U3F1ZWV6ZTIwMTU5Nzc5NjQ2Nzg5X0ZyZWUxMjcxODUzMjIzNDU3Nw==

الحداثة في اروبا وبلاد المغرب


                               الحداثة في اروبا وبلاد المغرب


-   تمهيد.- 

 الحداثة في أوروبا- 

 الحداثة في بلاد المغرب.

1-تمهيد:
      قبل الخوض في الموضوع، لنحدد أولا المعنى الذي تكتسبه عبارة الحداثة، لأنها متعددة المعاني،فهي تلك الكلمة المقابلة لكلمة"moderne"عند الأوروبيين خلال القرن السادس عشر،فالحداثة(1) تتمثل في مجمل تلك المظاهر الجديدة التي تم اعتمادها أو تبنيها من طرف الفاعلين  السياسيين والمثقفين خاصة بداية من القرن السادس عشر،ونجد أن العثمانيون منذ تمد بعيد، وربما كانوا السباقين من الدول الإسلامية إلى الوعي بالتفاوت على مستوى التقنية العسكرية بين العالم الإسلامي وأووربا، وبالتالي اقتنعوا منذ القرن السادس عشر على الأقل بأن إصلاح الأمور العسكرية يعتبر من الأولويات بل مسألة حيوية(2).

----------------------------------------

(1) Jacques Berque :l’intérieur du Maghreb(xv-xix siécles),Ed.Gallimard,Paris 1978, pp.69-190.                                                                                                                            

(2) ينظر: عبد الرحيم بن حادة:انتقال المعارف العسكرية في العالم المتوسطي قبل عصر التنظيمات،في سلسلة ندوات ومناظرات ، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الرباط، 2008، ص 23-35.

2-الحداثة في أوروبا:    الحداثة في أوروبا هب ديناميكية وهي إيديولوجية الجد والتجديد،وقد ترجع الحداثة في أوروبا إلى البرجوازية،فمنذ القرن 16م، أصبحت للتجار مكانة معترف بها في المجتمعات الأوروبية،وقد أرتبطت الحداثة في أوروبا بالطبقة البروجوازية المحركة لإقتصاد هذه القارة،بل ولحضارة الغرب كله،وجعلت هذه الطبقة من السيطرة على وسائل الإنتاج إلى توجيه العلاقات الاجتماعية عن طريق استحواذها على السلطة(3).      وطّدت البرجوازية مكانتها في مجال الفكر، فشجعت الإبداع والتصنيع والنقد،ودعمت انطلاقة المغامرة الأوروبية المتميزة بارادة السيطرة على العالم،وكانت الإكتشافات الجغرافية الكبرى لحظة تحول هائل في ذهنية الإنسان الأوروبي الذي أصبح يشعر بالقوة والتفوق.ودخلت أساطيل أوربا أعالي البحار بفضل استعمالها تقنيات جديدة مكنتها من معاكسة الرياح(4) .      حيث إزدهرت حركة العلوم مع تطور التجارة والأعمال والمال،والملاحة والمواصلات،وتطورت البحوث العلمية، وأستعمل فيها المنهج التجريبي في كل شئ،وهكذا تطورت أوروبا في كل النواحي الحضارية من تجارة وإقتصاد والسياسة، وأدب وفلسفة وصناعة، وتطورت الحركية الحضارية بشكل كبير،مع بروز الثورة الصناعية في أوروبا(5).

-------------------------------------

(3) عبد المجيد قدوري: المغرب وأوروبا ما بين القرنين 15-18م، مسألة التجاوز،ط1،المركز الثقافي العربي، بيروت 2000،ص83.
(4) نفس المرجع،ص 64-65.

(5) ينظر: محمد قاسم وحسين حسني:تاريخ القرن 19م، في أوروبا،ط6، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة 1929،ص222.

3-الحداثة في بلاد المغرب:بفعل العلاقات التجارية والإقتصادية مع أوروبا، دخلت الكثير من بلاد المغارب في كوكبة التحديث،وكانت العديد من المظاهر المتصلة مع تبني العديد من التقنيات التي لم تكن موجودة إلى حد ذاك التاريخ،وهي تقنيات شملت كل القطاعات،وخاصةمنها العسكرية والإدارية والمالية ،ومن المؤرخين الذين سخروا أقلامهم للمساهمة في تحديث البنية السياسية والإقتصادية والإجتماعية في منطقة المغارب نجد كل  من ابن ابي دينار صاحب كتاب المؤنس في أخبار إفريقية وتونس الذي إنتهى من كتابته في سنة 1681-1682م،ومحمد بن مجمد الوزير السراج الذي ألف الحلل السندسية في الأخبار التونسية،بين سنتي 1725-1735م،وحسين خوجة صاحب كتاب ذيل بشائر أهل الإيمان الذي وضعه في الثلاثينات من القرن 18م(6)،وكتاب السعي المحمود في نظام الجنود للشيخ أبو عبد الله الجزائري الحنفي المشهور بابن العنابي(7)،وكتاب إتحاف المنصفين والأدباء في الاحتراز من الوباء، وهو من تأليف حمدان بن عثمان خوجة حوالي 1837م(8).هؤلاء قد شكّلوا وساهموا في صيرورة الدولة بشكل حديث،وقد ركز هؤلاء على الجانب المؤسساتي عند تطرقهم لتاريخ الفترة الحديثة.
وكانت مظاهر الحداثة في البلاد المغاربية، متلازمة مع تبني العديد من التقنيات الأوروبية، وقد شملت كل القاطاعات تقريبا، ومنها التقنيات الحربية كالأسلحة النارية والجيش النظامي والتقنيات الإدارية والمالية المتطورة، كالضرائب،وحتى هؤلاء الأعلاج المغامرين كانت مساهمتهم كبيرة في استقدام التقنيات الأوروبية الحديثة وهي تقنيات حربية ومالية واقتصادية،كما أدخل يهود القرنة ويهود ليفورن، الكثير من الحداثة الأوروبية إلى البلاد المغاربية(9).وقد اجمعت المصادر والمراجع على أن محمد بن عبد الله منشئ الحداثة في المغرب الأقصى،حيث تجاوب وأثر في بلورة مشروعه التحديثي(10) ، ولا ننسى أن الكثير من رجال المخزن في البلاد المغاربية قد أقبلوا على الكثير من المظاهر الأوروبية مثل تأثيت القصور وتزويقها(ساعات حائطية،كراسي، أقمشة...) (11).

--------------------------------------

(6) ينظر: عبد الحميد هنية: هل شكل الأتراك في البلاد التونسية محمل الحداثة، في ندوة إنتقال الأفكار والتقنيات في المغارب والعالم المتوسطي، مرجع سابق، ص 162.
(7) أبو القاسم سعد الله: رائد التجديد الإسلامي لإبن العنابى ،صاحب ا كتاب السعى المحمود في نظام  الجنود،ط2،دار الغرب الإسلامي ،الجزائر 1990،ص 24.
(8) حمدان بن عثمان خوجة:إتحاف المنصفين والأدباء في الإحتراس من الوباء،تقديم وتحقيق: محمد بن عبد الكريم،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1968،ص 120.
(9) ينظر: عبد الحميد هنية: هل شكّل الأتراك في البلاد التونسية محمل الحداثة، في ندوة إنتقال الأفكار والتقنيات في المغارب والعالم المتوسطي، مرجع سابق، ص 170.
(10) عبد المجيد قدوري:المرجع السابق، ص 225.

(11) ينظر: عبد الرحيم بن حادة:انتقال المعارف العسكرية في العالم المتوسطي قبل عصر التنظيمات،مرجع سابق، ص 118. 






(1) Jacques Berque :l’intérieur du Maghreb(xv-xix siécles),Ed.Gallimard,Paris 1978, pp.69-190.                                                                                                                            
(2) ينظر: عبد الرحيم بن حادة:انتقال المعارف العسكرية في العالم المتوسطي قبل عصر التنظيمات،في سلسلة ندوات ومناظرات ، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الرباط، 2008، ص 23-35.
(3) عبد المجيد قدوري: المغرب وأوروبا ما بين القرنين 15-18م، مسألة التجاوز،ط1،المركز الثقافي العربي، بيروت 2000،ص83.
(4) نفس المرجع،ص 64-65.
(5) ينظر: محمد قاسم وحسين حسني:تاريخ القرن 19م، في أوروبا،ط6، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة 1929،ص222.
(6) ينظر: عبد الحميد هنية: هل شكل الأتراك في البلاد التونسية محمل الحداثة، في ندوة إنتقال الأفكار والتقنيات في المغارب والعالم المتوسطي، مرجع سابق، ص 162.
(7) أبو القاسم سعد الله: رائد التجديد الإسلامي لإبن العنابى ،صاحب ا كتاب السعى المحمود في نظام  الجنود،ط2،دار الغرب الإسلامي ،الجزائر 1990،ص 24.
(8) حمدان بن عثمان خوجة:إتحاف المنصفين والأدباء في الإحتراس من الوباء،تقديم وتحقيق: محمد بن عبد الكريم،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1968،ص 120.
(9) ينظر: عبد الحميد هنية: هل شكّل الأتراك في البلاد التونسية محمل الحداثة، في ندوة إنتقال الأفكار والتقنيات في المغارب والعالم المتوسطي، مرجع سابق، ص 170.
(10) عبد المجيد قدوري:المرجع السابق، ص 225.
(11) ينظر: عبد الرحيم بن حادة:انتقال المعارف العسكرية في العالم المتوسطي قبل عصر التنظيمات،مرجع سابق، ص 118.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة