U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

الوضع في الجزائر قبل الحرب العالمية الأولى

 

الوضع في الجزائر قبل الحرب العالمية الأولى



الوضع في الجزائر قبل الحرب العالمية الأولى


تمهيد
1-الوضع السياسي
المحافظين
- النخبة (المجددين)
2-الوضع الاقتصادي
-الملكية الزراعية
-الثروة الحيوانية
-إنتاج الحبوب
3-الوضع الاجتماعي والثقافي
التعليم
بوادر النهضة
-ظهور الصحافة الجزائرية 
-التأليف
-ظهور الجمعيات والنوادي الثقافية
الوضع العسكري الأمني
المصادر والمراجع المعتمدة


تمهيد.

      مع مطلع القرن العشرين تكون الجزائر قد عرفت بعض التطورات على مختلف الأصعدة، وإنه لمن الصعوبة الإلمام بهذا الموضوع من جوانبه المختلفة لتشعبه، ولكن سنركز جهدنا على بعض التطورات المعلمية وذلك بالإشارة إلى الأوضاع السائدة في الجزائر قبل الحرب العالمية الأولى؛ والتي سيمكن تناولها على النحو الآتي:

1-الوضع السياسي.

     مع مطلع القرن العشرين تكون الساحة السياسية الجزائرية قد عرفت نوع من التطور، وما يجسد لنا ذلك هو ظهور تيارين سياسيين يمثل الأول جماعة النخبة والثاني المحافظين.

المحافظين: هم من بقي من الجزائريين محافظا على أحواله الشخصية، من لغة ودين وعادات وتقاليد وانتماء للوطن الجزائر، ويمثل هذا التيار شريحة عريضة من المجتمع الجزائري، ومن أهم المطالب التي دعوا إليها:[1]

1.  -حرية الهجرة الجزائرية ولاسيما نحو –الشرق الأدنى-المشرق العربي.

2.  -إلغاء كل القوانين التعسفية.

3.  -استرجاع العمل بنظام القضاء الإسلامي.

4.  -الدعوة على الجامعة الإسلامية.

5.  -معارضة التجنيس والتجنيد الإجباري.

      وإلى جانب المرابطين والأعيان الإقطاعيين فإن كتلة المحافظين قد انظم إليها بعض العلماء آنذاك كالشيخ عبد القادر المجاوي وسعيد بن زكري وعبد الحليم بن سماية وحمدان بن الونيسي ومولود بن الموهوب...الخ.[2] ولقد اعتبر المحافظون في نظر النخبة أنهم بمثابة حواجز في طريق التقدم والاندماج لتعصبهم وإجحافهم، وتمسكهم بالتقاليد. ومن هنا اتهموهم بالكسل وإثارة الفتن الدينية ومعارضة الإسلام الحقيقي والفساد والأنانية؛ ولقد صوروهم بمثابة الثمار المتعفنة التي ستموت ببطء.[3]

      وفي هذه الثناء بدأت بعض الأصوات تنادي بضرورة تجاوز المسلمين المحافظين لتمسكهم الشديد بأفكارهم الجامدة التي يكون قد تجاوزها الزمن، ولقد شكلت هذه النقطة محو جدل بين العديد من المنظرين للحركة الإصلاحية الإسلامية وبين المجددين في العديد من البلدان الإسلامية التي طالتها يد المستعمر الأوربي، وبدأت تطرح العديد من الأسئلة هل الإسلام هو السبب الرئيسي في تخلف المسلمين؟ أم المسلمين هم الذين لم يسايروا العصر؟ ولقد ظهرت بعض الكتابات ككتاب شكيب أرسلان لماذا تقدم المسلمون وتخلف غيرهم؟

- النخبة (المجددين).

     وحسب تعريف أحد أعضائها فهي ثريات الشبان المتخرجين من الجامعات الفرنسية والذين كانوا قادرين بأعمالهم أن يصعدوا فوق الجماهير وان يضعوا أنفسهم في مصاف ناشري الحضارة الحقيقيين.[4] وهذه الجماعة لم تتبنى أفكار الغرب ووسائل عيشه وطريقته في العمل وثقافته وتعلمه بل أرادوا تحويل المجتمع الجزائري إلى مجتمع أوربي، ونظرا لتعلمهم فقد شعروا بأنهم قطعوا من بقية المجتمع الذي كان غريبا عنهم، كما كانوا يشعرون بعقدة الكمال بالنظر على المجتمع الجزائري وبعقدة النقص بالنظر إلى المجتمع الفرنسي.[5]

ومن بين المطالب التي رفعوها نذكر:[6]

1.  -المساواة في الحقوق السياسية مع الفرنسيين.

2.  -إلغاء قانون الأهالي وغيره من القوانين الاستثنائية.

3.  -المطالبة بالتمثيل النيابي للجزائريين.

4.  -المساواة في التعليم والضرائب وفرص العمل.

5.  -المطالبة بالتجنيس الكامل والاندماج في المجتمع الفرنسي.

ومن بين العناصر الفاعلة في هذه الجماعة نذكر:

2-الوضع الاقتصادي:

      لقد ساهمت السياسة الاقتصادية لجمهورية الفرنسية الثالثة في تدهور الوضع الاقتصادي وانهيار في المجتمع الجزائري، ولكن رغم قساوة هذه السياسة فإن الجزائريين ظلوا متمسكين بأرضهم وبهويتهم، بل حاولتا في الكثير من الأحيان مواجهة هذه السياسة حسب قدراتهم المتواضعة آنذاك؛ ومن مظاهر الاقتصادية نذكر:

-الملكية الزراعية:

        فقد كشف التحقيق الذي جرى سنة 1900 عن وجود 7.281.838 هكتارا من الأراضي الخاصة و1.912.900 هكتارا من أراضي العرش، بينما تقرير 1912 خصهم بمساحة 6.460.034 هكتارا من الأملاك الخاصة و 2.766.934 هكتارا من أراضي العرش.

-الثروة الحيوانية:

       انخفضت من مليون رأس عام 1867 إلى 1071000 في عام 1887 ثم انخفضت إلى 846000 في عام 1900.[7] بينما الماشية –الخروف- تقهقر من 7 مليون رأس سنة 1865 إلى 7.7 ملايين في عام 1885 وإلى حوالي 6.3 ملايين في عام 1900.

-إنتاج الحبوب: فالقمح مثلا عام 1860 كان يمثل 80 % من إنتاج الجزائر كلها؛ انخفض إلى 72% سنة 1900، ونقص مردود الإنتاج الفلاحي من 4.1 قنطارا للهكتار الواحد إلى 3.7 قنطارا. وفرض عليهم السماسرة والإقطاعيون الأوربيون الكبار أن يبيعوا إنتاجهم الفلاحي والحيواني قبل الموسم بأثمان بخسة، وتركوهم عرضة الاقتراض بالربا من السماسرة اليهود والتي كانت تتراوح بين 40 و60 و100% بالإضافة على عوامل أخرى كالقحط والجفاف وهجمات الجراد.[8]

     ومع مطلع القرن العشرين أصبح الملاكون ومربوا المواشي من الأهالي لا يمثلون سوى 52% والخماسون 30% والعمال الزراعيون 12% ومستأجروا الأراضي 5%، وبقيت هذه النسب دون تغيير تقريبا إلى ما بعد عام 1930.[9]

      وإلى جانب هذا فلقد أرهق الأهالي بالضرائب ففي الفترة الممتدة من 1885-1890 كانوا يدفعون سنويا مبلغ 4 مليون 8 ألف فرنك منها 19 مليون ضريبة عربية وفي عام 1912 دفعوا 45 مليون فرنك ضرائب، ولقد اتضح في مطلع القرن 20 أن الجزائريين كانوا يدفعون 46% من الضرائب المباشرة، وذلك رغم أنهم لا يملكون سوى 37% من ثروات البلاد.[10]

3-الوضع الاجتماعي والثقافي:

لقد تراجع عدد سكان الجزائر من سنة 1830 إلى سنة 1930 على النحو الآتي:

السنة

عدد السكان

1830

10 مليون نسمة.[11]

1861

2.733.000 نسمة

1891

3.577.000 نسمة

1921

4.923.000 نسمة[12]

1930

9.846.000 نسمة

وتمركز منه حوالي 6.9% عام 1886 بالمدينة و حوالي 7.6% سنة 19.6 وحوالي 10.8% سنة 1931، والباقي تمركزوا بالريف.

التعليم:

     لم يكن يرتاد المدارس الابتدائية من أبناء الأهالي سنة 1890 سوى 1.9% من مجموع الأطفال الذين هم في سن الدراسة، وهذه النسبة لا تمثل سوى 10 ألاف طفل، ولقد وصل عدد التلاميذ الجزائريين سنة 1908 حوالي 33.397 طفلا وذلك يمثل نسبة 4.3% وفي عام 1914 وصل عددهم إلى 47263 طفلا من أصل 850000 تلميذ في سن الدراسة. ولم يكن في المرحلة الثانوية سوى 84 تلميذا مسلما في السنة قبل عام 1900 و150 تلميذا قبل عام 1914 ، وفي عام 1914 تخرج من جامعة الجزائر 34 حامل بكالوريا مسلم و12 مجازا.[13] ولكن بعض الكتاب الفرنسيين كتب في سنة 1911 أنه لا يوجد من بين خمسة ملايين جزائري سوى 450 مثقفا.[14]

بوادر النهضة.

-ظهور الصحافة الجزائرية والتي من بينها أذكر:[15]

عنوان الجريدة.

المؤسس

جريدة المصباح الناطقة بالعربية والفرنسية

العربي فخار

صحيفة الإسلام الناطقة بالغتين العربية والفرنسية

الصادق دندان سنة 1912

الفاروق

عمر بن قدور سنة 1912

-التأليف: حيث ظهرت بعض الأعمال كطبع وإحياء التراث التاريخي الجزائري، فنشرت أعمال ابن عمار -نحلة اللبيب- وابن مريم –البستان- والورتلاني  -ونزهة النظار- والغبريني -عنوان الدراية-[16]. كما تم تأليف بعض الكتب والموسوعات. ففي سنة 1907 ألف أبو القاسم الحفناوي موسوعته المعروفة بتعريف الخلف برجال السلف، ومن الإسكندرية تم نشر كتاب من طرف محمد باشا ابن الأمير عبد القادر تحت عنوان تحفة الزائر في تاريخ الجزائر ومآثر الأمير عبد القادر، كما نشر جورج ايفر حياة ومذكرات حمدان بن عثمان خوجة، وهو ما أدى في الأخير إلى انبعاث الحياة الثقافية الجزائرية.[17]

-ظهور الجمعيات والنوادي الثقافية:[18] والتي من بينها أذكر الجمعية الرشيدية التي تأسست سنة 1894 والجمعية التوفيقية التي تأسست في سنة 1908وودادية العلوم الجديدة ونادي التقدم ونادي الشباب الجزائري، وجمعية الهلال ونادي الاتحاد ونادي صالح باي، ومن دون شك فإن نشاطها ساهم في يقظة المجتمع الجزائري.

الوضع العسكري الأمني. رغم محاولات فرنسا الرامية إلى تحويل الجزائر إلى مستعمرة هادئة، فإن ذلك لم يمنع الجزائريين من القيام بعدة محاولات ثورية خلال القرن العشرين، ومن بين هذه الثورات والانتفاضات نذكر ما يلي:

-ثورة عين التركي سنة 1901 بقيادة يعقوب بن الحاج ضد الحاميات الفرنسية بمدينة مليانة.

-ثورة عين بسام سنة 1906 التي استهدفت فرق الدرك الفرنسي المتواجدة بالمنطقة، ثم سرعان ما انتشرت إلى بقية المناطق المجاورة لعين بسام.

-ثورة بني شقران بنواحي مدينة معسكر، وثورة المحمدية خلال سنة 1914.[19]

-ثورة أولاد سلطان سنة 1915 -1916 بناحية الأوراس والتي استهدفت الوجود الفرنسي وأعوانه بالمنطقة، ولقد امتدت رقعتها الجغرافية إلى تخوم الصحراء الجزائرية، وكلفت الفرنسيين خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، خاصة وأن تزامنها كان أثناء الحرب العالمية الأولى.

     وعلى اثر هذه المحاولات الثورية فإن السلطات الفرنسية أصدرت من جهتها العديد من القوانين الزجرية للحد منها، ومن أهمها نذكر:

-إنشاء المحاكم القمعية والردعية ذات الصلاحيات الكاملة في سنة 1902.

-صدور القانون المتعلق بإحصاء الشبان الجزائريين في 17/07/1908،[20] ثم صدر بعده قانون التجنيد الإجباري سنة 1912.

المصادر والمراجع المعتمدة:

1-حمدان بن عثمان، خوجة: المرآة، ط، 2.

2-مذكرات أحمد الشريف الزهار.

3-مذكرات الحاج أحمد باي.

4-مبارك بن محمد الهلالي، الميلي: تاريخ الجزائر في القديم والحديث،ج، 3.

5-أبو القاسم، سعد الله: محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث (بداية الاحتلال).

6-خليفة، حماش: (الجزائر والحرب اليونانية العثمانية 1821-1827)، المجلة التاريخية المغاربية.

7-صالح، عباد: الجزائر خلال الحكم التركي 1518-1830، دار هومة، الجزائر، 2005.

8-صالح، عوض: معركة الإسلام والصليبية في الجزائر.

9-شارل روبير آجرون: تاريخ الجزائر المعاصرة، ترجمة عيسى عصفور.

 

 



[1] -أبو القاسم، سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية، ج، 2، 190-1930، المرجع السابق، ص، 153.

[2] -نفسه، ص، 154.

[3] -نفسه، ص، 165.

[4] - نفسه، ص، 167.

[5] -نفسه، ص، 169.

[6] -نفسه، ص، 171.

[7] - شارل روبير، أجرون: تاريخ الجزائر المعاصرة، ترجمة عيسى عصفور، ط، 2، د، م، ج، الجزائر، 1982، 99.

[8] -يحي، بوعزيز: سياسة التسلط الاستعماري والحركة الوطنية الجزائرية 1830-1954، د، م، ج، الجزائر، 1985، ص،-ص، 39-40.

[9] -نفسه، ص، 40.

[10] -يحي، بوعزيز:  سياسة التسلط الاستعماري والحركة الوطنية الجزائرية 1830-1954، المرجع السابق، ص، 46.

[11] -حمدان بن عثمان، خوجة: المرآة، ص،

[12] -نفسه، ص، 41.

[13] شارل روبير، أجرون: تاريخ الجزائر المعاصرة، ترجمة عيسى عصفور، ط، 2، د، م، ج، الجزائر، 1982، ص-ص، 113-114.

[14] --أبو القاسم، سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية 1900-1930، ج، 2، ص 151.

[15] -نفسه، ص، 143.

[16] -نفسه، ص، 143.

[17] -نفسه، ص، 143.

[18] -نفسه، ص-ص، 146-147.

[19] -صالح، فركوس: المختصر في تاريخ الجزائر، المرجع السابق، ص-ص، 192-193.

[20] -نفسه، ص، 227.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة