الذي ثار عليه الشعب ، واصر المندوب السامي على عودة "النقيب" إلى رئاسة الوزراء حتى يطمئن على التوقيع على المعاهدة العراقية البريطانية "الأولى" وقد صادقت الحكومة عليها في 10/10/1922م لكنها أضافت إليها شرطا بضرورة حصول المعاهدة على موافقة "الجمعية التأسيسية" المنتظر تشكيلها ،وهي خطوة حاول الريطانيون تجنبها ،وكان ملحقا بهذه المعاهدة "برتوكول" يحدد مدتها بـ 20 سنة و4 اتفاقيات تتعلق بالشئون المالية والعسكرية والقضائية والموظفين البريطانيين.

وقد حاول البريطانيون الضغط على أعضاء الجمعية التأسيسية بأنه لا دستور بدون معاهدة أي أن النظام الدستوري والحياة النيابية في العراق متوقفه على التصديق على المعاهدة ،وربط البريطانيين بين مصير ولاية "الموصل" والتصديق على المعاهدة لضغط من أجل التصديق على المعاهدة ،كما أثقلت الاتفاقيات الـ 4 الملحقة بهذه المعاهدة –خاصة الاتفاقية المالية- كاهل العراق بأعباء ثقيله ومسئوليات كبيرة واعاقت تقدمه والزمته بدفع نصف مصروفات الأجهزة البريطانية واصبح العراق في تبعيه اقتصادية لبريطانيا واعطت الاتفاقية الحق للمندوب السامي الاعتراض على اي أمر يتعارض مع المصالح البريطانية.

وفي 3/3/1923م نشر في الصحف نص البروتوكول العراقي البريطاني والذي ينص على تخفيض مدة المعاهدة من 20 سنة إلى 4 سنوات اعتبارا من المصادقة على معاهدة الصلح بين تركيا وبريطانيا أو عند دخول العراق عصبة الأمم المتحدة وذلك لتخفيف حدة معارضة العراقيين والبرلمان البريطاني على السواء على المعاهدة.

 

-          ضم الموصل للعراق:

كانت الموصل ضمن المنطقة "أ" التي حسب اتفاقية سايكس/بيكو تخضع لفرنسا لكن فرنسا تنازلت عنها لبريطانيا مقابل تخليها عن مساندة "فيصل" في مقاومته للنفوذ الفرنسي في سوريا ،خصوصا وأن بريطانيا التي كانت ستدير بقية العراق رأت أنه من مصلحة العراق سياسيا واقتصاديا أن تضم الموصل لها والذي من متوقع تفجر النفط في أراضيه.

لكن تركيا التي ورثت الإمبراطورية العثمانية كانت تعتبر الموصل جزءا من أراضيها وكان الوطنيون الترك يقومون بنشاط عسكري على الحدود ،فرأت بريطانيا والتي لا ترغب بإرسال قوات ضد نشاط الترك في شمال العراق الاستعانة بالزعيم الكردي "محمود البرزاني" لمجابهة هذه النشاط وسمحوا لعدد من الضباط والإداريين السابقين في الدولة العثمانية بالإنضمام إليه ولكن البرزاني كان يحاول تكوين ولاية مستقلة وكان يتصل بالأتراك ،فغضب عليه البريطانيون وأرغموه على التخلي عن السلطة في 2/1923م كما أن إمكانية إقامة دولة كردية غير ممكن لأن تركيا وفارس تعارضان بشدة كما أن أكراد العراق لم يعطوا الاختيار بين الانضمام للدولة العراقية أو الانفصال عنها في انتخابات الجمعية التأسيسية العراقية وكذلك البرزاني لم يكن بالشخصية ذات الخبرة بشئون الحكم لذلك لم يؤيده كثير من الأكراد.

وبانتهاء الخطر التركي على الحدود بتوقيع معاهدة "لوزان" اختفى الدافع البريطاني بدعمها للأكراد ولما كانت الحكومة العراقية تخشى فقدان ولاية الموصل لتركيا إذا لم تستمر مساندة بريطانيا لها فقد وقعت الحكومة العراقية الامتياز في مارس 1925م مع شركة "بترول العراق I.P.C" البريطانية وكانت مدة الامتياز 75 سنة وكان يغطي كل العراق ما عدا البصرة التي منحت لشركة متفرعة من شركة بترول العراق.

ولما كانت معاهدة لوزان 1923م نصت في إحدى المواد في حال عدم التفاهم بين بريطانيا وتركيا على ولاية الموصل فإن الأمر يحال إلى عصبة الأمم فقد أحيل فعلا إلى عصبة الأمم بعد فشل المفاوضات حول هذه النقطة ،فقررت عصبة الأمم في 30/9/1924م تكليف لجنة دولية[5]  لدراسة المشكلة وبعد زيارة اللجنة بغداد والموصل واستطلاع رأي الأهالي اقترحت اللجنة استنادا إلى اعتبارات جغرافية واقتصادية أن تنضم المنطقة إلى العراق بشرطين:

1)      أن تبقى العراق تحت الانتداب البريطاني لمدة 25 سنة.

2)      أن تراعى مصالح الأكراد في الشئون الإدارية وأن تكون اللغة الكردية هي الرسمية وكذلك لغة التقاضي والتعليم.

فرحبت بريطانيا بهذا القرار وغضبت تركيا وبقيت ساخطة حتى عقدت معاهدة ثلاثية بين العراق وتركيا وبريطانيا في 5/6/1926م تقرر فيها بقاء خط "بروكسل" كأساس مع تعديل بسيط تنازلت بمقتضاه الحكومة العراقية عن بضعة أميال مربعة من الأرض واتفق على سياسية حسن الجوار وتعهدت الحكومة العراقية بتخصيص 10% من عائدات شركة النفط التركية التي صارت تسمى "شركة النفط العراقية" لتركيا لمدة 25 سنة.

وهكذا نرى أن بريطانيا استخدمت قضية الموصل للضغط على العراق لتحقيق مآربها ورغم فداحة الثمن والتضحيات فقد سعد العراق لاحتفاظه بالموصل لا لغزارة نفطه وحسب ولكن لاعتبارات قومية وتاريخية واستراتيجية ،فقد كان الموصل للعراق بمثابة الرأس من الجسم.

 

-          معاهدة 1930م:

كان على رأس الحكومة العراقية "نوري السعيد" وبعد مفاوضات مع بريطانيا لمدة 3 أشهر ابرمت المعاهدة الجديدة في 3/6/1930م على أن تكون نافذة اعتبارا من دخول العراق في عصبة الأمم أي عام 1932م وتسري لمدة 25 عاما.

وفي 16/10/1930م صادق البرلمان العراقي على المعاهدة بأغلبية 69 صوتا مقابل 13 معارض وأهمية هذه المعاهدة في إنها أنهت الانتداب البريطاني وأوصلت العراق إلى عصبة الأمم وأصبح دولة مستقلة إلا أن المادة "4" أكدت على التحالف البريطاني الوثيق مع العراق ونصت على تبادل المعونة في حالة وقوع الحرب أو خطر الحرب.

والمادة "5" اشترطت التشاور الوثيق في الشئون الخارجية وسمحت للبريطانيين بإستئجار قاعدتين جويتين في البصرة وغربي الفرات وأن تتلقى القوات العراقية العون والمعدات والتدريب من بريطانيا وحصول القوات البريطانية على كل التسهيلات في جميع أنحاء العراق بما في ذلك السكك الحديدية والموانئ والمطارات في وقت الحرب.

وتقرر أن يبقي سلاح الجو البريطاني طائرات في القواعد الجوية العراقية وأن كل المستشارين والخبراء الأجانب الذين يحتاجهم العراق يجب أن يكونوا بريطانيين.

فأصبح من خلال هذا المعاهدة المندوب السامي يحمل لقب سفير وله الأسبقية على كل السفراء الآخرين وكانت المعارضة تقوم على أساس "أن حفظ مواصلات الإمبراطورية البريطانية هو في مصلحة الدولة العراقية" وأن مصالح الدولتين مشتركة غير متباينة.

وكانت المعارضة على هذه المعاهدة لاستمرار ملامح السيطرة البريطانية ممثلة في وجود قوة عسكرية بريطانية وطائرات لمدة 25 سنة مما يجعل علاقات العراق الخارجية مرتبطة بمصالح بريطانيا وكذلك استمرار الموظفون والمستشارون البريطانيين يكون له دور بارز في شئون العراق ولم تكن الأقليات أقل معارضة من الوطنيين لأنها كانت تخشى من إضعاف العلاقة مع بريطانيا يؤثر على مركزهم وتطلعاتهم ومن هذه الأقليات "الأكراد والمسيحيين" على وجه الخصوص.

 

-          عهد غازي الأول (1933-1939م) وأهم سماته والتركيز على أنقلاب بكر صدقي 1936م:

تولى وعمره 21 عاما ً وطغى عليه الإندفاع الزائد ،وقد أعترف نظام غازي بإلتزامات العراق الدولية وخاصة نحو بريطانيا بمقتضى معاهدة 1930م ،ومع ذلك فإن غازي لم يستطع التوفيق بين المصالح البريطانية والعراقية وتنميتها وتطويرها ،خصوصا أنه أعتمد على رجال مدنيين وعسكرين يعادون بريطانيا ،فلم يقبل نصيحة السفير البريطاني ولا نصيحة عمه عبد الله ملك الأردن.

1.       أحوال العراق الداخلية أهم السمات:

1)      استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي التي اقترنت بقيام تحالفات شخصية بين الساسة المتنافسين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى السلطة.

2)      ظلت بريطانيا هي القوة المسيطرة في العراق والتي توجه سياساته رغم اعتراف معاهدة 1930م باستقلاله.

3)      في 17 مارس نجح زعماء حزب الإخاء وهم "رشيد علي الكيلاني" و "ياسين الهاشمي" و" حكمت سليمان" في تولي السلطة السياسية بمساعدة قبائل الفرات وتعاونت حكومة الهاشمي مع بعض الساسة المشهورين مثل نوري السعيد في الخارجية وجعفر العسكري في الدفاع من أجل دعم مركزها.

4)      عندما ثارت قبائل الفرات كان هناك شك في تورط إيراني غير مباشر بسبب أرتباطات علماء الشيعة في العتبات المقدسة الذين ساندوا هذه الثورات بإخوانهم في إيران ،واستمرار توتر العلاقات الإيرانية بشأن عدم التحديد النهائي للحدود بين الدولتين.

5)      كانت الطبقة الحاكمة في العراق تنقسم إلى مجموعتين رئيسيتين:

أ‌)        أنصار بريطانيا (نوري السعيد –جعفر العسكري –جميل المدفعي).

ب‌)     معارضين بريطانيا (ياسين الهاشمي –رشيد عالي الكيلاني –كامل جادرجي) والتي كونت حزب الإخاء الوطني عام 1930م.

6)      ظهور الجيش كقوة سياسية عليا تؤثر في سياسة العراق خلال الثلاثينيات وهكذا تم تسيس الجيش.

 

2.       انقلاب بكر صدقي في 29/10/1936م:

تهأيت الظروف وتعاون "حكمت سليمان" وصديقه "بكر صدقي" في إقامة رابطه بين مجموعة من الأهالي والجيش ،وبمبادرة من بكر صدقي دبرت مؤامرة للإطاحة بحكومة "ياسين الهاشمي" وإحلال حكمت سليمان مكانه في 29/10/1936م ،وقد نفذ الإنقلاب بكر صدقي بمساعدة قائد فرقة هو "عبد اللطيف نوري" وقائد سلاح الجو العراقي "محمد علي جواد" الذي أغارت طائراته على بغداد واسقطت بعض القنابل فاستقال "ياسين الهاشمي" فكلف الملك غازي حكمت سليمان بتشكيل الحكومة ،وكان "جعفر العسكري" وزير الدفاع هو الضحية الوحيدة للإنقلاب ،وأصبحت الزعامة السياسية تعتمد على التعاون الوثيق (ولكن قصير الأجل) بين ضباط الجيش تحت قيادة بكر صدقي وحكمت سليمان الذي ترأس الوزراة بين حزب الأهالي ،ولم يكن أحد من المخططين ينتمي إلى الكتلة العربية السنية صاحبة السيادة في العراق ،بل كانوا من أصول كردية وشيعية وتركمانية وبكر صدقي نفسه كان كرديا ً ،ولذلك كانت توجهاتهم مذهبية مما زاد الأنقسامات السياسية والأيدولوجية في المجتمع العراقي والمؤسسة العسكرية.

كما أن زعيما الإنقلاب (بكر وحكمت) لم يظهرا حماسا كبيرا ً من أجل الوحدة العربية ،وكانوا يؤمنون بمبدأ "العراق للعراقيين" في إطار علاقة التحالف البريطاني العراقي.

وأخذ بكر صدقي يعتمد على تأييد العناصر غير العربية في الجيش والوظائف المدنية وبخاصة الأكراد.

ولم تلبث أن تعرضت حكومة الانقلاب للنقد والمعارضة من شيوخ القبائل ملاك الأراضي وبخاصة في الفرات الأوسط وكذا من جانب أنصار الوحدة العربية بسبب توجهات حزب الأهالي (الشريك في الحكومة) الأشتراكية ودعوة الحزب لإصلاحات اجتماعية واقتصادية مثل الإصلاح الزراعي وملكية الدولة لبعض الموارد والمؤسسات.

ولم يكن التحالف بين حزب الأهالي والجيش قائم على أساس متين بسبب اختلافهما أيدولوجيا ً ولم يتفقا إلا على الإطاحة بحكومة ياسين الهاشمي / رشيد علي الكيلاني ،لذلك فقد كان بكر صدقي يعارض إجراءات الأهالي الإصلاحية ويصفها بالشيوعية فأوجد صدعا ً بين حكمت سليمان رئيس الحكومة وحزب الأهالي وبلغ هذا الصدع ذروته عندما اتفق حكمت سليمان مع الجيش على مهاجمة[6] قبائل الفرات الأوسط دون استشارة أعضاء الوزراة فقدم الوزراء الإصلاحيين استقالتهم ،وقد هاجم بكر صدقي سياسة بريطانيا في الشرق الأوسط وأعتبرها استعمارا وبخاصة فيما يتصل بفلسطين ولذلك عارضة الحكومة توصية لجنة (بيل Peel) بتقسيم فلسطين ،رغم تركه انطباعا بأنه ليس معاديا ً لبريطانيا لأنه كان في حاجة لمعونتها.

واستمرت العناصر الداعية إلى الوحدة العربية في نقد ومعارضة نظام بكر/سليمان لتوجهها في التعاون مع تركيا ودفاعها عن القضية العربية على حساب المصالح العربية ،فقام أحد أحد أنصار الوحدة العربية في الجيش العراقي بإغتيال بكر صدقي في 11/8/1937م.

 

3.       سياسة العراق الخارجية في عهد غازي الأول  أهم السمات:

1)      محاولة القيام بدور بارز على المستوى الإقليمي والدولي: أقدم العراق أبان حكومة الهاشمي على خطوة تمهيدية نحو الوحدة العربية فيما يسمى "الوفاق الودي العربي بين العراق والسعودية واليمن ،وقد جاءت حكومة بكر / سليمان التي لا تهتم كثيرا بالوحدة العربية للتجه نحو إيران "سياسة حسن الجوار" ،بعد أن توسطت تركيا بين إيران والعراق لحل مشكلة شط العرب بعد التسوية التي قامت بينها وبين العراق على نفط الموصل وإقامة سكة حديد معها ،بعد إجتياح إيطاليا للحبشة شعرت تركيا بالخطر المحدق بالشرق الأوسط خوفا ً من أن تصبح أقطاره ضمن الإمبراطورية التي يحلم بها "موسوليني" فاتفقت تركيا والعراق وإيران وأفغانستان على الامتناع عن التدخل في الشئون الداخلية لبعضها البعض وإحترام الحدود المشتركة وعدم العدوان على بعضها فيما عرف "بميثاق سعد آباد".

2)      الدخول في عضوية الأمم في 3/10/1932م:

3)      الأهتمام بالخليج والتطلع إلى ضم الكويت: وكان لهذا الأمر أسباب منه:

أ‌)        دافع شخصي من الملك غازي كونه يريد التوسع السياسي ويعتبر نفسه قوميا ً عربيا ً.

ب‌)     حالة العراق الملحة لإقامة مركز أمامي حيوي في الخليج.

ت‌)     إنشاء ميناء في الخليج تحت سيطرة العراق ويرتبط بالبصرة بخط سكة حديد يخدم البلدين خصوصا بالبترول.

ث‌)     التوسع الإقليمي تحت ستار الوحدة العربية.

ج‌)     تذرع العراق بالحاجة إلى تسوية المشكلات بينه وبين الكويت مثل النزاع حول ممتلكات شيخ الكويت من الأراضي وبساتين التمر في جنوب العراق وكذا مشكلة التهريب.

4)      الاهتمام بالمشكلة الفلسطينية: في عهد غازي نشطت الدعاية ليس ضد الهجرة اليهودية إلى فلسطين وحسب ولكن إيضا وأهم من ذلك ضد بريطانيا التي وجه إليها اللوم باعتبارها مسئولة عن تأزم الحالة في فلسطين.

 

4.       العراق خلال الحرب العالمية الثانية وحركة رشيد عالي الكيلاني:

كان  "نوري السعيد" رئيس الحكومة العراقية ،فقطع علاقتها بألمانيا في ثاني يوم دخلت فيه بريطانيا الحرب إحتراما لإلتزامات بلاده نحو بريطانيا بمقتضى معاهدة 1930م ،وقامت الحكومة بإخراج الألمان من العراق ،إلا أن العناصر الرايكالية كانت ترى في الحرب فرصة مناسبة للحصول من بريطانيا على تنازلات أكثر فيما يخص استكمال استقلال العراق ،وتحقيق مطالب العرب في فلسطين ،وكان الضباط الجدد على استعداد للتعاون مع المحور من أجل تحقيق هذه الأهداف ،خصوصا أن هناك حملة دعائية قوية من المحور بالعطف على أماني العرب ،زاد تصاعد هذا الإتجاة لجوء الحاج "أمين الحسيني" مفتي فلسطين إلى العراق حيث كون أنصارا لعبت دورا ً هاما في السياسة العراقية فيما بين 1939-1941م ،وقد كان ممن يؤيد المفتي 4 ضباط عرفوا باسم "المربع الذهبي"[7] ،لذا لقيت إجراءات نوري سعيد معارضة من معظم أعضاء "مجلس الدفاع الأعلى" ،فقام نوري سعيد بذكاء في بالتخلي عن منصبه كرئيس للوزراة لرشيد عالي الكيلاني[8] وإبقاء وزارة الخارجية بيده ليستمر بالولاء لبريطانيا ويحيد المعارضة لها.

وكان موقف بريطاينا بالحرب هو الذي كان يحدد علاقة العراق بها ،فالكيلاني لم يكن متعصبا ً ضد بريطانيا لكن خسائر الأخيرة في الحرب جعلته يرى والمربع الذهبي أن ألمانيا سوف تنتصر وأنها سوف تحل محل بريطانيا في الشرق الأوسط لذا حاولوا إبداء الميل للمحور ،كوسيلة لإرغام بريطانيا على منح تنازلات للعراق وسوريا وفلسطين مع إعادة تسليح الجيش العراقي التي كانت بريطانيا تحجم عن تزويده بالسلاح خوفا من تهريبه إلى فلسطين ،فقام الكيلاني بطلب سلاح من ألمانيا فكسب بذلك ضباط الجيش.

وبعد دخول إيطاليا إلى جانب ألمانيا في الحرب ضد بريطانيا وفرنسا تعمقت الخلافات العراقية البريطانية عندما رفضت الحكومة العراقية إتخاذ إجراءات صارمة ضد إيطاليا و أخذت تسوف كسبا ً للوقت إلى أن تضمن مدى قدرة المحور على تقديم مساندة فعالة للعراق ،وفي 25 /11/1940م قدمت بريطانيا للعراق رسالة شديدة اللهجة وتطلب إستبعاد الكيلاني وتشكيل حكومة جديدة بدونه وإلا فإن العلاقة سوف تتدهور حتى تتحول إلى أزمة.

واعتبرت العناصر الوطنية أن هذا تدخلا ً سافرا ً في شئون العراق الداخلية مما زاد من صدع خطير في العلاقات بين البلدين وعندئذ طلب الوصي على العرش "عبد الإله" من الكيلاني الاستقالة فرفض لكن لم يلبث أن وافق[9] بعد استقالة معظم أعضاء الوزارة ولعلمه أن أغلبية مجلس النواب لن يساندوه بالإضافة لإنشغال ألمانيا في ذلك الوقت.

ولم ينجح "طه الهاشمي" رئيس الوزارة الجديدة التوفيق بين الوصي والمربع الذهبي ،كما تعرضت وزارته لضغط بريطاني للحد من المربع الذهبي ،مما حدا به أن يجري بعض التنقلات لبعض أعضاء هذا المربع ثم تراجع الهاشمي بعد إعتراض المربع على هذا الإجراء وإشتداد غضب المربع على بريطانيا بسبب التضييق في إمداد العراق بالسلاح وإلحاح بريطانيا لقطع علاقة العراق بإيطاليا.

فقام المربع الذهبي بانقلاب في 11/4/1941م ضد الوصي الذي هرب لإحدى السفن البريطانية ومن هناك ذهب إلى الأردن وأجبر الهاشمي على الإستقالة وكان الإنقلاب يمثل تحديا ً للمصالح البريطانية وهيبتها في الشرق الأوسط خصوصا وأنه تزامن مع إنتصارات المحور في الصحراء الغربية واليونان وغرب أوروبا وأعتقدت بريطانيا أنه كان بالتنسيق مع الألمان.

وكانت مساندة القوى المحلية لحركة الكيلاني وانقلابه قاصرة على الحضر والمثقفين والنوادي والمنظمات الوطنية (المثنى والفتوة) وبعض مجتهدي الشيعة وكان يساندها حزبان هما : "البعث والشيوعيون"[10] ولم يحظى زعماء الإنقلاب بدعم الملك عبد العزيز آل سعود الذي نصحهم بعدم معاداة بريطانيا ،وكانت أهم أسباب فشل حركة رشيد الي الكيلاني أن مساندة المحور لها كانت مترددة ومحدودة المدى وجاءت متأخرة.

وسعى نظام الكيلاني ومعه مفتي فلسطين محاولات للتباحث مع ألمانيا وإيطاليا لإصدار الألمان بيانا يعترفون فيه باستقلال البلاد العربية جميعا ً بما فيها مصر والسودان وحقها في الوحدة ،مقابل بعض التنازلات العربية مثل إعادة العلاقات الدبلوماسية العراقية الألمانية ومنح دولتي المحور الأفضلية في استغلال الثروة المعدنية في العراق.

لكن دول المحور لم تصدر هذا البيان لأنها أعتقدت أن أي تصريح ملزم سوف يكون مقيدا على تصرفاتها في الشرق الأوسط بعد الحرب وبالتالي تتعرض مصالحها السياسية والاستراتيجية في المنطقة للخطر ،وأكتفت دولتا المحور بإصدار تصريح بالتعاطف مع نضال العرب من أجل التحرر السياسية ،وكان هذا التصريح بالدعاية ضد بريطانيا وحسب.

ومن أجل إسقاط الكيلاني استعانت بريطانيا بأمريكا التي لم تدخل الحرب بعد ،فأبلغ الوزير الأمريكي "بول نابنشو" رشيد عالي الكيلاني أن أمريكا تكرس كل عون لبريطانيا وأوضحت له النتائج الخطيرة المحتملة بالنسبة لنظام الكيلان نفسه إذا اتخذ موقفا ً معاديا ً لبريطانيا ،وقد بعث الكيلاني والمفتي كمحاولة أخيرة في 2/1941م "كمال حداد" من أجل الحصول على عون المحور ،فامر "هتلر" سكرتيره بالرد على رسالة المفتي ،وقد كان الرد مشجعا في الظاهر لكنه لم يقدم وعدا ً صريحا ً بشأن تقديم العون للعراق وأنه سيقوم بمساعدة العراق حال توفر طريق لنقل هذه المساعدات وهذا الأمر مستبعدا ً لأن بريطانيا كانت مسيطرة على الطرق المؤدية لإمداد العراق بالسلاح ،وقد هبطت 23 طائرة ألمانية في العراق عن طريق سوريا التي كانت خاضعة لحكومة "فيشي" الموالية للألمان.

وكانت دول المحور ترغب في بقاء الكيلاني في الحكم وأن يستمر في سياسته الماهرة بتجنب مواجهة عسكرية مع بريطانيا إلى أن تسمح الظروف السياسية والعسكرية بتقديم عون ألماني بالقدر اللازم لنجاح التحدي العراقي وذلك عن طريق الجو.

وكانت بريطانيا أمام خيارات متعددة بين استعمال القوة أو الدبلوماسية حول مواجهة حكومة الكيلاني ،فاستقر الأمر باختبار هذه الحكومة ومدى التزامها بمعاهدة 1930م فطلبت مرور قوات بريطانية عبر العراق ،فوافق الكيلاني الذي كان يطمع بإعتراف بريطاني بحكومته لكنه تعرض  لتأثير المفتي والقوى المؤيدة للمحورو وضع شروطا كثيرة لهذا المرور فرفضت بريطانيا هذه المطالب وفي 2/5/1941م بدأت الحرب العراقية البريطانية نتيجة حصار العراقيين لقاعدة "الحبانية" البريطانية واستمر الإشتباك بين الطرفين حتى نهاية الشهر "حرب الشهر الواحد" وانتهت الحرب بإنتصار بريطانيا ولم ينفع تصريح هتلر بشأن الشرق الأوسط ومساندته الكيلاني والقومية العربية ،حيث جاء هذا القرار متأخرا ً[11] ،وبعد أنتهاء القتال غادر ضباط المربع الذهبي إلى إيران وتبعهم الكيلاني والمفتي وعاد الوصي وأنصاره.

ويمكن القول بأن فشل هذه الحركة القومية لم يسدل الستار على خرافة "بروسيا العراقية" وحسب ،ولكنه أيضا ً وضع حدا ً لمحاولة فاشلة وسابقة لأوانها لتحدي السيطرة البريطانية وأهم من ذلك أن هذا الفشل أوقف طموح العراق لكي يتولى وحدة زعامة حركة القومية العربية.

 

5.       العراق بعد الحرب العالمية الثانية - معاهدة بورتسموت:

في 1946م طلب رئيس الوزارة "توفيق السويدي" من بريطانيا إعادة النظر في معاهدة 1930م من إجل إبعاد مظاهر السيطرة البريطانية التي تمس كرامة العراق[12] فقد اجتاحت أقطار الشرق الأوسط بعد الحرب موجة قومية عارمة  ،ولكن العراق لم يبد مظاهر عنيفة ضد البريطانيين كما حدث في مصر ويرجع ذلك إلى:

1)      اعتدال الدوائر السياسية في العراق عن مثيلتها في مصر ،وكذلك طبيعة الملك "فاروق" وعدائيته لبريطانيا.

2)      قرب الإتحاد السوفييتي "أذربيجان"  من الأراضي العراقية.

وبعد زيارة الوصي "عبد الإلة" لبريطانيا 8/1947م لدعم الصداقة سحبت بريطانيا قواتها من  العراق في 10/1947م استجابة ً لحساسيات العراقيين ،مع بقاء وحدات من سلاح الجو البريطاني في القواعد الجوية المنصوص عليها في معاهدة 1930م "الحبانية والشعيبة".

6.       معاهدة بورتسموث 16/1/1948م:

ونجحت المفاوضات التي مثل فيها العراق وزير الخارجية "صالح جبر" ووقع "بيفن" وزير خارجية بريطانيا هذه المعاهدة الجديدة والتي كانت تشبه القديمة في نواح كثيرة،وكان أبرز نقاط هذه المعاهدة:

1)      منحت بريطانيا حق إرسال قوات إلى العراق في حالة الحرب أو خطر الحرب مقابل.

2)      تنازل بريطانيا عن حقها في أحتلال القاعدتين الجويتين ،مع استمرار حق طائراتها الهبوط فيهما.

3)      تتولى بريطانيا مهمة تدريب الجش العراقي وتزويده بالمعدات.

سخط الرأي العام العراق على هذه المعاهدة لأنها كما قلنا تشبه القديمة إلى حد كبير ،ومما زاد سخطه تزامن المفاوضات مع قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين ،فقامت إضطرابات معادية لبريطانيا وأمريكا ،فخاف الوصي فبادر في 21/1/1948م إلى إعلان أن المعاهدة لم تحقق آمال العراق الوطنية ،ولذلك لا يمكن المصادقة عليها ،واستقالت الوزراة العراقية وهرب رئيسها إلى شرق الأردن خوفا ً من الإغتيال ،وكان للقضية الفلسطينية أثارها على العراق الذي اشترك في حرب 1948م مع القوات الأردنية وأصدر قانون بإعتبار "الصهيونية" جريمة عقوبتها الإعدام وحكم على أحد كبار الجالةي اليهودية في العراق "عدس" بالإعدام بتهمة تزويد إسرائيل بالسلاح ،وترددت الحكومة في السماح لليهود في الهجرة لإسرائيل ،ولكن في 3/31950م وافق مجلس النواب العراقي على قانون يسمح لليهود بالتخلي عن هويتهم العراقية والهجرة وعلى ذلك انتقل أكثر من 50 ألف يهودي إلى إسرائيل في الموجة الأولى ،ولم يأتي شهر 6 من نفس السنة حجتى كان قد هاجر 160 ألف من العراق إلى إسرائيل.

كما تضررت العراق ماليا من الحرب الفلسطينية لإنقطاع البترول الذي كان يضخ من "كركوك"  عبر الأنابيب إلى "حيفا" التي اصبحت تحت سيطرة إسرائيل فحرم العراق من نحو مليون جنية استرليني سنويا ً.

7.       العراق وسياسة المحاور :حلف بغداد 1955م:

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإزاء احتدام الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي ،اتجه الغرب إلى إحاطة السوفييت والكتلة الشيوعية بوجه عام ،بنطاق من الأحلاف تحيط بالكتلة الشرقية كحاجز ضد التيار الشيوعي ،فقام حلف شمال الأطلنطي في أوائل 1952م واصبح يربط الغرب من "كندا" إلى "تركيا" ثم فكرت دول الغرب بحلف آخر يعتبر امتدادا ً لحلف شمال الأطلنطي يحمي دول الشرق الأوسط ويربط دول المنطقة من تركيا حتى باكستان ،ولكن المشكلة كانت تكمن في الدول العربية التي كان معظمها ينفر من الأرتباط  بالأحلاف بتأثير معارضة مصر الشديد للأحلاف ،ولكن "نوري السعيد"

 كان مصمما ً على الأنضمام إلى النظام الدفاعي تحت سيطرة الغرب ،ليتخلص العراق من معاهداته الثنائية مع بريطانيا والتي سنتهي أجلها 1957م وبذلك يحل نظام أمن جماعي –يكون مقبولا ً من الشعب- محل النظام الثناي الذي يكرهه الشعب.

وبدأ نوري بإبرام ميثاق معونة عسكرية مع تركيا في 2/1955م ورغم معارضة معظم الدول العربية بزعامة مصر ،التي سعت ومعها السعودية من أجل عزل العراق عن بقية دول الجامعة لثنيه عن هذه الخطوة وأقامة كذلك ميثاق أمن ثلاثي عربي من مصر والسعودية وسوريا ،فلم يثني هذا العراق بل زاد من التوتر بينه وبين مصر بالذات ،وفي 4/1955م انضمت بريطانيا إلى الميثاق التركي العراقي ،ولو أن أمريكا آثرت عدم الانضمام رسميا ً[13] إلى الحلف لكنها شملت هذا الحلف برعايتها غير الرسمية ،وكان العراق يرى عدم انضمام أمريكا للحلف سوف يضعفه ويجعل بريطانيا تهيمن عليه ويسمح لبريطانيا "بالتدخل في شئون المنطقة من النافذة بدلا ً من الباب".

وانضمت باكستان إلى الميثاق في 6/1955م وبذلك اصبح الحلف "حلف بغداد"[14] يضم الأعضاء الأربعة الضروريين لتكوين منظمة دائمة ،ثم انضمت إيران في 10/1955م ،وعقد أول اجتماع لدول الحلف الخمس في بغداد بين 20-22/11/1955م برئاسة نوري السعيد وفيه تقرر إنشاء أمانة دائمة للحلف مقرها بغداد واختير العراقي "عوني الخالدي" كأول أمين للحلف.

ويذهب البعض أن حلف بغداد وضع أصلا لهدفين:

1)      سلاح عسكري ضد الاتحاد السوفييتي.

2)      أداة سياسية للهيمنة البريطانية والعراقية على العالم العربي ،بعد إضافة النفط أهمية جديدة غير الأهمية الاستراتيجية.

ويقال أن الحلف كان أحد أسباب الثورة العراقية في 7/1958م ،كما كان أحد دوافع الغرب للهجوم على مصر 1956م لمعارضتها للحلف وحملتها الدعائية العنيفة ضد العراق ونوري وضد أي دولة عربية أخرى قد تحدثها نفسها للإنضمام للحلف.

 

8.       ثورة يوليو 1958م ونهاية النظام الملكي الهاشمي في العراق:

كانت لهذه الثورة عدة أسباب نذكر شئيا ً منها:

1)      سوء الأحوال الداخلية في ظل حكومة نوري السعيد ،وبخاصة كبت الحريات وإهمال الإصلاحات.

2)      الانضمام إلى حلف بغداد الذي عارضته جموع الشعب وبخاصة المثفقين.

3)      قيام ثورة مصر 1952م ورغبة كثيرين بالعراق محاكاتها ،خصوصا بعد نجاحها في إقامة وحدة بين مصر وسوريا.

4)      بذائة إذاعة العراق وإسائتها لعبد الناصر وبعدها عن الموضوعية والسايسة الأمر الذي كان يجب أن يوضع له حد.

5)      تأثر الضباط الأحرار العراقيين بتنظيم الضباط الأحرار المصريين ،وغضبهم بعد عدوان السويس 1956م على حكومة نوري السعيد المتخاذلة إزاء العدوان.

6)      مثلما كانت حرب فلسطين 1948م سببا ً في نقمة الجيش المصري كذلك كانت بالنسبة للجيش العراقي.

ولا يخفى كان هناك اتجاه جمهوري ،يرجع إلى العشرينيات ،وهناك أكثر من محاولة لإغتيال نوري وعبد الإله والملك فيصل من قبل.

وفي الأسبوع الأول من 6/1958م تأكد الضباط الأحرار أن اللواء العشرين في "ديالى"[15] سوف يتحرك إلى الأردن لمساندة "كميل شمعون" في لنبان أثناء أزمة 1958م ،فقرروا أن لا يتركوا هذه الفرصة أن تفوتهم وكان الثلاثي المنظم للثورة يتكون من "عبد الكريم قاسم –عبد السلام عارف –عبد اللطيف الدراجي" قرروا أن يتحرك اللواء العشرون إلى بغداد في 14/7/1958م واتفقوا على أن يقوم الجيش الزاحف بالسيطرة على قصر "الرحاب" مسكن الملك وعبد الإله وقصر نوري سعيد ودار الإذاعة وأن يتكون مجلس سيادة من 3 أشخاص يمثلون اتجاهات مختلفة هم "نجيب الريعي سني" و "محمد مهدي كبة زعيم حزب الاستقلال شيعي" و" خالد النقشبندي كردي" ووزعت المناصب الوزارية والإدارية الأخرى على المتعاطفين مع الثورة ،وقد عم الفرح أنحاء العراق لقيام الثورة.

لكن سرعان ما دب الخلاف بين عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم[16] الذي استبد بالسلطة وأبعد الضباط الأحرار وقرب الأنتهازيين وانسحب من حلف بغداد وتقارب إلى الشيوعيين خصوصا بعد ثورة الشواف الفاشلة وأعاد الأكراد المبعدين في روسيا وتشدد في تطبيق الإصلاح الزراعي وتردت علاقة قاسم بالجمهورية العربية المتحدة.

وبهذه الثورة أنتهى حكم الأشراف نهائيا ً في  العراق ليحل محله الحكم الجمهوري.

 

·         الفصل الثاني: سوريا 1920-1946م: 

أهم سمات حكم الانتداب الفرنسي في سوريا:

-          سياسة الانتداب الفرنسي في سوريا قبل الحرب العالمية الأولى:

عقب سقوط مملكة فيصل في دمشق ورحيله عن البلاد تولى الحكومة السورية في ظل الانتداب "علاء الدين الدروبي" وكانت هذه الحكومة من قبل الاستعمار الفرنسي وكرست الانتداب وحاربة الوطنيين ومطالبين الاستقلال امتثالا ً لشروط "جورو" عليها ،ولم يلبث عند الدروبي أن انتهى بإغتياله في 21/8/1920م في "حوران" فكان ذلك أول انقضاض على الحكم الفرنسي.

وقد كان لفرنسا في الشام مصالح ذات ثلاثة جوانب:

1)      جانب معنوي أو أدبي: وذلك لوجود نسبة غير ضئيلة من المسيحين عامة والكاثوليك خاصة في هذا البلد ومن ثم نظمت الجمعيات التنصيرية والحكومة الفرنسية شبكة من المدارس الكاثوليكية والمؤسسات الدينية.

2)      جانب سياسي: محاولة تنمية علاقات مع الحركات السياسية الصصاعدة في الشام صخوصا الحركة اللبنانية التي يقودها الموارنة والتي كانت تسعى قبل الحرب للانفصال عن العثمانيين مع التوسع تحيت الحماية الفرنسية ،ثم كانت الحركة السورية التي كانت تضم مسلمين ومسيحيين لكن قيادتها المؤثرة إسلامية والتي تطالب بمزيد من اللامركزية الإدارية في الشام فقد ارتبطت معها الحكومة السورية من أجل عدم تدوير القضية السورية وقطع الطريق دون التحالف مع بريطانيا إلا أن هذا الاهتمام بهذه الحركة لم يصل إلى حد مساعدتها على تحقيق أهدافها.

3)      جانب اقتصادي: كانت فرنسا أكبر مستثمر في أقطار الإمراطورية العثمانية ومنها الشام فكانت معظم الاستثمارات الأوروبية في الصناعات السورية استثمارات فرنسية ،وكانت سوريا مصدر هام للمواد الخام مثل غزل الحرير وكانت الشركات الفرنسية تمتلك شبكة الخطوط الحديدية التي تخترق سوريا عندما نشبت الحرب الأولى ،لكن كان هذا الأهتمام الاقتصادي كان مركزا ً على الساحل وجبل لبنان مما يفسر اهتمام فرنسا بهذه المنطقة.

 

-          بعد الحرب العالمية الأولى:

كان الاستراتيجيين الفرنسيين يعتقدون أنه بدون مركز حصين في داخلية سوريا ،فأن مركز فرنسا على الساحل الذي احتلته 1919م سكون مهددا من جانب الحركة القومية العربية المتمركزة في دمش والمشربة بأفكار الجامعة العربية والجامعة الإسلامية ،ليس تهديدا ً لاستثمارات فرنسا المالية والدينية في الساحل السوري وجبل لبنان وحسب ،ولكن ايضا والأهم تهديدا ً لشمال أفريقيا الفرنسية.[17] لذا وجب فرض السيطرة على دمشق التي يمكن أن تخدم وتحقق أهداف فرنسا بكفاءة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ،وبالإضافة إلى هذه الأهمية كانت هناك مصالح تجارية ومالية فقد كان الحرير والقطن أكثر المواد الخام أهمية للاقتصاد الفرنسي كما أن هناك بوادر لوجود النفط في الشمال السوري.

 

-          سياسة فرنسا في إدارة سوريا:

كانت السياسة سياسة تقسيم ،فالانتداب الفرنسي والبريطاني قد مزقا البلاد أربا ً وخلقا بين أجزائها حدودا ً مصطنعة وحواجز جمركية تعوق المرور للبضائع والناس ،وقامت فرنسا بتجزئة منطقة نفوذها في الشام (سوريا ولبنان) إلى وحدات أصغر من أجل عزل الحركة القومية العربية.

وأعطت الموارنة "لبنان الكبير" وضمت إليه مدن طرابلس وصيدا وصور الساحلية وبيروت وسهل البقاع بما فيها من أغلبية مسلمة ومسيحية محاباة من فرنسا للمسيحيين مما خلق حالة عداء بين المذاهب الأخرى في هذه الأقاليم مع فرنسا والموارنة الذين أصبحوا أكثر اعتمادا على فرنسا.

 

القائمون على الحكم:

كان تغلب عليهم صلتهم بمراكش فمثلا ً "هنري جورو" خدم في موريتانيا وفي مراكش منذ 1911 -117م حيث كان كبير معاوني "ليوتي" وكان كاثوليكيا ً متعصبا لذا كان متوقع أن ينجح في التعمامل مع الشبعب المسيحي وبخاصة في لبنان وقد اختار معاوني ممن لهم خبرة سابقة في مراكش وكان الكولونيل "جورج كاترو" الذي كان أول مندوب فرنسي لدمشق كانت له خبرة سابقة في مراكش.

ومنذ أوائل الثلاثينيات بدأت الإدارة الفرنسية تستمد كبار موظفيها ممن لهم خبرة استعمارية في الشرق الأقصى أكثر منها في مراكش مثل "بونسو" و"دي مارتل" وبعدما كان المندوبون الساميون الثلاثة من الأوائل من العسكريين فإن من جاءوا بعدهم كانوا مدنيين وكان هذا الأمر له أهميته لأن المدنيين كانوا بطبيعة الحال أكثر مرونة ويفضلون الوسائل غير العنيفة في فرض آرائهم بينما كان نظراؤهم العسكريون أكثر ميلا ً لاستخدام القوات المسلحة.

 

1)      سياسة التقسيم: استخدمت فرنسا "فرق تسد" وهو المبدأ الأول والأساسي التي سارت عليه في سوريا فجزئة البلاد وفتت الأقاليم مدعيه أنها تستجيب للواقع السكاني ومما يلاحظ أن سياسة التجزئة التي أتبعتها فرنسا في سوريا ،لم تكن تسير على وتيرة واحدة بل كانت سريعة التقلب والتغيير مما أدى إلى عدم استقرار أحوال البلاد ،ففي 1920م أقام الفرنسيون دولتين منفصلتين في دمشق وحلب وفي 1922م أعلن جبل الدروز وحدة منفصلة مستقلة إداريا ً تحت الحماية الفرنسية[18] ،وأعلتنت دولة العلويين كدولة قائمة بذاتها لها نظام إداري خاص وفي 1922م أعلن "جورو" قيام إتحاد فيدرالي سوري يتضمن دويلات حلب ودمشق والعلويين ولكن هذا الإتحاد إنحل 1924م ثم 1925م أعلن عن قيام دولة سوريا ما عدا دولة العلويين الذين إدمجوا هم والدروز في هذا الدولة عام 1936م ،مع فشل المعاهدة السورية الفرنسية وسقوط الحكومة الوطنية.

2)      السياسة الاقتصادية: بقي البنك السوري قائما وكان هذا البنك فرعا ً للبنك العثماني وساهم بتأسيسه بعض البنوك الفرنسية وظل ذا شأن كبير في إدارة دفة السياسية الفرنسية في البلاد وكانت الحكومات السورية المتعاقبة لا تستطيع المساس بوضع هذا البنك ،كما ربطت أوراق النقد السوري الجديد بالفرنك الفرنسي الذي كان يتدهور خصوصا بعد الحرب العالمية الأولى مما أدى إلى إذابة جزء كبير من ثروة سوريا القومية كما أن الصناعة السورية ضعفت بسبب انتشار المصنوعات الأوروبية وبخاصة الفرنسية مما أدى إلى البطالة والتدهور الاقتصادي ،كما يلاحظ إتباع فرنسا لسياسة التقتير ماليا في مجالات التعليم والتنمية الزراعية وأعمال المنافع العامة والصناعة بينما –في الوقت نفسه-اتبعت سياسة البذخ والإسراف على أجهزة الدولة القمعية مثل الجيش والشرطة والإدارات الحكومية المتداخلة.

3)      الوقيعة بين الريف والحضر (المدن): وذلك لعزل الحركة الوطنية وتضييق النظاق عليها قامت فرنسا بتحريض المناطق الريفية ضد المراكز الوطنية الحضرية ،والتي كانت أقوى في وعيها السياسي وأشد في عدائها لفرنسا  وقد حاولت فرنسا الوصول إلى هدفها ،عن طريق تغيير نظام ملكية الأرض التي كانت مصدر ثروة زعماء الحضر اليساسيين وسلطتهم فقامت بأول خطوة للتودد للفلاحين بعمل مسح تفصيلي للأراضي لتنظيم تسجيل الأرض وتحطيم ملكية المشاع التي كانت من أكثر سمات نظام الأرض شيوعا في سوريا ،وترتب على ذلك فرض نظام جديد للضرايب لإضعاف ملاك الأرض وقد فشلت هذه المحاولة لأعتبارات كثيرة منها وضع فرنسا الاقتصادي كما أن طيبعة الأنتداب كانت تتم بواسطة ملاك الأرض التي من الصعب فصلهم عن الأعضاء الوطنيين عن العناصر الراغبة في التعاون مع المندوب السامي.

4)      إثارة الانقسام داخل الصفوة (النخبة): وهي هذا المبدأ مأخوذ من تجربة "ليوتي Lyauty" في مراكش وهو الحكم من خلال عناصر على استعداد للتعاون من داخل النخبة السياسية التقليدية وذلك بعد العدول عن فكرة الحكم المباشر وقد وجد الفرنسيون مجموعتين فقط متعاطفتين في المدن التي يسودها الشعور الوطني المعادي لفرنسا إحداهما تتمثل في المسيحيين في دمشق وحلب والأخرى بعض أفراد طائفة النبلاء المسلمين الذين وجدوا نفسهم بلاد دور بعض أن كانوا ضمن جهاز الإدارة العليا في ولايات سوريا قبل 1918م وقد واجهت فرنسا بهذا الاتجاه صعوبة بالغة بسبب عودة الزعامات السياسية الوطنية المنفية إلى المسرح وبروز قوتها والمساندة الشعبية لها ،وعدم وجود أنصار لهؤلاء خارج دوائر الحكومة لارتباطهم الوثيق بالإستعمار الفرنسي.

 

-          أسباب فشل الانتداب الفرنسي في سوريا:

أ‌)        لم يستطع الفرنسيون أن يضعوا لسوريا خطة مناسبة لحكم البلاد ،ذلك أن نظام الانتداب وضع قيودا دولية على الإدارة الفرنسية استجابة لبنود "ولسون" الأربعة عشر مما عيش فرنسا في سوريا في حالة إنفصام بالشخصية فهي موزعة بين الالتزام القانوني كدولة منتدبة في نهاية المطاف يكون الانتداب حكم محلي ،وبين البحث عن مصالحها الشخصية.

ب‌)     كان لفرنسا مشاكلها الاقتصادية والمالية يصعب التغلب عليها مما أحرج موقفها في الشرق.

ت‌)     الصراعات السياسية والانقسامات في فرنسا وضعت قيودا على الاستثمار في سوريا ففي الفترة من 1920-1940م تغيرت رئاسة الوزارة 33 مرة.

ث‌)     فيما الحربين ركزت فرنسا نشاطها الاستراتيجي والعسكري في غرب البحر المتوسط ودعمت مركزها في شمال إفريقيا مما أفشل تنمية وتطوير سياستها بشأن البحر المتوسط كله.

ج‌)     البرنامج المطبق في سوريا يشبه ما طبقته فرنسا في مراكش ولكن الفرنسيون عجزوا عن تحقيق النموذج الذي رسمه "ليوتي" ولم يقدورا اختلاف المجتمعين ومدى قبولهم للوجود الفرنسي.

ح‌)     تدل سياسة فرنسا في سوريا عن سوء فهم تاريخ البلاد وتكوينها الاجتماعي وعادات وقيم شعبها فقد أخطأ الفرنسيون في إساءة فهم القومية العربية  ،التي أعتقدوا أنها تعصبا ً إسلاميا ً يهدف إلى وقف الحضارة الغربية والتقدم في الشرق.

 

-          ثورة 1925م: بعد موت "سليم الأطرش" الذي كان يتولى حكم جبل الدروز بمقتضى معاهدة الاتفاقية الدرزية ،عين الفرنسيون حاكم فرنسيا استبد بالدروز ونقضوا بذلك الاتفاقية ،وبعد فشل الوفد الدرزي أثناء مقابلته الجنرال "سراي"[19] الذي سجنهم و ابلغهم عن مسئوليتهم عن أي إضطراب يقع بالجبل ثار الدروز بقيادة "سلطان الأطرش" الذي رفض الذهاب مع الوفد ووقعت معركة "المزرعة" بين الدروز والفرنسيين فانتصر الدروز انتصارا باهرا وتحرك حزب الوفد ورئيسه "عبد الرحمن الشهبندر" لتعاون مع الدروز لاستقلال البلاد ،وكانوا الدروز متعاطفين مع فكرة الوحدة السورية لأن إنتشار الثورة في كل أنحاء سوريا سيهيئ الفرصة أكبر للنجاح فاصبحوا يتحدثون عن الثورة باسم وحدة سوريا واستقلالها ،وانضمنت إلى الدروز جماعات من دمشق وحث الشهبندر الأطرش للتقدم إلى دمشق منتهزا خلوها من القوات الفرنسية التي اتجهت إلى الجبل لمقاتلة الدروز ونشبت المعارك حول دمشق والغوطة والجبل وأرسل الفرنسيون جنرالهم المشهور "جاملان"  وعينوه قائدا ً عاما لجيش الشرق فوصل إلى دمشق وانتقل إلى الجبل لكنه لم يستطع الزحف   نحو "السويداء" أو القضاء على الثورة قبل أن تنتشر في حين وصلت طلائع الدروز إلى مسافة 5 أميال من دمشق حيث أوقفتها القوات الفرنسية بمساعدة الطيران ،ونشبت الثورة في "حمص" في 10/1925م ثم في دمشق وعمت أنحاء سوريا ووصلت المعارك داخل مدينة دمشق بعد أن تحولت إلى حرب عصابات ،فاطلق الفرنسيين مدافعهم واسقطوا قنابل طائراتهم على المدينة وأسواقها لمدة 3 أيام ،فاخذ جاملان يتقهقر في حين أن موارد الثورة بدأت تنضب مما مكن الفرنسيين من التغلب عليها فلجأ رجالها إلى أطراف البادية واتجه بعضهم نحو مصر والعراق وفلسطين والأردن، ومع ذلك واصل الثوار الثورة وأطلق سلطان الأطرش[20] أول نداء دعا فيه السوريين إلى حمل السلاح مؤكدا المطالب الوطنية.

وجراء ما وصلت إليه الثورة عينت الحكومة الفرنسية المسيو "هنري دوجوفنل " مفوضا ساميا في سوريا ولبنان بدلا من سراي الذي اعتبرته مسئولا ً عن الأحداث التي وقعت.

وبعد التنسيق مع البريطانيين لتوحيد سياستهم اتجاه الشرق وكونه رجل مدني ابدى دوجوفنل نيته بتنظيم الاستقلال الوطني واحترام الجميع والعمل بروح رجل وطني مدني غير عسكري وجرت محادثات تمهيدية بين بعض المسئولين السوريين وآخرين فرنسيين تمهيدا لمفاوضات بين الحكومة الفرنسية والزعماء الوطنيين السوريين وتم الاتفاق المبدئي على الدخول في مفاوضات على أسس 5 هي:

أ‌)        يشكل مجلس تأسيسي بالانتخاب المباشر ،لوضع دستور للبلاد على أساس السيادة الوطنية.

ب‌)     تحديد العلاقات بين فرسنا وسوريا باتفاق (معاهدة) بينهما لتحقيق المطالب السورية.

ت‌)     يبت في مسألة الوحدة السورية في المستقبل بين أولي الشأن أنفسهم.

ث‌)     تنشأ إدارة وطنية تحوز ثقة البلاد.

ج‌)     يعلن عفو عام بلا استثناء.

وجرت المفاوضات في بيروت ومصر وباريس استمرت نحو 9 أشهر بدون الوصول إلى نتيجة وكان الجانب الفرنسي هو المسئول عن فشلها ،ونتيجة لتزايد قوة الفرنسيين وضعف قوة الوطنيين استخدم دوجوفنل الحل العسكري بإطلاق القنابل ونهب الأحياء ،فاستقال رئيس الدولة "صبحي بركات" مؤيدا للمطالب الوطنية وعين دوجوفنل حاكما فرنسيا على سوريا في 2/1926م لتسيير الأعمال الإدارية إلى أن يوضع نظام نهائي بعد الانتخابات التي قاطعتها البلاد السورية وفشل دوجوفنل بالاتصال بالعناصر الوطنية فقام بإحتلال السويدا للمرة الثانية في 25/4/1926م واختار دوجوفنل "الداماد أحمد نامي بك" الشركسي رئيسا للدولة السورية وبعد جهد جهيد استطاع دوجوفنل ورئيس الدولة السورية من تشكل وزارة مؤتلفة تضم بعض العناصر الوطنية وذلك في 5/1926م وقامت هذه الحكومة على أساس برنامج قومي ينص على:

1)      السعي لدعوة جمعية تأسيسية وسن الدستور.

2)      تحويل الانتداب إلى معاهدة لمدة 30 سنة.

3)      تحقيق الوحدة السورية وتوحيد النظام القضائي.

4)      تأليف جيش وطني.

5)      اشتراك سوريا في عصبة الأمم والتمثيل الخارجي.

6)      إصلاح النظام النقدي.

7)      العفو العام.

فوافق دوجوفنل في خطاب لرئيس الدولة على المعاهدة ووضع الدستور وتأجيل الوحدة السورية لحين الأتفاق عليها مع أهالي الشام ،ولم يلبث أن غضب الوطنيون الذين اشتركوا في الوزراة "فارس الخوري ولطفي الحفار وحسني البرازي" بسبب الأعمال العنيفة التي ارتكبها الفرنسيون وإعلان الدستور اللبناني الذي نص على سلامة الأراضي اللبنانية وعدم التنازل عن شيء منها ،فقام دوجوفنل بحل الوزراة واعتقال الوزراء الوطنيين ونفيهم ورغم استمرار الثورة إلى ربيع 1927م إلا أنها لم تلبث أن ضعفت لاستسلام فريق من زعماء الدروز بعد أن نفذت مواردهم إلا جانب تعاون الإنجليز مع الفرنسيين وظل الأطرش بعيدا عن بلده ولم يعد لها إلا في سنة 1927م.

 

-          نتائج الثورة السورية:[21]

أ‌)        هزت الثورة فرنسا مما أثار فيها موجة من التفكير بترك البلاد بين الأوساط اليسارية والقومية الفرنسية، ففي عام 1928م قدم النائب (سيكست كوانتين) اقتراحاً بإرجاع سورية ولبنان إلى عهدة عصبة الأمم تخلصاً من الدم المراق فيهما والمصاريف، فنال اقتراحه مائتي صوت من أصل أربعمائة وثمانين.

ب‌)     أدت الثورة لبعث الحركة الداعية إلى إقامة حكومة ملكية في سورية، حيث يرى أنصار هذا المشروع انه الضمانة الوحيدة لقيام التعاون الصادق المستمر لتنفيذ الانتداب، فكان علي بن الحسين المرشح لهذا العرش إلا إن المشروع فشل بسبب رفض السوريين له.

ت‌)     ) أجبرت الثورة فرنسا على إعادة توحيد سورية بعد أن قسمتها إلى أربع دويلات: دمشق، وحلب، وجبل العلويين وجبل الدروز.

ث‌)     ) اضطرت إلى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية بقيادة إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي.

ج‌)     ) اضطرت فرنسا إلى إجراء إصلاحات إدارية من عزل مفوضها السامي وضباطها العسكريين في سورية وتعيين البدائل عنهم، كما حصل مثلاً مع  المفـوض السامـي (سراي) بعـد مهاجمة الثـوار لقصر العظـم بدمشق، فعينت مندوباً مدنياً جديداً وهو(دي جوفنيل).

ح‌)     أجبرت فرنسا على إرسال خيرة أبرز قياديها خبرة في الحرب العالمية الأولى مثل الجنرال (غاملان) بعد تزايد قوة الثوار وانتصاراتهم.

خ‌)     مهدت لخروج الفرنسيين نهائياً من سورية عام 1946م حيث أستمر النضال بشكله السياسي.

د‌)       قصفت دمشق بالطيران لمدة 24 ساعة متواصلة، وخلو بعض القرى في جبل العرب من أهلها نتيجة لتدميرها وحرقها.

ذ‌)       أجبرت السياسة الفرنسية، على إيجاد حياة دستورية في لبنان أولاً ثم في سورية، ولو كانت شكلية.

ر‌)      كانت الثورة انتصارا للوعي القومي والوطني على الإقليمية والطائفية حيث كان أهم شعاراتها التي أطلقها قائدها الدين لله والوطن للجميع.

ز‌)      ) أبرزت الثورة الوعي الشعبي لخطر الإقطاعية الزمنية والروحية وأبرزت قيمة الفرد في المجتمع من عمال وفلاحين، وزادت من ثقته بنفسه فهو صاحب الفضل في الانتصار على العدو، كما وعي الشعب للزعماء الوطنيين من الزعماء التقليديين الذين لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية فانعكس ذلك على انتخابات عام 1928م.  

-          مشروع المعاهد السورية – الفرنسية 1936م:

في أول مارس 1936م وقع المفوض السامي مع رئيس الكتلة الوطنية "هاشم الأتاسي" اتفاقا ً في بيروت نص على موافقة الحكومة الفرنسية على استقبال وفد رسمي يتفاض معها لعقد معاهدة ،وأفرج عن الزعماء الوطنيين الذين وافقوا على إرسال وفد أختاروا أعضاءه ،فهدأت الاضطرابات وبعد فقد أصحاب المصالح لحزب الاتجاه الفرنسي في وزارة الخارجية وإكتساح الجبهة الشعبية الانتخابات في يونيو 1936م وصارت حكومة "ليون بلوم" مقتنعة بالمعاهدة ،وفي 21/3/1936م سافر الوفد السوري إلى فرنسا وكان يتألف من من "هاشم الأتاسي وفارس الخوري وجميل مردم وسعد الله الجابري والوزيرين مصطفى الشهابي وإدمون حمصي" وظل الوفد حتى شهر 9 حيث وقعت في اليوم التاسع منه المعاهدة التي تنهي الانتداب وتقيم حلفا ً بين فرنسا وسوريا على أساس الحرية التامة والسيادة والاستقلال وكان أبرز ما فيها:

1)      الصداقة بين فرنسا وسوريا والتشاور في السياسة الخارجية وما يمس مصالحهما المشتركة.

2)      انتقال الحقوق والواجبات ومسئولية حفظ النظام إلى سوريا.

3)      أن تكون مدة المعاهدة 25 سنة.

4)      منح فرنسا تسهيلات في الطرق والمواصلات بأنواعها.

ومن أهم شوائب هذه المعاهدة:

أ‌)        لم تكون الحكومة السورية حرة في السياسة الخارجية.

ب‌)     تقديم المعونة لفرنسا لاتخذا تدابير الدفاع.

ت‌)     عدم حرية سوريا في الشئون العسكرية.

ث‌)     الاستعانة بمستشارين فنيين وقضاة وموظفين من فرنسا.

ج‌)     حق التقدم لسفير فرنسا.

ح‌)     النقص الحاصل في الوحدة السورية ،فقد تقرر ضم اللاذقية وجبل الدروز إلى سوريا على أن تتمتع بنظام إداري ومالي خاص ولم تشر المعاهدة إلى الأجزاء التي ألحقت بلبنان ،حيث أن الفرنسيين هددوا بقطع المفاوضات إذا طلب السوريون ببحث هذا الموضوع.

ورغم هذا فقد نجح الوفد السوري وكان الشعب راضيا عنها ،وكان هذا النجاح بسبب صلابة الأمة السورية وتصميمها ،وكذلك الأوضاع السياسية في أوروبا والتي كانت تنطوي على خطر على فرنسا وأخيرا قيام حكومة البجهة الشعبية ذات الميول الحرة في فرنسا.

وهذا الرضا من الشعب السوري أوصل أعضاء الوفد في الانتخابات إلى الحكم وبذلك قامت الجمهورية الجديدة : جمهورية المعاهدة التي تتمتع بقدر من الحرية والاستقلال لا بأس به حيث رأس الحكومة هاشم الأتاسي فقدمت الحكومة إلى المجلس النيابي معاهدة التحالف والصداقة المعقودة مع فرنسا فوافق على إبرامها بالإجماع.

-          مشكلة لواء الاسكندرونه وضمه إلى تركيا:

عقدت الهدنة سنة 1918م قبل جلاء الترك عن لواء الاسكندرونه ،وكان نتيجة اتفاق أنقرة في سنة 1921م[22] أن منح سكان اللواء حكما ً خاصا واخمتيازات في الغة والتعليم والإدارة مما مهد السبيل لانسلاخه عن سوريا ،وقد كانت تركيا لا تزال لها أطماع في بعض المناطق السورية رغم إعلان الأتراك في ميثاقهم الوني أنهم يقتصرون على المناطق التركية أو التي تسكنها أكثرية تركية ،ولوحظ بعد عام 1934م أن الترك أوقفوا عملية البناء في ميناء "مرسين" أملا ً في إنتزاع الاسكندرونه ،كما اهتمت فرنسا بتطوير ميناء طرابلس بدلا من الأسكندرونه ،وفي نفس السنة عبر حاكم "عينتاب" الحدود التركية السورية ونظم مظاهرة ضخمة مع أنصار "الكماليين" وأشعل الاضطرابات بين العرب والترك في اللواء ومنذ ذلك الوقت صارت تجري احتفالات ضخمة بالأعياد التركية ،وبدأت الصحف التركي تعلن بأن تركيا لا يمكن أن تقبل خضوع اللواء لسيطرة عربية وكانت تعبر هذه الصحف عن وجهة نظر الحكومة التركية ،وقد أثار الأتراك موضوع الأسكندورنهة مع فرنسا منذ أ، أصبحت المعاهدة بين فرنسا وسوريا على وشك التوقيع ،وعندما كذبت إحصائية الأمم المتحدة وزير الخارجية التركي بإدعائه أن غالبية سكان الأسكندورنة أتراك هدد بالخروج من عصبة الأمم والإنضمام إلى الخارجين عليها "ألمانيا وإيطاليا" ،وكان يرى "ليون بلوم" رئيس فرنسا 1936م التساهل مع تركيا إقامة إدارة ذاتية في اللواء في ظل السيادة الفرنسية فاستغل وزير خارجية تركيا هذا وأبلغ الرئيس الفرنسي موافقته على استمرا اللواء ضمن الدولة السورية تحت الانتداب الفرنسي بشرط التمتع باستقلال تام في شئونه الداخلية والشئون الخارجية بيد الحكومة السورية بقيود ،ويشترك اللواء مع الدولة السورية في العملة وتصبح اللغة التركية لغة رسمية ويختار مجلس العصبة مندوبا ً ساميا ً فرنسيا ً ،فأصدرت فرنسا النظام الأساسي للواء متضمنا ً هذه الشروط في 29/5/1936م على أن تسري بعد 6 أشهر ومنذ ذلك الحين أصبح اللواء منفصلا عن الدولة السروية ويخضع للدوعة المنتدبة مباشرة وهكذا تحققت المرحلة الأولى من خطة تركيا بفصل اللواء عن سوريا ،وفي 26/1/1937م رأت العصبة تشكيل لجنة من الخبراء "خمسة أعضاء :بريطانيا وبلجيكا والسويد وفرنسا وتركيا" لإجراء انتخابات في اللواء حلا ً للمشكلة فبدأت المرحلة الثانية في خطة تركيا بالضغط على الأقليات غير التركية بالرشوة والتهديد لقيد أسمائهم كأتراك عملت على تهجير الشباب التركي المقيم بالقرب من اللواء وحثه إلى الانضمام إلى نوادي الشبيبة التركية والضغط على الفلاحين العرب الذين يعملون عند ملاك الأراضي الأتراك لتسجيل أنفسهم كأتراك وحين قررت اللجنة أعتبار الدين واللغة مع عناصر أخرى الأساسيين المقبولين لتحديد الجماعة التي ينتمي إليها الناخبون أحتجت تركيا وأعلنت عدم قبولها لنتائج الانتخابات ،وقد كانت تركيا تعمل بهدف واستقلالية وضمن رؤية واضحة للعمل في ضم اللواء بينما كانت سوريا مغلولة اليد بسبب الانتداب الفرنسي وبسبب قلة مواردها لدعم العرب في اللواء الذين كانوا يشكلون أكثر من الأتراك ،ولم تلبث الحكومة الفرنسية أن رضخت لضغوط الحكومى التركية وعملت بما يخدم المصالح القومية العليا لفرنسا ذاتها وذلك للحيلولة دون انجذاب تركيا نحو محور برلين/روما وفعلا أبرمت في 3/1938م فرنسا وتركيا اتفاقا خاصا ً حول اللواء والعمل على أساس أن أغلبية أهل اللواء أتراك وكون أن نتيجة الانتخابات عرفت سلفا فقد أوقفت لجنة الأنتخابات أعمالها وغادرت اللواء في آخر يونيو 1938م وجهت تركيا وفرنسا الضربة الأخيرة للعملية الانتخابية حين سمحت فرنسا بدخول بعثة عسكرية تركية إلى اللواء مقابل إبرام معاهدة صداقة تركية فرنسية في اليوم التالي  وبدأت تنفيذ هذه المعاهدة "معاهدة الصداقة" اعتبارا من 24/7/1938م وقد بررت فرنسا موقفها بسبب الظروف الدولية في أوروبا وخشيتها من انضمام تركيا لألمانيا ،ونتيجة لضغوط التركية التزمت الصمت فرنسا حول إلغاء تركيا الحدود بينها وبين اللواء ومنح سكان اللواء جوازات سفر غير سورية وإدخال العملة التركية وجعل التجارة بينها وبين اللواء حرة.

وعقدت اللجنة المنتخبة للواء "الذي أصبح يسمة هاتاي" في 2/9/1938م وافتتحت الجلسة بالسلام الوطني التركي وأقسم الأعضاء باللغة التركية وفي يناير 1939م طلب وزير الخارجية التركي ضم اللواء إلى تركيا بعد أن اصبح رئيس الأقليم ورئيس وزرائه أعضاء في البرلمان التركي ،وفي 23/6/1939م وقعت فرنسا في أنقرة التسوية النهائية مع تركيا والتي تضمنت جلاء الفرنسيين عن اللواء بعد شهر والتنازل عن اللواء لتركيا مقابل تعهد تركيا بعدم التطلع لضم أجزاء أخرى من سوريا ،وقد قامت اضطرابات في سوريا وبقية عواصم الشرق العربي لهذا الأجراء.

-          مراحل استقلال سوريا:

أثر الحرب العالمية الثانية:

1)      مهدت الطريق للحصول على الاستقلال من فرنسا.

2)      أحدثت تغييرات اقتصادية واجتماعية أدت إلى إعادة تنظيم القوى السياسية في البلاد.

3)      أبرزت عددا من الاتجاهات الهامة التي من شأنها تحديد مسار الدولة السورية بعد الحرب.

وكان الحافز اللاستقلال هو تواجد قوات بريطانية كبيرة في قلب سوريا وأدى تدخل بريطانيا المباشر في الحياة السورية السياسية والاقتصادية في أثناء الحرب إلى زيادة التنافس البريطاني الفرنس وهيأ فرصة جديدة للزعامة الوطنية السورية وفي النهاية رجحان كفة بريطانيا في ميزان القوى مما سعاد الوطنيين على تحقيق هدفهم الرئيسي وهو الاستقلال الوطني في الوقت الذي كانت فيه الكتلة الوطنية تدير دفة الحكم ،وكان خصوع سوريا ولبنان لحكومة "فيشى" الموالية للألما يمثل خطرا ً شديدا ً على مركز بريطانيا ومصالحها في منطقة الشرق الأوسط وعليه تقرر أن تبدأ العملةية الأنجلوفرنسية لغزو سوريا ولبنان في 8/6/1941م ودعا الجنرال "كاترو"[23] الجنود الفرنسيين للنضمام إليه حيث أنه يدخل سوريا باسم فرنسا ومن أجل فرنسا وألقت طائرات الحلفاء على سوريا ولبنان منشورات تتضمن بيان للجنرال كاترو وفيها وعد بإنهاء الانتداب وضمان الحرية والسيادة لأهالي سوريا ولبنان وحقهم بإقامة دولة منفصلة وأو دولة متحدة كما أشار إلى عقد معاهدة تكفل الاستقلال والسيادة وفي الوقت نفسه أداع سفير بريطانيا في القاهرة بينانا ً أعلن فيه أن حكومته فوضته أن يعلن تأييد ضمان الاستقلال الذي أصدره الجنرال كاترو ورغم محاولة فرنسا التخلص من هذا الضمان إلا أن بريطانيا تمسكت به فاضطرت فرنسا الحرة لقبوله ، وأيدت أمريكا أماني سوريا ولبنان في التمتع بحقوق السيادة مما زاد من تعقيد الموقف بالنسبة للفرنسيين فاعترف الجنرال كاترو باستقلال سوريا رغم أن حكومة فرسنا الحرة ظلت تحكم سوريا مثل حكومة فيشي قبل الحرب ،وأعيدت الحياة الدستورية بعد ضغط بريطاني ومصري على فرنسا  وأجريت الانتخابات وفي 17/8/1943م اجتمع المجلس النيابي وانتخب بإجماع "شكري القوتلي" رئيسا للجمهورية و"فارس الخوري" رئيسا ً للمجلس النيابي وألف "سعد الله الجابري" الوزراة وخلفه في رئاسة الوزراة فارس الخوري ثم سعد الله الجابري مرة أخرى ثم "جميل مردم" حتى آخر عام 1946م عام الجلاء وفي 22/9/1943م تم الاتفاق بعد مفاوضات بين كاترو وممثلي الحكومتين السورية واللبنانية على تسلم هاتين الحكومتين الصلاحيات التي كانت تمارسها السلطات الفرنسية في ذلك الوقت وبذلك استكملت سوريا أسباب استقلالها وأصبحت سيادتها على أراضيها حقيقة واقعة.

وفي 8/1944م اعترفت حكومة أمريكا باستقلال سوريا ولبنان أعترافا ً غير مشروط مع التمثيل الدبلوماسي[24] وكان أن أعترف الأتحاد السوفييتي بأستقلال سوريا حتى قبل أعتراف أمريكا. 

·         الفصل الثالث: لبنان

-          لبنان في ظل الانتداب الفرنسي:

بعد أن تم إسقاط الحكومة العربية في داخلية الشام في 7/1920م أصدر الجينرال "جورو" مرسوما بضم بيروت والبقاع ومدن طرابلس وصيدا وصور وملحقاتها إلى متصرفية جبل لبنان وجعلها جميعا وحدة سياسية منفصلة "لبنان الكبير" وبذلك غدا المسلمين أكثرية بضم هذه المناطق مجتمعة وتغير الحال عن ما كان عليه عندما كان لبنان محدودا ً بالجبل ،وأصدرت فرنسا وثيقة واحدة لتنظيم الانتداب على سوريا ولبنان معا ً وعينت مندوبا ساميا واحدا للقطرين مقره بيروت ،وكانت طريقة تدعيم السلطة الفرنسية للأنتداب هو تأكيد التجزئة إلى كثير من الوحدات وضرب الوحدة الوطنية عن طريق تعميق الطائفية فقد اعتبرت الطائفة الدينية وحدة اجتماعية ذات شخصية قانونية مستلقة وكأنها شعب مستقل ،وقد نجحت هذه السياسة في لبنان أكثر من سوريا ومن هذا المنطلق منحت السلطات الفرنسية لكل طائفة حرية التصرف في مجالات التعليم وإدارة القضاء وعملت فرنسا على تفريق النظم بين القطرين رغبة في الفصل بينهما ومن النظم التي اختص بها لبنان تعيين حاكم إداري فرنسي يتمتع بسلطات تعيين الموظفين في الإدارة المحلية وزاد عدد الموظفين الفرنسيين في لبنان حتى وصلوا 15 ألف شخص بينما اللبنانيون حملة الشهادات يعانون من البطالة ،وكان الموظفين الفرنسيين أكثرهم موفد للبنان من المغرب فكانت لهم عقلية مستعمر ولم يفرقوا بين المستعمرة وقطر تحت الانتداب مما زاد الوضع سوءا لدرجة أن "الموارنة" أصدقاء فرنسا بدأت أصواتهم تعلو أحتجاجا على سوء الوضع ،وأبقى الانتداب على مجلس إدارة لبنان المعروف منذ عهد المتصرفية لكنه ألغى أنتخاب أعضاءه وعينوا مجلسا مؤقتا من 17 عضوا ثم أعادوا الانتخاب إليه سنة 1922م واستمر توزيع المقاعد طبقا ً للطوائف الدينية فخصصوا للمسيحيين 70% دون إحصاء دقيق للسكان وكان يجوز للمندوب السامي تعطيل قرارات الملجس وحله ،وبجانب هذه الإدارة المركزية قسمت البلاد إلى 4 أقاليم لكل منها مجلس محلي وإنشأ محاكم تمثل الطوائف الأربع عشرة بما فيها الطوائف الصغيرة بدعوى التسامح الديني وهكذا تعددت المحاكم في لبنان واختلفت القوانيين مما أدى إلى فوضى قضائية ،واقتصاديا تعرضت الرأسمالية اللبنانية لمنافسة شديدة وقوية من رؤوس الأموال الأجنبية وهذا ما دعا إلى أزدياد عدد المهاجرين إلى العالم الجديد وغرب أفريقيا ،واحتكر الفرنسيون المشروعات الحيوية مثل الكهرباء وميناء بيروت وإدارة التبغ ،كما أعطى المندوب السامي لنفسه الحق في الإشراف على الجمارك وتحصيل رسومها.

-          موقف اللبنانيين من الانتداب الفرنسي:

لم تكن فكرة الوطنية اللبنانية قد استقرت خلال عهد الانتداب واختلف مفهومها باختلاف الطوائف:

1)      كانت الوطنية عند المسلميين السنة تتمثل في الاتحاد مع سوريا .

2)      كانت القضية الأساسية التي شغلت الروم الأرثوذكس هي قضية استمرار تبعيتهم لبطريركية دمشق أو الانفصال عنها.

3)      لم يكن هناك إجماع بين الموارنة على تأييد السياسة الفرنسية وقد ظهرت أصوات بين الموارنة نبهت إلى مشكلة استمرار لبنان الكبير بحدوده الموسعة لأنه سيصبح فيه المسلمون أغلبية واضحة.

4)      الشيعة كان موقفهم غامضا ً بعضهم أيد الدولة العربية في دمشق وبعضهم يرى بقاؤهم ضمن دولة صغيرة متعددة الطوائف.

أما موقف الأحزاب فإنها لم تلعب الدور المتوقع في معارضة الانتداب ،إلا من خلال الطوائف مع بعض استثناءات فالأحزاب صبعة الطوائف بصبغة سياسية ومن الأحزاب المستثناة من ذلك وهي قليلة:

أ‌)        حزب الاستقلال الجمهوري الذي تأسس 1931م ورغم معارضة الرئيس "شارل دباس" فقد حصل على حكم من محكمة التمييز بحقه في ممارسة نشاطه.

ب‌)     الحزب الشيوعي وكان أقلها شأنا فقد مارس نشاطه في إطار الأقليات العنصرية كالأرمن واليهود.

ت‌)     الحزب القومي السوري وهو أهم الأحزاب غير الطائفية وكان يعمل على مستوى سوريا ولبنان.

-          كيفية حصول لبنان على الاستقلال:

بعد احتلال الألمان في الحرب العالمية الثانية فرنسا وتشكيلهم حكومة موالية لهم هي حكومة "فيشي" كانت هذه الحكومة سلطاتها السياسية والاقتصادية في لبنان وسوريا ضعيفة لإحاطة هذين القطريبن بنفوذ بريطاني بسبب وجود خبراء عسكريين ألمان وأسلحة ألمانية في سوريا ولبنان ممكن أن تشكل خطرا ً على بريطانيا أدركت بريطانيا أهمية هذين البلدين فقررت غزوهما في 6/1941م مستعينة بقوات من فرنسا الحرة ،خصصها "ديجول" للشرق الأوسط لتسهيل مهمة الحملة  وقبل الغزو اتفقت بريطانيا وفرنسا على إصدار بيانا فرنسيا في 8/6/1941م يتضمن وعد الأهالي بمنحهم حق تقرير المصير واختيار شكل الحكم الذي يخضعون له كدولة متحدة أو أكثر من دولة لكسب تأييد الأهالي في سوريا ولبنان،ثم أصدرت فرنسا تصرحيا منفردا ً بشأن لبنان فقط في 23/11/1941م أعلنت فيه قيام دولة لبنان وأن فرنسا تتعهد بالمحافظة على سلامة لبنان واستقلاله ووحدة أراضية في إطار مشروع معاهدة 1936م ورغم هذا التصريح تمسكت فرنسا بحقها القديم في تعيين رئيس الدولة متذرعة بظروف الحرب كما ماطلت فرنسا الحرة في تسليم السلطة في لبنان إلى الوطنيين ،هذا وقد حل "هيلو" محل "كاترو" كمفوض عام فرنسي في سوريا ولبنان وكان هيلو من اليمين المتطرف فقد أراد أن يخمد الاتجاه الوطني "الخوري والصلح" واعترض على حق البرلمان اللبناني في تعديل الدستور وأعتقل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومعظم أعضاء الحكومة وعرض على "إميل أدة" رئاسة الجمهورية.

فأحدث هذا التصرف ضجة دولية كبرى أعترضت عليه أمريكا ووجهت بريطانيا إنذارا لفرنسا مضمونه إن لم يفرج عن الزعماء اللبنانيين فإنها ستستخدم القوة ،وفي محاولة لحصر الأزمة أرسلت فرنسا الجنرال كاترو كمبعوث لإصلاح ما أفسده هيلو ،وإزاء طول الجدل بين كاترو والوزير البريطاني المقيم في الشرق ،وجه قائد القوات البريطانية في سوريا ولبنان إنذار " بأنه إذا لم يفرج عن الزعماء اللبنانيين فسوف تعلين بريطانيا الأحكام العرفية" ،فوافق "ديجول" على الإفراج عن الزعماء ،وأعيد تشكيل الحكومة اللبنانية بالوضع الذي كان عليه قبل الأزمة واستأنف مجلس النواب اللبناني اجتماعاته ولم تجد فرنسا مناصا من تسليم السلطة للحكومتين السورية واللبنانية.

 

·         الفصل الرابع: الأردن:

-          نشأة الإمارة:

كان شرقي الأردن جزءا ً لا يتجزأ من بلاد الشأم وكانت مثله خاضعة للحكم العثماني طيلت 4 قرون وكان موقعه له أهمية خاصة ،لوقوعه على طريق الحج الشامي مما دعا الدولة العثمانية إلى بناء الحصون والقلاع لتأمين الحجاج وازدادت الأهمية بعد مد خط سكة حديد الحجاز من دمشق إلى المدينة وكان هذا الخط يعبر شرق الأردن ،وقد ساهم أهل الأردن وخصوصا "الحويطات" وشيخهم "عودة أبو تايه" في الثورة الكبرى وساندوا الأشراف ،ولما أقام "فيصل" في دمشق مملكته كانت الأردن من ضمنها "عمان والكرك" أما "العقبة ومعان" فكانتا تحت سيطرة الحجاز ،وبعد قضاء الفرنسيين على مملكة فيصل في دمشق ،غضب الشريف "حسين" ملك الحجاز وابنه الأمير "عبد الله" وزير الخارجية لهذا الأمر فارسل حسين أبنه عبد الله بحملة إلى الشام وجمع عبد الله قواته في معان وأخذ يتصل بزعماء الشام ووجه نداء إلى السوريين يدعوهم إلى الثورة ضد الفرنسيين ،فتوتر فرنسا لهذا الأمر ،وطلبت من بريطانيا التدخل لوقف هذا النشاط ،وكانت بريطانيا تواجه ثوار العراق وتتحمل مبالغ باهاضة للإنفاق على إدارتها بالشرق العربي فرأت بريطانيا أنها من الممكن أن تحقق أكثر من هدف بأن تجعل سيطرتها على المنطقة العربية غير مباشرة وتتستر وراء حاكم عربي يخصع لسيطرتها وبذلك تقل الأعباء المالية ،ولذلك عقد مؤتمر الشرق الأوسط "القاهرة والقدس" في 3/1921م برئاسة "تشرشل" وقد حض الأمير عبد الله بن الحسين بعض جلسات هذا المؤتمر حينما طرحت مسألة شرق الأردن على بساط البحث ،وقد توصل المؤتمر إلى قرارات بإقامة حكومة وطنية بالعراق واختيار فيصل ملكا ً لها وفي الوقت نفسه تم الاتفاق مع الأمير عبد الله على حكم شرق الأردن وتقرر استثناء شرق الأردن من تصريح "بلفور" وخطة الوطن القومي لليهود ،وعلى هذا الأساس اتفق تشرشل مع الأمير عبد الله على إقامة حكومة وطنية في شرق الأردن برئاسة الأمير وتكون هذه الحكومة مستقلة استقلالا ً إداريا وتساعدها بريطانيا ماديا وتسترشد برأي مندوب بريطاني يقيم في "عمان" مع إنشاء قاعدتين جويتين لبريطانيا وعدم التعدي على حدود سوريا ورضى عبد الله بهذا الاتفاق ،وفي معاهدة "جدة" 1927 بين بريطانيا و"عبد العزيز بن سعود" وافق ابن سعود على ترك معان والعقبة "جنوب الأردن" لحكومة شرق الأردن على أساس الوضع القائم واعلنت بريطانيا أنها ستتولى تطبيق الانتداب على الأردن.

-          المعاهدة الأردنية – البريطانية 1928م:

بعد إعلان المندوب السامي البريطاني على فلسطين إستعداد بريطانيا للاعتراف باستقلال شرق الأردن ،مضى 5 سنوات قبل أن تنفذ هذا الوعد ،واستجابة لمساعي الأمير "عبد الله" وضغوط لجنة الانتدابات التابعة لعصبة الأمم وفي 20/2/1928م تم في القدس التوقيع على المعاهدة التي حرصت بريطانيا على جعلها مطابقة في روحها لصك الأنتداب فكانت بنودها:

1)      وضع قانون أساسي للبلاد "دستور".

2)      تنازل حكومة الانتداب للأمير عبد الله على السلطتين التشريعية والتنفيذية.

3)      للحكومة البريطانية حق الاحتفاظ بقوات مسلحة في شرق الأردن.

4)      تقدم بريطانيا معونة مالية سنويا ً.

5)      تتولى بريطانيا الإشراف على امتيازات واستثمار الموارد الطبيعية وإنشاء سكك حديدية.

وفي عام 1934م أدخل تعديل على المعاهدة بحيث صار من حق الأمير تعيين الممثلين القنصليين في الخارج ،وطوال معظم فترات ما بين الحرب العالميتين كانت حكومة عبد الله يرأسها "توفيق أبو الهدى باشا".

-          الأردن بعد الحرب العالمية الثانية : تحول الإمارة إلى مملكة تحمل اسم المملكة الأردنية الهاشمية 1946م:

في 22/3/1946م وقعت بريطانيا والأردن في "لندن" معاهد تحالف فيها اعترفت بريطانيا بشرق الأردن كدولة مستقلة والموافقة على تبادل التمثيل الدبلوماسي والتعهد بحماية الأردن من العدوان الخارجي والتعهد بتقديم عون مالي للفيلق العربي مقابل حصول بريطانيا على حق إبقاء قوات على أرض الأردن واستخدام تسهيلات في النقل والمواصلات عبر أراضيه ،وفي 25/5/1946م أصبحت الإمارة تحمل اسم المملكة الأردنية الهاشمية وتوج في حفل ضخم الأمير عبد الله ملكا ً.

-          معاهدة 1948م بين الأردن وبريطانيا: ومع هذا كانت العناصر الأردنية ذات الوعي السياسي وكذلك بعض الدول العربية  -مثل سوريا ولبنان - وبعض أعضاء الأمم المتحدة – مثل أمريكا - غير راضية عن بنود عن المعاهدة السابقة ورفض طلب الأردن في الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة بسبب "الفيتو" السوفييتي ،فرأت بريطانيا إعادة النظر في هذه المعاهدة ووقعت معاهدة جديدة مع الأردن في 15/3/1948م وهذه المعاهدة خفضت من صلاحيات بريطانيا العسكرية في الأردن كما أنشأ مكتب دفاع بريطاني أردني مشترك لمعالجة مشكلات الأمن الخارجي للأردن.

 

-          أهم سمات حكم الملك حسين بن طلال: توج ملكا ً بعد بلوغه سن الرشد 2/5/1952م وهذه أهم سمات حكمه:

1)      الأوضاع الداخلية: زيادة عدد السكان 3 أضعاف نتيجة لزيادة الطبيعية وضم الضفة الغربية للأردن واللاجئين الذين نزحوا من فلسطين ،ومن التطورات الاقتصادية فإنه بعد قيام إسرائيل عام 1948م أصبح الأردن دولة مغلقة ميناؤها الوحيد على البحر الأحمر وهو "العقبة" فقط ،كما لم يكن هناك طريق أو خط حديدي يربطه بالداخل ،ومن الناحية السياسة كان لإضافة الفلسطينيين إلى الشعب الأردني أثران على المملكة أولهما أن اللاجئين المعدمين كانوا يمثلوا عنصرا ساخطا يائسا ،تحقد عليه الحكومة الأردنية ،وثانيهما أن المقيميين في الضفة الغربية كانوا أفضل تعليما ووعيا ً من الأردنيين الأصليين ولذلك كان هؤلاء الفلسطينيين غير راضين عن تمتع الأردنيين بالسيادة في المملكة وهذا ساعد على نمو المعارضة للحكومة وبمرور الوقت ازداد مركز المعارضة قوة فكانت لها الأغلبية في مجلس النواب ،ودخلت أمريكا بتقديم المعونات للأردن مع بريطانيا وجاء الضغط الإسرائيلي عندما قامت إسرائيل بأعمال قتل على الحدود مما أثار المشاعر وكان الضغط الثالث صادر من النشاط السياسي المكثف لمحور القاهرة / الرياض واشتد عام 1955م لدرجة أن البلاد كان على شفا الثورة ،ولم تنظم الحكومة الأردنية لـ "حلف بغداد" وأيدت السعودية ومصر بمعارضته رغم الضغوط البريطانية لدخول الأردن بالحلف ،وكان عدم دخول الأردن بالحلف بسبب الضغط الشعبي على الحكومة.

 

2)      العلاقات مع بريطانيا – عزل غلوب باشا من قيادة الجيش:

فجأة في 3/1956م قام الملك حسين بعزل قائد الجيش العربي الجنرال "جلوب" ومعه ضابطان كبيران وأمر بطرده من البلاد وأحل محله ضابطا ً أردنيا الأمر الذي أكسبه شعبية كبيرة وأصبح يطلق عليه – أي الملك حسين- "بطل المقاومة العربية" ومع هذا لم يرفض الملك التحالف مع بريطانيا ورغبا في استمرار المعاهدة وخدمات عدد من الضباط البريطانيين في الجيش ،فقد كان الأردن لا يستطيع الحياة بدون معونة خارجية ،وقامت بريطانيا بتقديم هذه المعونة على مدى ثلث قرن.

3)      حصول الأردن على استقلاله وإلغاء المعاهدة الأردنية – البريطانية 1958م:

عندما شكلت أول حكومة حزبية بمقتضى انتخابات تمت عام 1956م صارت الأغلبية من مرشحي الضفة الغربية ووصل "سليمان النابلسي"[25] إلى رئاسة الوزراة وبمجرد توليه المنصب قام بإلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية وكفل هذا العمل التأكيد الكامل لسيادة الأردن كدولة مستقلة استقلالا ً تاما ًوكانت هذا الخطوة مكملة للخطوات السابقة من إعفاء "جلوب باشا" وتعريب الجيش.

 

·         الفصل الخامس : فلسطين وتطورات القضية الفلسطينية:

-          سياسة الانتداب البريطاني في فلسطين –والسياسة البريطانية التي ساهمت في قيام الوطن القومي لليهود في فلسطين:

استمر الحكم البريطاني على فلسطين 30 عاما من 1918 – 1948م لتترك البلاد لقمة سائغة في أيدي الصهيونية فخلال هذه الفترة تضاعف عدد اليهود من 50 ألف إلى 650 ألف في حين نقص العرب من 650 ألف إلى 180 ألف وسيطر اليهود في ظل الانتداب البريطاني على أكثر من ثلثي مساحة البلاد وأن يستولوا على أملاك شعب فلسطين وأن يمحو اسمها ويقيموا فيها دولة باسم إسرائيل ،وبعد أن استبدلت الحكومة البريطانية بالإدارة العسكرية في فلسطين إدارة مدنية ،عينت الصهيوني المتعصب "هربرت صمويل" مندوبا ً ساميا الذي شرع في عملية تهويد فلسطين في مختلف المجالات الإدارية والاقتصادية والثقافية والتهجير مستخفا بأبسط المبادئ الدولية ،فقد عين رؤساء الإدارات الحكومية من اليهود وصارت العبرية لغة رسمية إلى جانب العربية والإنجليزية ومنح اليهود استقلالا في إدراة مدارسهم وشئون التعليم واهتم صمويل بنقل ملكية أراضي الدولة إلى اليهود أو منظامتهم بينما أصدر تشريعات بالحجز على أراضي الفلاحين العرب ومواشيهم تسديدا لقروض المصارف الزراعية ووضعت بريطانيا موارد الثروة الرئيسية في البلاد واستغلالها في أيدي اليهود ومنحتهم التسهيلات والامتيازت مثال منح شركة "روتنبرج" اليهود امتياز استغلال نهر الأردن وروافد وبخاصة اليروموك في توليد الطاقة الكهربائية ثم توزيعها في أنحاء فلسطين والأردن ،ومن ناحية الهجرة يكفي أن نقول أن صمويل منح 25 ألف يهودي دخلوا فلسيطن مع الجيش البريطاني الجنسية الفلسطينية وأقطعهم أخصب الأراضي ولم يكن هناك من شرط لدخول اليهود إلى فلسطين حتى بلغ عدد الداخلين منهم حتى عام 1938م مائة وثلاثة آلاف مهاجر.

-          موقف الشعب الفلسطيني من السياسة البريطانية وفتح فلسطين للمهاجرين اليهود ثورات 1929 -1936م:

1)      ثورة 1929م: ثار العرب في فلسيطن ضد بريطانيا والصهيونية بسبب مظاهرة قام به اليهود القادمون من تل أبيب إلى القدس التي ساروا في أحد شوراعها حتى وصلوا إلى قرب حائط المبكى "البراق" وهو حائط يحد الحرم الشريف من الغرب ويعتقد المسلمون أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عرج منه إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج ، وعندما وصلت المسيرة اليهودية إلى قرب حائط المبكى رفعوا العلم الصهيوني وأخذوا ينشدون نشيدهم القومي وسبوا المسلمين مما أثار العرب الذين قدموا في مظاهرة كبرى في اليوم التالي وكان يصادف يوم جمعة ويصادف ذكرى المولد النبوي الشريف ،وبعد أسبوع انفجرت الاضطرابات في 23/8 واتسع نطاق هجمات الثوار في معظم أنحاء فلسطين وتكبدت بريطانيا والصهيونية خسائر فادحة ،فقامت بريطانيا وهي تعرف أسباب الاضطرابات بتشكيل "لجنة شو"[26]  للتحقيق في أسباب الاضطرابات وتقديم توصيات وقدمت اللجنة للحكومة تقريرا ً أكدت فيه الظلم الواقع على العرب ونصحت اللجنة الحكومة بإصدار بيان يزيل مخاوف العرب من الهجرة اليهودية وانتقال الأراضي وشكلت الحكومة البريطانية لجانا ً فنية لدراسة مشكلات الهجرة وانتقال الأراضي وأوصت هذه اللجان بتحسين حالة العرب وحماية حقوقهم ومنحهم الحكم الذاتي.

2)      الثورة الكبرى عام 1936م: نشبت الثورة الكبرى ضد الاستعمار البريطاني والصهيونية وشملت كل أنحاء فلسطين بعد تبين للعرب أن بريطانيا تخدعهم[27] وشارك في الثورة كثير من أبناء البلاد العربية وقد منح المندوب السامي البريطاني صلاحيات واسعة لقمع الثورة بالإرهاب والوقيعة بين فئات الشعب العربي ولما رأت بريطانيا عنف الثورة أعلنت في أغسطس 1936م تأليف اللجنة الملكية البريطانية برئاسة اللورد "بيل" والتي مهمتها اللجان السابقة فيه أرجعت ثورة العرب إلى خضوع الرأي العام البريطاني لليهود ورغبة العرب في الاستقلال وعدم ثقتهم في بريطانيا واوصت اللجنة بتقسيم فلسطين واستبدال نظام المعاهدات بنظام الانتداب على نحو ما حدث في العراق وسوريا ومصر ،وقد رفض العرب الدوائر العربية سواء في فلسطين أو العالم العربي حل التقسيم لأنه يتضمن إنشاء دولة يهودية ،كما رفضه اليهود على أساس أنه يخالف تصريح "بلفور" وعقب إعلان فكرة التقسيم اتسع نظاق الثورة في فلسطين وألفت بريطانيا لجنة فنية برئاسة "وودهيد" لوضع أسس التقسيم ونتيجة الاضطرابات تأجل سفر اللجنة إلى 4/1938م وعندما وصلت إلى فلسطين استقبلها العرب استقبالا سئيا ولم يتقدم أحد من العرب لمقابلتها ووضعت اللجنة تقريرها الذي يتضمن حقيقتين: الأولى أن العرب يعارضون كل مشروع يهدف إلى إقامة دولة يهودية والثانية استحالة تقسيم فلسطين إلى دولتين تتوفر فيها متطلبات الدفاع ،بعدها أعلنت بريطانيا أن الأساس السليم لإقرار السلام في فلسطين هو التفاهم بين العرب واليهود وهذا دعا إلى مؤتمر "لندن 1939م".

-          مؤتمر لندن ،7/2/1939م وموقف العرب والفلسطينيين منه:

وقد كانت الأسباب الدعوة لهذا المؤتمر التي دعت إليه بريطانيا الفلسطينيين والبلاد العربية واليهود:

1)      اشتداد المقاومة الفلسطينية لبريطانيا واليهود وخشيت بريطانيا من أن تعم الثورة جميع البلاد العربية والإسلامية.

2)      غضب الرأي العام البريطاني بسبب الخسائر الفادحة التي نزلت بالقوات البريطانية بسبب الثوار الفلسطينيين.

3)      الموقف السياسي في أوروبا الذي ينذر بنشوب حرب عالمية واسعة النطاق حين بدأت ألمانيا بتحدي دول الغرب.

4)      نتج عن الثورة الفلسطينية آثار خطيرة على اليهود أقتصاديا جراء مقاطعة العرب لهم.

وقد رحب الفلسطينيون بلسان اللجنة العربية العليا للثورة بهذا المؤتمر لكن بشروط قبل المشاركة ومنها:

أ‌)        أن يكون المؤتمر عربيا ً إنجليزيا بحيث لا يدعى اليهود.

ب‌)     أن تفرج بريطانيا عن الزعماء المعتقلين والمنفيين في جزيرة "سيشل".

ت‌)     أن يكون للفلسطينيين وحده الحق في اختيار الوفد الذي يمثلهم.

وقد تلككت بريطانيا في قبول الشروط ووافقت عليها فيما بعد وبالنسبة للشرط الأول قالت بريطانيا أنها ستعقد اجتماعات ثنائية منفصلة مع ممثلي الوكالة اليهودية ،وكانت بريطانيا قد وجهت الدعوة للاشتراك في مؤتمر لندن إلى الدول العربية المستقلة وهي "مصر – السعودية – الأردن – اليمن – العراق" فوافقت الدول بعد قبول شروط اللجنة العليا برئاسة الحاج "أمين الحسيني" التي عقد مؤتمرا في بيروت في يناير 1939م تقرر فيه تشكيل وفد فلسطيني برئاسة المفتي و 12 عضوا وقد أناب في رئاسة الوفد الفلسطيني "جمال الحسيني" خوفا على المفتي من غدر بريطانيا واليهود ،وأفتتح المؤتمر المستر "تشمبرلين" رئيس الحكومة البريطانية في 7/2/1939م ،وخصصت لجنة جلسة الصباح لاجتماع الوفد البريطاني بالعربي وجلسة المساء لاجتماع الوفد البريطاني باليهود ،وبعد تقديم المقرتحات البريطانية وتعديلها وإبداء العرب رأيهم فيها وتقديم المقترحات اليهودية ،وعلى الرغم من أن فود الدول العربية أبدت رغبتها لوفد فلسطين من أجل قبول المقترحات البريطانية إلا أن الوفد الفلسطيني لم يوافق فاضطرت الوفود العربية إلى تأييد القرار الفلسطيني برفض المقترحات كما أرسل "وايزمان" رئيس الوفد اليهودي رسالة إلى وزير المستعرات البريطاني أعلن فيها عدم قبول المقترحات البريطانية وهكذا اختتم المؤتمر اجتماعاته في 17/3/1939م بعد أن أصيب بالفشل ،وقد رأى الأعضاء العرب أن القرار الفلسطيني غير سليم لأنه يتيح لليهود فرصة لوضع العراقيل في طريق قيام الحكومة الوطنية وأن المؤتمر فشل عند نقطة تحديد زمني للفترة الأنتقالية حتى قبل بحث غيرها من مسائل الهجرة وبيع الأراضي.

 

-          الكتاب الأبيض البريطاني الثاني ،1939م وموقف العرب والصهاينة منه:

من الأسباب التي دعت بريطانيا لإصدار هذا الكتاب:

1)      الأوضاع السياسية المتدهورة في أوروبا ،بعد غزو ألمانيا ما تبقى من دولة "تشيكوسلوفاكيا" ،وحرج الموقف البريطاني بعد إصدار بريطانيا ضمانات باستقلال كل من "بولنده و رومانيا وتركيا".

2)      فشل مؤتمر "لندن" في حل القضية الفلسطينية حلا ً ترضاه الأطراف المختلفة.

3)      خوف بريطانيا على مصالحها الحيوية في المنطقة العربية.

وقد تناول الكتاب الأبيض 3 مشكلات هامة:

أ‌)        المشكلة الدستورية.

ب‌)     الهجرة.

ت‌)     الأراضي.

الموقف العربي : وكان موقف العرب الرفض لأنه كان يتضمن ما جاء في مؤتمر لندن ،وقد تظاهر العرب في كل من سوريا والعراق والأردن ومصر أحتجاجا عليه أما حزب الدفاع في فلسطين فقد أعلن تأييده للسياسة البريطانية[28] وكان الأمير "عبد الله" أمير شرق الأردن يؤيد السياسة البريطانية الواردة في الكتاب.

الموقف الصهيوني: رفضوه زعماء الصهيونية بشدة وأعلنوا أنهم لن يعترفوا بأية قيود على الهجرة أو انتقال الأراضي وقد نظم اليهود مظاهرات هتفوا فيها ضد بريطانيا وبعد قمعهم من الشرطة البريطانية أخذوا يطلقون النار على العرب من نوافذ بيوتهم ،ورغم تأييد "تشرشل" لليهود إلا أن مجلس العموم البريطاني ومجلس اللوردات وافقا على الكتاب الأبيض.

 

-          سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية: كانت سياسة الرئيس الأمريكي "روزفلت" متناقضة إتجاه قضية العرب واليهود فهو من جهه يؤيد قرارات مؤتمر "بلتمور" الذي رفض الكتاب الأبيض البريطاني ودعا إلى إقامة وطن قومي لليهود ،ومن جهة يرى أن المشكلة اليهودي هي مشكلة مشردين يجب أن تتعاون كل الدول لإستقبال عدد منهم ورده كذلك على الملك "عبد العزيز" مؤكدا أن لن يتخذ قرارا يتصل باالوضع في فلسطين دون استشارة كل من العرب واليهود وأنه لن يقدم على أي عمل عدائي للشعب العربي ،إلا أن سياسة الرئيس الأمريكي إزاء الصهيونية لم تلبث أن اتضح ولاؤها بعد ما توفي في 12/4/1945م حيث تولى خلفه نائبه "هاري ترومان" الذي يعتبر القابلة القانونية أو غير القانونية التي ساعدت على ميلاد إسرائيل ،فقد طالب رئيس الوزارة البريطانية بالسماح لـ 100 ألف يهودي بالهجرة لفلسطين ،وبعد رفض الأخير اتفق على تشكيل لجنة "أنجلوأمريكية" للنظر في المسألة ومهمتها:

1)      بحث فلسطين من كل النواحي من حيث علاقتها بهجرة اليهود ومستوى معيشة السكان.

2)      الاستماع إلى جهات نظر شهود عدول واستشارة ممثلي العرب واليهود حول مشكلات فلسطين.

وبدأت اللجنة عملها في يناير 1946م في "واشنطن" وقد جاء تقرير اللجنة:

1)      عدم سيطرة اليهود على العرب ولا العرب على اليهود.

2)      ألا تصبح فلسطين دولة يهودية ولا دولة عربية.

3)      أن تتوفر في فلسطين في ظل الحكومة التي سوف تقام ،حماية كاملة للديانات الثلاث.

ورفضت اللجنة تقسيم فلسطين واقترحت أن تبقى تحت الانتداب إلى حين التسوية النهائية ،وكان  بهذا رأي اللجنة غامضا وغير محدد واقترحت اللجنة كذلك منح الحق لـ 100 ألف يهودي بالهجرة إلى فلسطين والحق بشراء وامتلاك الأراضي في فلسطين ،وعبر ترومان عن تأييده للتوصية الخاصة بالهجرة ،وقد رفض العرب واليهود توصيات اللجنة ،وبعد الضعوط الصيهونية أعلن وترمان تأييد أمريكا لخطة تقسيم فلسطين بين العرب واليهود على أساس مشروع اقترحته الوكالة اليهودية ،كما أن المساعدة الأمريكية لليهود وصلت إلى الدعم العملي بتسهيل الهجرة اليهودية غير المشروعة إلى فلسطين ،وقيل أن 2000 يهودي تهربهم أمريكا أسبوعيا ينقلون من منطقة الاحتلال الأمريكية في أوروبا إلى سواحل البحر المتوسط ومنها إلى فلسطين.

-          سياسية بريطانيا تجاه القضية وعزمها على إنهاء الانتداب وإحالة القضية الفلسطينية على هيئة الأمم المتحدة:

بعد تزايد الهجمات الصهيونية على النفوذ البريطاني في فلسطين وبعد رفض تحمل أمريكا[29] قدرا من المسؤولية في فلسطين حسب إقتراح بريطانيا ذلك أبدت بريطانيا تحفظها[30] على الهجرة اليهودية وطاردت المنظمات الصهيونية المسلحة ،وكون الأعباء العسكرية في فلسطين لا يتحملها إلا بريطانيا قررت أخيرا ً في 1947م عرض المشكلة الفلسطينية على الجمعية العامة للأمم المتحدة ،مع التأكيد على أن الحكومة البريطانية غير ملزمة بتنفيذ أي حل تقرره الأمم المتحدة ،إذا لم توافق عليه بريطانيا ،وفي 2/4/1947م طلبت بريطانيا من الأمين العام للأمم المتدة إدراج قضية فلسطين ضمن جدول أعمال الجمعية العامة في دورتها السنوية العادية مع جلسة طارئة لتشكيل لجنة خاصة لإعداد تقرير عن فلسطين لطرحه في دورة الجمعية العامة ،وكان من أهم أسباب نفض بريطانيا يدها من فلسطين:

1)      تفنيذها ما عودت في تصريح "بلفور".

2)      خوفها على مصالحها الاقتصادية والسياسية مع العرب ،يجعلها تقف عند هذا الحد مع الصهيونية.

3)      عجزها عن الوصول إلى حل للمشكلة يرضي عنه العرب واليهود.

4)      سياستها اصبحت لا تتفق مع حليفتها أمريكا ولا عدوها الأتحاد السوفييتي.

-          قضية فلسطين في الأمم المتحدة وقرار التقسيم 1947م وموقف العرب منه:

عقدت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة دورة استثنائية – بناء على طلب بريطانيا – في الفترة بين 28/4/-15/5/1947 حين قررت تأليف لجنة خاصة من 11 دولة من الدول الأعضاء لدراسة القضية وتقديم توصيتاتها وبعد مشاورات اللجنة مع عدد كبير من الشخصيات وعقد العديد من الاجتماعات ،انقسمت آراؤها إلى توصيتين:

1)      التقسيم إلى قطاع عربي وآخر يهودي وإدارة دولية في القدس وهذا الاقتراح يؤيده أغلب أعضاء اللجنة[31].

2)      قيام دولة واحدة فيدرالية في فلسطين مع تحديد الهجرة[32].

وقد قبل العرب التوصية الثانية ،بينما قبل اليهود التوصية الأولى ،وفي مساء 26/11/1947م أوشك إجراء تصويت على مشروع التقسيم ولو جرى التصويت عليه في تلك الليلة لفشل في الحصول على أغلبية الثلثين اللازمة ولما علمت ذلك أمريكا بدأت تضغط لتأجيل التصويت ،مما حدا بمندوب "البرازيل" ورئيس اللجنة أن يأجلون التصويت بحجة عدم كفاية الوقت للاستماع لكلمات الأعضاء ،ورغم أن العرب شطبوا اسمائهم من بين المتحدثين ليتم التصويت وتنتفي حجة عدم كفاية الوقت إلا أن رئيس اللجنة أصر على التأجيل ،ثم بدأت سلسلة من الرشاوي والضغوط على الأعضاء من قبل أمريكا وإسرائيل لتغيير موقفهم والتصويت لصالح التقسيم ومن أمثلة وسائل الإغراء التي استعملها الصهيونيون والأمريكيون إرسال معاطف فراء "المنك" إلى زوجات ممثلي دول أمريكا اللاتينية ولكن زوجة مندوب "كوبا" ردت المعطف وزوجها أعاد الشيك المفتوح الذي أرسل إليه[33]  وأخيرا ً قدم مشروع التقسيم للتصويت فأيدته 33 دولة وعارضته 13 وامتنعت 10 دول وغاب عضو واحد وبذلك حصلت خطة التقسيم على نسبة الثلثين اللازمة ،واللافت للنظر اتفاق وجهات النظر الأمريكية والسوفييتية ومعه دول المعسكر الأشتراكي في تأييد التقسيم الأمر الذي أذهل الأنجليز والعرب ،فعقدت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية عدة جلسات في القاهرة حضرها معظم رؤساء الدول العربية  وقرروا الحيلولة دون تنفيذ قرار التقسيم مع تقديم الأسلحة لعرب فلسطين والمجاهدين الذين سبق أن ذهبوا هناك بقيادة "الأميرلاي أحمد عبد العزيز" وفتح باب التطوع لإرسال المتطوعين هناك وقرروا تقسيم القوات المشاركة في الحرب إلى تنظيمين:

1)      جيش الإنقاذ أو التحرير بقيادة "طه الهاشمي وإسماعيل صفوت وفوزي القاوقجي" وهو من الضباط والجنود المتطوعين من الدول العربية.

2)      جيش المجاهدين الفلسطينيين من داخل فلسطين بقيادة "عبد القادر الحسيني" تشرف عليه الهئية العليا.

-          حرب فلسطين 1948م بين الدول العربية وإسرائيل ،سيرها ونتائجها الخطيرة:

في 14/5/1948م أعلن عن قيام دولة إسرائيل وبعد 10 دقائق أعلنت أمريكا أعترافها بالدولة الجديدة ،وقررت جامعة الدول العربية أن تدخل القوات النظامية لإنقاذ فلسطين وتولى القيادة العامة للجيوش العربية الزاحفة الملك "عبد الله بن الحسين" ملك الأردن[34] وطبقا  للخطة اجتاح الجيش المصري في أيام معدودات القسم الجنوبي من فلسطين ووصلت خطوطه الأمامية شمالا  إلى "ببيت لحم" وضواحي "القدس" الجنوبية ،وغربا ً إلى "يافا" وسيطر الجيشان السوري واللبناني وجيش الإنقاذ على "الجليل" حتى بحيرة "طبرية" وسيطر الجيش العراقي على قلب فلسطين حتى أصبح على مقربة من "تل أبيب" وساحل البحر المتوسط ،واحتل الجيش الأردني "غور الأردن" الجنوبي ومنطقة القدس ومنطقة "رام الله" و"الرملة" حيث التقى بالجيش العراقي في الشمال والجيش المصري في الجنوب والغرب وكان بإمكان الجيوش العربية احتلال ما تبقى من أرض فلسطين لولا:

1)      تآمر بريطانيا مع بعض الحكام العرب.

2)      وقوف أمريكا إلى جانب الصهيونية.

وإزاء هذه الانتصارات طلبت أمريكا وقف القتال ولجأت إلى لمجلس الأمن للتدخل وأعلنت بريطانيا أنها سوف ستوقف إمداد الدولة العربية الصديقة بالسلاح وطلبت وقف القتال فقرر مجلس الأمن في 22/5/1948م وقف القتال خلال 24 س وضغطت بريطانيا وأمريكا حتى استجاب حلفاؤهما من العرب الذين ضغطوا بدورهم على المعارضين وقررت الدول العربية في النهاية الاستجابة إلى قرار مجلس الأمن ،واستمر تدفق الأسحلة للصهانية من أمريكا وبريطانيا وفرنسا بينما أنقطع عن العرب واستؤنف القتال في 9/7/1948م ومالت الكف للعرب رغم ما عند اليهود من أسلحة ،وتدخل مجلس الأمن مرة أخرى وأمر في 15/7/1948م بوقف القتال خلال 3 أيام واستجاب العرب بعض الضغط الأمريكي والبريطاني واستغل اليهود الهدنة الثانية وشنوا هجوما ً مباغتا ً على الجيش المصري في "النقب" واحتلوا معظم أراضيه ما عدا قطاع "غزة" كما احتلوا خليج "العقبة" وفي الشمال احتلوا معظم الجليل حتى حدود لبنان ولم يحرك مجلس الأمن ساكنا سوى أنه دعا إلى الهدنة وإنشاء منطاق مجردة من السلاح وسكت على خرق اليهود الهدنة وعن تشريدهم لمئات الألوف من عرب فلسطين.

 




[1]  ألمانيا وإيطاليا.

[2]  المعتد البريطاني في مصر.

[3]  في 24/7/1920م

[4]  العربي والإنجليزي.

[5]  مجري وسويدي وبلجيكي.

[6]  في يونيو 1937م.

[7]  وهم :صلاح الدين الصباغ ،كامل شهاب ،فهمي سعيد ،محمود سلمان.

[8]  استلم في 21/3/1940م.

[9]  استقال في 30/1/1941م.

[10]  كانت مساندة الشيوعيون ضئيلة واقتصرت مساندة البعثيين على توزيع المنشورات وإثارة مظاهرات لمساندة العراق.

[11]  صدر في 23/5/1941م.

[12]  وكانت في مصر حركة مماثلة.

[13]  حتى لا يؤثر على علاقتها بمصر وبسبب معارضة إرسرائيل التي كانت ترى في الحلف خطرا ً يهددها.

[14]  ويسمى النظاق الشمالي.

[15]  كان عبد السلام عارف قائد الفوج الثالث فيه.

[16]  يلقب ب "الزعيم الأوحد" لاستبداده بالسلطة.

[17]  دعمت فرنسا إمبراطوريتها في شمال أفريقيا عام 1912م وصارت نافسا خطيرا ً لبريطانيا في السعي وراء السيطرة الاستراتيجية في البحر المتوسط.

[18]    سليم الأطرش أول حاكم لها.

[19]  المندوب السامي الفرنسي.

[20]  قائد جيوش الثورة الوطنية السورية العام.

[21]  لم أجد نتائج للثورة السورية في الكتاب فنقلتها من الأنتر نت.

[22]  بين فرنسا ومصطفى كمال.

[23]  التابع لحكومة فرنسا الحرة المتحالفة مع بريطانيا.

[24]  كانت تريد فرنسا أعتراف أمريكا باستقلال سوريا مع الاعتراف بمركز متفوق في كل من سوريا ولبنان وهذا ما أيدته بريطانيا لكن أمريكا رفضت.

[25]  وهو فلسطيني الأصل.

[26]  شكلت هذه اللجنو عام 1930م

[27]  كما حدث بإقرارها الكتاب الأبيض الثاني ثم عدولها عنه بعد قبوله من العرب ورفضه من اليهود وكذلك مشروع تأليف مجلس تشريعي وعدولها عنه بعد أن قبله العرب ورفضه اليهود.

[28]  وهذا ليس جديد على سياسة حزب الدفاع الموالي لبريطانيا.

[29]  لأن الفراغ الذي سيؤديه انسحابها سيملأ من الأتحاد السوفييتي عدو بريطانيا وأمريكا.

[30]  رغم ما وعدت به بتنفيذ توصيات اللجنة "الأنجلوأمريكا" التي أوصت بالسماح لليهود الهجرة إلى فلسطين

[31]  كندا – تشيكوسلوفاكيا – جواتميالا – هولندا – بيرو – السويد – أورجواي.

[32]  أيدت هذه الفكرة الهند وإيران ويوغسلافيا.

[33]  هاييتي والأرجنتين غيروا موقفهم وصوتوا للتقسيم وليبريا التي كانت ممتنعة عن التصويت صوتت لصالح قرار التقسيم.

[34]  كان "غلوب باشا" رئيس أركان حرب الجيش الأردني يساعده 48 ضابطا بريطاني هو القائد الفعلي للجيوش العربية وهذا يدل على أي مستوى وصلت المهزلة.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة