طرابلس الغرب بين الأطماع الصليبية والطموحات العثمانية
طرابلس الغرب بين الأطماع الصليبية والطموحات العثمانية
طرابلس الغرب بين الأطماع الصليبية والطموحات العثمانية
تمهيد
أولا: طرابلس الغرب تحت رحمة الصليبيين 1510-1551م
1- الإسبان في طرابلس الغرب 1510-1530م
2- فرسان القديس يوحنا في طرابلس الغرب 1530-1551م
ثانيا: العثمانيون في طرابلس الغرب 1551-1711م
1- تحرير طرابلس الغرب من الصليبيين 1551م
2- فترة حكم البايلربایات 1551-1606م
3- فترة حكم الدايات 1606-1711م
ثالثا: طرابلس الغرب تحت حكم الأسرة القرمانلية من 1711م حتى 1793م
1- فترة حكم أحمد باشا 1711-1745م
2- فترة حكم محمد باشا 1745- 1766م
3- فترة حكم علي باشا 1766-1793م
الملاحق:
الملحق رقم01: خريطة إيالة طرابلس الغرب وإيالة تونس والجزائر والغرب
الملحق رقم02: صورة بيدرو دي نافارو
الملحق رقم03: خريطة ايطالية توضح حصار مالطة سنة 1565م
الملحق رقم04:شجرة عائلة القرمانلي
تمهيد:
تحولت طرابلس منذ انفصالها عن السلطة الحفصية بتونس، إلى إمارات وأقاليم، التف فيها السكان حول الأعيان وشيوخ القبائل الذين أخذوا على عاتقهم أمور البلاد، ولم ترق تلك الأقاليم لتشكل كيان دولة قائمة بذاتها، واستمر الوضع بما على ما هو عليه، حتى مطلع القرن 16م، الذي عرف تحولات جذرية بالضفة الجنوبية للمتوسط، بعد تجدد الحروب الصليبية على الإسلام والمسلمين.
استغلت اسبانيا الصراعات والانقسامات بين دويلات المغرب الثلاث الحفصية، الزيانية والمرينية، للتوسع على حساب أراضيها، واحتلال ثغورها البحرية.
فبعد احتلالهم لسبتة ومليلة خلال القرن 15م، والمرسي الكبير، وهران وبجاية وتونس، مع بداية القرن 16م، انصب اهتمامهم على طرابلس لموقعها الجغرافي الاستراتيجي الرابط بين شرق وغرب المتوسط من جهة وقربها من الدويلات الايطالية من جهة ثانية، فوجهوا لها حملة بقيادة بيدرو دي نافاروا سنة 1510م، وتم احتلالها لمدة تزيد عن عشرين سنة، وفي تلك الأثناء ظهرت الدولة العثمانية كقوة إسلامية متنامية بالمتوسط، أخذت على عاتقها مهمة الدفاع عن المسلمين وحمايتهم، وأخذ أسطولها يكثف ضرباته على الإسبان بطرابلس، فاضطر الإسبان إلى التنازل عنها لفرسان القديس يوحنا (فرسان مالطا)، الذين استمروا بها إلى غاية تحريرها من طرف العثمانيين وضمها إلى ممتلكاتهم سنة 1551م، بعد حملة سنان باشا، بمساعدة مراد آغا ودرغوث باشا لتصبح إحدى ولاياتها، وتحولها سنة 1711 إلى مملكة شبه مستقلة بحكم وراثي في عائلة القرامانلي..
وسوف نتطرق في هذا الفصل لمختلف الأحداث السياسية التي شهدتها طرابلس الغرب منذ الاحتلال الاسباني سنة 1510 إلى نهاية حكم علي باشا القرمانلي سنة 1793م.
أولا: طرابلس الغرب (1) تحت رحمة الصليبيين 1510-1551م
1- الإسبان في طرابلس الغرب 1510-1530م
بعد تمكن الإسبان من طرد المسلمين من الأندلس، واصلوا مطاردتهم بالسواحل الجنوبية للمتوسط، سعيا منهم لبسط نفوذهم على تلك الثغور البحرية، ولم يكن نشر المسيحية الهدف الأسمى من ذلك التوسع، وإنما تعداه إلى البحث عن مناطق نفوذ سياسية واقتصادية جديدة . فبعد تمكنهم من احتلال سواحل المغرب الأوسط المرسي الكبير، وهران، وبجاية سنوات 1505-1509-1510
---------------------------------------------
(1) - الملحق رقم 01.
على التوالي، تحول اهتمامهم إلى مدينة طرابلس(1) لموقعها الاستراتيجي الرابط بين شرق المتوسط وغربه وغناها بثرواتها الطبيعية ومقوماتها الاقتصادية (2).
ومن أجل ذلك أمر الملك الاسباني فيرديناند (3)Ferdinandeقائد أسطوله البحري بيدرو دي نافاروا Pedro du Navarro(4) المرابط مع قواته بسواحل بجاية في ماي 1510م، في رسالة
بعث له بها يأمره فيها بالتوجه شرقا نحو سواحل طرابلس لضم المدينة إلى ممتلكات الإمبراطورية الاسبانية).
وجهز نافارو لذلك أسطولا قوامه 120 قطعة بحرية، أضيفت إليها بعض القطع البحرية التابعة لمالطة، وبتعداد 15 ألف جندي إسباني، وثلاثة آلاف ايطالي ومالطي(6) وفي طريقه إلى طرابلس عرج
--------------------------------------------------------
(1)- طرابلس: كانت تسمى أطرابلس وهي مدينة فينيقية قديمة، احتلها القرطاجيون سنة 795 ق.م، فتحها عمرو بن العاص سنة 22 ه، واحتلها الإسبان سنة 1510م، وحررها العثمانيون سنة 1551م، وأطلق عليها اسم طرابلس الغرب. للتفصيل ينظر، الطاهر أحمد الزاوي: معجم البلدان الليبية، مكتبة النور، ط1، طرابلس، ليبيا، 1968م، ص ص 23، 28.
(2) - عزیز سامح ألتر: الأتراك العثمانيون في إفريقيا الشمالية، تر: عبد السلام أدهم، دار لبنان للطباعة والنشر، ط1، بيروت، لبنان، 1969م، ص 22.
(3) - الملك فيرديناند (1452-1516م): ملك أراقون، تزوج عام 1474م، بایزابیلا(1451-1504م) ملكة قشتالة، ونتج عن هذا الزواج توحيد مملكتي أراقون وقشتالة، وشكلوا دولة قوية تمكنت من طرد المسلمين من أخر معاقلهم بالأندلس غرناطة سنة 1492م، للتفصيل ينظر، محمد سي يوسف: قليج علي باشا ودوره في البحرية العثمانية، رسالة ماجيستير في التاريخ الحديث، إشراف: ابو القاسم سعد الله، جامعة الجزائر، الجزائر، 1988م، ص 37. ينظر كذلك، أحمد توفيق المديني : حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر واسبانيا 1492-1792م، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، مطابع دار البعث، قسنطينة، الجزائر ، (د.ت.ن) ص 38. ينظر أيضا ونجيب دكاني: الوجود الاسباني على السواحل الجزائرية ورد الفعل الجزائري خلال القرن السادس عشر، رسالة ماجستير تاريخ حدیث، إشراف: ناصر الدين سعيدوني، جامعة الجزائر، 2001-2002م، ص ص 14، 16.
(4) - بيدرو نافارو : ولد سنة 1460م في عائلة فقيرة، واشتغل في أول حياته بالمناجم وحارب بين سنة 1499 - 1510م في جیش کونسالفو القرطبي في جزائر اليونان وايطاليا الجنوية واشتهر بالجرأة والإقدام والخبرة الحربية، للتفصيل ينظر، عمر محمد الباروني: الاسبان وفرسان القديس يوحنا في طرابلس، مطبعة ماجي، طرابلس، ليبيا، 1952م، ص 34، ومحمد السعيد بوبكر: العلاقات السياسية الجزائرية الاسبانية خلال القرن الثامن عشر ميلادي (1708-1792م)، بيت الحكمة، ط1، العلمة، الجزائر، 2015م، ص 39.
(5)- محمود علی عامر ومحمد خير فارس: تاريخ المغرب العربي الحديث ( المغرب الأقصى، ليبية)، جامعة دمشق، 2003م، ص ص 148-149.
(6) - أبي عبد الله محمد بن خليل ابن غلبون الطرابلسي: تاریخ طرابلس الغرب المسمى التذكار فيمن ملك طرابلس وما كان بها من الأخبار، تص وتعل: الطاهر أحمد الزاوي، المدار الإسلامي، ط1، بيروت، لبنان، 2004م، ص 136، وعمر الباروني : المرجع السابق، ص ص 32-33.
نافارو على جزيرة فافینیانا (1) Favignana منتظرا قدوم المدد من نابولي وصقلية، ثم انطلق يوم 15 جوان 1510م، بعد أن انضم إليه المدد وعدد من المرشدين المالطيين (2). وكانت الحملة على طرابلس بالذات أكثر تجهیزا(3)، إذ قام بیدرو دي نافارو (4) بإشراك العديد من الأشخاص الذين كانت لهم سابق دراية وخبرة بطرابلس وبسواحلها، من الاسبان ومختلف الجنسيات الأوربية(5)وقد عمل نافارو على جعل طرابلس قاعدة عسكرية لتحركاته وعملياته البحرية بالمنطقة (6).
وبمجرد وصول أخبار الحملة إلى مسامع السكان، حتى فروا هاربين خارج أسوارها متجهين إلى المناطق والمدن القريبة منها حاملين معهم كل ما يملكون ولم يتبق بالمدينة سوى المحاربين وشيخ المدينة عبد الله بن شرف، وبعض العائلات التي لم يسعفها الحظ للمغادرة (7).
وبتاريخ 25 جويلية 1510م، ظهرت أولى طلائع الأسطول الإسباني أمام سواحل طرابلس، بقيادة بيدرو دي نافارو، الذي أعطى أوامره بمهاجمة المدينة، وبعد معركة حامية الوطيس، تمكن الإسبان من احتلاها، وذكر العياشي أن احتلال الاسبان لطرابلس كان في 16 محرم سنة 916ھ (8) بعد أن قتلوا ما يزيد عن خمسة آلاف فرد، ولم يستثنوا الصغار و الشيوخ ولا حتى النساء، كما تمكنوا من أسر شیخ المدينة رفقة ستة آلاف طرابلسي، وإثر هذا النصر الذي حققه بيدرو دي نافارو، بعث برسالة إلى نائب الملك الاسباني بصقلية يطلعه فيها على ظروف استیلاءه على طرابلس (9).
-----------------------------------------------------------
(1) فافينيانا: جزيرة صغيرة تقع جنوب غرب مدينة تراباني من صقلية، للتفصيل ينظر، محمد مصطفی بازامة: ليبيا في عشرين سنة من حكم الإسبان (1510-1530م)، مكتبة الفرجاني، طرابلس، ليبيا، 1965م، ص 35.
(2)- إيتوري روسي: طرابلس تحت حكم الإسبان وفرسان مالطة، تر: خليفة محمد التليسي، المنشاة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، ط1، ط2، ، طرابلس، ليبيا، 1969م، 1985م، ص18.
(3)- شارل فيرو: الحوليات الليبية منذ الفتح العربي حتى الغزو الايطالي، تر: محمد عبد الكريم الوافي، منشورات كلية الآداب والتربية، ط3، جامعة قار یونس، بنغازي، ليبيا، 1994، ص 73.
(4) - الملحق رقم 02، ص 125.
(5) - محمد مصطفی بارامة: ليبيا في عشرين سنة من حكم الاسبان 1510-1530م، المرجع نفسه، ص ص 53-54.
(6) - إيتوري روسي، المصدر نفسه، ص ص 18-19.
(7) - أحمد بك النائب الأنصاري: المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب، منشورات مكتبة الفرجاني، (د.ط)، طرابلس الغرب، ليبيا، (د.س.ن)، ص 185.
(8) - أبو سالم عبد الله بن محمد العياشي: الرحلة العياشية 1661-1663م، تح: سعيد الفاضلي وسليمان القرشي، دار السويدي للنشر والتوزيع، ط1، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة ، 2006م، المجلد 1 ، ص 143.
(9) - عمر الباروني: المرجع السابق، ص ص 39-40.
سلط الاسبان على السكان أشد أنواع الظلم والفساد والقهر، باستباحة أموالهم وأعراضهم، فعمت الفوضى والخراب والدمار، متخذين من المدينة منطلقا لعملياتهم البحرية بالمتوسط (1)
إلا أنهم لم يهتموا ببناء وتطوير المدينة، مكتفين بترميم أسوارها وتحصيناتها، وبناء أسوار جديدة على أنقاض منازل الأهالي، وتزويدها بالمدافع لحمايتها من أي هجوم خارجي محتمل (2).
وبظلم وطغيان الاسبان عليهم، استنجد الأهالي بالسلطان العثماني سليمان القانوني(3) الذي أرسل قوة عسكرية بقيادة مراد آغا لتحرير المدينة، لكنه فشل في تحريرها فتراجع إلى تاجوراء منتظرا وصول المدد(4).
وفي تلك الأثناء ظهرت قوة جيدة بالحوض الغربي للمتوسط، ممثلة في الأخوين عروج(5) وخير الدين بربروس (6) الذين ظهرا بسواحل تونس بداية سنة 1512م، وأخذا على عاتقهما مهمة الدفاع
-----------------------------------------------------------
(1) - ابن غلبون ، المصدر السابق، ص ص 144-145.
(2) - حسن الوزان بن محمد الفارسي (ليون الإفريقي): وصف إفريقيا، تر: محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، ط2، بيروت، لبنان، 1983م، ج1، ص 101.
(2) - السلطان سليمان القانوني : هو السلطان العاشر، ولد سليمان القانوني عام 900 ه، وتولى السلطة سنة 926 ه، لقب القانوني بعد رفع شأن الدولة داخليا اتجه إلى تحرير الثغور الإسلامية من يد الصليبيين، عاش حوالي 74 سنة قضى منها 48 سنة في الفتوحات، للتفصيل ينظر عزتلو يوسف بك أصاف: تاریخ سلاطين بني عثمان من أول نشأتهم حتى الآن، کلمات عربية للترجمة والنشر، (د. ط) جمهورية مصر العربية، (د.ت.ن)، ص ص 65-68.
(4) - نجم الدين غالب الكيب: مدينة طرابلس عبر التاريخ، الدار العربية للكتاب، ط02، ليبيا - تونس، 1978 م، ص 91.
(5)- عروج: من مواليد جزيرة مدلي اليونانية، ابن يعقوب بن يوسف وأمه سيدة أندلسية، وله ثلاثة إخوة هم إسحاق، خرسف (خضر أو خير الدين)، ومحمد إلياس، ركب البحر ولم يتجاوز عمره 10 سنوات، تعرض للأسر ، وتمكن من الفرار بعدما ألقى بنفسه بالبحر، منذ ذلك الوقت عقد العزم على محاربة المسيحيين وحماية المسلمين. للتفصيل ينظر، بسام العسلي: خير الدين بربروس (والجهاد في البحر) 1470-1547م، دار النفائس، الجزائر، (د.س. ن) ص 27.
(6) - خير الدين بربروس: أصل خير الدين من جزيرة مديلي من بحر أرخبيل في شرق المتوسط ابن یعقوب بن يوسف أمه سيدة أندلسية ، له ثلاث إخوة هم إسحاق وعروج وخضر خير الدين ومحمد إلياس، ولد خضر (خير الدين) عام 871 هـ الموافق له 1466م، وهو ثالث أصغر إخوته، اشتغل بالتجارة، كان له دور بارز في طرد الاسبان من سواحل الجزائر، أول بایلر بایات الجزائر، عينه السلطان سليمان القانوني قائدا للأسطول العثماني، توفي في السادس من جمادى الأولى 953هـ الموافق ل الخامس من جويلية 1546م . للتفصيل ينظر، ولیم سبنسر: الجزائر في عهد رياس البحر، تع وتح: عبد القادر زبادية، دار القصبة للنشر، سعيد حمدين، الجزائر، 2006 م، ص 37. ينظر أيضا، حاجي خليفة: تحفة الكبار في أسفار البحار، تح وتر: محمد حرب وتسنيم حرب، دار البشير للثقافة والعلوم، ط1، القاهرة، مصر، 2017م، ص ص، 84، 123.
عن المسلمين وحمايتهم من المد الاسباني والبرتغالي على سواحلهم(1)، وكان لهم الدور البارز في صد ورد المد الاسباني بالمنطقة، وطردهم من طرابلس سنة 1530م، بتنازلهم عنها لصالح فرسان القديس يوحنا بعد تأكدهم من استحالة استمرارهم بها مع ضعف تحصينات المدينة وتزايد ضربات الأخوين عليها، وغادروها بعد أن استمروا في حكمها مدة عشرين سنة (2).
2- فرسان القديس يوحنا(3) في طرابلس الغرب 1530-1551م:
ظهرت إلى الوجود منظمة فرسان القديس يوحنا في البداية كمنظمة خيرية دينية اتخذت من القدس ثم عکا مقرا لها، تساعد الحجاج المسيحيين القادمين إلى بيت المقدس بفلسطين، ومع اندلاع الحروب الصليبية تحولت إلى منظمة عسكرية مهمتها معالجة الجرحى المسيحيين (4) وفي سنة 1178م طرد صلاح الدين الأيوبي(5) الفرسان من القدس (6) فنقلوا مقرهم إلى ايطاليا ثم جزيرة رودوس التي أسسوا بها مملكة مسيحية خاصة بهم، بمباركة البابا ورعاية ملوك أوربا المسيحية وبذلك تغير نشاطها من حماية الحجاج المسيحيين إلى ممارسة القرصنة البحرية في الحوض الشرقي للمتوسط وبحر ايجة معترضة الأسطول العثماني" وعاشت المنظمة أصعب فتراتها بين سنوات 1522م و1535م بعد فقدانهم رودوس وتهاوي قوتهم ومكانتهم بالمنطقة بعد تمكن العثمانيون من فتح الجزيرة وطردهم منها سنة 1523م، ومغادرتها إلى ايطاليا بدعوة من البابا، وفي سنة 1523م طلب مرشدهم الأكبر من
-------------------------------------
(1) - صالح کلیل: سياسة خير الدين في مواجهة المشروع الاسباني لاحتلال المغرب الأوسط، رسالة ماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر، إشراف: علي آقجو، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم التاريخ، جامعة باتنة، 2006-2007، ص 28.
(2) - ابن غلبون، المصدر السابق، ص ص 145-146.
(3)- فرسان القديس يوحنا (فرسان مالطا): نشأت في بيت المقدس مع مطلع الحروب الصليبية تولت رعاية الفقراء والمسيحيين وتأمين الحجاج الذين يقصدون الأراضي المقدسة في زمن الحروب الصليبية، تحولت مع مرور الوقت إلى منظمة دينية فرسانية، وضعت تحت وصاية القديس جيوفاني. للتفصيل ينظر، مجموعة من الأساتذة والباحثين: معالم الحضارة الإسلامية في ليبيا، الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، ط1، طرابلس غرب - القاهرة، 2008، ص98.
(4)- عمر الباروني، المرجع السابق، ص ص 65، 74.
(5) - صلاح الدين الأيوبي :هو صلاح الدين بن يوسف ابن أيوب ولد سنة 532هـ الموافق ل 1137م بالقرب من قلعة تكريت الواقعة في بغداد ونشأ وترعرع فيها وحفظ القران في صغره. للتفصيل ينظر، عبد الله ناصح علوان: صلاح الدين بطل حطين ومحرر القدس من الصليبين (532-589ه)، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، ط1، (د.س.ن)، ص12 .
(6) - مصطفى عبيد : طرابلس الغرب من الاحتلال الاسباني إلى دخول العثمانيين (1510م-1531م)، مجلة الآداب والعلوم الإسلامية، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، ع 18 ، قسنطينة، الجزائر، 2015 م، ص 330.
(7) - عمر الباروني، المرجع السابق، ص76.
إمبراطور اسبانيا شارلكان (1) منحه جزيرة مالطا(2) لاتخاذها منطلقا للدفاع عن المسيحية(3) الذي اشترط عليهم الدفاع عن طرابلس مقابل ذلك (4) فقبل الفرسان شرطه على مضض واستلموا المدينة من الإسبان بتاريخ 24 مارس 1530م وهم يعلمون أن مهمة الحفاظ عليها تكاد تكون شبه مستحيلة، ليستمر تواجدهم بها إلى غاية سنة 1551م(5). ولم يتغير وجه طرابلس بوصول الفرسان إليها فقد حافظت على تخلفها وتأخرها الاقتصادي، السياسي والاجتماعي، بفعل سياسة الفرسان التدميرية والتخريبية لمنشئاتها التحتية، ولم يشهد عصر الفرسان بطرابلس سوى قيامهم بإعادة بناء وتحصين أسوارها(6)، مستعملين في ذلك سواعد الأهالي الذين تحملوا مشقة وعناء إعادة بناء ما حطمه الاسبان، وقد واصل الفرسان استباحة أموال وأعراض الأهالي، متبعين سياسة الاضطهاد والقهر على سكانها، وحولوا مينائها إلى قاعدة عسكرية، لمطاردة السفن الإسلامية، وعملوا ما بوسعهم لبسط نفوذهم على كامل أقاليم الولاية، إلا أنه لم يتسن لهم ذلك، ولم يتجاوز وجودهم أعتاب قلعتها ولم يتمكنوا من التوغل في الدواخل بسبب ضغط خير الدين بربروس من الواجهة البحرية وكذلك حصارهم من طرف مراد آغا من ناحية تاجوراء(7).
------------------------------------------------
(1) - شارل الخامس أو شارلوكان: إمبراطور اسبانيا بداية من سنة 1516 م وعرف بعدائه الشديد للإسلام والمسلمين وما يفسر ذلك حملاته المتعددة على سواحل شمال إفريقيا. للتفصيل ينظر، مولود قاسم نايث بلقاسم: شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل سنة 1830 م، دار الأمة، ، الجزائر ، ( د-ت)، ج 01 ، ص 137-138.
(2) مالطا : تقع على الساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط، موقعها جعلها عرضة للغزو على مر العصور، منحها شارلوكان للفرسان. للتفصيل ينظر : ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار صادر، ( د-ط )، بيروت، 1977 م، مجلد 05 ، ص 43.
(3) - شافعي درويش: علاقات الإيالات العثمانية في غرب المتوسط مع إسبانيا خلال القرن 10 هجري /16ميلادي، ماجستير في التاريخ الحديث، إشراف: عمار بن خروف، جامعة غرداية، 2011
/ 2010 م، ص 84.
(4) - ابن غلبون، المصدر السابق، ص ص 148-149. وينظر كذلك، عمر الباروني، المرجع السابق، ص ص 78-79.
(5) - ایتوري روسي: طرابلس الغرب تحت حكم الاسبان وفرسان مالطا، المرجع السابق، ص 53.
(6) - جمال أحمد حداد رشوان: المنازل الأثرية في طرابلس الغرب في العصرين العثماني الأول والقرمانلي دراسة أثرية تاريخية، رسالة دكتوراه فلسفة في الدراسات الافريقية 1551-1835م، تاریخ حديث ومعاصر، إشراف: عبد الله عبد الرزاق إبراهيم وآخرون، جامعة القاهرة، مصر، 2015، ج 1، ص 08.
(7) - جاسم محمد الشبطي: الإستراتيجية العثمانية في شمال إفريقيا في القرن السادس عشر، كلية التربية، جامعة كربلاء العراق، (د.ت.ن)، ص 73.
ثانيا: العثمانيون في طرابلس الغرب 1551-1711م
1- تحرير طرابلس الغرب من الصليبيين 1551م
امتد الحكم الاسباني المباشر لطرابلس من 1510 إلى غاية 1530م، اتبع فيها الإسبان شتى أنواع الظلم والاستعباد والتجويع، وواصل فرسان القديس يوحنا ما بدأه الاسبان بطرابلس، فأثقلوا كاهل السكان بالضرائب، ومارسوا عليهم كل أنواع القهر والظلم، والاستبداد، فتدهورت الأوضاع السياسية، الاجتماعية والاقتصادية، وانتشرت الأمراض والأوبئة، فأرسل أهالي تاجوراء(1) وفدا منهم إلى القسطنطينية(2) للاستنجاد بالسلطان العثماني سليمان القانوني لتخليصهم من الصليبيين مقابل ولائهم للدولة العثمانية (3) فأرسل السلطان العثماني مراد آغا(4) على رأس قوة عسكرية لتحرير طرابلس من الفرسان، لكنه فشل في ذلك وتراجع إلى تاجوراء التي عسكر بها في انتظار وصول المدد من الباب العالي، فأمر السلطان العثماني سنان باشا والي مصر آنذاك بالإبحار إلى طرابلس التحريرها من فرسان مالطا وعند وصوله إلى تاجوراء انضم إليه كل من مراد آغا، ودرغوث باشا(6)
----------------------------------------------------
(1) - تاجوراء : هي قرية ريفية تقع على مسافة اثني عشر كلم إلى الشرق من طرابلس، تحولت مع وصول اللاجئين إليها إلى مركز تحاري وسياسي ناشط، وأصبحت بديلا للعاصمة المحتلة. للتفصيل ينظر، نيقولاي إيفانوف: الفتح العثماني للأقطار العربية 1574م - 1516م، تر: يوسف عطا الله، مر: مسعود ضاهر، دار الفارابي، ط1، بیروت، لبنان، 1988م، ص216.
(2) - القسطنطينية: اتخذها السلطان العثماني محمد الفاتح عاصمة للدولة العثمانية بعد فتحها سنة 1453م، وأطلق عليها اسم إسلام بول والذي يعني مدينة الإسلام، للتفصيل ينظر، علي محمد محمد الصلابي: فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح، دار التوزيع والنشر الإسلامية، ط1، القاهرة ، مصر، 2006، ص 82.
(3) - سعد بدير الحلواني : التاريخ الإفريقي الحديث، دار الكتب المصرية، ط1، مصر، 1999م، ص ص 90-91.
(4) - مراد أغا :ولد في راقوسا بإيطاليا، سباه الأتراك في إحدى حملاتهم على شواطئ دلماسيا، ثم بيع في الأستانة لأحد النخاسين، قام بتعليمه وتربيته وسماه مراد، حبب إليه الإسلام ، انظم إلى الجيش والتحق بإبراهيم باشا في حملته على بلاد فارس واشتهر في هذه المعارك ومنح لقب أغا، ثم انضم إلى خير الدين بربروس الذي عينه في تاجوراء. للتفصيل ينظر، عمر الباروني، المرجع السابق، ص ص 108، 111.
(5) - محمد سنان باشا : تحدث الكثير من المصادر المعاصرة له أنه من أصل ايطالي تم أسره من قبل العثمانيين ثم أعلن إسلامه كلفه السلطان العثماني بعدة مهام منها حملة صقلية وحملة طرابلس الغرب وعينه فيما بعد واليا على مصر سنة 1568 م .للتفصيل ينظر، رابحة محمد خضير عيسى: القائد العثماني سنان باشا وجهوده في استعادة اليمن وتونس 1568-1574م"، مجلة جامعة تكريت للعلوم، ع 01 ، قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة الموصل، العراق، 2011 م، المجلد 18، ص ص 352-353.
(6) - درغوث: ولد درغوث من أبوين فقيرين في قرية صغيرة من الأناضول، اندفع في شبابه إلى حياة البحر بدافع حب المغامرات، وقد اشتغل في البداية ملاحا بسيطا على المجاديف، ثم ابتدأ حياته القرصنية في البحار الشرقية من البحر الأبيض المتوسط، ثم ارتفع بشجاعته إلى مراتب القواد النادرين أمثال خير الدين بربروس. للتفصيل ينظر، عمر الباروني، المرجع السابق، ص118.
القادم من جربة وصالح بك حاكم جزيرة رودس، وتحرك بجيشه المكون من 150 سفينة تحمل حوالي17000 جندي و600 فارس (1) في 18 جويلية 1551م، وشرع في حصار المدينة من البحر بداية من 04 أوت 1551م، أما مراد أغا فكثف غاراته على الفرسان من تاجوراء(2) ومع توالي ضربات درغوث باشا ومراد أغا على المدينة، أعلن حاكمها الاستسلام والخروج منها في 14 أوت 1551م(3) وهو تاريخ إلحاقها بالدولة العثمانية، التي كانت تديرها مباشرة من الباب العالي (4) بوالي يتم إرساله إليها تحت مسمی بایلر باي، ثم ما لبث أن غيرت نظام الحكم إلى نظام الدايات(5).
2- فترة حكم البايلربایات (6) 1551-1606م:
شهدت طرابلس في هذه المرحلة استقرارا أمنيا وسياسيا وانتعاشا اقتصاديا، بعد التفاف حكامها وتعاونهم مع أعيان ومشايخ البلد لطرد الصليبين، وتشجيعهم للتجارة، الزراعة والصناعة، فمنذ إصدار سليمان القانوني لفرمان (7) تعيين مراد آغا واليا على طرابلس سنة 1551م (8) عمل هذا الأخير على
---------------------------------
(1)- مصطفى عبيد، المرجع السابق، ص 334. في حين ذكر حاجي خليفة أن سنان باشا قدم إلى طرابلس سنة 1551م، على رأس مائة وعشرين سفينة حربية، وأنه تعهد لدرغوث باشا بولايتها حتى مماته، لكنه بمجرد تحريرها من الفرسان عهدها لمراد أغا بدلا عنه، ينظر، حاجي خليفة، المصدر السابق، ص 124. (2) - نجم الدين غالب الكيب، المرجع السابق، ص 91.
(3) - تيسير بن موسى: المجتمع العربي الليبي في العهد العثماني دراسة تاريخية اجتماعية، الدار العربية للكتاب، ليبيا، 1988، ص ص 16-17.
(4) - الباب العالي أو الباب الهيمايوني: اسم أطلق في العهد العثماني على مقر رئاسة الوزارة أو مقر الصدر الأعظم، في اسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية ، بداية من سنة 1718م، وكان قبل هذا التاريخ يطلق على البلاط السلطاني، يعرف بالتركية بباب اصفي، وهو يشمل الأبنية الخاصة بالصدر الأعظم والنظار. للتفصيل ينظر، مصطفى عبد الكريم الخطيب: معجم المصطلحات والألقاب التاريخية، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بيروت، لبنان، 1997م، ص 62.
(5) - محمود علي عامر و محمد خير فارس، المرجع السابق، ص 15.
(6) - البايلرباي: تعني أمير الأمراء، من أعلى المناصب في الدولة العثمانية، مسؤول عن الجيش وما يتعلق به، كان نافذ الكلمة يأتي بعد السلطان العثماني مباشرة، وكانوا يعينون ولاة على الولايات وقوادا على الجيش للتفصيل ينظر، سهیل صابان: المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية، مكتبة فهد الوطنية، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2000م، ص 64.
(7)- فرمان: من أهم الوثائق العثمانية، يصدره السلطان العثماني، ويتضمن الأوامر الواجب تنفيذها من قبل الموجه إليه، وهو نوعان فرمان صادر عن الديوان الهمايوني، وأخر صادر عن دائرة المالية. للتفصيل ينظر، عبد الحفيظ الطبايلي: * الولايات المغاربية في الأرشيف العثماني قراءة في بنية الوثيقة في كتاب العثمانيون في المغارب من خلال الأرشيفات المحلية والمتوسطية، تنسيق: عبد الله الموذن وعبد الرحمان بنحادة، مطبعة الأمنية، ط1، كلية الاداب، الرباط، المملكة المغربية، 2005م، ص 37.
(8) - نجم الدين غالب الكيب، المرجع السابق، ص 92.
تحصين المدينة وإعادة ترميم المباني والحصون، وتنظيم الأمور الإدارية بالإيالة وذلك بتقسيمها إلى متصرفتين، متصرفة طرابلس الغرب ومتصرفة بنغازي (1) .
شجع الناس على التجارة والصناعة والزراعة (2) وقام بشق الطرق وحفر الآبار، كما تصدی لحملة الفرسان على منطقة زوارة سنة 1552م، إلا أن تواجده بالمنطق حمله على توسيع نفوذه إلى جبال غريان وصولا إلى جزيرة جربة وصفاقس ومنستير والقيروان ووصل شرقا إلى مصراته (3) قرر مراد أغا التنازل عن الحكم والانسحاب إلى تاجوراء بعد تقدمه في السن وإحساسه بالعجز (4) التي توفي بها سنة 1553م ودفن بجوار المسجد الذي شيده في حياته والذي سمي باسمه (5) .
عين السلطان العثماني مكانه درغوث باشا واليا على طرابلس في مارس سنة 1553م (6) الذي واصل إصلاحات مراد أغا وقام بتطوير البحرية الطرابلسية (7) حتى أصبحت في أوجه قوتها لها مكانتها وهيبتها بالمتوسط ، وشجع الزراعة والصناعة، وأنعش التجارة، ونشط الغزو البحري مما زاد من عوائده (8) وفي سنة 1565م استشهد درغوث أثناء مشاركته في حصار مالطا(9) بعد تعرضه لقذيفة أصابته في رأسه (10)
استغل الانكشارية استشهاد درغوث للانصراف إلى اللهو وجمع الثروة، على حساب شؤون الرعية، وبقيت طرابلس مدة من الزمن بدون حاکم، فاشتكى السكان إلى السلطان العثماني، الذي
-----------------------------------------------------------------
(1) - رابحة محمد خيضر : دخول طرابلس الغرب تحت الحكم العثماني 1555م"، مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية، ع2، كلية الآداب، جامعة الموصل، 2007م، المجلد 6، ص 122. (2) - الطاهر أحمد الزاوي: ولاة طرابلس من بداية الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، دار الفتح للطباعة والنشر والسيد محمد الرماح بثينة، ط1، بيروت، لبنان - ليبيا، 1970م، ص 154.
(3) - جاسم محمد شطب، المرجع السابق، ص 73.
(4) - عبد المنعم الجميعي: الدولة العثمانية والمغرب العربي، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، 2007م، ص 29. (5) - إسماعيل أحمد ياغي: العالم العربي في التاريخ الحدیث، مكتبة العبيكان، ط1، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1997م، ص 63.
(6) - أمحمد سعيد الطويل: العلاقات السياسية والتجارية بين ليبيا ودول غرب أوربا المتوسطية (1795-1832م)، المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، ط1، بنغازي، ليبيا، 2012م ص 42.
(7) - محمود السيد: تاریخ دول المغرب العربي (ليبيا- تونس - الجزائر - المغرب موريتانيا)، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 2000م، ص55.
(8) - الطاهر أحمد الزاوي: ولاة طرابلس من بداية الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص 156.
(9) - الملحق رقم 03، ص126.
(10) - محمود علي عامر ومحمد خير فارس: المرجع السابق، ص 172.
عين يحي باشا(1) واليا عليها، وفور وصوله إلى طرابلس، عمل على ضبط الانكشارية وإعدام الفاسدين منهم، وإنزال عقوبات صارمة على قطاع الطرق، فاستقامت له البلاد وأعاد لها الأمن والاستقرار إلا أنه لم يلبث طويلا حتى عاجله الموت سنة 1565م(2).
استغل الانكشارية وفاته وعادوا إلى ممارساتهم السابقة، فعمت الفوضى والاضطرابات، فأمر سليمان القانوني العلج علي(3) بإدارة الولاية(4) فعمل على إخضاع جنود الانكشارية، وبعد تعيينه واليا على الجزائر، عين جعفر باشا خليفة له على طرابلس، فعمت الفوضى وثارت القبائل في عهده، فعوض برمضان باشا الذي واجه فوضى الانكشارية بدموية، فغدروا به وقتلوه سنة 1584م(5). واستمر الصراع بين الانكشارية والولاة على السلطة، مما أدى إلى نهاية مرحلة البايلربايات بعد أن عمت الفوضى والاضطرابات بالإيالة، من جراء فساد الحكام المتأخرين.
-----------------------------------------------------
(1) - يحي باشا :هو ثالث ولاة الدولة العثمانية في طرابلس الغرب عينه السلطان العثماني بعد استشهاد درغوث باشا وأسند إليه بعض المهام الأخرى، من قبل ذلك كرئاسة الأسطول وقيادة الجند، للتفصيل ينظر، الطاهر الزاوي: ولاة طرابلس من الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص 159.
(2) - محمود علي عامر ومحمد خير فارس: المرجع نفسه، ص ص 176- 177.
(3) - العلج علي: ولد حوالي 1520م، في منطقة كالابريا جنوب ايطاليا، كان قسا، أسر في طريقه إلى نابولي للدراسة، وجيء به إلى الجزائر حوالي 1536م، بقي عدة سنوات يمارس التجديف، اعتنق الإسلام ، وتدرج في الرتب حتى أصبح واحدا من أعظم الرياس، شارك في معركة ليبانت سنة 1571م، وكان له دور فعال فيها، فمنحه السلطان العثماني لقب قليج بمعنى السيف، وعين قيودان باشا(قائد الجيوش العثمانية من سنة 1571 حتى وفاته سنة 1587م. للتفصيل ينظر، عطلي محمد الأمين: نشاط البحرية الجزائرية في القرن السابع عشر وأثره في العلاقات الجزائرية الفرنسية، ماجستير في التاريخ الحديث، إشراف: عمار بن خروف، المركز الجامعي غرداية، الجزائر، 2011-2012م، ص 49
(4) - محمود ناجي: تاریخ طرابلس الغرب، تر: عبد السلام أدهم ومحمد الاسی، منشورات الجامعة الليبية، مكتبة الآداب، بنغازي ليبيا، 1970م ص 150.
(5) - عبد الله مقلاني: المرجع في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر (الجزائر، تونس، المغرب، ليبيا)، ديوان المطبوعات الجامعية، 2013م، ص53
3- فترة حكم الدايات (1) 1606-1711م:
ظلت طرابلس في حالة فوضى بين سنوات 1606-1609م، ولم يستقر أمرها إلا بعد أن اجتمع ديوان الانكشارية وانتخبوا حاكما جديد على الولاية تحت مسمى جديد وهو الداي (2) دون انتظار فرمان موافقة من الباب العالي (3) وتميزت هذه المرحلة بسيطرة الانكشارية(4) على السلطة، وبنظام تداولي على الحكم وبالصراع المحتدم بين ضباط الانكشارية على السلطة، فبالرغم من تزكية ديوان الانكشارية سنة 1606م للضابط سليمان (5) كأول داي على البلاد، إلا أن جشعه و طمعه واستبداده جعل الأهالي يشكونه عند السلطان العثماني أحمد خان(6) والذي قام بإرسال وفد من أجل عزله سنة 1614 م(7) ونظرا لعدم رغبته بالالتزام بقرارات الديوان، اضطر للانسحاب ليحافظ الديوان على الوضع المستقر إلى غاية 1611م، ليتمكن الضابط صفر داي صاحب الثروة الهائلة
-------------------------------------------------------------
(1) - الداي: وتعني خال وهي تعادل ألب التي تعني الشجاعة والقوة، وهي رتبة عسكرية عثمانية حملها رؤساء الجنود من الانكشارية الذين اشتركوا في تحرير إيالات شمال إفريقيا، ولم يقتصر الشخص المرشح على ميزة أو صفة يتحلى بها تدعي ثقة الجنود به. للتفصيل ينظر، مصطفى عبد الكريم الخطيب، المرجع السابق، ص175. ينظر أيضا، محمود علي عامر ومحمد خير فارس، المرجع السابق، ص187.
(2)۔ نفسه، ص 187.
(3) - الطاهر أحمد الزاوي: ولاة طرابلس من الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص 84.
(4) - الانكشارية: تعني الجيش الجديد استحدثه السلطان العثماني أورخان 1326م، يتكون من الغلمان المأسورين خلال فتح القلاع والمدن الأوربية أصلهم من الشعوب البلقانية وأوريا الوسطى، يأخذون صغارا ويربون تربية دينية عسكرية صارمة، لعب هذا الجيش دورا مهما في فتح القسطنطينية سنة 1453م، لما سمح لأفرادها بالزواج ضعفت قوته وتم حله سنة 1826م. للتفصيل ينظر، راسم رشدي: طرابلس الغرب في الماضي والحاضر، دار النيل للطباعة بالقاهرة، ط1، طرابلس، ليبيا، 1953م، ص 93.ينظر أيضا، عبد الله الحباط: العلاقات السياسية بين إيالة طرابلس الغرب وانجلترا 1795-1832م، المنشاة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، ط1، طرابلس، ليبيا، 1985م، ص 74.
(5) - داي سليمان: عرف باسم صفر داي وكان قد تولي أمر الخزافة والخراج و بعد تمكنه من الوصول إلى الحكم حسنت سيرته وقويت شوكته فقام بقتل مجموعة من قادة جند الانكشارية الذين يعارضونه. للتفصيل ينظر، الطاهر أحمد الزاوي: ولاة طرابلس من الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، المرجع نفسه، ص 170.
(6) - أحمد بن محمد خان الأول (1603-1617م): هو السلطان الثالث وعشرون للدولة العثمانية وصل للحكم سنة 1603م وكان رجلا هادئا ومسالما ، أخذ بنصيحة مستشاريه فلم يقتل شقيقه الأصغر مصطفى الذي يعاني من قصور عقلي والذي أصبح هو السلطان بعد وفاة أخيه سنة 1617 م لصغر سن أبناء السلطان المتوفي. للتفصيل ينظر، خلیل اینالجيك: تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى الانحدار، تر: محمد الأرناؤوط، دار المدار الإسلامي، ط1، بیروت، لبنان، 2002 م، ص 97.
(7) - محمد عمر مروان: معالم الحضارة الإسلامية، دار الكتاب الوطنية، ط1، القاهرة، 2008م، ص 102.
سنة 1614م من كسب ثقة الديوان وتولي زمام الأمور، فشجع الأعمال البحرية والصناعات، ولم يلبث أن ثار عليه الإنكشارية، ليزكوا حامد باشا واليا سنة 1615 م، لكنه تعرض للعزل أيضا(1).
استمرت الاضطرابات (2) بطرابلس، مما استلزم تدخل السلطان العثماني لإعادة الأمن والاستقرار في الإيالة، بتعيين الداي مصطفى الشريف باشا(3) عام 1619م واليا عليها، وقضى فترة ولايته، في محاولات غير ناجحة للقضاء على الفوضى والاضطراب وخلفه الداي رمضان (4) سنة 1631م الذي لم يقدر على محاكمة الاضطرابات ليتم عزله في نفس السنة(5).
استمرت الفوضى والاضطرابات في عهد قاسم باشا فتدخل السلطان العثماني سنة 1633م وعين محمد باشا الساقزلي (6) واليا على طرابلس الذي تمكن من إنهاء الصراع بين الانكشارية، وعرفت البلاد هدوء وازدهارا اقتصاديا ونشاطا بحريا ، ليستمر الاستقرار والازدهار بالولاية في عهد خليفته عثمان الساقزلي (7) لكن بعد وفاته سنة 1672م عادت الاضطرابات مجددا إلى الإيالة، وشهدت الفترة الممتدة بين 1672م و1711م تولى العديد من الدايات ضعيفي الشخصية أمر طرابلس الغرب، وانتهت حياة غالبيتهم بالقتل أو العزل، ومنهم من لم تدم فترة ولايته اليوم الواحد، مما أثر في
---------------------------------------------------------
(1)- محمود علي عامر ومحمد خير فارس، المرجع السابق، ص187.
(2) نفسه، ص 187.
(3) - مصطفى الشريف: بعد إعدام سليمان باشا قام الوفد العثماني بتعين الشريف مصطفى واليا على طرابلس الغرب وكان قد عرف بأنه رجل شهم محب للرعية وتطبيق الشريعة الإسلامية إلا أن سخط الجند عليه جعله يتنازل عن الحكم بعد 16 سنة. للتفصيل ينظر : الطاهر الزاوي: ولاة طرابلس من الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص 173.
(4) - رمضان داي : كان رجلا عاجزا عن السيطرة على الحكم وقد ولى امرأة من الأعراب تدعى مريم بن فواز الشبيلة من أجل استشارها في الأمر الذي جعل الانكشاريون يغضبون منه ويقومون بعزله. للتفصيل ينظر، أحمد النائب الأنصاري، المصدر السابق، ص 232.
(5) - نيكولاي إيليتش بروشين: تاريخ ليبيا من منتصف القرن السادس عشر حتى مطلع القرن العشرين، تر: عماد حاتم، ط2، دار الكتب المتحدة، بيروت، لبنان، 2001م ص 63.
(6) - محمد الساقزلي : نصراني من جزيرة ساقس الايطالية قدم إلى طرابلس ثم انتقل إلى الجزائر حيث أسلم واشتغل في البحرية ضد السفن الأوربية، بعد عجز رمضان داي وقام بعزله ونصب نفسه مكانه واليا على طرابلس الغرب . ينظر، الطاهر الزاوي: ولاة طرابلس من الفتح العربي الى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص 177.
(7) - عثمان الساقزلي :تولى طرابلس بعد وفاة محمد باشا الساقزلي سنة 1649 م ويعتبر من أقوى الولاة الذين عرفتهم طرابلس الغرب بعد كل من مراد أغا ودرغوث باشا ، استطاع فرض الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي، وشجع النشاط الاقتصادي - - ونشاط القرصنة كما قام ببناء الفندق الكبير سنة 1654 م. للتفصيل ينظر: الطاهر أحمد الزاوي: ولاة طرابلس منذ الفتح العربي حتى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص 183.
الوضع السياسي والاقتصادي للولاية، وانتشر الفقر، الأمراض والأوبئة، ومع بداية القرن 18م تولى أمين الخزينة محمد أبو أميس (1) منصب الداي، فعمل على إبعاد منافسيه، والقضاء عليهم، خاصة الضباط الأقوياء، فدبر مكيدة لقائد جيشه أحمد باشا القرمانلي(2) للقضاء عليه، من خلال تكليفه بمهمة تأديب أهل غريان، وحمله رسالة إلى أهلها مضمونها القضاء عليه، وفي طريقه إلى غريان اطلع أحمد باشا على الرسالة، وأحبط المكيدة وأعلن ثورته على أبو میس، وتمكن من عزله وتنصيب نفسه على طرابلس (3).
------------------------------------------
(1) - محمد أبو أميس: بويع بالخلافة بعد أن قتل الحاج رجب لأنهم كانوا غير راضين على فعلته، ولقد كان طائش الحكم وحسن الخلق، وكان يتميز بالجفاء والغلظة. التفصيل ينظر، الطاهر أحمد الزاوي: ولاة طرابلس من الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص223.
(2) - القرمانلي: نسبة الأسرة تركية الأصل من مدينة قرمان الواقعة جنوب الأناضول في أسيا الصغرى، قدم الجد الأكبر مصطفی إلى طرابلس مع سنان باشا لتحرير المدينة من فرسان القديس يوحنا، ليستقر بالمنشية، مارس التجارة، تزوج من فتاة طرابلسية الأصل فاندمج مع الأهالي، ينظر: رود لفو میکاکي: طرابلس الغرب تحت حكم أسرة القرمانلي، تر: طه فوزي، دار الفرجاني،طرابلس، ليبيا، (د.ت.ن)، ص ص 11-12. ينظر أيضا، الملحق رقم 04.
(3) شريفة محمد أمين قاضي: الاحتلال الايطالي والمقاومة الليبية 1911-1951م، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر، إشراف: محمد الطاهر بنادي، جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر، 2014/ 2015م، ص 21.
ثالثا: طرابلس الغرب تحت حكم الأسرة القرمانلية من 1711م حتى 1793م
1- فترة حكم أحمد باشا 1711-1745م
إن الحيوية التي يتصف بما أحمد القرمانلي (1) أثارت قلق محمد أبو أميس فقرر التخلص منه، وبعد اكتشافه للمكيدة التي دبرها له، جعله يقرر التمرد عليه بمساعدة مناصرين من القولوغولية (2) وسكان المنشية والساحل، وقام بتطويق طرابلس، فاضطر أبو أميس لشنق نفسه، بعد عجزه في الدفاع عن المدينة، واكتفى أحمد القرمانلي منصب قائد الجيش، لكن رفض أعضاء الديوان للداي خليل باشا الذي عينه السلطان العثماني فتأزمت علاقته بالباب العالي بسبب مقاومته لخليل باشا وقتله في معركة صبراته، وإجماع أهالي طرابلس على توليته عليهم، وأرسلوا وفدا عنهم إلى الأستانة، مرفوقا بهدايا قيمة، للالتماس من السلطان العثماني توليته عليهم).
بعد إلحاح من أهالي طرابلس أصدر السلطان العثماني أحمد خان الثالث (4) فرمان تولية أحمد القرمانلي على طرابلس الغرب ومنحه لقب بایلرباي(ة) وبعد أن استتب له أمر طرابلس سنة 1711م، استقل بالحكم وجعله وراثيا في أسرته (6) استمر من سنة 1711 إلى سنة 1835م (7).
----------------------------------
(1) - أحمد القرمانلي :هو سليل أسرة تركية، جاء مؤسسها الأول كأحد جنود القائد التركي درغوث باشا، وقد كان طموحا واسع الحيلة، بويع بالخلافة سنة 1711 م، بعمر 25 سنة، أسس جمعية علمية لحسم التوازن والمحاكمات الشرعية، وكان لين العريكة يؤثر العدل والإنصاف، وقد عين من طرف السلطان أحمد الثالث. للتفصيل ينظر، الطاهر أحمد الزاوي: ولاة طرابلس من الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص218.
(2) - القرغولية أو الكرغولية: معناه ابن العبد، ظهر هذا الجيل من تزاوج الجنود الأتراك من النساء المحليات ، أسندت لهم مهام حراسة المدن، زاد نفوذ الطائفة، حتى تمكنوا من التحكم في زمام السلطة، وظلت ذات نفوذ واسع حتى استطاع الوالي حافظ باشا القضاء عليها في القرن 20م، بعد رفضهم دفع الضرائب، ينظر: محمد خير فارس ومحمد علي عامر، المرجع السابق، ص 208.
(3) - نيكولاي إيليتش بروشين، المرجع السابق، ص 106.
(4) - أحمد خان الثالث: ابن السلطان محمد الرابع، وقد كان ملكا هماما وأسدا ضرغاما وللدهر جمالا وللإسلام ثمالا وللمستجير مجيبا وللمظلوم وليا ونصيرا. للتفصيل ينظر، أحمد النائب الأنصاري، المصدر السابق، ص ص 178-179.
(5) - أحمد إسماعيل راشد: تاريخ أقطار المغرب العربي السياسي الحديث والمعاصر (ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا)، دار النهضة العربية، ط1، بیروت، لبنان، 2004م، ص 24.
(6) - وليد خالد يوسف: حكم الأسرة القرمانلية في ولاية طرابلس الغرب 1711-1835م"، مجلة جامعة تكريت للعلوم، العدد 6، حزيران، 2012م، ص 284.
(7) - أمل عجيل وأخرون: قصة وتاريخ الحضارات العربية (ليبيا، السودان، المغرب)، Edito Creps
, INT، (د.ط)، بیروت، لبنان، 1998-1999م، ص17.
وبدأ أحمد باشا عمله بقيادة الحملات التأديبية للقضاء على الثورات الداخلية مثل ثورة تاجوراء، ترهونة، ومسلاته(1) واستطاع إخمادها والقضاء عليها على غرار إخماده لثورة حسين الكرغلي المتحالف مع محمد بن منصور الترهوني سنة 1711م(2) وثورة علي عبد الله المكني.(3)
ثم تخلص من تسلط الانكشارية بإعدام رؤسائها في وليمة دعاهم إليها(4) وانتقل بعدها إلى توسيع حدود إمارته وتعميق نفوذه، معينا أخاه الحاج شعبان بك على برقة بعد سيطرته عليها ثم سيطر على بنغازي وباقي أقاليم الولاية واستطاع توحيد الأقاليم الليبية الثلاثة فزان، طرابلس وبرقة واستطاع السيطرة على إقليم فزان الذي فتح الطريق أمام القوافل التجارية الصحراوية لبعث النشاط التجاري والاقتصادي بها، فشجع تجارة القوافل انطلاقا من فزان لتشمل مختلف الأقاليم الجنوبية ومناطق غرب إفريقيا ودول إفريقيا جنوب الصحراء(5) واهتم بتطوير الأسطول البحري، وتزويده بالعدة والعتاد، وشجع تجارة العبور مع أوروبا والدويلات الايطالية خاصة، وفرض عليها دفع إتاوة سنوية حتى يسمح لها بالملاحة بالبحر المتوسط وأصبح يعقد الاتفاقيات والمعاهدات مع الدول الأوروبية دون الرجوع إلى الباب العالي، ففي سنة 1726م وقع معاهدة سلم مع النمسا والتي عينت قنصلا لها بطرابلس، بعد أن كانت توكل مهام قنصليتها بطرابلس لأحد قناصلة الدول الأوروبية القوية على غرار فرنسا وإنجلترا(6)
وقام بتعمير المدينة واهتم بتشييد الأبنية والقصور والقلاع والحصون، والمساجد منها تشييد مسجد يحمل اسمه على أنقاض المسجد الذي بني في عهد أسرة بني مطروح واهتم بالعلم والعلماء وأغدق على العلماء الأموال وقربكم منه على غرار الشيخ ابن غلبون المختص بالعلوم الدينية(7) واعتنى
----------------------
(1) - رأفت الشيخ: تاريخ العرب الحدیث، عين الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، (د.ط)، الهرم، مصر، 1994م، ص 302.
(2) - شارل فيرو، المصدر السابق، ص ص 276-277.
(3) - علي بن عبد الله المكني: لقب بأبي قتيلة وأصله من صنهاجة (فاس) كان يعيش في طرابلس، ويعتبر شاهد عيان لجميع الثورات التي وقعت في مدينة طرابلس وقد ادعى أنه المهدي المنتظر. للتفصيل ينظر، شارل فيرو، المصدر نفسه، ص 278 .
(4) - أحمد النائب الأنصاري، المصدر السابق، ص 289.
(5) - محمد مصطفى بازامة: بنغازي عبر التاريخ، دار ليبيا للنشر والتوزيع، (د.ط)، بنغازي، ليبيا، 1968م، ج1، ص113.
(6) - محمد إبراهيم لطفي المصري: تاريخ حرب طرابلس، مطبعة مؤسسة الأمير فاروق، مطبعة مؤسسة الأمير فاروق، ط1، نبها، مصر، 1946م، ص 15.
(7) - مفيد الزيدي: موسوعة التاريخ الإسلامي العصر العثماني 1516-1916م، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2009م، ص 149.
بشؤون الدين، وحرص على أن تكون السلطة الإدارية والعسكرية والقضائية وفق الشريعة الإسلامية، وقسم الولاية إلى ثلاثة أقاليم، إقليم شرقي، إقليم غربي وإقليم جنوبي وطبق نظاما إداريا محكما لتسيير شؤون الإيالة، وخلق منصب مستشار ونائب الباشا(1).
قضى على الاضطرابات والقلائل والفتن وقطاع الطرق، واستطاع خلق ديناميكية اقتصادية وتجارية، بعد تحقيقه للاستقرار السياسي، فرض الضرائب على التجار غير المسلمين، منها ضريبة الرؤوس، وتعددت موارد الإيالة مما انعكس إيجابا على الحالة الاجتماعية والثقافية والصحية للولاية(2).
اتسمت سنوات حكمه الأولى بالعدل والرخاء الاقتصادي، والاستقرار السياسي والاجتماعي، بإقراره إعفاء الأهالي من دفع الضرائب زاد التفاف الناس حوله، واعتماده على أسطوله البحري وتجارة القوافل في تمويل الخزينة، أما على المستوى الخارجي فقد ربط علاقات تجارية ودبلوماسية مع مختلف الدول والدويلات الأوروبية(3).
أما السنوات الأخيرة فتميزت بالتشدد وفرض الضرائب فأصيب بالعمى وتنازل على الحكم لابنه محمد باشا سنة 1745م بعد أن بلغ من الكبر عتيا وهي نفس السنة التي توفي فيها منتحرا(4) بعد أن استمر حكمه بها من سنة 1711م إلى سنة 1745م، تمكن خلالها من إرساء وتثبيت دعائم حكم أسرته بطرابلس لمدة تزيد عن 124 سنة (5).
2- فترة حكم محمد باشا 1745- 1766م
ورث محمد باشا(6) ولاية طرابلس عن أبيه المتوفي سنة 1745م، واتبع سياسة والده في إدارة شؤون الولاية وعرفت فترة حكمه الاستقرار والأمن لميله وجنوحه للسلم، مع اتسامه بقوة الشخصية
---------------------------------------
(1)- خالد يوسف وليد، المرجع السابق، ص285۔
(2) شوقي عطا الله الجمل: المغرب العربي الكبير في العصر الحديث (ليبيا- تونس - الجزائر - المغرب)، مكتبة الأنجلو المصرية، ط1، القاهرة، مصر، 1977م ، ص 133.
(3) - محمود علي عامر و محمد خير فارس، المرجع السابق، ص ص 210-211.
(4) إيتوري روسي، المرجع السابق، ص 285.
(5) - رأفت الشيخ، المرجع السابق، ص305.
(6) - محمد القرمانلي: ابن أحمد باشا القرمانلي، أمه عربية وهي أرملة خليل باشا الذي قتل سنة 1711م، لم تظهر في أيامه مناوشات داخلية، وفي آخر أيامه تدهورت صحته بسبب إدمانه على شرب الخمر، فاضطربت حياته، توفي في 24 جويلية م 1754م، وله من العمر 45 سنة، حيث دفن إلى جانب والده بمقبرة أحمد باشا. للتفصيل ينظر، الطاهر أحمد الزاوي: ولاة طرابلس منذ الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي، المرجع السابق، ص 130.
والحزم في إدارة شؤون الولاية(1) واهتم بتحسين علاقة بلاده بالدول الأوروبية، فقام بتجديد الاتفاقيات التي أبرمت في عهد والده (2) والتي كانت تبرم دون موافقة السلطان العثماني عليها(3).
من إنجازاته أنه قام بتجديد أسطوله البحري وتقويته حتى أصبح من أقوى الأساطيل البحرية بالمتوسط، وجعله مهابا من القوى الأوربية، مساهما في مداخيل الولاية من الإتاوات وعوائد الجهاد البحري ضد القوى الأوروبية (4) واهتم بتأمين حدود ولايته وذلك لضمان سلامة قوقا البحرية، ولذا تمتعت ولايته في فترة حكمه بالهدوء الأمني والرخاء الاقتصادي والاستقرار الإدارية(5).
تعرض محمد باشا سنة 1745م، لمؤامرة فاشلة من شقيقة محمود بك الذي حاول عزله وتنصيب نفسه على طرابلس، انتقاما على مقتل حسن کاهية وابنه أحمد بك (6) كما نجح الباشا في إخماد الثورات التي قامت ضده، فتمكن من إخماد ثورة درنة وغريان (7) بعد أن أضعفت تلك الثورات قوته و أفقدته خيرة ضباطه وجنوده المخلصين، فاضطر إلى الاستعانة بجنود الانكشارية (8).
أما على المستوى الخارجي فسمح لبحارته بمهاجمة السفن البحرية الأوروبية مما دفع بالدول الأوروبية إلى عقد معاهدات معه منها فرنسا التي أبرمت معه اتفاقية سنة 1752م، لوضع حد لسوء معاملة البحرية الطرابلسية للسفن التجارية الفرنسية أثناء تفتيشها(9) وإنجلترا التي عقدت معاهدة تجارية مع طرابلس في 23 ديسمبر 1751م ضمت ثمانية عشر بند(10) والتي نصت على حرية التجارة والسفن والأشخاص (11) في جميع موانئ طرابلس، والتزام هذه الأخيرة بالحياد في حالة نشوب حرب بين انجلترا وتونس والجزائر، مقابل تزويدها بالمدافع والأسلحة النارية والذخائر (12) وفي أفريل سنة
---------------------------
(1)- شارل فيرو: المصدر السابق، ص 317.
(2)- خالد يوسف وليد، المرجع السابق، ص 287.
(3) - شارل فيرو، المصدر نفسه، ص 317.
(4)- راسم رشدي ، المرجع السابق، ص ص 93-94.
(5)- محمود علی عامر ومحمد خير فارس، المرجع السابق، ص212.
(6) - إيتوري روسي، المصدر السابق، ص 349.
(7) - رأفت الشيخ، المرجع السابق، ص 308.
(8) - محمد المظفر الادهمي، المرجع السابق، ص 130.
(9) - إيتوري روسي ، المصدر السابق، ص 349.
(10) - نيكولاي إيليتش بروشين، المرجع السابق، ص122.
(11) - إيتوري روسي، المصدر نفسه، ص 348.
(12) نيكولاي إيليتش بروشين ، المرجع نفسه، ص 121.
1746م ساءت علاقة بلاده بنابولي بسبب اعتراض سفنه لسفن نابولي وتمزيق علمها لإجبارها على دفع إتاوة سنوية لطرابلس مقابل السماح لها بالملاحة بالبحر المتوسط، دون اعتراض سفنها(1) وحتى يضمن استمرار حالة السلم بين بلاده والدول الأوربية القوية، منع محمد باشا بحارته من الاعتداء على السفن التجارية التابعة للدول الأوروبية التي تربطها معاهدات ومواثيق مع بلاده، فتدخل لمعاقبة قراصنته الذين اعترضوا سفن النمسا سنة 1748م، وتدخل مرة أخرى بعد مهاجمة بحارته لإحدى سفن البندقية التجارية المخصصة لنقل الزيت والصابون سنة 1749م(2).
وامتاز عهده بالأمن والاستقرار وازدهرت التجارة، ودفعه هذا الاستقرار إلى ترك إدارة الأمور إلى أقربائه، فساءت علاقته بالدولة العثمانية، وانغمس في حياة اللهو والمجون، إلى أن انتهى به الأمر مقتولا 24 جويلية 1754م، ودفن إلى جانب والده بمقبرة جامع أحمد باشا (3).
3- فترة حكم علي باشا 1766-1793م
وبعد وفاة محمد باشا تولى ابنه علي باشا(4) ولاية طرابلس في شوال 1167هـ الموافق ل جويلية سنة 1754م وهو مازال شابا، وقد بايعه كبار قادة الجيش والأسطول، كما أيده سكان طرابلس(5) وواجهته في بداية عهدته العديد من الانتفاضات والثورات والتمردات في مختلف أقاليم الولاية إلى جانب تواصل الضغوطات الأجنبية(6).
واجه في بداية حكمه عدة مؤامرات من طرف زعماء القبائل وبعض الضباط، في محاولة منهم لإلغاء حكم الأسرة القرمانلية بطرابلس مستغلين صغر سنه، فقد ثار على حكمه قريبه مصطفى أبو شاکر سنة 1758م، كما ثارت عليه عائلة المكني بقيادة إبراهيم وحاول المتآمرون إثارة سكان المنشية
--------------------------------------
(1) - نيكولاي إيليتش بروشين، المرجع نفسه، ص 121.
(2)- إتوري روسي، المصدر نفسه، ص 346-347.
(3) - عمر علي بن إسماعيل: انهيار حكم الأسرة القرمانلية في ليبيا (1795-1835م)، ط1، مكتبة الفرجاني، طرابلس، ليبيا، 1966م، ص 43.
(4) - علي القرمانلي: خلف والده محمد باشا دون أية معارضة في 1754 م، بدعم من الانكشارية الذين ما لبثوا أن التفوا عليه بسبب ضعف إرادته، شهدت الولاية في عهده القحط الشديد وانتشار مرض الطاعون، فقد عرشه سنة 1793م لعلي الجزائري، توفي علي باشا في طرابلس في 23 جويلية 1796م. للتفصيل ينظر، إيتوري روسي، المصدر السابق، ص ص 369-370.
(5) - نيكولاي إيليتش بروشين، المرجع السابق، ص 126.
(6) - شارل فيرو : المصدر السابق، ص319.
والساحل لكنها فشلت، وقتل مصطفى أبو شاكر وأرسل رأسه إلى الباشا، كما تم القبض على إبراهيم رئيس عائلة المكني وتم سجنه في القلعة(1).
أما خارجيا فساءت علاقاته مع الدول الأوربية بسبب خرق بحارته للمعاهدات والمواثيق المبرمة معها، باعتراضهم للسفن التجارية الأوروبية بالمتوسط، منها اعتراضهم للسفن الانجليزية، فقدم قنصلها شكوى للباشا حول تجاوزاتهم(2) وتأزمت علاقته بالبندقية سنة 1765م بعد اعتداء قراصنته على سفينتين بندقيتين رفضهم تحريرهما، وتطورت الأزمة بين البلدين إلى إعلان البندقية الحرب على طرابلس سنة 1766م، فاضطر علي باشا تحت التهديد إلى إطلاق سراح أسراها وتحرير سفنها المأسورة، وإبرام معاهدة جديدة أجبرته على فتح موانئه أمام قواتها للانطلاق منها في هجماتها على تونس، أما فرنسا فاستغلت اعتراض قراصنة طرابلس لإحدى سفنها الإعلان الحرب عليها، وبإرسال حملة بحرية مكونة من ثماني سفن حربية إلى سواحلها سنة 1766م، فاضطر علي باشا لقبول ضغوطات فرنسا الإجراء خمسة تعديلات على الاتفاقية المبرمة بين البلدين سنة 1728م(3) وتعهد في رسالة اعتذار وجهها للسلطات الفرنسية بالتزام المواثيق الجديدة، وعدم اعتراض سفنها وسفن حلفاءها بالمتوسط (4).
ونظرا لضعف شخصية علي باشا وعدم اهتمامه بتطوير أسطوله البحري، أدى إلى تراجع مداخيل الإيالة من عوائد الجهاد البحري، وهو ما أثر في وضعها الاقتصادي والتجاري، فاضطر الباشا إلى تقليص تعداد أسطوله وجيشه، لعدم قدرته على تسديد رواتبهم (5) لتشهد البلاد حالة من الفوضى والاضطرابات بفعل انحراف وجشع الموظفين والضباط، فتفشت المحسوبية وشراء المناصب والتي استغلها اليهود في تنفيذ مخططاتهم (6) مما أدى إلى إضعاف قدرتها الاقتصادية والعسكرية، وانتشار الأمراض والأوبئة منها قحط عام 1767م، الذي دفع بالأهالي إلى الهجرة إلى مصر
--------------------------------
(1) - إيتوري روسي: المصدر السابق، ص352.
(2) - نفسه، ص 353.
(3) - نيكولاي إيليتش بروشين، المرجع نفسه، ص ص 127-128.
(4) - إيتوري روسي، المصدر السابق، ص 346.
(5) - نيكولاي إيليتش بروشين، المرجع السابق، ص ص 129-130.
(6) - محمود علی عامر ومحمد خير فارس، المرجع السابق، ص 213.
وتونس (1) كما حلت بالولاية المجاعة سنة 1784م وفتك بها الطاعون في ربيع 1785م(2) وقضى على ما يزيد عن سبعة وعشرين ألف شخص (3) فانهارت قوتها الاقتصادية والاجتماعية والتجارية(4).
في نهاية عهده اشتد صراع أبنائه على الحكم ووصل الأمر إلى مقتل ابنه البكر حسن بك على يد شقيقه الأصغر يوسف بك سنة 1790م، وقاد تمردا على حكم أبيه بعد تحالفه مع زعماء قبائل المحاميد، أولاد سليمان والنوائل وعرب ترهونة وغريان (5).
وبسبب حالة الضعف والفوضى والتي ميزت حكم علي باشا على طرابلس، تحكم ضباط الانكشارية في قرارات الباشا، فكثرت القلائل والمكائد، والثورات، مما جعلها عرضة للأطماع الخارجية(6).
------------------------
(1) - عمر علي بن إسماعيل، المرجع السابق، ص ص 47، 49.
(2) - إيتوري روسي، المصدر السابق، ص 362.
(3) - رأفت الشيخ، المرجع السابق، ص 310.
(4) - إيتوري روسي، المصدر السابق، ص362.
(5) - محمود علي عامر ومحمد خير فارس، المرجع السابق، المرجع نفسه، ص ص 215-216.
(6) - إيتوري روسي، المصدر السابق، ص 366.
1- احتدم الصراع بين الإسلام والصليبية مع نهاية القرن 15 وبداية القرن 16م، فبعد الدولة فتح القسطنطينية سنة 1453م، واتخاذها عاصمة للخلافة العثمانية، ردت اسبانيا التي تزعمت أوروبا في تلك الفترة، بطرد المسلمين من آخر معاقلهم بالأندلس سنة 1492م، وواصلت مطاردتهم على الساحل الجنوبي للمتوسط.
2- سعت إسبانيا إلى نقل صراعها مع العثمانيين من أوروبا إلى شمال إفريقيا، فشنت عدة حملات بحرية على سواحلها مع بداية القرن 16م، مستغلة انشغال حكام دويلاتها الثلاث المرينية، الزيانية والحفصية بصراعاتهم الداخلية.
3- بعد احتلالها للمرسي الكبير، وهران، وبجاية سنوات 1505م، 1509م، 1510م، على التوالي وضعت اسبانيا صوب عينيها ضم طرابلس للتحكم في التجارة البحرية بالمتوسط، وحتى تقطع الطريق أمام الدولة العثمانية للتوسع بالمنطقة، وتلفتها عن توسعاتها بأوروبا.
4- تمكن الإسبان من احتلال طرابلس الغرب في 25 جويلية 1510م، بعد استبسال من أهلها في الدفاع عنها، وما إن وطئت أقدامهم أرضها حتى عاثوا فيها فسادا، وأنزلوا على أهلها أشد أنواع الظلم والقهر والاستعباد، مستبيحين أموالهم وأعراضهم.
5- تنازل الإسبان عن طرابلس الفرسان القديس يوحنا سنة 1530م، بسبب انشغالهم بحروبهم مع ملك فرنسا، فواصل الفرسان ما بدأه أسلافهم من تقتيل وتخريب للبنية التحتية، وقهر، وظلم واستعباد، وفرض مزيد من الضرائب على الأهالي.
6- ادت سياسة الاسبان ومن بعدهم الفرسان التخريبية والتجويعية بطرابلس، إلى تردي الأوضاع السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، وتفشي الفقر والأمراض، فاضطر السكان للاستنجاد بالسلطان العثماني لتخليصهم من بطش الصليبيين.
7- بعد محاولة أولى فاشلة تمكن العثمانيون سنة 1551م من طرد الفرسان من طرابلس، وضمها إلى ممتلكاتهم.
8- ساهم حکام طرابلس من رياس البحر (البايلربايات) في فرض الأمن بطرابلس وإعادة النظام، بالتفافهم حول الأهالي، ليساهموا في إعادة بناء ما خربه ودمره الإسبان والفرسان من قبل، ومشجعين السكان على ممارسة التجارة، ومختلف النشاطات الاقتصادية، وقاموا ببناء أسطول بحري قوي، ساهم بقسط كبير في تنويع موارد خزينة الايالة، من اتاوات، هدایا، تجارة العبيد، وافتداء الاسرى.
9- تغير نظام الحكم بطرابلس بداية من القرن 17م، بعد سيطرة رجال الانكشارية على السلطة، وتنافسوا عليها، وانصرفوا إلى حياة اللهو والترف، وجمع المال، على حساب خدمة الرعية، فظهرت الفتن والثورات والتمردات.
10- استغل أحمد القرامنلي الوضع واستقل بالولاية عن السلطة المركزية العثمانية، وجعل الحكم وراثيا في أسرته بداية من سنة 1711م، واستطاع نشر الأمن وإعادة الاستقرار والأمن للولاية، وبعث النشاط الاقتصادي والتجاري من جديد بالولاية، فانتقلت الولاية من ركود وتأخر إلى خلق حركية اقتصادية وتجارية، والتي ساهمت في تحسن الأوضاع الاجتماعية، واستمر الوضع في التحسن في عهد ابنه محمد باشا وحفيده علي باشا.
11- لكن في نهاية عهد علي باشا مع بداية تسعينيات القرن 18م، اشتد صراع أبناءه على العرش، مما أدى إلى مقتل أحد أبناءه على يد أخيه، فدخلت البلاد في فوضى واضطرابات.
12- استغل أحد المغامرين العثمانيين وهو علي برغل الوضع لصالحه، واغتصب الحكم من القرمانليين، مدعيا امتلاكه لفرمان سلطاني يقره واليا على طرابلس
13- غادر علي باشا القرمانلي رفقة أهله ومقربيه طرابلس، متجهين إلى تونس عند حاكمها حمودة باشا، وأعادوا تنظيم أنفسهم، ونظموا حملة على طرابلس بمساعدة حمودة باشا لاستعادة عرشهم.
14- نتطرق في الفصل الموالي إلى أوضاع طرابلس في حماية عهد علي باشا وبداية عهد يوسف باشا، معرجين على أهم الأحداث السياسية التي واكبت فقدانهم لعرشهم.
الملحق رقم01: خريطة إيالة طرابلس الغرب وإيالة تونس والجزائر والغرب([1])
الملحق رقم03: خريطة ايطالية توضح حصار مالطة سنة 1565م([1])
إرسال تعليق