U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

ثورة الشيخ بوعمامة (المرحلة الأولى) 1881-1886

 

ثورة الشيخ بوعمامة (المرحلة الأولى) 1881-1886



ثورة الشيخ بوعمامة (المرحلة الأولى) 1881-1886


أسبابها
المجال الجغرافي للثورة
مراحلها
1- معركة مولاق 19/05/1881
2-معركة الخيذر وولهاصي
3-معركة مغرار
نتائجها

أسبابها.

1-السياسة الفرنسية القائمة على ضرب الجزائريين ببعضهم البعض؛ حيث قامت بزرع الشقاق بين صفي الشراقة والغرابة، وهو الشيء الذي لم يستسغه بوعمامة لأفراد أسرته.

2-تأثر بوعمامة بحركة الجامعة الإسلامية التي دعا إليه السلطان عبد الحميد، ودعوة جمال الدين الأفغاني، القائمة على جمع كلمة المسلمين؛ وكذلك الحركة السنوسية التي نشط دعاتها في الصحراء الجزائرية، كانت قد وصلت أفكارها إليه عن طريق الحاج المهدي ولد باجودة مقدمها في عين صالح؛  ولبث دعوتهم المناهضة للاحتلال الفرنسي، فوجدت هذه الأفكار صدى قوي عند الشيخ بوعمامة.[1]

3-استغلال بوعمامة فرصة غياب كتائب الجيش الفرنسي عن المنطقة الوهرانية؛ قصد مشاركتها في فرض الحماية الفرنسية على تونس في سنة 1881، وهو شيء يساعد على إعلان الثورة.

4-مقتل الضابط الفرنسي وانبروفر-نائب رئيس المكتب العربي لمنطقة البيض-يوم 22 أفريل 1881، مع أربعة صبايحية من حراسه؛ كان بمثابة السبب المباشر لاندلاع الثورة، على اثر محاولته اعتقال مبعوثي بوعمامة لدى الجرامنة بواد الحجل-الطيب بن الجرماني، ومرزوق السروري-[2].

5-الظروف الاجتماعية القاسية التي يعاني منها السكان؛ نتيجة النظام الاستعماري الفرنسي، الذي حطم قيمة العنصر العربي وحرمه من جميع وسائل الرزق للخضوع لهيمنته والاحتلال الكامل لبلاده.[3]

6-تذمر قبائل أفلو والبيض من الفرنسيين الذين منعوهم من حرية التنقل بمواشيهم  إلى الجنوب في فصلي شتاء 1879-1880 و1880-1881 خلال موسم الترحال، مما أدى إلى موت مواشيهما بأعداد كبيرة من شدة البرودة السائدة بتلك المنطقة.[4]

7-مواصلة أولاد سيدي الشيخ الدفاع عن مجال نفوذهم، وخاصة بعد أن عزمت فرنسا على إقامة مركز عسكري للمراقبة في قصر تيوت المجاور لمغرار التحتاني مقر زاوية بوعمامة وإصرار الفرع الأصغر لأولاد سيدي الشيخ بأن يلعب دور الزعامة بقيادة بوعمامة في هذه المرحلة من المقاومة.[5]

المجال الجغرافي للثورة: الجنوب الغربي لجزائري.

مراحلها: يمكن تتبع مراحل الثورة بالتركيز على أهم المعارك المعلمية الواردة على النحو الآتي:

1- معركة مولاق 19/05/1881: تعود وقائعها إلى مقتل ضابط فرنسي برتبة ملازم وأربعة من حراسه عند ما حاولوا اعتقال الطيب الجرماني أحد أقارب بوعمامة يوم 22/04/1881 فتحركت قبائل ترافي، عمور، الشرفة، أولاد سيدي أحمد المجدوب، حميات جعابنة، وسكان القصور الجنوبية، بنو جيل، وأولاد جرير، وشارك أولاد سيدي الشيخ الغرابة بإمدادات عسكرية هائلة. وتكوّن الطرف الفرنسي من :

- 03 فيالق مشاة (زواف، لفيف أجنبي، رماة) بقيادة الكولونيل سوينه SUINEY.

- 04 سرايا من قناصة جيش إفريقيا الرابع بقيادة الكولونيل INNOCENTI

- 01 فرقة مدفعية.

- فرق متنوعة مساعدة.

- 3 فرق من القُوم (قوم سعيدة، فرندة، تيارت بقيادة الآغا قدور ولد عدة.

- 2500 جملاً محملة بالمئونة يحرسها 600 أهلي، ويخضع هذا التنظيم لقيادة الجنرال "كولينيون دانسي" "COLLIENON DANCY" إلاّ أنه سرعان ما تخلى عن قيادتها – بسبب المرض- في البيض لصالح الكولونيل " إينوستي".[6]

ومن جانب بوعمامة كان تحت قيادته 2300 رجلاً (فارس+ مشاة) تتوزعهم القبائل بأعداد هائلة من المشاركين في المعركة كما يلي:

- قبائل ترافي 700، أولاد زياد 180، الأحرار 150، أولاد سيدي الشيخ الغرابة 250، مغرار 100، أولاد عمور 170، أولاد سيدي التاج 50 وسكان القصور الجنوبية 500 و190 من قبائل أخرى، هذه الحشود أدت إلى الاصطدام يوم 19 ماي 1881 في مولاق، ورغم قوة مدفعية الجيش الفرنسي فالنصر كان حليف الثوار ومن نتائج هذه المعركة.

- الطرف الفرنسي: 37 قتيلا، 16 جريحا منهم ضابط، 4 مفقودين (في حين عدد ضحايا الطرف الجزائري وصل إلى 400 شهيدا، ولقد تضاربت الروايات بين مقلل ومكثر في الخسائر البشرية[7]. ومن نتائجها أيضا هو إرغام "اينوستي" على الاتجاه نحو خيضر في الشمال بدلاً من العودة إلى البيض "جرنيل" وبمجرد أن وقعت هذه المعركة اختفى "أينوستي" وحل محله الجنرال "ديتريه" "DETRIE" وهو ما فسح المجال لـ:بوعمامة أن يتجه نحو مدينة الأبيض سيدي الشيخ. لإعداد مسيرته القادمة.

قام الشيخ بوعمامة بمسيرتين نحو الشمال الأولى في جوان 1881 حيث اقترب من بلدة سعيدة ومعسكر، وهاجمت قواته بعض القبائل الموالية للفرنسيين وحطمت منشآت الشركة الفرنسية الجزائرية لاستغلال الحلفا ببلدة خلف الله، وقطع الخط الهاتفي الرابط بين فرندة والبيض وبعد 23 يومًا رجع المجاهدون إلى بلدة بوسمعون جنوبا يوم 21 جوان 1881[8]، وفي شهر جويلية قام بالمسيرة الثانية نحو الشمال وأحاطت فيها قواته بالشط الشرقي ثم عادت إلى بلدة التواجر بعد أن خاضت معارك شرسة من أهمها:

2-معركة الخيذر وولهاصي:نتيجة لتدنيس قبة المرابط سيدي الشيخ وتهديمها تحركت قبائل العمور وخاضت معارك دفاعية في جبل بني سمير ومزي ومير الجبال جنوب غربي عين الصفراء خلال شهري أكتوبر ونوفمبر؛ وفي شهر ديسمبر وصلت الجيوش الفرنسية إلى قصر مغرار الفوقاني ثم التحتاني، وفي هذه الأثناء دُمرت مساكن بوعمامة، وفي بني ونيف دافع أنصاره عن أنفسهم، وفي يوم 02/02/82 خاض المجاهدون معركة فندي فتراجع بوعمامة بقواته وهو ما دفع بالفرنسين إلى التراجع نحو عين الصفراء.

 وفي يوم 26/02/82 جرت معركة تيقري حيث هاجم الثوار من خلالها قوات الضابط "دوكاستري" في تيقري، وترتب عن ذلك خسائر هائلة في صفوف الفرنسيين وهو ما جعلهم يثأرون من هزيمتهم بالهجوم على قبائل بني غيل المغربية في واد الشارف بالمغرب في شهر ماي 1882م. ومن هناك ظل الشيخ بوعمامة يتنقل في المنطقة حتى حط رحاله بمنطقة دلدول أين احتضنته قبائل أولاد عبو التابعة  لدائرة آوغروت، وأدرار، وظل يراسل في شيوخ زوايا المغرب والطرق الصوفية وخاصة الدرقاوية بتافيلالت[9]. وفي هذا التاريخ تشهد الصحراء الجزائرية عدة ثورات متفرقة من الشرق إلى الغرب.

ومع مطلع صيف هذه السنة ضعفت عزيمة الثوار وتشتتوا بين الجزائر والمغرب الصحراء الجزائرية، وظهرت أمامه حسب ما ذهب إليه يحي بوعزيز ثلاث خيارات:[10]

-استمالة سي سليمان زعيم صف الغرابة الذي سبق وأعلن انضمامه للثورة، بواسطة مقدم الطريقة الطيبية –شريف وزان عبد السلام-إلا أن هذا الحل لم ينجح نظرا لقيام حاكم معسكر نيقري بالهجوم عليه.

-اقتراح الجنرال قاند حاكم منطقة معسكر باستمالة سكان الدوامنية وتوظيفهم ضد أولاد سيدي الشيخ، إلا أن هذا الحل هو الآخر لم ينجح نظرا لعدم معرفة الفرنسيين بشكل جيد لهؤلاء الدوامنية، المنحدرين من صف الغرابة.

-استمالة سي قدور بن حمزة-زعيم الشراقة- حسب اقتراح الجنرال توماسين حاكم وهران لاستعماله في الغرض والهدف الذي يطمحون إليه، عن طريق بوحفص الغواطي الذي تفاوض معه واستطاع أن يوقع هذا الاتفاق في شهر ماي سنة 1883، وينص على الأمور الآتية:

1-أن تقوم السلطات الفرنسية بتجديد بناء ضريح سيدي الشيخ في قرية البيض سيدي الشيخ الذي هدمه نيقري في صيف 1881.

2-أن تقدم السلطات الفرنسية تعويضا سنويا بمبلغ ستين ألف فرنك لسي قدور وأفراد عائلته عما صودر منهم منذ عام 1864.

3-تعيين سي قدور على رأس قيادة كبيرة بالبيض، وتعيين عدد من أفراد عائلته في مناصب أخرى تحته.

أما بوعمامة فقد انسحب إلى دلدول بالجنوب ومن هناك دخل إلى المغرب الأقصى، وقيل أنه طلب العفو والأمان من السلطات الفرنسية ثلاث مرات في أعوام 1883 و1886و1892، فلم تستجب السلطات الفرنسية إلى طلبه خوفا منه على أن يعيد عليها الكرة مرة أخرى.[11]

وحسب ما ذهب إليه الدكتور سعد الله[12] فإن الثورة تكةن قد تحولت فيما بعد إلى مجرد هجومات مباغتة على القبائل التي خضعت للفرنسيين وعلى القوافل والمناطق الفرنسية النائية والمشاريع التوسعية، وأصبحت هذه الحركة تعرف بالمدقانات-فرق متنقلة من المقاومين للاحتلال بأسلوب حرب العصابات-، أبرز الفرق ظهرت من الشعانبة والسوافة والورقلية وسكان تقرت والمنيعة، ومن أهم زعمائهم سالم بن شعرير، والأخضر بن حروبة ومحمد بن عبد الحكم وأخاه وبعض أولاد سيدي العربي..الخ.

     لقد لعبت هذه الفرق دورا كبير في مقاومة الفرنسي في المجال الممتد من البيض إلى سوف وكبدت الفرنسيين خسائر هائلة، ومن بين النشاطات والتحركات التي قامت بعد هذا التاريخ نذكر ما يلي:

3-معركة مغرار: قام بها جماعة من أنصار بوعمامة ومن أولاد مولات من توات في سنة 1886 ضد الموالين لفرنسا وفي السنة الموالية قامت جماعة من الشعابنة والطوارق بعمليات استشهادية في تلك المناطق، ومن ذلك أيضا هجوم أنصاره على الفرنسيين في حاسي بوخنفوس في خريف 1891.[13] ومن جهة فرنسا فإنها دعت إلى التعجيل باحتلال الصحراء ومن بين الذين دعوا إلى ذلك الضابط "رض" الذي دعا إلى مد السكة الحديدية بعيدًا نحو الجنوب وكتب يقول: (( سنكون أكثر قوة من البدو الذين يسيطرون على هذه المنطقة )) وتطبيقا لهذا الأمل تمّ الاستيلاء على المنيعة، وتسهيل الاتصال بقورارة وتوات وتاديكالت.

نتائجها.

1-تمكن الفرنسيين من اختراق عائلة أولاد سيدي الشيخ باستمالة قدور بن حمزة.

2-احتلال جزء كبير من منطقة الجنوب الغربي الجزائري.

3-الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالجزائريين.

4-هجرة العديد من الأسر الجزائرية وخاصة أتباع الشيخ بوعمامة على المغرب الشرقي والاستقرار بمنطقة عين الملوك.



[1] -يحي، بوعزيز: ثورات الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين، المرجع السابق، ص، 248.

[2] -نفسه، ص، 249.

[3] -إبراهيم، مياسي: توسع الاستعمار الفرنسي في الجنوب الغربي الجزائري (1881-1912)، المرجع السابق، ص، 93.

[4] -نفسه، ص، 94.

[5] -نفسه، ص، 94.

[6] - عبد الحميد، زوز: ثورة بوعمامة (1881-1908) جانبها العسكري (1881-1883)، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1981، ص 13.

[7] - نفسه، ص 17.

[8] - نفسه، ص 27.

[9] - أحمد، العماري: مشكلة الحدود الشرقية بين المغرب والجزائر واستغلالها في المخطط الفرنسي للسيطرة على المغرب من حوالي 1830-1902، رسالة ماجستير في التاريخ، الجزء الثالث، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1981،.

[10] -يحي، بوعزيز: ثورات الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين، المرجع السابق، ص-ص، 255-256.

[11] -نفسه، ص، 256.

[12] -أبو القاسم، سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية، ج، 1، ص، 212-213.

[13] - خليفي، عبد القادر: (فرقة الشيخ بوعمامة في الجنوب الكبير)، جامعة الأمير عبد القادر، ع.10، دار البعث، قسنطينة، رجب، 1422هـ/20 سبتمبر 2001، ص 191.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة