U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

المغرب الأقصى خلال القرن 18

 

المغرب الأقصى خلال القرن 18

 


                            المغرب الأقصى خلال القرن 18

1.  التطورات السياسية
إستبداد جيش البخاري بالسلطة وتحكمه في إختيار وخلع الملوك.
- الضغط الجبائي
- تضرر التجار والحرفيين
- هجوم القبائل الجبلية على المناطق الداخلية
- تجديد أساس الدولة العلوية
1-  محاولة المولى عبد الله ( 1735 -1757)
2-عهد الإصلاح المولى محمد الثالث (1757 -1790 م)
- علاقات مولاي محمد الخارجية


1.  التطورات السياسية

        عرف المغرب خلال القرن 18 سلسلة من الأحداث نتجت عن الأزمات الداخلية للسلطة المركزية، إلى أن تمكن السلطان محمد بن عبد الله من القبض على زمام الأمور من جديد، وقد صاحب هذه التطورات نمو متزايد للمصالح التجارية للدول الأوروبية التي استمرت خلال هذا القرن في حصار موارد المغرب الخارجية، ومن أهم مظاهر هذه المرحلة:

 

- إستبداد جيش البخاري بالسلطة وتحكمه في إختيار وخلع الملوك.

         تحول الجيش إلى عامل تفكك للسلطة المخزنية، فصار يتدخل في شؤون الحكم، إذ كان يقوم بخلع وتنصيب عدد كبير من السلاطين من أبناء المولى اسماعيل، رغبة في الهدايا والهبات، فقد ساندوا على سبيل المثال المولى أحمد الذهبي سنة 1727 م بعد وفاة أبيه المولى اسماعيل ثم خلعوه سنة 1728م وبايعوا المولى عبد الملك  ثم عادوا لمبايعته من جديد ثم تحولوا عن المولى المستضيئ ثم عينوه من جديد إلى أن توفي سنة 1729م

ولعل ما يفسر ذلك أنهم كانوا يعيشون من مداخيل الضرائب والتكاليف المفروضة على القبائل والمدن، وبوفاة السلطان إسماعيل انقطعت كثير من تلك المداخيل عنهم.

لجأ العبيد إلى المدن والقرى في الشمال وقاموا بنهبها وفرض الغرامات على أهلها والإستيلاء على مخازن الحبوب بها، مما أدى إلى ثورة القبائل للحد من هذه التصرفات، فتقلصت بذلك رقعة المناطق الخاضعة للسلطة المركزية وقلت معها مداخيل بيت المال ولم تعد تجارة القوافل تتوفر على الضمانات اللازمة للوصول إلى المدن الكبرى والموانئ، الشيء الذي أدى إلى إيقاف الكثير من مداخيل المخزن من المكوس والأعشار.

- الضغط الجبائي

          تضرر المغرب الأقصى من الضغط الجبائي ولم يعد الجباة يفرقون بين الغني والفقير وبين سكان البوادي والحواضر ( المدن) والسكان القائمين على حماية الثغور ، الذين كانوا معفيون من بعض الضرائب سابقا، وكان هذا التعسف في جمع الضرائب من العوامل التي أثقلت كاهل السكان لذا وبمجرد وفاة المولى اسماعيل رفضت هذه المدن والبوادي أداء الضرائب والمكوس وما كان مفروضا عليها من أداءات.

 

- تضرر التجار والحرفيين

          تعرض التجار لنهب ثرواتهم وفرض المغارم الثقيلة عليهم،فطالبوا بالإستقلال الذاتي للمدن التي يقطنونها ( اعلن أهل مراكش الإستقلال مما عرضهم إلى تعسف السلطة فاضطروا للهجرة)

 

- هجوم القبائل الجبلية على المناطق الداخلية

          عرفت هذه الفترة نزوحا مكثفا للقبائل الجبلية المقيمة بالأطلسين المتوسط والكبير والريف نحو السهول

الخصبة الداخلية وساعدها على ذلك تفكك جيش البخاري الذي تخلى عن المناطق المرابط بها، وتميزت هذه الهجومات القبلية بالتشتت مما جعلها تتسبب في أضرار كبيرة للدولة.والتنافس فيما بينها ( عدم الإستقرار)

 

- تجديد أساس الدولة العلوية

 

1-  محاولة المولى عبد الله ( 1735 -1757)

          في جو مشحون بالصراعات على السلطة، بايع جيش الودايا[1] فتحولت منذ ذلك الصراعات إلى نزاع داخلي بين القبائل من جهة والعبيد من جهة أخرى وأخذ كل فريق يعين الأمراء المساندين له، فتعرضت فترة حكم المولى عبد الله للتذبذب بحث تم حذفه أربع مرات (1735 – 1737 -1740 -1749م ).

    - تمكن المولى عبد الله من أن يفرض نفسه على جيش البخاري بالتفاوض والهبات تارة وباستعمال العنف تارة أخرى حيث قتل منهم 10 آلاف (1735م) بعد ثورتهم عليه ومساندة أخيه المولى علي مستعينا بقبائل الودايا وغضب العامة عليهم. وبضرب العبيد تارة والبربر بالعبيد تارة، تمكن عبد الله من خلق توازن عسكري لصالح المخزن[2]. فأخضع قبائل الريف وسهل الغرب وأخمد ثورات العبيد.

    - استطاع استعادة السلطة بمراكش وبعض الموانئ الجنوبية فضمن بذلك مرور القوافل الصحراوية، مما مكنه من توفير مداخيل لبيت المال.

    - تمكن من إخماد ثورات إخوته المولى علي ، المولى المستضيئ وزين العابدين، وتغلب على ثورة بطنجة بقيادة عاملها عبد الكريم. وغنم ثروته التي قدرت ب 400 ألف دوقة سنة 1748م

 

2-عهد الإصلاح المولى محمد الثالث (1757 -1790 م)[3]

          تولى المولى محمد بن عبد الله الحكم في ظروف صعبة بعد عهد الإضطرابات، فاجتهد في المحافظة على بلاده ووحدتها وتأمين شواطئها.

          لجأ السلطان محمد بن عبد الله  إلى تطوير التجارة الخارجية وهذا لتوفير الحد الأدنى من المداخل لسير أجهزة الدولة، كما سعى إلى وضع نظام ضريبي شبه مستقل حتى لا يبقى المخزن بحاجة للجيش لجباية الضرائب من القبائل والمدن وأن لا يصطدم بقوة الزوايا.    

ومن إنجازاته لوضع دعائم جديدة للدولة:

- بناء جيش قوي يحفظ البلاد من الأطماع الخارجية، ويعيد الإستقرار والأمن للدولة، فجند جيشا يتركب أساسا من عناصر مغربية بعد فشل تجربة البواخر، حيث خفض عددهم من 100 ألف جندي إلى 15 ألف واعتمد على عناصر أخرى من القبائل فتكون جيشه من فيالق الودايا وبعض الفرق من القبائل البربرية ( بلغ جيشه من العبيد 15 ألف و من الأحرار 7 آلاف). واعتمد على مداخيل الجمارك لتمويل الجيش بدلا من الضرائب.

      حرص على بناء أسطول بحري كبير فشيد مصنعا للسفن بمدينة العرائش، وبلغ أسطوله البحري 60 قطعة وعدد بحارتها 6000 بحار. وفي هذا الإطار أرسل الى السويد لجلب البارود ومستلزمات السفن ( 1763) وإلى انجلترا للحصول على الذخائر. وعقد إتفاقية مع الدانمارك (1781) تدفع بموجبها هذه الأخيرة 25 مدفعا كل سنة للمغرب.

 

                                                     

- حماية البلاد والتجارة

      بواسطة هذا الجيش القوي الذي أنشأه استطاع حماية التجارة الخارجية والثغور وتمكن من إخماد تمردات بقايا العبيد التي دامت من 1776 إلى 1782م وإيقاف أطماع بعض افراد الأسرة العلوية الراغبين في الإستيلاء على السلطة ومنهم أبنه المولى يزيد (إ1775م)

        كما قاد حملات عسكرية لإستكمال وحدة البلاد، فطرد البرتغاليين من الجديدة ( 1782) وخاض حروبا ضد فرنسا في سواحل العرائش وسلا، ثم ضرب حصارا على مليلية ( 1784)( لكن السلطان الإسباني ذكره بمعاهدة عدم الإعتداء....) ، وكان حريصا عللا فك أسر المسلمين لدى الأوروبيين.

 

- مهادنة الزوايا ومعاداة دورهم الديني

        واصل محمد الثالث معاداته للزوايا وسعى دون أن تستعيد نفوذها، وعارض بحزم ما كان يدعيه المرابطون من اتصال مباشر بعالم الغيب، ووجد سندا قويا في الدعوة الوهابية التي ظهرت آنذاك بالحجاز. وفيما كان يفند دعاوي التصرف في الكون على ألسنة أرباب الزوايا وهي أمور هادمة للعقيدة في نظر الفقهاء لغايات سياسية، فإنه فتح لهم باب الإستغلال الإقتصادي للفلاحين فتحولت الحركة المرابطية إلى نظام شبه إقطاعي.

          تزايد نفوذ الزوايا المساندة للسلطة ( الوزانية – الناصرية) على الصعيد الإقتصادي، فقد منحها المخزن إمتيازات واسعة منها حق التصرف بالأعشار والزكاة المأخوذة من سكان المناطق التي تشرف عليها، وكان "العزيب "[4] أهم شكل من أشكال الإمتيازات التي قدمتها السلطة المركزية للزاوية. غيرأن أهم مصدر لتزايد ثروة الزوايا كان عمل " العزابة" حيث أصبح الفلاحون خاضعين لنفوذها. وكان للشرقاء الوزانيون نوع آخر من العزابة إذ اشتروا مساحات من الأراضي ووطنوا بها الخماسين لإستثمارها ، وكان العزاب يقدم للزاوية كل سنة الضرائب الشرعية ويحق لمقدم الزاوية أن يعير الخماس لشيخ آخر للقيام بخدمته. وفي الجنوب حبست الأراضي المسقية لصالح الزاوية الناصرية .

توفرت للزوايا يد عاملة مكونة الزنوج الأفارقة والفلاحين الذين يقدمون عملهم تبركا لها ثم الخماسون، كما دخلت الزاوية الناصرية في علاقة شراكة مع القبائل الرحل فضمنت أمن الفلاحين المستقرين في واد درعة وحمت القوافل والتجار المارين بالمنطقة مقابل الهدايا والأعشار.

 

- تأمين نظام مداخيل شبه مستقلة عن الداخل

          حتى لا يبقى المخزن بحاجة إلى جيش البخاري وأن لا تضطر إلى القيام بحركات مستمرة لجباية الضرائب من القبائل والمدن وأن لا يصطدم بقوة الزوايا، سلك محمد الثالث سياسة الباب المفتوح،من أجل تشجيع التجارة الخارجية،  فقد رمم ميناء آنفا (1760) وأسس ميناء الصويرة(1765) وبنى ميناء فضالة (1773) ، ثم قنن العلاقات التجارية مع الدول الأوروبية بمعاهدات واتفاقيات وتمكن من أن يجعل من أعشار الموانئ جزءا من مداخيل  المخزن ( مداخيل المخزن)، كما حاول إستعمال الجهاد البحري كوسيلة لجلب مزيد من المداخيل الإضافية خاصة بعدما أصبح لديه أسطول بحري مجهز بأحسن تجهيز.

 

- إعادة إعمار وبناء المدن المغربية

          عمل على إعادة إعمار مدينة آنفا التي أصبحت خالية من أهلها عقب زلزال 1755، ووضع بطارية مدافع قرب الميناء، واستخدم السفن الصغيرة لنقل البضائع من السفن التي تبقى في عرض البحر، ثم بنى مسجدا بالمدينة وحمامات ومدارس وأحاطها بأسوار وجلب إليها السكان من الجنوب من دكالا والشاوية وفي سنة 1766 بنى مدينة الصويرة ( موغادور) مستعينا بالمهندس الفرنسي كورنو، وجلب إليها التجار الأجانب لتنشيط تجارة الميناء الجديد واسقط عنهم الرسوم، فهرع إليها التجار من كل صوب وازدهرت المدينة واستمرالإعفاء سنين ثم أعاد فرضها كما كان الحال في باقي الموانئ.

 

- علاقات مولاي محمد الخارجية

          أقام مولاي محمد الثالث علاقات وثيقة مع المشرق الإسلامي فقد زوج إبنته من شريف مكة، وكان يرسل الهدايا والأموال في مواسم الحج .

        تخلى عن سياسة أسلافه في التحرش بالأتراك ومعاداتهم فتبادل معهم السفراء مع السلطان مصطفى الثاني (1757 -1774م) وحصل من الدولة العثمانية على أسلحة وذخائر وملتزمات السفن، وتبادل مع السلطان عبد الحميد الأول ( 1774- 1789) السفارات وزوده بالأسلحة والسفن والأموال أثناء حربه مع روسيا.

أما عن العلاقات الفرنسية المغربية فلم تشهد تحسنا يذكر خاصة بعدما رفض السلطان محمد الثالث مشروع معاهدة تضمنت شروطا غير مقبولة[5]. وعلى إثر أسر سفينة فرنسية، قصف الأسطول الفرنسي مدينة سلا وهاجم العرائش وفشلت محاولة إنزال قواته بالمدينة. وفي سنة 1767م عقدت فرنسا معاهدة مع المغرب حصلت فيها على امتيازات مهمة.

نتيجة العلاقة السيئة التي كانت بين إنجلترا ووالده، أصدر السلطان محمد أمرا يقضي بمغادرة التجار الإنجليز أغادير وأمر بالإستيلاء على سفنها بالموانئ المغربية وفي سنة 1756 م جرت أولى محاولات للتفاهم تم إثرها توقيع معاهدة سنة 1760 للتجارة، استفاد منها الجانب البريطاني لتموين المغرب لحامية جبل طارق وسفن الأسطول البريطاني.



[1]  - جيش الودايا. جمع ودي، وهي قبيلة تنحدر من عرب معقل، كانت تقطن جنوب المغرب، استقدمها السلطان اسماعيل خلال دخوله الثاني إلى مراكش, وشكل جيش الودايا درعا سياسيا واجتماعيا لمكان لالا خناتة داخل نظام الدولة، يتكون من مقاتلين محترفين من قبائل بدوية عربية.

[2]  - إتجه إلى توظيف قبائل بربرية منها أيت ادارسن في الجيش...

[3]  - بويع بمراكش سنة 1757م   وبويع بفاس سنة 1761م

[4]  - العزيب : هو عبارة عن أراضي فلاحية يصبح سكانها تابعين لها مباشرة أبا عن جد، يدفعون الأعشار والزكاة والهدايا للزاوية عوض دفعها للمخزن

 [5] - هذه الشروط:تحرير الأسرى الفرنسيين بسعر منخفض، تخفيظ رسوم الدخول بالنسبة للتجار الفرنسيين ،منح الفرنسيين مراكز بالمغرب شبيهة بمركز الفالة بالجزائر.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة